📌من نوادر المخطوطات المزوقة في المغرب :
كتاب : " جوامع كليلة ودمنة " ، وهو كتاب في الأخلاق والحكمة وتهذيب النفوس ، وضعه بيدبا الحكيم الهندي لدبشليم ملك الهند ، وجعله باللغة الفهلوية ، على ألسنة الحيوانات والطيور .
وقد جلب ملك الفرس برزويه نسخة من الهند ، إلى أنو شروان بن قباذ بن فيروز ، وترجمه له من اللغة الهندية إلى الفارسية ، ثم ترجمه في الإسلام من اللغة الفارسية إلى العربية ، البليغ المشهور أبو محمد عبدالله بن المقفع بن المبارك ، أصله من جور مدينة من كور فارس ، واسمه بالفارسية روزبة ، توفي سنة 145 ه‍ / 762 م .
قال عنه أبو الفرج النديم في كتاب الفهرست 1 / 368 : " وكان أحد النقلة من اللسان الفارسي إلى العربي مضطلعا باللغتين فصيحا بهما " .
وقد اشتهر كتاب : " جوامع كليلة ودمنة " ، وضرب به المثل ، فعارضه أبو العلاء المعري ( ت 449 ه‍ ) في كتابه : " القائف " ، وقد تكلم على ألسنة الحيوان ، وغير الحيوان.
قال عنه أبو القاسم محمد بن عبدالغفور الكلاعي ( من أهل القرن السادس للهجرة ) في كتابه : " إحكام صنعة الكلام " ص 210 : " ولأبي العلاء المعري في كتاب ( القائف ) إحسان مشهور ، وإبداع كثير موفور . وهو أكثر من ( كليلة ودمنة ) ورقا ، وأفسح طلقا ، وأطيب شميما وعبقا " .
ومنهم من نظم كتاب : " جوامع كليلة ودمنة " في عشرة آلاف بيت ، كأبي يعلى ابن الهبارية ( ت 509 ه‍ ) في كناب أسماه : " نتائج الفطنة في كليلة ودمنة " ، وله أيضا كتاب : " الصادح والباغم " ، وهي مجموعة من الأراجيز على أسلوب كتاب : " جوامع كليلة ودمنة " .
وعن أقدم نسخ كتاب : " جوامع كليلة ودمنة " المزوقة في العالم ، يقول الأستاذ الدكتور أيمن فؤاد السيد في كتابه : " الكتاب العربي المخطوط وعلم المخطوطات " ، 2 / 371 _ 372 ، ما نصه : " أقدم الكتب الأدبية التي عني الفنانون المسلمون بتزويقها بالمنمنمات ، كتاب ( كليلة ودمنة ) لعبدالله بن المقفع الذي كانت نسخته الأصلية مزدانة بالصور .
غير أن ما وصلنا إلينا من نسخ الكتاب المزينة بالصور لا ترجع إلى ما قبل القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي ، وأقدمها نسخة المكتبة الوطنية في باريس رقم 3465 Arabe ، وهي تشتمل على 98 منمنمة من بينها ست منمنمات أضيفت في القرن الثامن عشر ، والنسخة غير مؤرخة ولا تشير إلى مكان نسخها ، وإن ذهب الباحثون إلى أنها كتبت على الأرجح في الشام بين سنتي 600 ه‍ / 1203 م ، و 620 ه‍ / 1223 م ".
وفي المغرب ، كان السلطان مولاي الحسن الأول ( 1289 _ 1312 ه‍ / 1873 _ 1894 م ) ، كلفا بجمع نسخ من كتاب : " جوامع كليلة ودمنة " المزخرفة والمموهة ، وكان يصطحب معه في أسفاره ورحلاته نسخة مزوقة منها ، وقد ذكرت في كراسة بأسماء الكتب المحفوظة في خزانة الكتب العلمية بالمدرسة من قصره بمكناس عام 1305 ه‍ / 1888 م ، بعنوان : " مجموع كليلة ودمنة في كراريس 9 " .
وقد آلت هذه النسخة إلى الخزانة الحسنية بالرباط رقم 3655 ، وتقع في مجلدة ، كتبت بخط نسخي جميل ملون ومشكول ، في 113 ورقة ، مقياس 26 / 21 سم ، مسطرة 11 س ، بها تعقيبة ، وهي تشتمل على 122 منمنمة تتميز برسوم وزخارف .
ومما يبعث على السرور والسعادة ، إحداث مشروع كبير طموح بدأ عمله سنة 2018 في جامعة برلين الحرة ، يروم جمع مخطوطات كتاب : " جوامع كليلة ودمنة " المحفوظة في مكتبات العالم ، ويعنى بدراستها وتحليلها ونشرها فاكسيميليا ، لتكون متاحة للباحثين ، خاصة أن مخطوطات الحكايات تميزت بالعناية بالرسوم والمنمنمات ، والتزاويق والزخرفات ، فجمعت بين نصوص الحكايات ، وأصناف التصاوير لتبرز اتساق تقاليد فنون الرسم في البلاد الإسلامية على وجه الخصوص ، مع أشكال السرد الحكائي الذي تمثله نصوص الكتاب ، وسيتم هذا المشروع الفريد بإشراف الأستاذة الدكتورة بياتريس غروندلر Béatrice Gruendler ، وعمل فريق من الباحثين المتخصصين .
تحية إعزاز وتقدير وإكبار واحترام إلى الأستاذة الدكتورة بياتريس غروندلر Béatrice Gruendler ، على عنايتها الكبيرة بجمع المخطوطات المزدانة بالصور من كتاب : " جوامع كليلة ودمنة " .
وكتب عبدالعزيز الساوري.........