. . . وقفتُ أمس من الساعة 6.15 صباحا على دور الخبز ، ووصلَ دوري الساعة 8.00 .
وفي أثناءِ الوقوف لمحنا سيارة هوندا يدخلُ الجزءُ الخلفيُّ المكشوفُ منها إلى البابِ الخلفي للفرن ، وتغيبُ قليلاً ، ثم تخرجُ مغطاةً بقماشٍ محكمٍ يُخفي ما بداخلها . . . لكنها ــ حين مرَّت من أمامنا ــ لم تتمكن من إخفاءِ رائحةِ الخبز الطازج التي تفوحُ منها .
هنا . . . جرى حديث بين الواقفين أهمُّ ما فيه أن أحدهم قال :
يل ليتَ الأمرَ يقتصرُ على تهريب الخبز خارج الفرن .
فسأله آخر :
وماذا بعد إذن .
فقال : إن بعض أصحاب الأفران أربحُ لهم بكثير أن يبيعون قسماً من الطحين وقسماً من المازوت بالسعر الحر . . . ويغلقون الفرن باكراٌ ويرجعون إلى البيت . . . إنهم يبيع جزءاً كبيرا من مخصصات الفرن ولا يصنعونها كلها خبزاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طبعا لو كان هناك وجودٌ لما يُسمى بـ ( الضمير المهني ) لَمَا كان هناك من داعٍ لا للجمارك ولا للتموين ولا لوزراة الصحة ولا لأية رقابة من أي نوع .
. . . لكن الحقيقة أن بعض أصحاب المهن باتوا يحتاجون إلى شرطي عن يمينه وشرطي عن يساره ليراقبان ما يصنع . . . ولن يفلحا في مهتهما لأنه قد يتحايل عليهما أو يقوم بأمر يجعلهما ينثنيان عن عملهما .
كم نحن ــ بعضَنا ــ بارعٌ جدا في التحايل على بعضنا الآخر ، وكم بعضُنا ماهرٌ في التمظهرِ بالمظهر الحسن . . . وكثيرٌ منا يطعنُ الآخر ولكن بأسلوب مختلف .
هذه أقنعةٌ يرتديها أغلبُ الناس . . . ولا تزولُ أزماتُنا إلا بزوالها .
نحن بحاجة إلى الكثير الكثير من إعادة التأهيل .