كان المأمون العباسي قبل تقلده الخلافة يجلس للنظر،
فدخل يهودي حسن الوجه، طيب الرائحة، حسن الثوب ، فتكلم فأحسن الكلام، فلما تقوض المجلس دعاه المأمون
فقال له: يهودي؟
قال: نعم.
قال: أسلم حتى أفعل لك وأصنع.
فقال: ديني ودين آبائي فلا تكشفني.
فتركه... فلما كان بعد سنة جاء وهو مسلم ، فتكلم في الفقه ، فأحسن الكلام، فلما تقوض المجلس دعاه المأمون
فقال : ألست صاحبنا؟!
قال: نعم.
قال: أي شيء دعاك إلى الإسلام، وقد كنت عرضته عليك فأبيت.
قال: إِني أحسن الخط، فمضيت فكتبت ثلاث نسخ من التوراة ، فزدت فيها ونقصت وأدخلتها البيعة، فبعتها، فاشتُريت.
قال: وكتبت ثلاث نسخ من الإنجيل، فزدت فيها ونقصت فأدخلتها إلى الكنيسة فاشتريت مني.
قال: وعمدت إلى القرآن فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها إلى الوراقين، فكلما تصفحوها فرأوا الزيادة والنقصان ورموا بها، فعلمت أن هذا الكتاب محفوظ، فكان سبب إسلامي.

من المنتظم فى تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي 3/220