منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1

    القدس مركز الهجمة والأقصى قلبها (2-2)

    القدس مركز الهجمة والأقصى قلبها (2-2)
    البعد الإسلامي الأصيل في الصراع كانت ضرورة تغييبه أمراً مشتركاً داخلياً وخارجياً، لذلك سعت جميع الأطراف الرسمية داخل الوطن وخارجه لإضعاف دوره في المواجهة وتغييبه عن ساحة العمل السياسي والمقاوم. وقد كان أعداءنا مطمئنين جداً إلى سلامة سير اتجاه الصراع لصالحهم، طوال العقود السابقة على بداية عودة الإسلام السياسي والمقاوم لأخذ دوره المفترض له في هذا الصراع. وذلك ما فاخرت به صحيفة (يديعوت أحرونوت الصهيونية) ودعت في مقال نشرته بتارخ 11/3/1978، وسائل الإعلام اليهودية إلى عدم غفلتها عن هذا الخطر، وسعيها لتغييبه دائماً، جاء فيه: "إن على وسائل إعلامنا ألا تنسى حقيقة هامة هي جزء من إستراتيجية (إسرائيل) في حربها مع العرب، هذه الحقيقة: هي أننا قد نجحنا بجهودنا وجهود أصدقائنا في إبعاد الإسلام عن معركتنا مع العرب طوال ثلاثين عاماً، ويجب أن يبقى الإسلام بعيداً عن المعركة إلى الأبد، ولهذا يجب ألا نغفل لحظة واحدة عن تنفيذ خطتنا تلك في استمرار منع استيقاظ الروح الدينية بأي شكل وبأي أسلوب، ولو اقتضى الأمر الاستعانة بأصدقائنا لاستعمال العنف لإخماد أي بادرة ليقظة الروح الإسلامية في المنطقة المحيطة بنا"[1]. ذلك الإدراك المبكر من السلطان عبد الحميد الثاني للبُعد الإسلامي في الصراع الذي تحدثنا عنه في المقالات السابقة؛ كان يشاركه فيه كثير من العلماء والمفكرين والزعماء والقيادات العربية والإسلامية، وكذلك الجماهير بفطرتها، على بساطتها وتواضع تعليمها وثقافتها. ومن الشواهد الكثيرة التي تؤكد الحضور الإسلامي للقضية جماهيرياً وشعبياً، والإدراك لأبعاد الهجمة: أن جميع الثورات والهبات والانتفاضات الفلسطينية منذ بداية الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1917، إلى أن ضاعت فلسطين عام 1948 كانت دوافعها ومنطلقاتها الرئيسة إسلامية، وكان محركها الحمية الدينية الإسلامية، بدء من ثورة موسم النبي موسى عام 1920، مروراً بثورة أيار/مايو1921 ضد الأفكار الشيوعية ودعوتها الإلحادية والإباحية، إلى ثورة عام 1929 التي جاءت رداً على محاولة اليهود إيجاد موطئ قدم لهم في السور الغربي للمسجد الأقصى، حيث انتفضت فيها فلسطين انتفاضة اضطرت الاحتلال البريطاني أن يرسل لجنة تحقيق في أسبابها، لامتصاص نقمة الجماهير الفلسطينية التي ثارت حماية لأقصى الأمة، وغيرة عليه، كما الحال اليوم! أما ثورة فلسطين الكبرى عام 1936 التي أعد لها الشيخ الشهيد عز الدين القسام، وقادها في الغالب الأعم الرجال الذين أعدهم، فقد كانت إسلامية خالصة، ولم يجهضها أو يضعفها إلا الصراعات التي كانت لا تنطفئ نارها بين الاتجاهات الفلسطينية والعربية الرسمية. تلك الثورة ومحاوله طمس هويتها وتشويه حقيقتها الدينية الإسلامية تعتبر مثال على الدور الذي لعبته الاتجاهات الفكرية العربية في تغييب البعد الإسلامي في القضية والصراع، من خلال تسابق البعض على نسبة القسام وحركته وثورته كل إلى توجهه الفكري، فهناك من اعتبره ماركسياً تقدمياً، وأن ثورته كانت ثورة على غرار الثورات البلشفية في روسيا عام 1917، وأنه اعتمد على العمال والفلاحين ضد البرجوازية والإقطاع الذي كان يسود فلسطين؟! وآخر اعتبر القسام وحركته وثورته حركة قومية، وأن القسام كان قومياً عروبياً! ذلك في الوقت الذي كان فيه تاريخ القسام، الشيخ الأزهري، وتكوينه الفكري، وإعداده التربوي، وتوجهاته الثورية الجهادية، وتاريخه الجهادي في سوريا وغيرها من مكونات شخصيته، وأسلوبه في الإعداد لثورته، وممارسته في شؤون حياته الاجتماعية اليومية العامة والخاصة، تنبئ بحقيقة انتمائه، ولم يكن بدعاً بين العلماء في تاريخنا الحديث، الذي يشهد أنهم هم الذين كانوا قادة ورواد الثورات وحركات الجهاد للتحرر من الاحتلالات الغربية الصليبية، على طول مساحة الوطن وعرضه. فإن كان هذا ما حدث مع الشيخ الأزهري المعمم رغم الوضوح الديني والإسلامي الذي كان عنوانه الشخصي، وكان سمة وطابع ثورته وحركته، فما بالنا بتاريخنا كله الذي لم يكن بهذا الوضوح؟!
    الأقصى كلمة سر وحدة الأمة!
    كان من أهم نتائج ثورة البراق عام 1929 انعقاد المؤتمر الإسلامي العام الذي في القدس في كانون الأول/ديسمبر 1931 كأول إجماع إسلامي عام، وقد كان دليلاً على مركزية القضية دينياً وعقائدياً، وأول من أعطى القضية أولوية على قضايا محلية في أي قطر إسلامي آخر. فقد جاءت الدعوة للمؤتمر عقب صدور تقرير لجنة شو البريطانية التي حققت في أسباب ثورة البراق، تلك الثورة التي شكلت أحداثها بداية اشتداد الصراع الإسلامي - الصهيوني على القدس والمسجد الأقصى، وقد أظهرت مدى ضعف الموقف العربي الرسمي، فكان المؤتمر تأكيداً على إسلامية القضية منذ مراحلها الأولى، وعلى مدى إدراك المسلمين لأبعاد المشروع الغربي - الصهيوني ومخاطره على الأمة والوطن. فقد "كانت ثورة البراق عام 1929 وما انبنى من اهتمام العالم الإسلامي الكبير بفلسطين وبروز التضامن الإسلامي من مختلف بلاد المسلمين قد أوجد مناخاً ملائماً لعقد المؤتمر الإسلامي العام"[2]. وقد انعقد المؤتمر رسميا ليلة 27 رجب 1350هـ. من 7-17 كانون الأول/ديسمبر 1931، وقد حضره عدد كبير من العلماء من جميع أنحاء الوطن الإسلامي، ألقى عدد كبير منهم كلمات في المؤتمر، جميعها أكدت على إسلامية القضية، ومركزيتها للأمة، منها كلمة الشيخ أمين الحسيني التي جاء فيها: أن أكثر الأقطار الإسلامية قد فقدت عزها وسلطانها وأصيبت بمحن وكوارث عديدة أثقلت كاهلها ولكن فلسطين هذه البلاد المقدسة التي قامت بالدعوة إلى هذا المؤتمر أصيبت زيادة على ذلك كله بمصيبة كبيرة تهدد كيانها بإنشاء وطن قومي صهيوني في هذه البلاد العربية الإسلامية المقدسة. من أجل ذلك، ولما كانت هذه البلاد تهم المسلمين جميعاً لما لها من الموقع الديني والجغرافي العظيم ... فقد رأينا عملاً بقوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم) وبقوله عليه الصلاة والسلام (المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً) أن ندعو إلى هذا المؤتمر العظيم من كافة الأقطار الإسلامية للبحث في هذا الأمر الجلل وفي الشؤون الإسلامية التي تهم المسلمين جميعا[3]. وقد اتخذت قرارات ذات أهمية فيما يخص قضايا الأمة، وقرارات خاصة فيما يتعلق بالوضع الإسلامي لفلسطين كقضية إسلامية تهم جميع المسلمين.
    محاولات الغرب والصهاينة تغييب البُعد الإسلامي
    هذا الاهتمام والتضامن الإسلامي بهذا الكم والكيفية لا يحدث إلا مع فلسطين والقدس والأقصى، لما لها جميعا من مكانة عظيمة في نفوس المسلمين، وما يستشعرونه من واجب ديني عليهم للدفاع عنها، وهو نفسه الذي يخيف ويرعب أعداءنا، ويدفعهم للتحرك لممارسة الضغوط على المعنيين من أجل عدم اتخاذ قرارات أو توصيات تؤثر على خططهم، وفي حال الرفض، العمل على إفشاله وعدم عقده، أو العمل على إجهاض أي نتائج له، وكذلك محاولة تشويه مثل هذه المؤتمرات والجهود، وذلك ما حدث فعلاً مع هذا التحرك الإسلامي الكبير، سواء على الصعيد الفلسطيني أو العربي أو الإسلامي. فقد أشاع الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية آنذاك أن المؤتمر سوف يبحث في مسألة الخلافة، واختيار خليفة جديد، وقد كتب الحاج أمين الحسيني حول ذلك في رسالة إلى شوكت علي في لندن، جاء فيها حول اتهام المفتي والثعالبي وشوكت علي بأن غايتهم: "أن يؤتَ بالخليفة عبد المجيد وينصب خليفة على المسلمين في القدس الشريف. وقد قصدوا من نشر هذا الأراجيف أن يضطرب الرأي العام الإسلامي في جميع الأقطار". وأشاعت الصهيونية أيضاً أن المؤتمر سوف يطالب بمخصصات الحرمين، وإنشاء جامعة إسلامية في القدس، ولما وصلت هذه الشائعات إلى القاهرة ثار طلاب الأزهر الشريف ومشوا في مظاهرة عدائية ضد المؤتمر، وكان اعتقادهم بأن إنشاء جامعة في القدس سوف يشكل خطراً كبيراً على الأزهر، والواقع أن ثورة طلاب الأزهر نفسها كانت سياسية ولم تكن دينية، فقد غضب الملك أحمد فؤاد لدى سماعه بموضوع الخلافة وهو الذي كان يُعد نفسه ليصبح خليفة المسلمين، فأثار بواسطة رئيس وزراءه إسماعيل صدقي حملة واسعة ضد المؤتمر في الصحافة الأزهرية. مما اضطر الحاج أمين الحسيني السفر فجأة إلى القاهرة، وقد بذل جهدا في إقناع رئيس الوزراء بأن الأبحاث في المؤتمر ستكون بعيدة كل البعد عن أن تمس الشؤون المصرية البحتة من سياسية وقومية، أو أن تتعرض للأزهر الشريف، كما أوضح أن الجامعة في القدس يقصد منها خدمة مسلمي فلسطين، ثم نفى الإشاعات حول البحث في الخلافة. أما الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر فقد وافق في النهاية بعد شرط مكتوب بعدم بحث موضوع الخلافة في المؤتمر. أما في الداخل، فقد حرك الاحتلال البريطاني خصوم الحاج أمين الحسيني لمقاومته، فأشاع هؤلاء بأن الحكومة البريطانية أخذت عهداً على إلحاح أمين ألا يبحث في المؤتمر السياسة البريطانية وألا يجري التعرض لصك (الانتداب)، واتخذوا من جريدتي "مرآة الشرق" و"الصراط المستقيم" ميداناً لهم، ثم قاموا بعقد مؤتمر معاكس في فندق الملك داود أثناء انعقاد المؤتمر الإسلامي العام وأسموه "مؤتمر الأمة الإسلامية الفلسطينية"، وكان على رأس هذا المؤتمر كبار المعارضين من راغب النشاشيبي وفخري النشاشيبي وعمر الصالح البرغوثي والشيخ أسعد الشقيري، وأما أبرز مقرراتهم فقد كانت مقاومة المجلس الإسلامي الأعلى ومقاومة رئيسه وباعتراف الشباب الوطنيين الذين لم يكونوا منتمين إلى أي من الفئتين السياسيتين، أن انعقاد المؤتمر المشاغب أثناء انعقاد المؤتمر العام كان فضيحة أثارت نفور الشعب واشمئزازه[4]. ذلك الذي حدث في وقت مبكر من نشأة القضية المركزية لم ينفك يلازمها حتى اليوم، يمكن لأي باحث أن يرصد عشرات الأحداث من هذا النوع حدثت في مراحل عصيبة من المراحل التي مرت بها قضية الأمة، وكلها تهدف لامتصاص التفاعل والتضامن الجماهيري والشعبي من المحيط إلى المحيط، الذي لو كان هناك معارضة حقيقية في وطننا، وأحسنت استغلاله واستثماره، لأطاحت بكثير من العروش وما انتظرت أمريكا أن تقوم لصالحها بذلك، ولأوقفت مهزلة الهرولة العربية والإسلامية للتطبيع مع كيان العدو الصهيوني، والتآمر على مقاومة وتضحيات الجماهير الفلسطينية. كما قامت الأنظمة بتجفيف منابع الدعم المالي الشعبي لصمود ومقاومة الجماهير الفلسطينية، بحجة توحيد قنوات توصيل هذا الدعم وحصرها في الاتجاه الرسمي! وذلك ما يحاك في الخفاء والعلن لإجهاض الثورة المشتعلة في فلسطين، في كل فلسطين، فلتحذر الفصائل المقاومة ذلك ...

    [1] عبد العزيز بن مصطفى كامل، قبل الكارثة نذير .. ونفير، كتاب المنتدى، سلسلة تصدر عن المنتدى الإسلامي، دار القدس صنعاء، ص50.
    [2] محسن محمد صالح، مرجع سابق، ص206.
    [3] بيان نويهض الحوت، القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917-1948، سلسلة مؤسسة الدراسات الفلسطينية، رقم57، بيروت، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1981، ص24-25. نقلا عن: المرجع نفسه، ص245.
    [4] بيان نوهض، المرجع سابق، ص 244، 245.

  2. #2
    اشكر مدوما في القضايا المفصلية يكثر المجتهدون، موقغ فرسان الثقافة لانه ينشد الحقيقة فقط رغم أنه كما قال أحدهم:
    ‏لا تقع ضحية المثالية المفرطة و تعتقد بأن قول الحقيقة سوف يقربك من الناس ، الناس تحب و تكافئ من يستطيع تخديرها بالاوهام.

    منذ القدم و البشر لا تعاقب إلا من يقول الحقيقة ، إذا أردت البقاء مع الناس شاركها أوهامها ، الحقيقة يقولها من يرغبون في الرحيل...

  3. #3

  4. #4
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود المختار الشنقيطي مشاهدة المشاركة
    اشكر مدوما في القضايا المفصلية يكثر المجتهدون، موقغ فرسان الثقافة لانه ينشد الحقيقة فقط رغم أنه كما قال أحدهم:
    ‏لا تقع ضحية المثالية المفرطة و تعتقد بأن قول الحقيقة سوف يقربك من الناس ، الناس تحب و تكافئ من يستطيع تخديرها بالاوهام.

    منذ القدم و البشر لا تعاقب إلا من يقول الحقيقة ، إذا أردت البقاء مع الناس شاركها أوهامها ، الحقيقة يقولها من يرغبون في الرحيل...
    أوجزت وأحسنت ثمن قول الحقيقة كما تفضلت ..
    لدي كتابات منذ ثمانينات القرن الماضي في كل المجالات وخاصة القراءة الإسلامية للصراع بكل أشكاله، وتصويب القراءة التاريخية لتاريخ وطننا، وقبل أن يكتب مَن أصبح لهم مؤلفات، ولم أجد من يجروء على نشرها حتى المدعين أنهم إسلاميين ويريدوا تحرير فلسطين، ولسنت آسف على ذلك، ونشرت جزء منها في أبحث في بعض المجلات، وفي شكل مقالات على الشبكة العنكبوتية
    نسأل الله أن يثبتنا على قول إلى الحق والحقيقة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •