. . . في منشوري السابقِ الذي أشرتُ فيه إلى أنَّ كأسَ ماءٍ باردٍ في بلدي سوريا يعادلُ كلَّ قاراتِ العالم ، فوجئتُ بأن بعضَ التعليقاتِ والأجوبةِ التي جاءتني كانت تتحدثُ عن الحليبِ ونكهاته وعن الكورن فليكس وعن الشعور بالأمان وعن أسعار الموز ، وعن سخونةِ الماء وعدم برودته وعن تعكيره . . . ولقد انساق الحديث إلى عدم وجود حنفيات السبيل في الشوارع وجاء جوابٌ يعدِّدُ السُبُل في أحد الأحياء ويُشير إلى مواقعها بدقة ، وهذا لعمري أمرٌ جميل جداً ويفوقُ كلَّ جمال .
وأنا هنا أشكرُ الجميعَ على تجاوبهم ، وأشيرُ إلى أنَّ الموضوعَ مجازيٌّ ورمزيٌّ ، إذ ليسَ بالضرورةِ أن أحبَّ الوطنَ إذا كان الماءُ ينزلُ من الصنبورِ بادراً مصفَّى ولا أحبُّهُ إذا كان ينزلُ ساخناً أو عكِرا .
ورداً على ذلك كلِّهِ أقول :
أنا في وطني قد أختلفُ مع بعضِ الأشخاصِ وبعض التجارِ وبعضِ الجشعين ، ولكني لا أختلفُ أبداً مع الوطن . . .
وما ذنبُ الوطن إن أذنَبَ بعضُ أبنائِه .
إنَّ كلَّ ذرةٍ من ترابِ بلادي سورية عشيقةٌ أحبُّها ، وكلَّ إنسانٍ من بني وطني أخٌ أحبُّهُ ، لكنهُ يُسعِدني إذا صدقَ ويُـحزنني إذا كذبَ .
أنا أحبُّ وطني سوريا في كلِّ الحالات ، الوطنُ هو الوطن ، وأنا أحبُّ الوطنَ وأعشقُه حتى ولو كان مجرَّدَ رصيفٍ أنامُ عليهِ في الليل .