. . . أكرمتني صحيفة الوطن السورية منذ أيام بأن نشرت لي مقالي عن الأديب الراحل عباس الحامض .
. . . أرجو أن ينال إعجابكم .
ـــــــــــــــ
.................................................. .. عباس الحامض .................................................. ..
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 1914 ــــ 1981 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

في أواخر الخمسينينات من القرن الماضي كانت صحيفة الأيام التي تستقطب كتاباً وأدباء من سورية قد أفردت صفحة سمَّتها ( اليوميات ) وخصَّتها لأولائك الأدباء الكبار من أمثال شاعر الشام شفيق جبري والدكتور عزة الطباع والدكتور صبحي أبو غنيمة وحسن الحكيم . . . وغيرهم .
فكانوا يفيضون على هذه الصفحة بآيات من وحي قلمهم ودُررٍ من غوص فكرهم ، فيترقب القرَّاء هذا الفيض بمزيد من الشوق .
وما هي إلا أن بدأت تظهر في أطراف الصفحة مقالات صغيرة لأديب ناشء ( عباس الحامض ) . . . ثم بدأت هذه المقالات رويدا رويدا ( تغزو ) صفحة اليوميات ويجاول صاحبها أن يتفوق أحيانا على ألائك الكتاب الأفذاذ والشعراء العظام ، ثم أفردت له الصحيفة يوم الثلاثاء ليكتب فيه عصاره فكره في صفحة اليوميات .
عباس الحامض رجلٌ ظريفٌ سيَّالُ القلم طليُّ اللسان مكَّنته موهبته الفذة من كسب ثقة زملائه ، ومن صفاته الوفاء والنبل وطيب القلب والترفع عن الدنايا وإغاثة الملهف ، وهمُّه الأكبر هو أن يساعد كلَّ ذي حق في الوصول إلى حقه .
حديثُهُ حلوٌ جذاب ، نكتته حاضره ، متوقد الذهن ، حتى أنه كان من الظرفاء والمحدثين القلة في دمشق .
جمع بين الكلمة الظريفة المسموعة والكلمة البديعة المكتوبة ، فكان قلمُهُ السيال لا يقل طلاوة عن لسانه الطلق الغزير ، وقد أعطته تلك الشخصية الفذة غزارة في الإنتاج فكان يكتب في كل يوم مقالاً افتتاحيا في صحيفة القبس التي رئِسَ تحريرها وأشرف على تحرير كل صفحاتها لعدة سنوات ، وكان يكتب عددا من التعليقات ، ويصوغ عددا من الأخبار ، ويكتب أيضا عددا من المقالات يرسلها إلى مجلة ( الدنيا ) .
وبلغ من غزارة إنتاجه أيضاً أنه كان يكتب في كل أسبوع ثلاث مقالات لثلاث صحف في دمشق وبيروت والقاهرة . . .
ولم تكن مقالاته هراءً منثورا ، وإنما كان يتناول أدقَّ الموضيع وأكثرها قرباً من هموم المجتمع ، وكان يعالج المشاكل ويحلل أسبابها بدقة ؛ أضف إلى ذلك قلبه الطيب ونصرته للمظلوم مما جعل القلوب تلتف حوله .
انتُخب عباس الحامض نقيباً للمحررين عام 1947
الكتابةُ فنٌّ والتزام .
رحم الله أولائك الكتَّاب الكبار .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. أنس تللو
https://alwatan.sy/archives/278407/amp