منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 22
  1. #1

    الأرومة العربية

    الأرومة العربية (1)

    لقد حكم اليونانيون البقعة العربية ألف سنة من (331 ق.م الى 640م). وجاء منهم وخاصة اليونانيون الآلاف المؤلفة واستقروا في بلاد الشام ومصر، ونشروا لغتهم وثقافتهم، وقد جمع بينهم وبين السكان الأصليين دينٌ واحد هو (المسيحية) قرابة أربعة قرون.

    وترجمت الى اليونانية الكتب الدينية المقدسة، وصارت لغة عبادة وطقوس لكثير من النصارى فيهما (مصر والشام)، ومع ذلك فإنهم (اليونانيون والروم) لم يستطيعوا أن يفرضوا عليهما طابعهم وصبغتهم، بل لقد كان جمهرة أهلهما يرونهم غرباء وينقبضون عن معاشرتهم ويعتبرونهم أنجاسا (1) ...

    وكذلك شأن الفرس الذين كانت لهم السيادة على العراق أكثر من ألف عام (538 ق.م ـــ 640 ب.م) وكان لمدنيتهم وثقافتهم انتشارٌ واسع، حتى لقد (مجّسوا) كثيرا من أهل البلاد ولكنهم لم يستطيعوا أن يفرضوا عليها طابعهم وصبغتهم...

    عندما جاءت موجات العروبة الصريحة، بما أطلق عليه (الفتوحات الإسلامية)، تلاقت خصائص تلك الأرومة مع القادمين من العرب وسرعان ما تعاضدت معهم وشاركتهم في معاركهم التالية...

    وفي مثالٍ آخر على متانة (الأرومة) العربية، أن حتى الديانة المسيحية وإن كانت نشأت في البلاد العربية، لكن الرومان الذين كانوا يحتلون شمال إفريقيا لم يستطيعوا إجبار سكان تونس وليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا، على التمسك بها لاقتران ذلك التمسك بالمحتل الرومي الغريب، ولما جاءت موجات العروبة الصريحة، سرعان ما اعتنقوا الإسلام وساهموا في غزو الأندلس (طارق بن زياد) نموذج مبكر... و (يوسف ابن تاشفين) نموذج لاحق...

    يقول جوستاف لوبون (( إذا مر ألف عام، فإن المولود في نهاية ذلك الألف، يكون قد اختلطت دمائه بعشرين ألف دم)) من جهة العمومة والخئولة وأجداده وأخوال أجداده وهكذا...

    من هنا، نستنتج لماذا كانت مهمة العرب في فتوحاتهم للعراق وبلاد الشام وشمال إفريقيا سهلة، فقد انضم مسيحيو العراق من بني تغلب وبني إياد لمعاونتهم على طرد الفرس، رغم الاختلاف في دين السكان الأصليين في العراق وبلاد الشام وشمال إفريقيا، فإن الاستعداد للتلاقح الروحي بين السكان الأصليين والعرب القادمين هو ما سهل مهمة العرب...
    [] [] []

    ما هي الأرومة العربية؟
    ما يمتد من الشجرة في الأرض ويبقى فيها يسمى (الأرومة) (2)وفي حوران يُطلق عليه (قرمية)، ويُقال: فلان طيب الأرومة أي طيب الأصل...

    لقد خلق الله تعالى البشر من أصل واحد، لكن الطبيعة والظروف المناخية، جبلت كل منهم بشكل موحد، وهذا الشكل يطلق عليه (الرس) وهو مأخوذ من الثبات والاستقرار، مرساة الباخرة ما تثبتها والجبال راسيات الخ ... لكن النقاوة في الرس قد تصل 99.99% .

    أما في الأرومة لا يشترط فيها النقاوة، فتنقل القبائل العربية جعلهم ينصهرون نسبا وحضارة في المناطق التي يحلون فيها، فكل العرب هم ورثة الحضارات (اليمنية القديمة، والفرعونية والفينيفية والكنعانية وحضارة اشنونا والحضارة السومرية والبابلية والآشورية وحضارة أوغاريت وغيرها)، ولا يستطيع أي شعب في العالم أن يزعم أنه وريث تلك الحضارات غير العرب.

    وقد لاحظ الباحثون عندما رأوا وجوه تشابه ظاهرة بين لغات تلك الشعوب منذ القدم (التي ذكرناها ) وبالذات البابلية والعربية الجنوبية والآرامية (السريانية) والكنعانية ولغة تدمر والأنباط والعربية أنها تشترك أو تتقارب في جذور الأفعال وفي تصاريف الأفعال وفي زمني الفعل الرئيسيين وهما الماضي والمضارع، وكذلك في أصول المفردات والضمائر والأعداد...


    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    المراجع: الكافي في تاريخ مصر لشاروييم ص 146ــ147والتاريخ العام الكبير لأحمد رفيق ج1 ص 115 وج2 ص 261
    *2 ـــ لسان العرب للسيوطي
    التعديل الأخير تم بواسطة عبدالغفور الخطيب ; 11-04-2020 الساعة 04:02 PM

  2. #2
    الأرومة العربية (2)

    ((تلك هي سجايا العرب: فهم عفويون ومستعدون لأن يحبّوا لأول وهلة، ولكنهم في نفس الوقت، لا يراعون جانب من يحاول غشّهم، وهم مستعدون للبغض، ولا يعادل كراهيتهم لمن يمقتون سوى صداقتهم لمن يحبّون))

    هذا ما قاله أحد السويسريين في كتابه المادح للعرب(1)

    لكن من هم العرب وكيف تكوّنوا؟؟

    لن نستند لكتب الطبري وابن كثير وغيرهم من الإخباريين العرب، لا لشيء، إلا أنهم يربكون القارئ ويجعلونه لا يتوقف عن الأسئلة، وإليكم بعض الأمثلة:

    1ــ إنهم يقولون: أن أبناء نوح عليه السلام كانوا ثلاثة (سام وحام ويافث) وقسموا سكان الى ثلاثة أجناس هم أولاد هؤلاء! وفي مكان آخر يذكروا أن من كان في السفينة 80 شخصا... ثم يقولون: أن السفينة رست على جبل في تركيا، وجريان أنهر العراق من الشمال الى الجنوب، فكيف تسير من أور (الناصرية) الى جبال تركيا؟

    2ــ إنهم يقسمون العرب لقسمين أبناء قحطان وأبناء عدنان

    3ــ ثم يدخلون على جعل كل العرب من أبناء إسماعيل! أين من كان يعاصره من أفراد؟

    [] []

    ما هو التفسير الأكثر قبولا لتكوين العرب؟

    لقد شبه طه باقر (شيخ المؤرخين العرب) الحضارة بالسنة واعتبر أن ما تم تدوينه عنها بالساعة! يعني تم تدوين جزء من 8760 جزء...

    التفسير الأكثر قبولا، هو أن العصر الجليدي الأخير انتهى قبل حوالي 30 ألف عام حيث لم تكن أجزاء كثيرة من الأرض مأهولة بالسكان، (أوروبا وأمريكا وأجزاء واسعة من آسيا) ولم يكن البحر الأحمر قد تشكل، وكان الشرق الأوسط ينعم بالدفء واعتدال الجو، وهذا ما يجعل اليمنيين يعتبرون أنفسهم أصل العرب، لا بل أصل البشرية(2)

    لمّا تعرضت الجزيرة العربية لموجات شديدة من الجفاف وهبوب الرياح الحارة، نزح أبناؤها الى البقع الأكثر خصوبة في اليمن ثم عبروا نحو مصر وإفريقيا غربا حيث نهر النيل، ثم تحينوا الفرص لجفاف أجزاء من العراق الذي تعرض للطوفان، وساحوا نحو بلاد شام في موجات متتالية (الأكديون والبابليون واليوبوسيون والكنعانيون والآراميون والأموريون وغيرهم)

    وللدلالة على هذا القول وصحته، عثر في الأودية العتيقة التي كانت أنهر وبحيرات، على متحجرات من أسماك وبيض نعام وجماجم أسود وغيرها...

    لفظ (عرب)


    ظهرت لفظة (عرب) في كتابات الآشوريين واليونانيين والعبرانيين قبل ميلاد المسيح عليه السلام بثمانمائة عام، فالآشويون: يقولون بنقوش للملك الآشوري (أحرقت مدينة جندب العربي وقتلت 20 ألف جندي وأتلفت 1200 عربة حربية وقتلت 1200 فارس و20 ألف من عربهم!) [ اعتقد أنه يقصد أم الجمال في الأردن] (3)

    وترد لفظة عرب عند اليونانيين ويقصدون بها الشعوب القاطنة غرب العراق وشرق دمشق وتمتد الى شرق نهر الأردن ثم تمتد لسيناء4

    أما العبرانيون فهم يقصدون العرب شرق وادي عربة ... وأحيانا يطلقون عليهم (ساراسين) أي عبيد سارة كونهم أبناء إسماعيل ابن هاجر جارية سارة

    وفي نقش لشمر يرعش يقول فيه (أنا شمر يرعش حاكم سبأ وكمنهو وقتبان ويمن وعربهم!

    ومن خلال نقشي (شلمناصر الثالث الآشوري) وشمر يرعش، يظهر لدينا أن المقصود بعربهم هم الناس الذين لا يسكنوا في المدن ولا يخضعون للنظام، ونحن لحد الآن في (حوران) نقول: العرب أكلوا الزرع...

    أما اللسان العربي الوارد في القرآن فهو اللسان النقي من التلحين، ونحن في مهنتنا نقول: عربنا الصوص، أي أبعدنا غير الصالح، وفي فلسطين قرى (عرّابة: أي التي تغربل القمح)


    ـــــــــــــــــــــــــــــــ

    المراجع

    1ــ من كتاب أسلافنا العرب للسويسري: بوجن أولسومر/ ترجمة: محمد محفل/ دمشق 1995/ صفحة 21

    2ـــ اليمن: الإنسان والحضارة/ القاضي عبد الله بن عبد الوهاب المجاهد الشماحي / بيروت/ منشورات المدينة/ 1985/ص 25

    3ــ عرب قبل الإسلام/ محمود عرفة محمود / جامعة القاهرة 1995
    4ـ المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام (الفصل الأول)

  3. #3
    الأرومة العربية (3)

    الآراميون

    عاش الآراميون في منطقة مترامية الأطراف من آسيا، وقد كان (برستد) أول من أطلق على هذه المنطقة اسم الهلال الخصيب، وعلّل ذلك بأنها (تكوّن شكلاً نصف دائري على وجه التقريب يرتكز طرفه الغربي في جنوب البحر الأبيض المتوسط، ووسطه فوق شبه جزيرة العرب، ويرتكز طرفه الثالث عند الخليج العربي*1

    ومنذ نهاية الألف الرابع قبل الميلاد، وبدايات القرن الثالث قبل الميلاد، شرعت جماعات من شعوب الجزيرة العربية تندفع نحو الشمال في فترات قحط شديدة. ونزلت بالقرب من السومريين، وتعلموا منهم الحضارة، وسرعان ما تغلبوا على السومريين في حوالي عام 2750 ق.م. وحكموا البلاد بعدهم.

    وكان هؤلاء هم الأكديون، الذين أخذوا الكتابة المسمارية عن السومريين، ولكن لم تكن مخارج الألفاظ السومرية تتناسب مع مخارج الألفاظ الأكدية، فخرج مزيج أصبح يعرف بالبابلية ....

    وفي القرن الواحد والعشرين قبل الميلاد، غزا (الأموريون) العراق، وهم قبائل هاجرت من الجزيرة العربية وحطت بين لبنان والفرات. وقد استوطن الأموريون مدن جنوب العراق مثل (لكش وأدبا، وأوما)*2 تسيّد الأموريون على دولة (بابل)، وأبقوا اسم الدولة (البابلية)، وأشهر ملوكهم حمورابي صاحب الشرائع المعروفة.


    فائدة: لقد كان في العراق، عدة حضارات ودول تتناوب على حكمه، منها الحضارة الآشورية في الشمال، الذين احتلوا بابل وطردوا الأموريين واحتلوا دمشق عاصمتهم الأصلية، فانهزموا وهاموا في الجبال، والتي هي (الآرام) فسميت الشعوب باسمها [هذا رأيي]

    [] [] []

    من هم الآراميون؟

    يحاول المؤرخون (اليهود) زج حام وسام بكل رواياتهم، والتي ــ مع الأسف ـ أخذها معظم الإخباريين العرب (الطبري، وابن كثير وغيرهما)، واليهود لهم مقاصد منها، سنمر عليها ببعض التفصيل فيما بعد...

    يقول اليهود: أن آرام هو ابن سام ابن نوح، عمّر تلك المنطقة (الهلال الخصيب) بنسله...*3

    وهناك رأي للمؤرخ (فيليب حتي) يقول أن آرام هي نجد في أرض الحجاز وتلك القبائل قد نزحت منها. ويتفق المؤرخ اليهودي المصري (إسرائيل ولفنسن) مع فيليب حتي بهذا الرأي*4

    يرجع العالم الإيطالي المؤرخ (سبتينو موسكاتي) في كتابه (الحضارات السامية القديمة) أن أول ظهور لكلمة (آرام) كان في نقش مسماري للملك الأكدي (نرام ــ سين)، في القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد، بأنهم شعب أو دولة تظهر غرب العراق، بمغاويرهم الشرسة التي تغير باستمرار *5

    ومن الجدير بالذكر أن تم اختراع الأبجدية (الكنعانية) في (بنت جببيل/ لبنان) قبل ميلاد المسيح بعشرة قرون، فتلقفتها الأقوام الآرامية بحركتها الأدبية والسياسية، وطوروا تلك الأبجدية حتى أصبحت لغة التخاطب الرسمي في العراق (الذي تخلى عن المسمارية لصعوبتها)، كما أخذتها مصر وإيران ونسبت للارآميين وليس للكنعانيين، ثم تم تطويرها للسريانية والتي كتب بها الإنجيل... كما سنرى في الحلقات التابعة








    المراجع:
    ــــــــــــــــــــــــــــــ
    1ــ سارتون: تاريخ العلم: الفصل الثالث/ترجمة الدكتور طه باقر ص146
    2ــ القبائل الآمورية ودورها في بلاد الرافدين وبلاد الشام/البروفيسور عماد طارق توفيق/ قسم التاريخ/جامعة بغداد/ مجلة التراث العلمي العربي 2014/ ص 195
    3ــ إقليمس يوسف داوود الموصلي السرياني/ اللمعة الشهية في تعلم النحو والصرف في اللغة السريانية/ طبع في الموصل/دير الآباء الدومسكيون/ سنة 1876
    4ــ إسرائيل ولفنسن/ تاريخ اللغات السامية/مطبعة الاعتماد/ القاهرة 1927
    5ــ سبيتينو موسكاتي/ الحضارات السامية القديمة/ ترجمة: د. السيد يعقوب بكر/ دار الكاتب العربي للطباعة والنشر/بيروت: 1986 صفحة 176

  4. #4
    الأرومة العربية (4)

    السريان

    (( إذا افترضنا أن الحضارة العربية الإسلامية، قد سارت على ساقين، الأول الدين الإسلامي واللغة العربية، فإن الساق الثانية هي للسريان))

    لقد قدّم السريان للحضارة العربية الإسلامية، أفضالا لا تُنسى، ولا يمكن حصرها، فقبل ظهور الإسلام كان لهم خمسين مدرسة عليا يأتي لها الطلاب من كل أنحاء المعمورة، تدرس الطب والفلسفة والرياضيات والفلك، وتعلم الترجمة من اليونانية الى مختلف اللغات....

    ومن الطبيعي أن تستعين بهم دوائر دولة الراشدين، والأمويين، وتضعهم في بيت المال، وتعينهم مستشارين...*1

    أما في العصر العباسي، فقد اقتربوا أكثر من دائرة الخلفاء العباسيين، وأوكلت لهم مهام كثيرة، كمستشارين ومنظمين لدار الحكمة ومترجمين للكتب اليونانية والهندية وغيرها، وكلنا سمعنا أن الخليفة العباسي (المأمون) كان يكافئ المترجم بوزن الكتاب الذي ترجمه ذهبا*2

    من يتصفح الكتب التي كتبها السريان أنفسهم، يجدها لا تخلو من مسحة حزن وتأسي وأسف لما قابلهم المسلمون نظير أعمالهم*3... وهو حيث يعدد شهدائهم الذين قضوا على يد قاتليهم يبرئ الإسلام كدين، ويبرر عمل قاتليهم بالطمع والاستقواء على الأقليات
    [] [] []

    من هم السريان؟

    هناك عدة تأويلات، فقد أورد (منح الصلح) عن المؤرخ الإنجليزي المعروف (أرنولد توينبي) تفسيرا غريبا، حيث خلط شعبين (آشور وإيران) فصار سريان!

    وهناك رأي أقرب للقبول، وهو أن سكان العراق القديم، كانوا يقولون عن اتجاه (الغرب: سور)، ولما كانت الديانة المسيحية الآتية من الغرب، والداخلة للعراق، أطلق عليها العراقيون (السريانية: أي الآتية من الغرب)، وهذا ما يفسر أن هذا الشعب الآرامي المعتنق للمسيحية هو من التصق به اسم (السريان) تمييزا عن الآراميين الذين لم يعتنقوا المسيحية*4

    وكما في اللغة العربية، لغة فصحى وعامية، فإن للسريانية لغة فصحى هي التي كتبت بها الأناجيل، ولغة عامية تتم مناقلتها بين الناس، كل حسب منطقته...

    لكن، وكما قلنا، يحاول كتاب السريان، أن يجعلوا من السريان، وكأنهم أصل شعوب المنطقة كلها، فبالرغم أن الأبجدية العربية وضعها الكنعانيون، ينسبونها لهم، بل وينسبون حتى الكنعانيين والأنباط والأدوميين وكل سكان المنطقة لهم...

    هذا بالرغم، أنهم عندما يسلسلون هجرات القبائل العربية من الجزيرة العربية، يقدمون هجرة الكنعانيين على هجرة أجدادهم... ويعترفون بصلة الدم والقربى بينهم وبين تلك الشعوب...

    وهذا ما نصر عليه بقولنا (الأرومة العربية)، لا لسيادة نوع أو فصيل على الآخرين...

    بقي شيء نقوله، هو أن بلاد الشام، ليست كمصر أو العراق، التي كانت بها دول تتمدد وتحتل أجزاء من سوريا وغيرها بالتناوب... كما أن التاريخ لم يشر على أنه كان في بلاد الشام دولة واحدة، بل (دول ــ مدن)، حلب، حمص، دمشق، تدمر، صور، صيدا، بترا الخ

    المراجع:
    *1ــ فيليب دي طرازي/عصر السريان الذهبي/ ص37/ مؤسسة هنداوي/ القاهرة 2012
    *2ــ الشحات السيد زغلول/ السريان والحضارة الإسلامية/جامعة الإسكندرية 1975
    *3ــ اللؤلؤ المنثور في تاريخ الآداب السريانية/ أغناطيوس أفرام الأول برصوم/ بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق/دمشق الطبعة السادسة 1996
    *4ــ سمير عبده/ السريان قديما وحديثا/ عمان: دار الشروق 1997

  5. #5
    الأرومة العربية (5)

    الكنعانيون أو الفينيقيون

    قبل أن نبدأ الحديث عن الكنعانيين، من المناسب أن نذكر أن أعداء الأمة، لا يكتفوا بإيذائها عسكرياً وسياسياً، بل يحاولون زلزلة الحقائق التاريخية للأمة العربية...

    وهم إن لم يجدوا ما يساعدهم جغرافياً كتضاريس الحدود التي تفصل بين جزء وجزء، فإنهم يستخدموا الإثنيات العرقية المتساكنة والمتعايشة مع العرب منذ آلاف السنين (أكراد، أمازيغ، تركمان الخ)... فإنهم يتوجهون الى إثارة النعرات الدينية والمذهبية، مسيحي، يهودي، صابئي، سني، شيعي، الخ

    وإن لم يجدوا أي خلاف، يتعاملون بتمزيق الأمة بكل وقاحة، فأقطار الخليج العربي مثلا، لا يفصلها أي تضاريس جغرافية، وليس فيها تمايز عرقي فكلهم عرب، وأربعة أقطار منهم على المذهب الحنبلي (السعودية، قطر، البحرين، الكويت)، وواحد من تلك الأقطار على المذهب المالكي(الإمارات)، وعمان (إباضية)...

    ليس في بلادنا العربية إلا ثلاثة عشر تمييز (عرقي وديني)، في حين نجد في روسيا 154 تمييز، والهند أكثر من 500 وكل بلدان العالم!

    لنعد لموضوعنا ــ الكنعانيين ــ ونربطه بما قدمنا، فصاحب كتاب (الحضارات السامية القديمة (سبيتينو موسكاتي)، يستهجن الحديث عن حضارة الكنعانيين (الفينيقيين) ويعتبر أن بها حجما كبيرا من المغالاة، وأنه عندما يتحدث عن العبريين يسهب ويطنب ويمدح!*1

    [] [] []

    أول الكتابات الأثرية عن الكنعانيين:

    لقد بدأنا الحلقة الأولى بأن ما وجدت عنه نقوش أثرية لا يتخطى 55 قرناً من الزمان، لكن ألم تكن هناك شعوب وحضارات قبل تدوين التاريخ؟ لنرى:

    يذكر المطران (الدبس) في كتابه (تاريخ سوريا) مدينة جبيل وبيروت بأنهما أسستا قبل أن يذكر المؤرخون (الكنعانيين) بعصر التدوين، ومن لفظ الإسمين يدللان على عروبتهما، وهنا يؤكد الدبس، أن الكنعانيين قد سبقوا ما وثقه المؤرخون بحوالي ألفي عام، فجب إيل أي بئر الإله أصبحت جبيل، وبئر أوت أصبحت (بيروت)*2

    ولما كان المصريون والعراقيون هم أقدم من وثق في المنطقة أو حتى في العالم، فلا مفر من ذكر ما وثقوا، فقد ذكر فيليب حتي أن خوفو أول ملوك الأسرة الرابعة (2900 ــ 2750 ق.م) نقش اسمه على آنية ذهبية وأرسلها الى سيدة (جبيل)*3 وقد أكد المطران (الدبس) ذلك...

    وقد ظهرت مدن تمتد الى أكثر من خمسة آلاف سنة قبل ميلاد المسيح عليه السلام، مثل أريحا، وصيدا، وصور ودمشق وغيرها مئات بل آلاف ومن يتأمل أسمائها سيكتشف صلتها بالأرومة العربية*4

    [] [] []

    من هم الكنعانيون؟
    التفسير العربي للكلمة: أنهم (كنعوا، أو خنعوا) في بداية أمرهم في الأراضي المنخفضة من فلسطين (الأغوار)، كذلك هو التفسير العبري*5

    أما الفينيقيون: فهي تسمية أكدية ونقلها اليونانيون عنهم، وهي تتعلق باللون الأرجواني الأحمر، الذي اشتهر بإنتاجه الكنعانيون...

    من أين جاءوا ومتى: يعتقد أنهم جاءوا من الجزيرة العربية قبل 6000 سنة من البحرين، وعبروا الفرات في العراق، وتوجهوا للأردن وفلسطين قبل انتشارهم حتى وصلوا حلب وجزيرة طرواد، واحتلوا كريت وقبرص وحتى وصلوا صقلية ومالطة، هذا قبل هجرتهم الكبرى في القرن العاشر قبل الميلاد الى شمال إفريقيا وإسبانيا...

    نظام الحكم عندهم:

    كانت كل قبيلة كنعانية تختص بحكم مدينة أو منطقة... فلم يكن لهم نظام حكم مركزي كما كان العراق ومصر والحثيين ...

    فلذلك كانوا يخضعوا لحكام الحثيين أحياناً، والمصريين أحيانا أخرى، والعراقيين أيضا...

    ولما قويت شوكتهم توحدوا وغزوا مصر واحتلوها، حيث أطلق عليهم المصريون اسم (الهكسوس) وكان يظن القارئون أنها أقوام موحدة أتت من مكان غريب...

    وعندما تم النسب بين ملكة صور واليهود، دب الخلاف بين مملكة صور وصيدا، وثار الشغب، فتجمع أعداء الكنعانيين فنزحوا لشمال إفريقيا...

    [] []

    تأسيس المدن في شمال إفريقيا:
    أول مدينة أسسوها هي طرابلس ومعناها (تري بوليس) أي مدينة الثلاثة ملوك، ثم أنشئوا (قرطاجنة) في تونس، وطنجة في المغرب، ونواكشوط، وقادش في إسبانيا أسسوها سنة 1110ق.م، ومئات المدن والقرى الأخرى

    حروب الفينيقيين مع الأوروبيين والمسماة الحروب البونية استمرت من سنة 550ق.م حتى 146ق.م ... حيث سقطت (قرطاج) بيد الرومان






    المراجع:
    *1ــ الحضارات السامية القدديمة/ سبتينو موسكاتي/ ترجمة: د. السيد يعقوب بكر/ بيروت 1986ص 117
    *2ــ ذكرها محمد عزة دروزة في موسوعته العظيمة (8 أجزاء) المسماة (الجنس العربي) الجزء الرابع ص 38
    *3ــ تاريخ مصر من أقدم العصور/بريستيد/ ترجمة: حسن كمال ص 403
    *4ــ سلسلة المدن الفلسطينية (17)/ تصدر عن مكتب التربية التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية.... كما يمكن الرجوع الى معجم البلدان الفلسطينية لمحمد شراب...
    *5ــ خزعل الماجدي/ المعتقدات عند الكنعانيين/ دار الشروق/ عمان ــ الأردن 2001

  6. #6
    الأرومة العربية (6)

    المصريون


    يذكر كاتبو تاريخ مصر، من عرب وأجانب، أن المصريين هم من أولاد حام ابن نوح. وحقيقة هذا الكلام، لا تخلو من ثقافة يهودية، أثرت على معظم من أراد أن يكتب عن تاريخ مصر. إذ تقول الكتابات اليهودية أن حام ابن نوح كان له ولد اسمه (مصراييم) وهو أبو المصريين، فسميت مصر على اسمه*1

    ليس هناك سند علمي لمثل تلك الأقاويل، ولا يستطيع كائن من كان أن يحسم مسألة أصل الشعب المصري ويرده لمنشأ واحد...

    لقد لاحظ المختصون بعلم الأجناس، اختلافات واسعة في أشكال وسحن المصريين، فهناك الأسمر والزنجي والأبيض والحنطي، فكيف تشكل هذا الخليط،الذين اختلفوا في مساكنهم وأوانيهم وطرق دفن موتاهم؟

    خمن الباحثون أن موجات عرقية متنوعة، انساحت على مصر، قسم منها من أوروبا باحثين عن الدفء، وقسم من غرب مصر (لوبيا: ليبيا)، وقسم من إثيوبيا، وهم أصلا من آسيا عبروا مضيق باب المندب وحطوا بالحبشة ثم انساحوا الى مصر، ومن هنا يكثر في أدبيات الإثيوبيين أن مصر أصلا مستعمرة إثيوبية*2

    وبما أن معظم المؤرخين يؤكدوا أن الأكثرية الغالبة التي هاجرت الى مصر من الآسيويين (جزيرة العرب)، فمن الطبيعي أن يكون الحكم السياسي لهم، ومن الطبيعي أن تسود لغتهم وتصريفها على الباقي...

    لنأخذ بعض من آراء من كتبوا في تاريخ مصر القديم:

    [] جيمس هنري بريستيد:

    إن جماعات جاءت من ليبيا والصومال قليلة اختلطت بجماعات جاءت عن طريق برزخ السويس، من الجزيرة العربية، وذابت بها، حتى تشكل العنصر المصري، وظلت اللغة التي يتكلمون بها العربية*3

    [] أحمد كمال (العالم الأثري المشهور) : إن اللغة المصرية واللغة العربية أصلهما واحد، وإن كان هناك إسقاطات لبعض الكلمات في الطرف المصري أو الطرف العربي، وهذا هو الاختلاف*4

    [] أحمد نجيب (علاّمة أثري): إن من يتأمل تماثيل المصريين القدماء في المتاحف، يستطيع بيسر أن يكتشف أصلهم العربي*5

    [] غوستاف لوبون: إن معظم المفردات المصرية القديمة تتشابه جذورها وجمعها وتصريفها مع المفردات العربية، إلا القليل الذي دخل الى مصر من أقوام غير عربية*6

    وهناك عشرات بل مئات من يؤكدون أن (مينا) موحد مصر عراقي الأصل منهم (طه باقر)، و (بروخ) الألماني و(عطية الأبراشي)....

    من الكتب التي استعنت بها : تاريخ الجنس العربي لمحمد عزة دروزة، والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام وموسوعة تاريخ مصر القديمة لسليم حسن (18 جزء)...






    هوامش:
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
    *1 الأصحاح العاشر
    *2ـ ديودور الصقلي/ نقلها عنه الدكتور حسن كمال في كتابه (تاريخ السودان القديم) إذ قال أن شعب مصر والسودان أنوا من بلاد العرب ص77
    *3ــ جيمس هنري بريستيد/ مصر من أقدم العصور الى الاحتلال الفارسي/ ترجمة: الدكتور حسن كمال ص 17
    *4ــ أحمد كمال/ العقد الثمين ص 12
    *5ــ أحمد نجيب/ الأثر الجليل لسكان وادي النيل/ص 45
    *6ــ غوستاف لوبون/ الحضارة المصرية/ ص13

  7. #7
    الأرومة العربية (7)

    العراقيون

    فائدة مبكرة:

    قبل أن نتحدث عن العراقيين وعلاقتهم بالأرومة العربية، فإننا سنستهل حديثنا بالدول أو الكيانات التي كانت تحيط بالعراق قبل آلاف السنين، والتي تذكرها كتب التاريخ باستمرار، وما كان لها دور في الحياة السياسية العراقية قديماً وحتى حديثاُ.

    [] العيلاميون:

    دولة أو كيان كان يعيش في الأحواز ومن مدنهم (تستر) و (الشوش) و (عبادان) و(المحمرة)، كانوا على خلاف مع دول وكيانات المنطقة منذ أيام السومريين، فعندما كانوا يحسون بضعف الكيانات السومرية أو الكلدانية أو الأكدية، يهاجمونها ويستولون على ممتلكاتها، وقد نهبوا في أحد المرات تمثال الإلهة (نانا) ثم أعاده حمورابي سنة2416 ق.م *1

    وكانوا كذلك على خلاف مع كيانات الفرس، ودولة (ميديا) ... واحتار المؤرخون في تصنيف شعب (عيلام) فمنهم من قال أنهم فارسيون، ومنهم من قال أنهم أصلا من اليمن كالأستاذ خليل إبراهيم في كتابه جيران العراق الذي أشار الى أسماء مدنهم ذات الدلالة والمعنى العربي...

    [] الميديون:

    دولة ميديا، نشأت سنة 751 ق.م ، كانت تمتد من أذربيجان الى السليمانية في شمال العراق، كانت عاصمتها (همذان) وكانت على خلاف مع دولة فارس، حتى تزوج ملكها بنت ملك فارس، وشاهد ملك فارس حلما أن ابنته ستلد ولدا يزيل دولة فارس ويستولي على أرض العراق ومصر وبلاد الشام، فقرر أن يحضر ابنته الحامل ويقتلها، لكن ساعدها بعض الكهنة فغابت مع الرعاة فولدت (كورش)*2

    [] فارس

    وهي البلاد المعروفة اليوم ب (إيران) لكن دون عيلام أو ميديا... وشعبها من أصل هندي أوروبي، قدموا سنة 1200 ق.م وأسسوا جنوب بحيرة فان في تركيا في منطقة اسمها (فرسوا) ومنها أخذوا اسمهم، هاجم دولتهم الملك الآشوري (شلمناصر الثالث)، فتشتتوا، ثم في عام 691 ق.م، حطوا في الهضبة الإيرانية وأسسوا دولتهم، التي كانت على خلاف مع دولة (ميديا)*3

    [] الحثيون

    شعب آسيوي أنشأ دولته في بداية الألف الثانية قبل الميلاد، وعاصمة دولته مدينة (خطوش: بوغازكي الآن) على بعد 90كم من أنقرة ... أثر في الحياة السياسية في العراق وبلاد الشام*4

    [] [] []

    العراقيون:

    تشير بعض الآثار التي عثر عليها في حفريات (ماري أو ما يسميها العراقيون: تل الحريري)، على الضفة الغربية الوسطى لنهر الفرات الى أن وجود القبائل العربية يعود الى الألف السادس قبل الميلاد، الى أن فقدان المدونات عن تاريخ تلك الفترة جعل المؤرخين يكتفون بعصر التدوين*5

    كيف كانت أشكال الحكومات قبل عصر التدوين؟ وما هي دلائل الحفريات؟


    يورد المرحوم محمد عزة دروزة في موسوعته (تاريخ الجنس العربي) في المجلد الثالث والذي يذكر فيه العراق، أن بعض الملوك الذين أخذوا تفويضاً من السماء بالحكم، وذلك قبل الطوفان، كانت مدة حكم الواحد منهم تصل الى ثلاثين ألف عام!*6

    عندما قرأت ذلك دهشت من طول المدد التي حكم بها هؤلاء الملوك... ثم قرأت كتاب لأستاذ السومريات العراقي (للدكتور أسامة عدنان يحيى) تحت عنوان (القوائم الملكية والتاريخية لبلاد الرافدين) وصدر عام 2019 يؤكد مثل تلك المعلومات من خلال قراءة النقوش السومرية والآشورية الموجودة في المتحف العراقي... مثلاً الملك في أريدو حكم 28800 سنة والملك (ألالكار حكم 36400 سنة) .. ويقول أن 8 ملوك حكموا 5 مدن مجموع مدد حكمهم 241000 سنة.*7
    [] [] []

    لو تركنا تلك التفصيلات، فإن حكم العراق من مرحلة (تل العبيد التي تسبق السومريين) الى دخول كورش الفارسي للعراق وسقوط الدولة البابلية، فإن كل من حكم العراق كانوا من العرب (الصريحين بعروبتهم) إلا السومريين...

    من هم السومريون؟

    احتار المؤرخون بأصل السومريين، فمنهم من قال أنهم من الهند ومنهم من قال أنهم من غرب العراق، حتى وصل التنظير الى أستاذ بجامعة بيونس آيرس بالأرجنتين أن أصل السومريين من هنغاريا...

    بغض النظر عن أصلهم، فهم أقوام انتشرت قبل حوالي 4000 سنة قبل الميلاد، في أرض العراق، وتعايشت مع ساكنيه ردحا من الزمن وابتكرت الكتابة المسمارية ونشطت في أمور الحرب والبناء، وأسست في البداية حوالي 40 دويلة، كانت تتصارع فيما بينها وكانت تتحالف مع القبائل العربية الآتية من الجزيرة العربية (الكلدانيون) الذين كانوا متفوقين في فنون الزراعة وشق قنوات الري... ثم انتزعت تلك القبائل الحكم من السومريين على أيام الأكديين (العرب الأقحاح)...

    ولم يتم التعرف على السومريين إلا عام 1869م، عندما لوحظ أن تماثيلهم ليس بها ( لحى) كتماثيل العرب الآخرين، فتم التدقيق بالنقوش الخاصة بهم فكانوا لا ينتمون للقبائل المنساحة من الجزيرة العربية.

    أما البابليون والأكديون والآشوريون وغيرهم فهم على اتفاق كل علماء الأجناس هم من الجنس العربي*8



    المراجع:
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
    *1ــ تاريخ الدولة الفارسية في العراق/ علي ظريف الأعظمي/ مطبعة الفرات/بغداد 1927
    *2ــ الملك كورش/ زينب محمود/ مؤسسة هنداوي/ القاهرة 2014
    *3ـــ موسوعة السياسة/ عبد الوهاب الكيالي وآخرون/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت 1990 الجزء الرابع صفحة 498
    *4 ـــ موسوعة السياسة/ عبد الوهاب الكيالي وآخرون/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت 1990 الجزء الثاني صفحة 161
    *5ــ موسوعة السياسة/ الجزء الرابع ص 42
    *6ــ تاريخ الجنس العربي/ محمد عزة دروزة/ بيروت/ لم يثبت تاريخ النشر ــ اعتقد بداية الستينيات من القرن الماضي/ ص 53
    *7ـــ الوثائق الملكية والتاريخية في بلاد الرافدين/ د أسامة عدنان يحيى/آشور بانيبال للثقافة/ العراق 2019
    *8ــ انظر حضارة مابين النهرين العريقة للمؤلفين الروسيين : ك. ماتييف و أ. سازونوف/ موسكو: 1986/ترجمة د. حنا آدم... وانظر بلاد ما بين النهرين/ للكاتب ل. ديلابورت ترجمة: محمد كمال /الهيئة المصرية للكتاب 1997، وانظر كتاب من سومر الى التوراة لأستاذ السومريات العراقي: د فاضل عبد الواحد علي/ بغداد 1986

  8. #8
    الأرومة العربية (8)

    المحوران: السيني والصادي

    إذا افترضنا أن البقعة الجغرافية للوطن العربي هي المحور الأفقي للشجرة العربية وأرومتها أي المحور السيني ... والعمق الزمني والتاريخي، هو المحور الصادي للأرومة العربية، فتعالوا لنلقي النظر لنتفحص التفاف عناصره على بعضها كالتفاف سيقان نبات اللبلاب التي تحيط بشجرة جوز ....

    يحفظ أبناء الأمة العربية لشعراء من محيطها لخليجها فيحفظون لأبي قاسم الشابي كما حفظوا لحافظ إبراهيم ومحمود علي طه ومعروف الرصافي ومحمود درويش وغيرهم دون أن يقفوا عند جنسية أي منهم... هذا في العصر الحديث...

    لم يدقق ابن الأمة العربية بديانة ميخائيل نعيمة وإيليا أبو ماضي بل شدته الأرومة العربية فتذوق أشعارهم ورددها...

    ولم يدقق ابن العروبة بديانة (أحمد سوسة) وإسرائيل ولنفنسون ومير البصري، اليهود العرب الذين كتبوا بروح عربية بعيدة عن الصهيونية والماسونية...

    وتاريخيا (المحور الصادي) لم يرد أحد منا جنسية طرفة بن العبد الى قطر، كما لم يرد النابغة الذبياني وزهير بن أبي سلمى على أنهم من مسيحيي الجزيرة العربية، بل تعامل معهم على أنهم مناهل هامة لثقافتنا العربية الراهنة...

    كما لم يقف العربي ابن أيامنا الحاضرة من كل أبناء الصابئة أمثال ثابت بن قرة وأولاد موسى بن شاكر حتى الشاعر العملاق عبد الرزاق عبد الواحد إلا وقفات إجلال وإكبار من التصاقهم بأرومتهم العربية...

    [] [] []

    على المستوى الرياضي، عندما يتقابل فريق مغربي، تونسي، عراقي، سعودي، مع أي فريق من العالم تنجذب النفس العربي لتشجيعه على الفور، حتى لو كان خصمه ممن يعشقهم المشجع العربي....

    يشعر بالحزن والأسف من يشاهد ما يحصل في سوريا والعراق واليمن وكل بلد عربي يمر بمشكلة، ويتمنى كل عربي يرتبط بالأرومة العربية، أن تصبح تلك البلدان بأحسن حال....

    [] [] []

    في كل البلدان العربية، تجد أسماء تحمل أسماء عائلات عربية تدل على أصل بلدها، فمثلا بالمغرب: كان هناك رئيسان للوزراء (أحمد العراقي 1969ـــ1971) والآخر هو (عز الدين العراقي 1986ــ1992)...

    في مصر كان أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة 1952 هو (عبد اللطيف البغدادي)...


    في الأردن طاهر المصري رئيس وزراء 1991....

    في مدينة الرمثا تجد أسماء تنتهي ب (حجازي ومغربي ومصري الخ)

    [] [] []

    رغم عدم ارتياح أبناء الأمة العربية للنظم الحاكمة في البلدان العربية، إلا أن الروح العربية حاضرة حتى في حالة الكراهية... فتنطلق تساؤلات مستمرة:

    لماذا لا تساعد الدول العربية الغنية لبنان والصومال وتونس الخ.... لماذا لا تتجمع الجيوش العربية وتطرد الصهاينة؟ لماذا... لماذا؟ الخ

    هذه التساؤلات والعتب لا توجه للسويد أو باكستان أو الصين... لماذا لأنها تساؤلات متأثرة بالأرومة العربية

  9. #9
    الأرومة العربية (9)

    سكان شمال إفريقيا والأرومة العربية:


    [] [] []
    ليبيا


    قبل الحديث عن ليبيا، علينا أن نعترف أنه لا يمكن للإنسان العربي الحالي الذي ينتمي لأمة يفوق عدد نفوسها اليوم أكثر من أربعمائة مليون، أن يستطيع تخيل العالم قبل عشرة آلاف سنة حيث كان كل سكان العالم لا يزيد عن خمسة ملايين إنسان*1

    وإذا علم ذلك وهضمه، فإنه سيكون على استعداد لتخيل متابعة الهجرات العربية المتتالية بدءا من جفاف الجزيرة العربية مرورا بهجرة الفينيقيين وانتهاء بما نقلته الفتوحات الإسلامية وما تبعها من هجرات قبائل كبني هلال وغيرهم...

    ولو أسقطنا قانون (جوستاف لوبون) الذي تحدثنا عنه في بداية الحلقات : وهو (( إذا مر ألف عام، فإن المولود في نهاية ذلك الألف، يكون قد اختلطت دمائه بعشرين ألف دم)) من جهة العمومة والخئولة وأجداده وأخوال أجداده وهكذا... فإن ليبيا لن تكون استثناء من تبعيتها للأرومة العربية...

    لعل كلمة ليبيا مشتقة من كلمة (لبوة) وهي أنثى الأسد، حيث كانت ليبيا في السابق موطناً لكثير من الحيوانات (فيل، وحيد القرن، أسود الخ)، وأول ذِكر لهذا الاسم كان في التوراة (ليابيم: أي اللبوءة) ويعني عندها (البلاد التي يكثر بها الأسود)*2

    كما أن الإخباريين العرب (الطبري، ابن كثير، المسعودي)، يطلقون عليها اسم (لوبيا)، نسبة الى (لوبي ابن حام ابن نوح).


    ليبيا التي نتحدث عنها تبلغ مساحتها 1.760.000كم2 وترتيبها (17) من بين دول العالم من حيث المساحة، وعدد سكانها حوالي سبعة ملايين نسمة، وطول ساحلها على البحر الأبيض المتوسط 1770كم وهو أطول ساحل على المتوسط*3. و بها سهل ساحلي طوله 325كم وعرضه 10كم.

    لقد قامت حضارة (دابا Dabba) حوالي 10آلاف سنة قبل الميلاد، في الجبل الأخضر وامتدت حتى حدود موريتانيا...
    ولكن في الألف التاسعة قبل الميلاد تغلبت (حضارة وهران/الجزائر) على الحضارة الليبية ودفعتها لحدود مصر، وهذا ما سيتكرر في بلدان المغرب العربي حتى لقبل مئات السنين، تمدد وتقلص وسيطرة وأفول حكم الخ.*4 كما حدث في الألف الخامسة قبل الميلاد عندما سادت حضارة (قفصة/ جنوب تونس) على الحضارتين الليبية والوهرانية الجزائرية.

    منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، تأثرت مناطق واسعة في ليبيا بالجفاف حتى أصبح الملازمة للأماكن التي فيها ماء، هو الضمان للاستقرار,,, وقد عثر في جبل (عكاكوس) على مواقع تظهر صيادين يلاحقون وحيد القرن والفيل

    ومن اللافت أنه في موقع (كهف هوا الفتايح) عثر على جماجم تتشابه في خصائصها مع مثيلاتها في فلسطين.

    ولم تكن ليبيا في العصر القديم، بلا طموح بل كانت أحيانا تبسط نفوذها حتى على مصر الفرعونية... وفي نهاية الألف الثانية قبل الميلاد، وبعد الهجرات المستمرة للفينيقيين وتأسيسهم مدنا مثل طرابلس بسطوا نفوذهم على معظم شمال إفريقيا حتى أجزاء من إسبانيا وإيطاليا ومالطا، واستمروا حتى الاحتلال الروماني الذي تم إنهاءه بالفتوحات الإسلامية




    [] []

    المراجع:
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    *1ـــ المصدر: P. Chauanu, de l histoire a la prospective, 1975 p88
    وكذلك مجلة Projet الفرنسية عدد أيار/مايو 1974. هذا التهميش ذكره الدكتور الياس فرح في كتابه: (مقدمة في دراسة المجتمع العربي والحضارة العربية)/ دار الطليعة بيروت/ط2 1980/ صفحة 119.

    *2ـــ ليبيا/ محمود شاكر/ الدار العلمية/بيروت/1972 ص 16


    *3ـــ موسوعة السياسة/ عبد الوهاب الكيالي وآخرون/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت 1990 الجزء الخامس صفحة 551
    *4ــ دراسات في تاريخ ليبيا القديم/ مصطفى كمال عبد العليم/ بني غازي 1966، ص15

  10. #10
    الأرومة العربية (10)

    سكان شمال إفريقيا والأرومة العربية:

    [] [] [] تونس

    حتى بدايات القرن السابع عشر الميلادي، لم يكن الكلام عن تونس كبلد منفصل عن محيطه المغاربي مقبولاً، وكذلك البلدان الأخرى المغاربية، ولكن الحديث عن كل قطر منفصلا عن محيطه، ليس أكثر من باب التعريف الثقافي...

    وقد يكون لتونس بعض الخصائص التي تميزها عن سائر أقطار المغرب منها:
    1ــ أنها أكثر بلد إفريقي قرباً من أوروبا، حيث يفصلها عن جزيرة صقلية الإيطالية أقل من 140كم، وعن جزيرة سردينيا أقل من 200كم،

    2ــ سواحلها التي يبلغ طولها حوالي 1300كم، والتي رغم صغر تونس فإنها تعادل سواحل الجزائر تقريباً... وسواحلها كلها تصلح لترسو السفن عليها، بعكس كثير من السواحل الأخرى... وهذا ما جعلها أنشط اقتصاديا في عصور كثيرة...

    3ـــ أكثر من 50% من أراضيها لا ترتفع أكثر من 200متر عن سطح البحر، وبمتوسط 300متر لكل الأراضي، في حين معدل ارتفاع أراضي الجزائر 900متر والمغرب 800متر..*1

    هذه الخاصية جعلت الفينيقيين يؤسسون حضارتهم فيها واعتبروا قرطاج مركز انطلاقهم نحو كافة أنحاء المغرب وإسبانيا وصقلية ومالطة وسردينيا...

    كما جعلت هرون الرشيد أن يجعلها نقطة مهمة لملاحقة الأمويين في الأندلس، فكلف (إبراهيم ابن الأغلب) للقيام بذلك واعدا إياه بإعطائه إفريقيا (تونس) له ولعقبه فاعتمد على قادة منهم (أسد ابن الفرات) في مشاغلة إيطاليا واحتلالها إن أمكن لمحاصرة الأمويين في الأندلس... فاحتل مالطا وسردينيا وصقلية وبقيت تحت حكم العرب عدة قرون...

    كما انطلقت منها حركة الفاطميين إذ احتلوا مصر وتوسعوا غربا وشرقا...

    [] [] []

    تونس معلومات عامة:

    المساحة: 163610كم2
    عدد السكان:12 مليون ... أكبر المدن: تونس، بنزرت، صفاقس، نابل، المنستير، باجه، بن عروس، جندوبة، سيدي بو زيد

    الاسم: قديما كان (ترشيش) ويعني بالبربري: البرزخ، أما اسمها الحالي تونس: فيقول ابن خلدون: أنه محرف عن اسم إله كان يعبده الفينيقيون، ولابن خلدون رأي آخر: إذا يقول أن العرب عندما استوطنوا بها قالوا أنها تؤنس القلوب..*2

    ويقول الدكتور محمد محيي الدين المشرفي إن الرومان كان يطلقون على تونس اسم (إفريكيا) وعلى كل شمال إفريقيا اسم (ليبيا)، ولما فتحها العرب سموها (الجزيرة المغربية) حيث كانت تحاط بالمياه من ثلاث اتجاهات*3

    [] [] []

    عهود الحكم في تونس

    أولاُ: العهد الفينيقي بلغت أوج عظمة إمبراطورية قرطاجنة (الفينيقيين) في القرن السادس قبل الميلاد واستمرت تلك العظمة للقرن الثالث قبل الميلاد...

    ثانياً: العهد الروماني: بعد المعارك البونية الثلاث صار الحكم للرومان *4

    ثالثاً: العهد العربي الإسلامي: العهد العربي الأول 670ــ800م
    عهد الأغالبة من 800ــ 909م ، العهد المهدي والفاطمي من 909 ــ 973م
    العهد الصنهاجي من 973ـــ1053م ...
    تونس من الزحف الهلالي حتى انحلال الدولة الحفصية (1230ــ1574)
    الحكم العثماني ... ثم الاحتلال الفرنسي

    [] [] []

    خاتمة: لم تكن تونس بعيدة عن أرومتها العربية قيد أنملة، فمنذ أكثر من ثلاثة آلاف عام وهي مشاركة بالهم العربي... ويكفيها فخراً أنها قدمت للعالم بعد العرب مؤسس علم (فلسفة التاريخ) والذي أخذ عنه كبار فلاسفة التاريخ في العالم أمثال الإيطالي فيكو والإنجليزي أرنولد تويمبي. والذي قال عنه لينين مستغربا حال الأمة العربية إذ قال (( لا أعلم أن أمة أنجبت ابن خلدون يكون حالها بتلك الرداءة!))





    المراجع:
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    *1ــ تاريخ تونس/ محمد الهادي الشريف/ دار سراس للنشر/تونس 1993 من المقدمة...
    *2ــ قصة تونس: من بداية التاريخ حتى ثورة 2011/ راغب السرجاني/ القاهرة 2011... كما يمكن الرجوع الى كتاب: تونس بين الاتجاهات / يونس درمونة/ دار الكتاب العربي/ مصر 1953
    *3ـــ أفريقيا الشمالية في العصر القديم/ محمد محيي الدين المشرفي/ المغرب/ وجدة 1949
    *4ــ موسوعة السياسة/ عبد الوهاب الكيالي وآخرون/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت 1990 الجزء الأول صفحة 816

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •