الخيال الشعري العربي قديما وهوليود:

ملاحظة يرجى مشاهدة الصور المرفقة قبل قراءة المقال.

لو كان صدفة لقلنا صدفة لكن الأمر يتكرر وأرى كثيرا في مسلسلات هوليود وأفلامها تشابها مع الخيال الشعري العربي في الجاهلية أو حتى في العصور التي بعد الجاهلية فهل هو أخذ من التراث والأدب العربي أم مجرد تشابه وهل يمكن أن يكون التشابه دقيقا لهذه الدرجة ؟؟

وسوف أوضح ذلك بأمثلة على أن كتاب السيناريو والمخرجين بهوليود استفادوا من الشعر العربي القديم .

المثال الأول : حينما قال بشار بن برد:

كأنّ مثار النقع فوق رؤوسنا
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه

فهذه الصورة التي تصف الغبار الكثيف في المعركة والسيوف كأنها نجوم تساقطت يُعاد تصويرها مرارا وتكرارا في مشاهد أفلام الكرتون حينما يكون المشهد قتاليا كما هو موضح بالصورة!

المثال الثاني:

قول قيس بن الخطيم في وصفه الطعنة التي طعن بها أحد خصومه:

طعنتُ ابن عبد القيس طعنة ثائر
لها نفذ لولا الشعاع أضاءها

ملكت بها كفى فأنهرت فتقها
يرى قائم من دونها ما وراءها

فها هو في صورة خيالية ومبالغة فيها الشاعر قيس بن الخطيم يصف الطعنة أنها تحدث فتقا يستطيع الناظر أن يرى ما وراء الجرح الواسع الذي تركه في أحشاء خصمه وقد رأينا هذه الصورة مرارا وتكرارا بأفلام الكرتون.

المثال الثالث:

قول المتنبي :

وَقَفْتَ وَما في المَوْتِ شكٌّ لوَاقِفٍ
كأنّكَ في جَفنِ الرّدَى وهْوَ نائِمُ

نرى ذلك في مسلسل Game Of Thrones الذي يتكلم عن عالم موازي تحدث فيه قصص مستوحاة من القرون الوسطى ويركز على صراع الممالك وصراع الملوك بطريقة واقعية وخيالية في نفس الوقت ونلاحظ في لقطة بإحدى المعارك ( معركة اللقطاء) وهي معركة كانت بين أبناء الملوك غير الشرعيين بعدما مات أبناؤهم الأحرار في معارك سابقة ولم يتبق سوى اللقطاء ليتقاتلوا على الممالك ، نحد مثلا في المعركة شخصية ( جون سنو) يقف أمام الجيش كأنه تماما كما وصف المتنبي ( ومن الناحية الاخراجية كانت المعركة من أجمل اللقطات السينمائية ومن أعظم المشاهد بالنسبة لي)

المثال الرابع:

قول امرئ القيس :

لمن طلل بين الجدية والجبل
محل قديم العهد طالت به الطيل

وقال وقال وقال في القصيدة حتى ختمها بقوله:

وآخِرُ قَولِي مِثلُ مَا قَلتُ أَوَّلا
لِمَن طَلَلٌ بَينَ الجُدَيَّةِ والجبَل

فهو بدأ بقوله لمن طلل بين الجدية والجبل وانتهى بنفس القول.
وهذا أسلوب اخترعه امرؤ القيس وهو أن تبدأ بقول وتنهي قولك بنفس القول وأصبحت كثير من الأعمال العالمية تنتهج نفس النهج فمثلا في نفس المسلسل ( Game Of Thrones)

نجد أن أول مشهد في أول حلقة في المسلسل هو فتح الباب وبعد ثمانية مواسم يكون آخر مشهد في آخر حلقة من المسلسل هو غلق الباب.وهذا المسلسل بالنسبة لي هو أعظم المسلسلات التي شاهدت يوما ولكثرة تفاصيله وملاحمه وتعدد الرواية لمجلدات ضخمة بتفاصيل مغرقة غير مملة لأسماء العوائل النبيلة وذكر الحروب وأيضا الأشعار أو الأغاني الموجودة في الرواية وقصص الفرسان تذكرني الرواية للمسلسل بكتاب الأغاني.

الخلاصة:

أودّ التنويه لأساس المشكلة وهي أن خيال القارئ المعاصر أصبح مشوها ولا يمكنه قراءة الشعر إمّا بسبب وجود فجوة كبيرة في قدراته اللغوية أو بسبب ضعف الخيال لديه بسبب أننا نعيش بزمن الصورة وزمن الأفلام فيصبح المرء منذ صغره من طول ما يشاهد أفلام الكرتون ومن طول ما يرى أفلاما ومسلسلات ينعدم لديه الحس وينعدم لديه الخيال والحقيقة أن في الشعر العربي القديم صورا وخيالات تغني عن أفلام وتغني عن مسلسلات لو كان العربي المعاصر يستخدم اللغة للاستمتاع بالفن لكن أصبحنا بزمن الصورة فصرنا لا ننبهر إلا بالصور وأصبح الخيال محدودا ولا يمكننا ان نتخيل الصورة في أذهاننا وصفا أو قراءة لكن معاينة ومشاهدة فقط وأول خطوة لتطوير الخيال يكون بهجر السينما والمسلسلات وأفلام الكرتون للأطفال وهو عكس ما يدّعون أن أفلام الكرتون تزيد من ذكاء الطفل ولا أظنّ ذلك.

ومن المؤكد عندي أن الغرب يأخذ من آداب العرب القديمة وفنونهم وأستغرب ممن هو مفتون بفنون الغرب وآدابهم ويأخذ منهم مأخوذا
فحتّى شكسبير وهو إمامهم اقتبس قصة مجنون ليلى حين كتب ( روميو وجوليت) ودانتي أخذ من أبي العلاء المعري ( رسالة الغفران) !!!

#شعراء_أحبهم
#ظميان_غدير