منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 6 من 6
  1. #1

    القصائد الطوال..

    هذه طُولَيات قصائد شعرائنا الثلاثة:



    قصيدة أوس بن حجر ستون بيتًا طويليًّا وافيًا مقبوضَ العروض والضرب فائيَّ القافية المضمومة المؤسسة الموصولة بالواو، أراد بها الحكمة، واستهلَّها بقوله:



    تَنَكَّرَ بَعْدِي مِنْ أُمَيْمَةَ صَائِفُ فَبِرْكٌ فَأَعْلَى تَوْلَبٍ فَالْمَخَالِفُ



    الذي وقف به وبما بعده على الأطلال، إلى أن انتقل بالبيت السادس إلى الغزل، قائلا:



    وَقَدْ سَأَلَتْ عَنِّي الْوُشَاةُ فَخُبِّرَتْ وَقَدْ نُشِرَتْ مِنْهَا لَدَيَّ صَحَائِفُ



    ثم بالبيت العاشر إلى الرحلة والركوبة، قائلا:



    وَأَدْمَاءَ مِثْلِ الْفَحْلِ يَوْمًا عَرَضْتُهَا لِرَحْلِي وَفِيهَا جُرْأَةٌ وَتَقَاذُفُ



    ثم بالبيت السابع والعشرين إلى حمار الوحش والطرَد، قائلا:



    كَأَنِّي كَسَوْتُ الرَّحْلَ أَحْقَبَ قَارِبًا لَهُ بِجُنُوبِ الشَّيِّطَيْنِ مَسَاوِفُ



    ثم بالبيت الثامن والخمسين إلى الحكمة، قائلا:



    وَلَوْ كُنْتُ فِي رَيْمَانَ تَحْرُسُ بَابَهُ أَرَاجِيلُ أُحْبُوشٍ وَأَغْضَفُ آلَفُ



    ثم قصيدة البهاء زهير واحدٌ وسبعون بيتًا طويليًّا وافيًا مقبوضَ العروض والضرب حائيَّ القافية المضمومة المجردة الموصولة بالواو، أراد بها المديح، واستهلَّها بقوله:



    لَكُمْ مِنِّيَ الْوُدُّ الَّذِي لَيْسَ يَبْرَحُ وَلِي فِيكُمُ الشَّوْقُ الشَّدِيدُ الْمُبَرِّحُ



    الذي تغزل به وبما بعده، إلى أن انتقل بالبيت الخامس والعشرين إلى المديح، قائلا:



    وَإِنَّ مَدِيحَ النَّاصِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ لَيَصْبُو إِلَيْهِ كُلُّ قَلْبٍ وَيَجْنَحُ



    ثم بالبيت السابع والستين إلى الفخر، قائلا:



    لَعَمْرُكَ كُلُّ النَّاسِ لَا شَكَّ نَاطِقٌ وَلَكِنَّ ذَا يَلْغُو وَهَذَا يُسَبِّحُ



    ثمَّت قصيدة علي محمود طه "امرأة وشيطان" ستةٌ وثمانون بيتًا رمليًّا وافيًا محذوف العروض صحيح الضرب هائيَّ القافية المفتوحة المردفة بالألف الموصولة بالألف، أراد بها الحكمة، واستهلَّها بقوله:



    أَقْسَمَتْ لَا يَعْصِ جَبَّارٌ هَوَاهَا أَبَدَ الدَّهْرِ وَإِنْ كَانَ إِلَهَا

    لَا وَلَا أَفْلَتَ مِنْهَا فَاتِنٌ قَرَّبَتْهُ وَاحْتَوَتْهُ قَبْضَتَاهَا

    قِيلَ عَنْهَا إِنَّهَا سَاحِرَةٌ تَتَحَدَّى سَطْوَةَ الْجِنِّ سُطَاهَا

    وَعَجُوزٌ بِالصِّبَا مَوْعُودَةٌ وَبِعُمْرِ الدَّهْرِ مَوْعُودٌ صِبَاهَا

    حَذِقَتْ عِلْمَ الْأَوَالِي وَوَعَتْ قِصَصَ الْحُبِّ وَمَأْثُورَ لُغَاهَا

    قِيلَ لَا يُذْهِبُ عَنْهَا كَيْدَها غَيْرُ شَيْطَانٍ وَلَا يَمْحُو رُقَاهَا

    وَرَوَوْا عَنْهَا أَحَادِيثَ هَوًى آثِمٍ يُغْرِبُ فِيهَا مَنْ رَوَاهَا

    وَأَسَاطِيرَ لَيَالٍ صُبِغَتْ بِدِمَاءٍ سَفَكَتْهُنَّ يَدَاهَا

    يَذْكُرُ الرُّكْبَانُ عَنْهَا أَنَّهَا سَرَقَتْ مِنْ كُلِّ حَسْنَاءَ فَتَاهَا



    الذي وقف به على أول أحداث قصة خُرافية فضح بها حقيقة الدنيا، لولا كثيرة أحشائها ما اكتفيتُ بمتنها!



    أعجب ما يبدو لي أولا، أن القصائد الثلاث كلها لم تتخرج بأنماط الشعراء العروضية الثلاثة المكررة، بل انفردت كل منها في ديوانها بنمطها مثلما انفردت بطولها، وهو دليل أن الشعراء الكبار لا تُعجزهم عن أن يُطيلوا قصائدهم الأنماطُ العروضية، لا وزنًا ولا قافيةً!



    ثم أعجب ما يبدو لي ثانيا، أن قصيدة البهاء زهير المعروف بقُصرى القصائد، أطول من قصيدة أوس بن حجر المعروف بقِصار القصائد، وهو دليل أن البهاء إنما قصد قصدا لا عفوا، إلى ملاءمة الغناء ومجالس السمر التي يَحسُن فيها التنقل ويُملّ التطوُّل.



    ثمَّتَ أعجب ما يبدو لي ثالثا، أن يتدفق إلى ذلك المدى تيارُ الأحداث القصصية الكثيرة المتتابعة المتداخلة، بقصيدة علي محمود طه العمودية، سلسلا صفوا عذبا فراتا، يشهد على صدق من اتخذوه أستاذهم من شعراء خمسينيات القرن الميلادي العشرين، الطامحين إلى إثارة القصيدة العربية إلى ما لم تبلغه من قبل، وهو الذي لم يكن في أوّليته يقيم العربية دون مأخذ أو مغمز!

  2. #2
    حركة أطوال القصائد العمودية

    لولا اتهام كفاية معيار الأبيات اليسير في تقدير طول القصيدة قياسا إلى معيار الأصوات العسير، لقسمت من فوري أبياتَ أوس بن حجر الثمانية والثلاثين والخمسمئة على قصائده الأربع والخمسين -فخرج لي ٩,٩٦- وأبياتَ البهاء زهير الاثنين والثمانمئة وثلاثة الآلاف على قصائده الثماني والخمسين والأربعمئة -فخرج لي ٨,٣٠- وأبياتَ علي محمود طه الاثنين والثمانين وثلاثة الآلاف على قصائده الثلاث والتسعين -فخرج لي ٣٣,١٣- وحكمت بهذه المتوسطات، لقصيدة عليٍّ علَى قصيدتي أوسٍ فالبهاءِ! ولكنني كفكفتُ من ضجري قليلا، واحتلتُ لتطويع المعيار الكامل العسير للمعيار الناقص اليسير، بحصر إحصاء أطوال قصائد كل منهم، في طائفة من أنماطها يجمعها البحرُ والطولُ والتكرارُ؛ فإنه أَوْعَبُ للأصوات، وإن أفلت منه أحيانا ما لا أثر له!



    لأوس بن حجر خمسة وثلاثمئة بيت طويليٍّ وافٍ، بأربعين وخمسمئة وثمانية آلاف مقطعٍ صوتيٍّ، في ثمان وعشرين قصيدة -متوسط مقاطع القصيدة الواحدة منها ٣٠٥- وللبهاء زهير أربعة وعشرون وخمسمئة بيت كامليٍّ مجزوءٍ، بثمانين وأربعمئة وعشرة آلاف مقطعٍ صوتيٍّ، في سبع وستين قصيدة -متوسط مقاطع القصيدة الواحدة منها ١٥٦,٤١- ولعلي محمود طه سبعة وتسعون وسبعمئة بيت كامليٍّ غيرِ مجزوءٍ (تامٍّ أو وافٍ)، بعشرة وتسعمئة وثلاثة وعشرين ألف مقطعٍ صوتيٍّ، في اثنتين وعشرين قصيدة، متوسط مقاطع القصيدة الواحدة منها ١٠٨٦,٨١!



    إذا راعينا حد الخمسين وأربعمئة المقطع الصوتي، الذي جعلناه أعدل ما يحد متوسط طول القصيدة العربية العمودية على وجه العموم، وأن القصيدة إذا كانت فيه كانت متوسطة، وإذا تجاوزته كانت طويلة، وإذا تخلفت عنه كانت قصيرة، مع ما يجوز أن يُدَرَّج في أثناء ذلك من درجات- حكمنا بأن القصيدة كانت قصيرة في ديوان أوس بن حجر، ثم أضحت قُصْرى في ديوان البهاء زهير، لِتُمسي طُولى في ديوان علي محمود طه، وتطلعنا إلى استنباط ما في ذلك كله من دلالة على حركة أطوال القصيدة العربية العمودية!

  3. #3
    الأنماط العروضية
    متوسط قصائد النمط الواحد في ديوان أوس بن حجر، ظ،.ظ*ظ£، وفي ديوان البهاء زهير ظ،.ظ،ظ¥، وفي ديوان علي محمود طه ظ،.ظ*ظ©، أي إن أقدمهم أكثرهم تنويعا عروضيا، وأوسطهم أقلهم، وأحدثهم أوسطهم! ربما ظن الباحث أن حركة التنويع متدرجة الصعود -"وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا"؛ صدق الله العظيم!- فوقف بما سبق على مظهر آخر من مظاهر جرأة الشاعر الجاهلي العروضية المعروفة، جرأة المالك لا المستعير!



    ولكن هذا الباحث نفسه معذور في عجبه للبهاء، كيف يتمسك بالنمط العروضي الواحد هذا التمسك الذي أربى فيه وهو المتوسط، على الأحدث! حتى إذا ما جاس خلال ديوانه وقف على لهَجه بما ينتشر في الناس من قصائده؛ فهو يعود إلى نمطها مرارا لينظم منه ما يطمع في انتشاره كانتشارها، وما أكثر ما دعاه إلى ذلك بعض إخوانه فأجابه سخيًّا حفيًّا!



    إن لأوس بن حجر قصيدتين من هذا النمط العروضي:

    - طويلية وافية مقبوضة العروض والضرب، رائية مضمومة مجردة موصولة بالواو.

    وإن للبهاء زهير ست قصائد من هذا النمط العروضي:

    - كاملية مجزوءة صحيحة العروض والضرب، يائية مفتوحة مؤسسة موصولة بالهاء الساكنة.

    وإن لعلي محمود طه ثلاث قصائد من هذا النمط العروضي:

    - كاملية وافية صحيحة العروض مقطوعة الضرب، ميمية مكسورة مردفة بالألف موصولة بالياء.



    ولا يخفى ما بهذا النمط الذي أكثر منه البهاء من مل

  4. #4
    خلَصَتْ لي من ديوان أوس بن حجر أربع وخمسون قصيدة، في اثنين وخمسين نمطا عروضيا، بثمانية وثلاثين وخمسمئة بيت، في ستة وعشرين غرضا (ثلاثة عشر متنا، وثلاثة عشر حشوا). وخلصت لي من ديوان البهاء زهير ثمان وخمسون وأربعمئة قصيدة، في سبعة وتسعين وثلاثمئة نمط عروضي، ببيتين وثمانمئة وثلاثة آلاف، في ثلاثة وعشرين غرضا (ثمانية عشر متنا، وخمسة أحشاء). وخلصت لي من ديوان علي محمود طه ثلاث وتسعون قصيدة، في خمسة وثمانين نمطا عروضيا باثنين وثمانين وثلاثة آلاف بيت، في ثمانية وأربعين غرضا (أحد عشر متنا، وسبعة وثلاثين حشوا). وهي معطيات بيانية لا تستغني قبل الاستنباط عن التوضيح.



    إذا كانت غرض القصيدة مصطلحا على رسالتها التي أراد الشاعر إرسالها إلينا، فمتن هذا الغرض فصل من القصيدة يصيب به الشاعر عين هذه الرسالة، وسواه حشو، دون أن يعني الحشو عدم الإفادة؛ فمنه ما عُرف بالإفادة من قديم. وإذا كان عروض القصيدة مصطلحا على وزنها وقافيتها اللذين جرى عليهما كل بيت من أبياتها، فنمطها العروضي بحر بيتها وطوله وصفتا عروضه وضربه وروي قافيته ومجراه وردفها أو تأسيسها أو تجردُّها منهما ووصلها وحركته إذا تحرك أو سكونه.



    بتغيير هذه الخصائص الوزنية والقافوية كلها أو بعضها يستحدث الشاعر لقصيدته نمطًا عروضيًّا خاصًّا، حتى إنه ليستحدثه بلزومه ما لا يلزمه منها، كأن ينظم قصيدتين تنفرد إحداهما وزنًا بلزوم صورة تفعيلة كان غيرُها معها جائزا؛ أو قافيةً بلزوم حرف أو حركة كان غيرُهما معهما جائزا، بمثل هذا اللزوم الذي لا يؤبه به يستحدث الشاعر لقصيدته نمطًا عروضيًّا خاصًّا؛ فكيف بما هو أكثر تغييرا!

  5. #5
    خلَصَتْ لي من ديوان أوس بن حجر أربع وخمسون قصيدة، في اثنين وخمسين نمطا عروضيا، بثمانية وثلاثين وخمسمئة بيت، في ستة وعشرين غرضا (ثلاثة عشر متنا، وثلاثة عشر حشوا). وخلصت لي من ديوان البهاء زهير ثمان وخمسون وأربعمئة قصيدة، في سبعة وتسعين وثلاثمئة نمط عروضي، ببيتين وثمانمئة وثلاثة آلاف، في ثلاثة وعشرين غرضا (ثمانية عشر متنا، وخمسة أحشاء). وخلصت لي من ديوان علي محمود طه ثلاث وتسعون قصيدة، في خمسة وثمانين نمطا عروضيا باثنين وثمانين وثلاثة آلاف بيت، في ثمانية وأربعين غرضا (أحد عشر متنا، وسبعة وثلاثين حشوا). وهي معطيات بيانية لا تستغني قبل الاستنباط عن التوضيح.



    إذا كانت غرض القصيدة مصطلحا على رسالتها التي أراد الشاعر إرسالها إلينا، فمتن هذا الغرض فصل من القصيدة يصيب به الشاعر عين هذه الرسالة، وسواه حشو، دون أن يعني الحشو عدم الإفادة؛ فمنه ما عُرف بالإفادة من قديم. وإذا كان عروض القصيدة مصطلحا على وزنها وقافيتها اللذين جرى عليهما كل بيت من أبياتها، فنمطها العروضي بحر بيتها وطوله وصفتا عروضه وضربه وروي قافيته ومجراه وردفها أو تأسيسها أو تجردُّها منهما ووصلها وحركته إذا تحرك أو سكونه.



    بتغيير هذه الخصائص الوزنية والقافوية كلها أو بعضها يستحدث الشاعر لقصيدته نمطًا عروضيًّا خاصًّا، حتى إنه ليستحدثه بلزومه ما لا يلزمه منها، كأن ينظم قصيدتين تنفرد إحداهما وزنًا بلزوم صورة تفعيلة كان غيرُها معها جائزا؛ أو قافيةً بلزوم حرف أو حركة كان غيرُهما معهما جائزا، بمثل هذا اللزوم الذي لا يؤبه به يستحدث الشاعر لقصيدته نمطًا عروضيًّا خاصًّا؛ فكيف بما هو أكثر تغييرا!
    أوس بن حجر والبهاء زهير وعلي محمود طه مَعًا







    لا غني بي في التحقق العلمي من دلالة طول القصيدة، عن استقراء تراث الشعر العربي. ومن مبادئ البحث العلمي التي لا ينقضي منها عجب الباحثين، أنه لا علمية للاستقراء التام على رغم الانبهار به -فما هو إلا معلومات تُحفظ وتقال- وأن العلمية إنما هي من شأن الاستقراء الناقص وحده؛ فبه يُقاس المجهول على المعلوم، وتُجنى ثمرة العلم!



    لقد استعرضت تراث الشعر العربي، وتبينت فيه على مر الزمان أنواعا مختلفة، ولما لم أجد منها قديما غير نوع واحد -هو الشعر العمودي الذي ضبطه فيما بعدُ الخليل بن أحمد الفراهيدي (٧٨٦م)- قصرت عليه استقرائي الناقص، واخترت ثلاثة شعراء، اختيارَ حريص على الوِتْريّة الممكنة، وعلى تَطْريف أولهم وآخرهم وتوسيط ثانيهم، وعلى التوارد الجامع بينهم؛ فكلهم شاعر مُفلِق، وكلهم رحّالة أوسع من معاصريه اطلاعا على أحوال البلاد والعباد، وكلهم غير معدود من الطبقة الأولى التي كثر في شعرها من الكلام ما صار حريًّا أن يحول دون إخلاص الحكم عليها من شوائب المنسوب إليها.



    أقدم من اخترت من الثلاثة أوس بن حجر المتوفى عام ٦٢٠م، بديوانه ذي الخمس ومئتي الصفحة، في طبعته الثالثة (١٣٩٩هـ=١٩٧٩م)، ونشرة دار صادر البيروتية بتحقيق الدكتور محمد يوسف نجم. وأوسطهم البهاء زهير المتوفى عام ١٢٥٨م، بديوانه ذي العشرين وثلاثمئة الصفحة، في طبعته الثانية (١٩٨٢م)، ونشرة دار المعارف القاهرية، بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ومحمد طاهر الجبلاوي. وأحدثهم علي محمود طه المتوفى عام ١٩٤٩م، بديوانه ذي الثلاثين وستمئة الصفحة، في طبعته الإلكترونية (٢٦/٨/٢٠١٢)، ونشرة مؤسسة هنداوي القاهرية.



    وربما كان من عجائب التوارد المهملة بين أولئك الشعراء الثلاثة، أنني أخليتُ من عنايتي بديوان أحدثهم قصائدَه غير العمودية، كما أخليتُ من عنايتي بديوان أوسطهم قصائدَه العمودية الدُّوبَيتية -والدُّوبَيت وزن فارسي- وأخليتُ من عنايتي بديوان أقدمهم القصائدَ التي لم تخلُص له وحده نسبتُها!

  6. #6
    معيار طول القصيدة
    لا يتميز طولُ شيء إلا بقِصر شيء آخر، قولا منطقيا طبيعيا واحدا لا ثاني له؛ فمن ثم ينبغي ألا تَتصف قصيدة بطول أو قصر، حتى تُحشر مع غيرها في صعيد واحد، لتكون مثلَها أو أطولَ منها أو أقصرَ. ولكننا وجدنا من النقاد من وصفوا القصيدة دون موازنتها بغيرها، استنادًا إلى تصوراتٍ ثلاثة مكَّنتهم -زَعَموا!- من اصطناع الوزينة الغائبة.

    أول هذه التصورات الثلاثة بنائيٌّ تتصفُ فيه بالطول القصيدةُ التي تعددت موضوعاتها دون التي انفرد بها موضوع واحد. وهذا التصور أقرب إلى أن يكون تنبيها للشاعر قبل نظم قصيدته، منه إلى أن يكون وصفا تصنيفيا؛ إذ لا يمتنع أن تتعدد موضوعات القصيدة القصيرة، ولا أن ينفرد بالقصيدة الطويلة الموضوع الواحد، وهو ما أرجو أن أبينه فيما بعد. وليس ببعيد من هذا التصور عَدُّ بعض الموضوعات أحوجَ إلى تفصيلٍ تتصف معه القصيدةُ بالطول، وبعضها أغنى بإجمالٍ تتصف معه بالقِصر.




    وثاني تلك التصورات تاريخيٌّ تتصفُ فيه بالطول القصيدةُ التي تجاوزَت الحد المُراعى على مر الزمان دون التي وازَتْهُ أو تخلفت عنه. وهذا التصور محدود بثقافة الناقد إحاطة وحضورا -"ومن حفظ حجة على من يحفظ"- وليس أدل عندي هنا من أنني بعدما ألممت عرَضًا في كتابي "ظاهرة النص الشعري القصير"، ببعض القصائد الطوال- تعقبني بعض الشعراء بما رآه أولى بالذكر منها!



    وثالث تلك التصورات عمليٌّ تتصفُ فيه بالطول القصيدةُ التي تستغرق قراءتُها جلَسات متعددة دون التي يُفرغ منها في جلسة واحدة! ولا معيار يُرجى من هذا التصور الخاص؛ فعلى لطافة مجازيَّته تسرع بنا إلى غايتها بعضُ القصائد الطويلة الشفيفة، وتبطئ بعضُ القصائد القصيرة الكثيفة، وتختلف أحوالُ القارئ الواحد أحيانا اختلافَ أحوال القراء المتعددين!



    إنه ليس أدق في المعايرة من الاحتكام إلى علم الإحصاء، وليس أنفس في مقولات علم الإحصاء من مقولة "الإحصاء علم المتوسطات"، وليس أصدق في متوسطات أطوال القصائد من متوسط أعداد أصواتها، وهو غير متيسر الآن، فأما المتيسر من أعمال غيرنا فأعداد القصائد العمودية التي اشتملت عليها الموسوعة الشعرية الإلكترونية وأعداد أبياتها، التي إذا قسمناها عليها كان متوسط أبيات القصيدة

    ..

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •