شعر التفعيلة:

شعر التفعيلة أصعب من العمودي وهذا ما لم ينتبه له كثير من الشعراء لأنهم يرون في الشعر التفعيلي تسهيلا من قيود العمودي سواء القافية وأيضا هروبا من الحشو الذي يحدث في أبيات العمودي وذلك التسهيل هو ما يغري بكتابة التفعيلة ربّما ولو علموا ما في التفعيلة من قيود لما كتبوا شعرهم عليها .

لم ينظر الكثير من الشعراء في المبرر الفني للشعر التفعيلي
بمعنى لماذا الشاعر يكتب قصيدة تفعيلية ولماذا يكتب الشعر العمودي

الشعر التفعيلي يُكتب كي تتحكم بالحشو وتستطيع أن تحذف ما لا تريد قوله في الشعر العمودي وهذا هو مبررها الفني وأيضا كي تنوع القافية أو تتحرر منها كليا

لكن هناك من يكتب الشعر التفعيلي بسطر طويل جدا فيه حشو

فمثلا لو كان الشعر العمودي يعتمد على ست تفعيلات
وكان الشاعر يرى هذا كثيرا وأن الكلام والمعنى تمّ قبل الوصول للقافية وأنه لا حاجة للقافية في الأصل .
فإن ميزة الشعر التفعيلي هو أن لا تضطر للحشو ولا ا لهذا العبث
بحيث تكتب السطر التفعيلي بثلاث تفعيلات وتكتفي
وتختار الوقف بالقوافي المختلفة حينما ينتهي تدفق المعنى

لكن أن يكتب شاعر سطرا تفعيليا أطول من السطر العمودي بست تفعيلات
كأن يكون بالسطر الشعري مثلا 8 تفعيلات أويمتد لأسطر أخرى دون الوقف بقافية ( وأحيانا ينقطع نفس القارئ ويبين اضطرار الشاعر للحشو والملء ) فهذا أعتبره عدم قدرة وانفلات لأن المبرر الفني للتفعيلي هو أن تجعل السطر الشعري أقصر في حال اتمام المعنى أما ان تزيد فذلك ادعاء ركيك وربما يكون جهلا من الشاعر أن البيت العمودي أضيق بالنسبة له ( كأنه أتمّ الكتابة بالبيت العمودي ويحتاج مساحة إضافية !! )

فكثير من النماذج التي نراها في الشعر العمودي فيها الحشو إلا من رحم الله

فكيف يخرج الشاعر من العمودي للتفعيلي بنفس الأخطاء و الإطالة والحشو ؟

وإن كان المعنى ينتهي بثلاث تفعيلات أليس الأولى أن يجعل الشاعر قصيدته من المجزوء ؟

وإن كان يشتكي من القافية ألا يمكن أن يكتب من المجزوء وينوع القوافي كما الموشحات ؟؟

الخلاصة :
شعر التفعيلي له مبررات فنية مختلفة عن العمودي لكن البعض يرى أن المبرر الفني هو الحداثة ( نظرية شكلية تنميطية سهلة ) وكأن تحديث الشعر تطلّبَ تغييرا في الشكل فقط !!
وهذا خطأ لأن هذا التبرير ناتج من عقلية لديها تصورات شكلية تهتم فقط بتصنيف الأنماط والأشكال دون النظر لعمقها ومبررها وسبب وجودها .

الشعر التفعيلي مبرره الفني حسب ما أرى هو الابتعاد عن الأخطاء التي تصير بالعمودي من حشو أو وضع قافية متكلفة والتنويع الموسيقي فكل سطر يعتبر بيتا من بحر مرة يكون مجزوء ومرة يكون تاما ومرة يكون مشطورا ومرة منهوكا ومرة يكون تفعيلة واحدة !!

وإذا لم يستطع شاعر التفعيلة إتقان هذا العمل فليس له مبرر حقيقي وأن يكتب المجزوء أو الموشحات أشرف له.

ملاحظة : ربما هناك نماذج جيدة لشعراء يكتبون تفعيلة لم أصل إليها
وشخصيا لا أدعي كتابتها باتقان عالِ لكن ما أراه غير مبرر وربّما شخصيا أكون وقعت في خلل مماثل لما كتبت قصائد تفعيلة على قلة ما أكتب.

ربّما أكون محقا برأيي وربما أكون مخطئا !

الله أعلم