"في العيادة النفسية"
#DrHassanalmaleh
ما هو التشخيص اكتئاب، أم اضطراب المزاج ثنائي القطب؟
عندما يتم تشخيص مريض معين على أن لديه حالة اكتئابية (Depression) ويبدأ علاجه بدواء مضاد للاكتئاب (Antidepressant) ويتحسن بسرعة كبيرة وبشكل واضح خلال أيام أو خلال أسابيع قليلة.. فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن الطبيب المعالج "شاطر كتير" أو أن الدواء الموصوف فعال وناجح.
بل ربما يعني أن المريض يعاني من اضطراب المزاج ثنائي القطب (كان يسمى سابقاً الهوس الاكتئابي) (Bipolar mood disorder)، وأن مضاد الاكتئاب سيؤدي إلى زوال أعراض الاكتئاب وربما إلى ارتفاع في المزاج، وإلى نوبة من الهوس أو تحت الهوس.
ومن الضروري في هذه الحالات التي تتحسن بسرعة البحث عن أعراض ارتفاع المزاج حالياً وفي قصة المريض وتاريخه. مثل نوبات سابقة من الفرح الزائد ونقص النوم وزيادة الكلام والجرأة الزائدة وزيادة الثقة في النفس وأفكار العظمة، وزيادة النشاط الجسدي والعقلي والاجتماعي، والسلوكيات الطائشة والاندفاعية مثل تبذير النقود والمغامرات العاطفية والجنسية والمهنية واستعمال المواد الادمانية، وعدم الاستقرار في الدراسة أو العمل، وغير ذلك.
ومن الضروري أيضاً البحث عن هذه الأعراض في أسرة المريض وأقاربه.
وعندما يجد الطبيب المعالج مثل هذه الأعراض عليه أن يعيد النظر في تشخيص الاكتئاب لدى المريض، لأن التشخيص الصحيح عندها هو اضطراب المزاج ثنائي القطب من النوع الأول أو الثاني او غيره، لأن اضطراب المزاج ثنائي القطب يمكن ان يتظاهر بأعراض اكتئابية واضحة وهو يترافق مع أعراض ارتفاع المزاج في تاريخ المريض أو بعد تناوله مضادات الاكتئاب.
وفي هذه الحالات يستدعي ذلك تعديل العلاج الذي يتناوله المريض وأن يوصف له دواء من فئة مثبتات أو منظمات المزاج (Mood stabilizers)، مثل ليثيوم وبعض مضادات الصرع مثل فالبرويت وكاربامازيبام ولاموتريجين.
وتدل الممارسة العملية والدراسات الحديثة أن كثيراً من الأطباء لا ينتبهون إلى هذا الموضوع، أو لا يملكون الوقت الكافي أثناء مقابلة المريض للبحث عن الإعراض، أو أن معلوماتهم ناقصة وغير دقيقة.
وببساطة فإن اضطراب المزاج ثنائي القطب بأنواعه ودرجاته المختلفة ربما يصعب تشخيصها من المرة الأولى إذا ظهرت بشكل أعراض اكتئابية، ما لم يتم التدقيق في الأعراض الحالية وسيرها، والتدقيق في السيرة المرضية للمريض وسيرته الأسرية المرضية.
واضطراب المزاج ثنائي القطب واسع الانتشار ونسبته حوالي 3-5% من الناس. وطبعاً الاكتئاب الأساسي نسبته أكبر وهي حوالي 10-15% من الناس.
وأخيراً.. من المؤكد أن الطبيب يفرح عندما يتحسن الاكتئاب عند مريضه وهو يشعر أنه قدم له ما هو مفيد. ولكن عليه أن ينتبه إلى احتمال وجود اضطراب ثنائي القطب في حالات التحسن السريع.
وأيضاً لا بد من التأكيد على أهمية الفحص النفسي والحصول على المعلومات المناسبة عن حالة مريضه دون عجلة واستعجال ويفيد في ذلك سؤال أقرباء المريض وأصدقائه.
وهناك تفاصيل أخرى مفيدة حول الموضوع يمكن الرجوع إليها في المراجع الحديثة.
دمشق 1/5/2021
مدونة حياتنا النفسية https://hayatnafs1.blogspot.com/