الدكتور : غازي حسين
يقول البعض إنَّ " الشرق أوسطية " فكرة أمريكية , بينما يقول آخرون بأنَّها صهيونية ,وأنا أشاطرأصحاب القول الثاني الرأي وأؤكد بأنّها صهيونية المنشأ , إسرائيلية التخطيط والتنظيم , ولمصلحة إسرائيل ويهود العالم بالدرجة الأولى والدول الغربية بالدرجة الثانية , وعلى حساب الوطن والمواطن العربي . تبنّتها الولايات المتحدة الأمريكية وسوّقتها للدول الأوروبية وحملت العديد من الدول العربية على الموافقة عليها ومنها السعودية وقطر والامارات والبحرين والمغرب والبرهان السوداني.
تخيّل هرتسل في يومياته " قيام كومنولث شرق أوسطي " يكون لدولة اليهود فيه شأن قيادي فاعل ودوراقتصادي قائد .
ووضع الصهاينة في مطلع الأربعينيات مذكرات ودراسات حول " الشرق الأوسطية " . وأنجزوا في عامي 1941- 1942مشروعاً صهيونياً بدمج فلسطين بأسرها في نظام شرق أوسطي يحقق لليهود السيطرة على فلسطين وبقية بلدان المشرق العربي . وجاء مؤتمربلتمورالصهيوني وأقرَّإقامة الشرق أوسط.
وغرس يهود أمريكا وبريطانية فكرة الشرق أوسطية في صلب السياسيتين الأمريكية والبريطانية خلال الحرب العالمية الثانية .
ويقصد بمنطقة الشرق الأوسط حسب المفاهيم الغربية سورية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق ومصرودول الخليج وتركيا وباكستان . وقام بعض خبراء شؤون الشرق الأوسط في الولايات المتحدة ومنهم اليهودي الخطير والحقير برنارد لويسو بتوسيع المنطقة واقترحوا أنْ تشمل أثيوبيا وأريتريا والجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى , بينما فصلت إسرائيل بلدان المشرق عن بلدان المغرب وأعطت بلدان المشرق تسمية " الشرق الأوسط " وأضافت إليها تركيا.
وظهرت " الشرق أوسطية " كفكرة إسرائيلية في وثيقة أصدرها اتحاد إيهود بتاريخ 28/3/1948 وتضمنت " التصاق فلسطين في اتحاد شرق أوسطي واسع" .
وأشعلت إسرائيل حرب السويس العداونية عام 1956 لتحقيق مخططاتها التوسعية في المنطقة العربية .
واقترح بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل على الرئيس الأمريكي أيزنهاور في رسالة وجهها إليه بتاريخ 24تموز 1958 إقامة " سد منيع ضد التيارالقومي والمد الناصري من إسرائيل وتركيا وإيران وأثيوبيا .
ونادى الفيلسوف اليهودي مارتن بوبرفي محاضرة ألقاها في نيويورك عام 1958بفكرة قيام اتحاد شرق أوسطي تكون إسرائيل عضواً فيه ".
وخططت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في عام 1967 لحرب حزيران العدوانية ولأهدافها السياسية والاقتصادية وحالت الإدارات الأمريكية دون انسحاب إسرائيل المعتدية من الأراضي العربية المحتلة ومعاقبتها على حربها العداونية وإجبارها على دفع التعويضات عن خسائرالحرب طبقاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة .وأصبحت اسرائيل مركز اليهودية الامريكية للهيمنة على امريكا والشرق الاوسط والعالم بأسره.
بدأت المخططات الإسرائيلية للمنطقة العربية بالظهوروتمسّكت إسرائيل بالأراضي العربية المحتلة لإجبارالعرب على القبول بمخططاتها. وداعت امريكا عت الاحتلال الاسرائيلي وتهويد وضم القدس والجولان.وعقدت مؤتمرات المليونيرية اليهودية الثلاثة في أعوام 1967 و1968و 1969 لأحكام سيطرتها الاقتصادية على اقتصادات البلدان العربية . وتأسست فيها جمعية تحت اسم جمعية من أجل السلام في الشرق الأوسط " حيث وضعت الخطط والبرامج لفرض الهيمنة الإسرائلية على الاقتصادات العربية وخططت الجمعية لإقامة " سوق شرق أوسطية " . وحدّدت السمات التي يجب أن تبرزفي اقتصاد دول المنطقة العربية.
وطرح حزب العمل الصهيوني في نهاية الستينيات إقامة اتحاد إسرائيلي – فلسطيني – أردني على غراراتحاد البنيلوكس .
ووضع جاد يعقوبي , وزيرالمواصلات في حكومة رابين في نهاية عام 1975مخططاً سريِّاً للتعاون الإقليمي في مجال المواصلات بين إسرائيل والأردن ومصروقدّمه لإسحق رابين, وجرى بحثه ضمن هيئات حكومية.
ووضع يعقوب ميريدور, وزيرالاقتصاد في حكومة بيغن بعد شهرواحد من زيارة السادات للقدس عام 1977مشروعاً للتعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان العربية .
واقترح شمعون بيرس في بداية نيسان 1986خلال زيارته للولايات المتحدة اعتماد مشروع مارشال للشرق الأوسط لتأمين الاستقرارفي المنطقة بالمفهوم والتخطيط الإسرائيلي , وهو دمج إسرائيل في المنطقة والهيمنة عليها .
ويهدف بيرس من جرّاء طرح مشروعه الاستمرارفي التسوية التي بدأت في كامب ديفيد وأن ترتكزعلى أرضية اقتصادية لتحقيق الاستقراروالازدهارلإسرائيل وحل أزماتها الاقتصادية . ووعدت الإدارة الأمريكية بدراسة اقترحات بيريزبعناية مع حلفائها .
بدأت المخططات الإسرائيلية والأمريكية حول الشرق الأوسط تتحقق بعد حرب الخليج الثانية . فانعقد مؤتمرمدريد عام 1991وبدأت المفاوضات الثنائية والمتعددة الأطراف .وتبنّت الولايات المتحدة المخططات الإسرائيلية حول تسوية الصراع العربي الإسرائيلي , وحملت عرفات على الموافقة عليها في المجلس الوطني عام 1988وبيانه في جنيف وإتفاق الاذعان في اوسلو1993.وظهرت المخططات المخططات الاسرائيلية لشمعون بيرس وبرنارد لويس لإقامة نظام إقليمي جديد على أنقاض النظام العربي.
وطرح بيرس تصوراته ومخططاته حول " الشرق أوسطية " في تشرين الثاني 1992 أمام المعهد القومي لدراسات الشرق الأوسط في القاهرة , وطالب العرب بنسيان الماضي التركيزعلى المفاوضات ووضع حد للنزاع لبناء الشرق الأوسط الجديد . ونادى بإنشاء كونفدرالية فلسطينية – أردنية أوإسرائيلية – فلسطينية أردنية بصيغة اتحاد بنيلوكس .
ووضع البرفسورالأمريكي برنارد لويس مخططاً للشرق الأوسط تحت عنوان :" إعادة النظرفي الشرق الأوسط " انطلق فيه من التخلي الرسمي عن حلم القومية العربية . ورسم شرق أوسط جديد تصل حدوده الجغرافية إلى الجمهوريات الإسلامية وقال باحتمال إلغاء دورالعرب في التاريخ الحديث للمنطقة لمصلحة قوى إقليمية أخرى وفي طليعتها إسرائيل وتركيا.
وتابعت الولايات المتحدة سياستها في تبنِّي المخططات الإسرائيلية حول "الشرق أوسطية " وحملت الدول العربية على البدء بالتعاون الاقتصادي قبل التوصل إلى تسوية سياسيَّة شاملة . وحملت العرب على الموافقة على مشاريع مشتركة مع إسرائيل دون ربط ذلك بالحل العادل والشامل أوحتى بالتقدم في المفاوضات .
وطرح يائيرهيرشفيلد موقف حزب العمل الإسرائيلي في المفاوضات المتعددة الأطراف في اجتماع بروكسل في آيار1992وشملت مقترحاته المشاركة في الموارد الطيعية والتكنولوجية والبشرية وتوسيع أسواق المنطقة , وجذب الاستثمارات من الدول الأجنبية ودول النفط العربية ومؤسسات التمويل الدولية وإقامة صندوق إقليمي للتنمية .
ونشربيرس تصوراته للنظام الإقليمي الجديد في كتابه الذي صدرفي نهاية 1993بالإنكليزية وجاء فيه مايلي:
"هدفنا النهائي هوخلق أسرة إقليمية من الأمم , ذات سوق مشتركة , وهيئات مركزية مختارة على غرارالجماعة الأوروبية " . وأكد أنَّ الأسلحة النووية والتطرف الديني تشكل الخطرالجديد على إسرائيل .
وينطلق بيرس من أنَّ التطبيع مع العرب قائم , وأن إسرائيل ستقوم بدور المركزوالقائد والقوة الأساسية لتحويل النظام الإقليمي الجديد إلى قوة عظمى على غرارالاتحاد الأوروبي وبالتعاون والتنسيق معه . وطرح بديلاً لاقتصاد المنطقة القائم على أساس الأرض والنفط والقومية . ووصفه بأنَّه عصري يعتمد على العلم والتقنية والتعاون الإقليمي .
وحدد معالم السلام القادم لبناء شرق أوسط جديد متحررمن صراعات الماضي . واعترف بأنَّ فكرة السوق الشرق أوسطية حلم إسرائيلي . ويرى أنَّ فتح الحدود والتجارة وخفض النفقات الدفاعية وإقامة نظام إقليمي للمياه وإعادة الحياة لسكة حديد الحجازوإنشاء طرق سريعة وموانئ موسعة جديدة وقناة تربط البحرالأحمربالبحرالميت كفيلة بتعزيزالنظام الإقلميم الجديد .
تبنى عرفات طروحات حزب العمل الإسرائيلي حول الاتحاد الاقتصادي (بنيلوكس) ومشروع مارشال لأول مرة في اجتماع عقد بينه وبين الملك الحسن الثاني في عام 1983 . ووافق في اتفاق الإذعان في أوسلو وفي الاتفاق الاقتصادي في باريس على النظام الإقليمي والسوق الشرق أوسطية . وبالتالي نجحت إسرائيل في وضع حجرالأساس للحلم الصهيوني الذي راود هرتسل في اتفاقيات عرفات مع إسرائيل .
وأّدَّى انعقاد قمة الدارالبيضاء للتنمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيِّا عام 1994 . والتوصيِّات التي اتخذتها والمؤسسات التي انبثقت عنها إلى تبنّي المخططات الإسرائيلية حول الشرق أوسطية كنظام إقليمي وسوق مشتركة واعترفت بالدور الجديد لإسرائيل في المنطقة العربية .
وضعت إسرائيل حجرالأساس للشرق أوسطية , في اتفاقيتي أوسلو ووادي عربة , فالاقتصاد الإسرائيلي اقتصاد قوي بالنسبة للاقتصادين الفلسطيني والأردني مما يشكّل التبعية والخلل والتي تكرّست في الاتفاقات المعقودة بين الأطراف الثلاثة.وخططت إسرائيل لتحقيقها عبرثلاث مراحل:
المرحلة الأولى : إقامة تكتل ثلاثي بينها وبين سلطة الحكم الذاتي المحدود والأردن على غراراتحاد البنيلوكس .
المرحلة الثانية : إقامة منطقة للتبادل التجاري الحر.
تضم الأطراف الثلاثة ومصروسورية ولبنان .
المرحلة الثالثة : إقامة منطقة موسّعة للتعاون الاقتصادي تشمل منطقة التبادل التجاري الحروبلدان مجلس التعاون الخليجي .
وانعقدت في عمان في 29 - 31 تشرين أول 1995القمّة الاقتصادية الثانية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمتابعة ماتمّ التوصل إليه في قمة الدارالبيضاء , حيث ركَّزالمتحدثون على ضرورة بناء تعاون إقليمي لترسيخ السلام والاستقرارفي المنطقة وإحرازتقدّم على مساري المفاوضات السوري - اللبناني كشرط لإنجاح التعاون الإقليمي بحسب رأيهم.
وقال الأميرالحسن إنَّ مهمة الحكومات المشاركة في المؤتمرالعمل على تنمية اقتصادية سريعة , والهدف البعيد هوإزالة كافة القيود وتحريرها في مجالات التجارة والاستثماروالعمالة ورأس المال والخدمات .
ولوحظ أنَّ تعبيرالوطن العربي قد غاب كليَّة عن كلمات الافتتاح وجلسات المؤتمر وحلَّ مكانه الاصطلاح الذي وضعته إسرائيل وهوالتعاون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا , والمقصود بالتعاون مع إسرائيل .
شهد المؤتمرخلافاً بين مصروالأردن حول كيفية التعامل مع إسرائيل وتطبيع العلاقات العربية معها , حيث انتقد وزيرالخارجية المصري بعض الدول العربية في الهرولة واندفاعها في تطبيع العلاقات مع إسرائيل مؤكداً على ضرورة تنسيق المواقف العربية إلى أنْ يتحقق سلام شامل وعادل في المنطقة .
وعقب الملك حسين وقال إنَّ مصرسبقت الأردن في 17سنة في الهرولة نحو إسرائيل وأنَّه ينبغي أنْ نعدوبكامل طاقتها لاأنْ نهرول فحسب لتعويض مافات.
وكانت بداية المؤتمرسياسية جداً بعكس تصوَّرالكثيرمن العرب الذين شاركوا في القمة حيث قال بعض رجال الأعمال بأنَّهم جاؤوا لعقد الصفقات بينما وقف إسحق رابين ليقول في افتتاح المؤتمر " وصلت إلى عمان قبل ساعة من القدس عاصمة إسرائيل الأبدية وسأعود إلى داري فيما بعد دقائق . وبالتالي طرح الموقف الإسرائيلي من ضم القدس العربية أيام الملك حسين وعرفات . وسمع العرب من رابين وبيرس في عمان كلاماً أشد قسوة من الكلام الذي سمعوه منهما في الدار البيضاء عن القدس والعلاقات , وخاصة من بيريز حول هيمنة إسرائيل الاقتصادية على العرب وينم عن الاستحفاف والاحتقاربالعرب المتواجدين حيث قال: " لايوجد شيئ اسمه الاقتصاد العربي , بل مايوجد هوالفقرالعربي ومَنْ له مصلحة في الهيمنة على الفقر؟". وقال: إنَّ إسرائيل تنشط بشكل اساسي في الأسواق الأمريكية والأوروبية واليابان , وبالتالي لاتعتمد على الأسواق في الشرق الأوسط . وقال: " أنَّ لامطامع لإسرائيل غيررفع مستوى العرب " . وبالتالي فعلينا كعرب أن نسجد ونركع لها على هذه المنَّة . ووجّه بيرس من عمان هجوماً قاسيَّاً على سورية واتَّهمها بأنَّها تعرقل عملية السلام.
وهاجم الدول العربية بسبب موقفها من القدس وأنَّه ذهل من التصريحات التي صدرت عن وزيرالخارجية المصري في الجلسة الافتتاحية ,لأنَّه انتقد قرار الكونغرس وقال بكل غطرسة ووقاحة " إنَّ القدس ستظل عاصمة إسرائيل لمئات السنين ولن يتم تقسيمها أبداً " .
وكان بيريزقد طالب من المؤسسات إسرائيلية عدم الدفع بقوة باتجاه تسويق الأفكاروالمنتجات حتى لايكون هناك نوع من رد الفعل العكسي العربي على هذا الأمر,لأنَّه لم يتم حتى الآن تجاوزالحدود النفسية والسياسية .
لقد دفن شمعون بيرس وقادة اسرائيل أحلام التوسع الجغرافي وإسرائيل الكبرى الجغرافية ليحل محلها حلم هيمنة اليهود الاقتصادية على الثروات العربية للمحافظة على النقاء العنصري لدولة اليهود بإقامة أكبرغيتويهودي استعماري وعنصري وإرهابي في قلب المنطقة العربية والإسلامية وإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال التطبيع العربي وإتفاقات أبرهام التي تفرضها امريكا على أتباعها العرب ومشروع الشرق الأوسط الجديد والكبير.
الشرق الأوسط الجديد ومخاطره على الوطن العربي
الدكتور : غازي حسين
يقول البعض إنَّ " الشرق أوسطية " فكرة أمريكية , بينما يقول آخرون بأنَّها صهيونية ,وأنا أشاطرأصحاب القول الثاني الرأي وأؤكد بأنّها صهيونية المنشأ , إسرائيلية التخطيط والتنظيم , ولمصلحة إسرائيل ويهود العالم بالدرجة الأولى والدول الغربية بالدرجة الثانية , وعلى حساب الوطن والمواطن العربي . تبنّتها الولايات المتحدة الأمريكية وسوّقتها للدول الأوروبية وحملت العديد من الدول العربية على الموافقة عليها ومنها السعودية وقطر والامارات والبحرين والمغرب والبرهان السوداني.
تخيّل هرتسل في يومياته " قيام كومنولث شرق أوسطي " يكون لدولة اليهود فيه شأن قيادي فاعل ودوراقتصادي قائد .
ووضع الصهاينة في مطلع الأربعينيات مذكرات ودراسات حول " الشرق الأوسطية " . وأنجزوا في عامي 1941- 1942مشروعاً صهيونياً بدمج فلسطين بأسرها في نظام شرق أوسطي يحقق لليهود السيطرة على فلسطين وبقية بلدان المشرق العربي . وجاء مؤتمربلتمورالصهيوني وأقرَّإقامة الشرق أوسط.
وغرس يهود أمريكا وبريطانية فكرة الشرق أوسطية في صلب السياسيتين الأمريكية والبريطانية خلال الحرب العالمية الثانية .
ويقصد بمنطقة الشرق الأوسط حسب المفاهيم الغربية سورية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق ومصرودول الخليج وتركيا وباكستان . وقام بعض خبراء شؤون الشرق الأوسط في الولايات المتحدة ومنهم اليهودي الخطير والحقير برنارد لويسو بتوسيع المنطقة واقترحوا أنْ تشمل أثيوبيا وأريتريا والجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى , بينما فصلت إسرائيل بلدان المشرق عن بلدان المغرب وأعطت بلدان المشرق تسمية " الشرق الأوسط " وأضافت إليها تركيا.
وظهرت " الشرق أوسطية " كفكرة إسرائيلية في وثيقة أصدرها اتحاد إيهود بتاريخ 28/3/1948 وتضمنت " التصاق فلسطين في اتحاد شرق أوسطي واسع" .
وأشعلت إسرائيل حرب السويس العداونية عام 1956 لتحقيق مخططاتها التوسعية في المنطقة العربية .
واقترح بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل على الرئيس الأمريكي أيزنهاور في رسالة وجهها إليه بتاريخ 24تموز 1958 إقامة " سد منيع ضد التيارالقومي والمد الناصري من إسرائيل وتركيا وإيران وأثيوبيا .
ونادى الفيلسوف اليهودي مارتن بوبرفي محاضرة ألقاها في نيويورك عام 1958بفكرة قيام اتحاد شرق أوسطي تكون إسرائيل عضواً فيه ".
وخططت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في عام 1967 لحرب حزيران العدوانية ولأهدافها السياسية والاقتصادية وحالت الإدارات الأمريكية دون انسحاب إسرائيل المعتدية من الأراضي العربية المحتلة ومعاقبتها على حربها العداونية وإجبارها على دفع التعويضات عن خسائرالحرب طبقاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة .وأصبحت اسرائيل مركز اليهودية الامريكية للهيمنة على امريكا والشرق الاوسط والعالم بأسره.
بدأت المخططات الإسرائيلية للمنطقة العربية بالظهوروتمسّكت إسرائيل بالأراضي العربية المحتلة لإجبارالعرب على القبول بمخططاتها. وداعت امريكا عت الاحتلال الاسرائيلي وتهويد وضم القدس والجولان.وعقدت مؤتمرات المليونيرية اليهودية الثلاثة في أعوام 1967 و1968و 1969 لأحكام سيطرتها الاقتصادية على اقتصادات البلدان العربية . وتأسست فيها جمعية تحت اسم جمعية من أجل السلام في الشرق الأوسط " حيث وضعت الخطط والبرامج لفرض الهيمنة الإسرائلية على الاقتصادات العربية وخططت الجمعية لإقامة " سوق شرق أوسطية " . وحدّدت السمات التي يجب أن تبرزفي اقتصاد دول المنطقة العربية.
وطرح حزب العمل الصهيوني في نهاية الستينيات إقامة اتحاد إسرائيلي – فلسطيني – أردني على غراراتحاد البنيلوكس .
ووضع جاد يعقوبي , وزيرالمواصلات في حكومة رابين في نهاية عام 1975مخططاً سريِّاً للتعاون الإقليمي في مجال المواصلات بين إسرائيل والأردن ومصروقدّمه لإسحق رابين, وجرى بحثه ضمن هيئات حكومية.
ووضع يعقوب ميريدور, وزيرالاقتصاد في حكومة بيغن بعد شهرواحد من زيارة السادات للقدس عام 1977مشروعاً للتعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان العربية .
واقترح شمعون بيرس في بداية نيسان 1986خلال زيارته للولايات المتحدة اعتماد مشروع مارشال للشرق الأوسط لتأمين الاستقرارفي المنطقة بالمفهوم والتخطيط الإسرائيلي , وهو دمج إسرائيل في المنطقة والهيمنة عليها .
ويهدف بيرس من جرّاء طرح مشروعه الاستمرارفي التسوية التي بدأت في كامب ديفيد وأن ترتكزعلى أرضية اقتصادية لتحقيق الاستقراروالازدهارلإسرائيل وحل أزماتها الاقتصادية . ووعدت الإدارة الأمريكية بدراسة اقترحات بيريزبعناية مع حلفائها .
بدأت المخططات الإسرائيلية والأمريكية حول الشرق الأوسط تتحقق بعد حرب الخليج الثانية . فانعقد مؤتمرمدريد عام 1991وبدأت المفاوضات الثنائية والمتعددة الأطراف .وتبنّت الولايات المتحدة المخططات الإسرائيلية حول تسوية الصراع العربي الإسرائيلي , وحملت عرفات على الموافقة عليها في المجلس الوطني عام 1988وبيانه في جنيف وإتفاق الاذعان في اوسلو1993.وظهرت المخططات المخططات الاسرائيلية لشمعون بيرس وبرنارد لويس لإقامة نظام إقليمي جديد على أنقاض النظام العربي.
وطرح بيرس تصوراته ومخططاته حول " الشرق أوسطية " في تشرين الثاني 1992 أمام المعهد القومي لدراسات الشرق الأوسط في القاهرة , وطالب العرب بنسيان الماضي التركيزعلى المفاوضات ووضع حد للنزاع لبناء الشرق الأوسط الجديد . ونادى بإنشاء كونفدرالية فلسطينية – أردنية أوإسرائيلية – فلسطينية أردنية بصيغة اتحاد بنيلوكس .
ووضع البرفسورالأمريكي برنارد لويس مخططاً للشرق الأوسط تحت عنوان :" إعادة النظرفي الشرق الأوسط " انطلق فيه من التخلي الرسمي عن حلم القومية العربية . ورسم شرق أوسط جديد تصل حدوده الجغرافية إلى الجمهوريات الإسلامية وقال باحتمال إلغاء دورالعرب في التاريخ الحديث للمنطقة لمصلحة قوى إقليمية أخرى وفي طليعتها إسرائيل وتركيا.
وتابعت الولايات المتحدة سياستها في تبنِّي المخططات الإسرائيلية حول "الشرق أوسطية " وحملت الدول العربية على البدء بالتعاون الاقتصادي قبل التوصل إلى تسوية سياسيَّة شاملة . وحملت العرب على الموافقة على مشاريع مشتركة مع إسرائيل دون ربط ذلك بالحل العادل والشامل أوحتى بالتقدم في المفاوضات .
وطرح يائيرهيرشفيلد موقف حزب العمل الإسرائيلي في المفاوضات المتعددة الأطراف في اجتماع بروكسل في آيار1992وشملت مقترحاته المشاركة في الموارد الطيعية والتكنولوجية والبشرية وتوسيع أسواق المنطقة , وجذب الاستثمارات من الدول الأجنبية ودول النفط العربية ومؤسسات التمويل الدولية وإقامة صندوق إقليمي للتنمية .
ونشربيرس تصوراته للنظام الإقليمي الجديد في كتابه الذي صدرفي نهاية 1993بالإنكليزية وجاء فيه مايلي:
"هدفنا النهائي هوخلق أسرة إقليمية من الأمم , ذات سوق مشتركة , وهيئات مركزية مختارة على غرارالجماعة الأوروبية " . وأكد أنَّ الأسلحة النووية والتطرف الديني تشكل الخطرالجديد على إسرائيل .
وينطلق بيرس من أنَّ التطبيع مع العرب قائم , وأن إسرائيل ستقوم بدور المركزوالقائد والقوة الأساسية لتحويل النظام الإقليمي الجديد إلى قوة عظمى على غرارالاتحاد الأوروبي وبالتعاون والتنسيق معه . وطرح بديلاً لاقتصاد المنطقة القائم على أساس الأرض والنفط والقومية . ووصفه بأنَّه عصري يعتمد على العلم والتقنية والتعاون الإقليمي .
وحدد معالم السلام القادم لبناء شرق أوسط جديد متحررمن صراعات الماضي . واعترف بأنَّ فكرة السوق الشرق أوسطية حلم إسرائيلي . ويرى أنَّ فتح الحدود والتجارة وخفض النفقات الدفاعية وإقامة نظام إقليمي للمياه وإعادة الحياة لسكة حديد الحجازوإنشاء طرق سريعة وموانئ موسعة جديدة وقناة تربط البحرالأحمربالبحرالميت كفيلة بتعزيزالنظام الإقلميم الجديد .
تبنى عرفات طروحات حزب العمل الإسرائيلي حول الاتحاد الاقتصادي (بنيلوكس) ومشروع مارشال لأول مرة في اجتماع عقد بينه وبين الملك الحسن الثاني في عام 1983 . ووافق في اتفاق الإذعان في أوسلو وفي الاتفاق الاقتصادي في باريس على النظام الإقليمي والسوق الشرق أوسطية . وبالتالي نجحت إسرائيل في وضع حجرالأساس للحلم الصهيوني الذي راود هرتسل في اتفاقيات عرفات مع إسرائيل .
وأّدَّى انعقاد قمة الدارالبيضاء للتنمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيِّا عام 1994 . والتوصيِّات التي اتخذتها والمؤسسات التي انبثقت عنها إلى تبنّي المخططات الإسرائيلية حول الشرق أوسطية كنظام إقليمي وسوق مشتركة واعترفت بالدور الجديد لإسرائيل في المنطقة العربية .
وضعت إسرائيل حجرالأساس للشرق أوسطية , في اتفاقيتي أوسلو ووادي عربة , فالاقتصاد الإسرائيلي اقتصاد قوي بالنسبة للاقتصادين الفلسطيني والأردني مما يشكّل التبعية والخلل والتي تكرّست في الاتفاقات المعقودة بين الأطراف الثلاثة.وخططت إسرائيل لتحقيقها عبرثلاث مراحل:
المرحلة الأولى : إقامة تكتل ثلاثي بينها وبين سلطة الحكم الذاتي المحدود والأردن على غراراتحاد البنيلوكس .
المرحلة الثانية : إقامة منطقة للتبادل التجاري الحر.
تضم الأطراف الثلاثة ومصروسورية ولبنان .
المرحلة الثالثة : إقامة منطقة موسّعة للتعاون الاقتصادي تشمل منطقة التبادل التجاري الحروبلدان مجلس التعاون الخليجي .
وانعقدت في عمان في 29 - 31 تشرين أول 1995القمّة الاقتصادية الثانية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمتابعة ماتمّ التوصل إليه في قمة الدارالبيضاء , حيث ركَّزالمتحدثون على ضرورة بناء تعاون إقليمي لترسيخ السلام والاستقرارفي المنطقة وإحرازتقدّم على مساري المفاوضات السوري - اللبناني كشرط لإنجاح التعاون الإقليمي بحسب رأيهم.
وقال الأميرالحسن إنَّ مهمة الحكومات المشاركة في المؤتمرالعمل على تنمية اقتصادية سريعة , والهدف البعيد هوإزالة كافة القيود وتحريرها في مجالات التجارة والاستثماروالعمالة ورأس المال والخدمات .
ولوحظ أنَّ تعبيرالوطن العربي قد غاب كليَّة عن كلمات الافتتاح وجلسات المؤتمر وحلَّ مكانه الاصطلاح الذي وضعته إسرائيل وهوالتعاون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا , والمقصود بالتعاون مع إسرائيل .
شهد المؤتمرخلافاً بين مصروالأردن حول كيفية التعامل مع إسرائيل وتطبيع العلاقات العربية معها , حيث انتقد وزيرالخارجية المصري بعض الدول العربية في الهرولة واندفاعها في تطبيع العلاقات مع إسرائيل مؤكداً على ضرورة تنسيق المواقف العربية إلى أنْ يتحقق سلام شامل وعادل في المنطقة .
وعقب الملك حسين وقال إنَّ مصرسبقت الأردن في 17سنة في الهرولة نحو إسرائيل وأنَّه ينبغي أنْ نعدوبكامل طاقتها لاأنْ نهرول فحسب لتعويض مافات.
وكانت بداية المؤتمرسياسية جداً بعكس تصوَّرالكثيرمن العرب الذين شاركوا في القمة حيث قال بعض رجال الأعمال بأنَّهم جاؤوا لعقد الصفقات بينما وقف إسحق رابين ليقول في افتتاح المؤتمر " وصلت إلى عمان قبل ساعة من القدس عاصمة إسرائيل الأبدية وسأعود إلى داري فيما بعد دقائق . وبالتالي طرح الموقف الإسرائيلي من ضم القدس العربية أيام الملك حسين وعرفات . وسمع العرب من رابين وبيرس في عمان كلاماً أشد قسوة من الكلام الذي سمعوه منهما في الدار البيضاء عن القدس والعلاقات , وخاصة من بيريز حول هيمنة إسرائيل الاقتصادية على العرب وينم عن الاستحفاف والاحتقاربالعرب المتواجدين حيث قال: " لايوجد شيئ اسمه الاقتصاد العربي , بل مايوجد هوالفقرالعربي ومَنْ له مصلحة في الهيمنة على الفقر؟". وقال: إنَّ إسرائيل تنشط بشكل اساسي في الأسواق الأمريكية والأوروبية واليابان , وبالتالي لاتعتمد على الأسواق في الشرق الأوسط . وقال: " أنَّ لامطامع لإسرائيل غيررفع مستوى العرب " . وبالتالي فعلينا كعرب أن نسجد ونركع لها على هذه المنَّة . ووجّه بيرس من عمان هجوماً قاسيَّاً على سورية واتَّهمها بأنَّها تعرقل عملية السلام.
وهاجم الدول العربية بسبب موقفها من القدس وأنَّه ذهل من التصريحات التي صدرت عن وزيرالخارجية المصري في الجلسة الافتتاحية ,لأنَّه انتقد قرار الكونغرس وقال بكل غطرسة ووقاحة " إنَّ القدس ستظل عاصمة إسرائيل لمئات السنين ولن يتم تقسيمها أبداً " .
وكان بيريزقد طالب من المؤسسات إسرائيلية عدم الدفع بقوة باتجاه تسويق الأفكاروالمنتجات حتى لايكون هناك نوع من رد الفعل العكسي العربي على هذا الأمر,لأنَّه لم يتم حتى الآن تجاوزالحدود النفسية والسياسية .
لقد دفن شمعون بيرس وقادة اسرائيل أحلام التوسع الجغرافي وإسرائيل الكبرى الجغرافية ليحل محلها حلم هيمنة اليهود الاقتصادية على الثروات العربية للمحافظة على النقاء العنصري لدولة اليهود بإقامة أكبرغيتويهودي استعماري وعنصري وإرهابي في قلب المنطقة العربية والإسلامية وإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال التطبيع العربي وإتفاقات أبرهام التي تفرضها امريكا على أتباعها العرب ومشروع الشرق الأوسط الجديد والكبير.