منقول:
من أجمل ما قرأت هذا اليوم:

هذا النص من الأدب الرمزي. كتبته مها حلواني:

صوت البائع الجوال يصدح في الأرجاء:
يلي عندو سعادة .. يلي عندو فرح.. للبيييييييع ...!!

أحب الباعة المتجولين .. أسرعت لأمي و قلت لها أنّ عندي ضحكتين قديمات أريد بيعهما ..
قالت لي افعل ما يحلو لك..

اتجهت للبائع وصرخت له :
يا عم يا عم بكم الضحك اليوم..؟
قال لي :
ضحكة الطفل بليرة .. وضحكة العجوز بألف .. وعلى حسب العمر نشتري ..

دهشت من فرق السعر وأخبرته :
ياعم! الضحكُ ضحكٌ .. لِم الفرق في الأسعار .. ؟؟
أو أنك تغشني لأني صغير...؟؟!!
قال لي:
يا صغيري! ضحكة الكبار نادرة .. هذا سبب غلائها ...

لم أفهم ما يقول .. ولكني بعته الضحكتين .. واشتريت بثمنهما بسكوتاً ..

رجعت للمنزل .. سألت أمي إن كان لدى أبي ضحكات قديمة .. فضحكة الكبار غالية ..
بحثت أمي في كل أرجاء المنزل .. لم تجد أي ضحكة لأبي ( أبي لا يضحك )..!!
ولكنها عثرت على كثير من دمعاته .. أعطتني إياها .. وقالت لي: هذا مصروفك للغد ...!!

في اليوم التالي .. وعند سماع صوت العم الذي يشتري الأحاسيس والمشاعر،
أسرعت إليه وسألته عن ثمن دموع الكبار ..
فتلك غالية كضحكاتهم .. قلت له...
فقال لي :
إن دموع الكبار رخيصة ..وهو لا يتاجر بها ..
وقال:
الكبار يبكون دائماً يا ولدي ..!!
في المقبرة هناك نهر من الدموع ..
حتى أن أرملة الشهيد يوسف تمتلك أكثر من برميلين دموع لم أشترهما ..
يا بُني أنا أشتري ضحكات الكبار أما دموعهم فلا….لا أشتريها…

أنا تاجر نوادر:
أشتري شرفاً من العاهرات…
وكذباً من الأمهات…
حِكماً من المجانين….
ووفاءً من المسؤولين ..
يا بُني لا عمل لي بدموع الكبار .. كل الكبار يبكون…!!

وقبل أن يذهب همس في أذني قائلاً:
اليوم…يوم الجمعة.
د. زياد مظفر الراوي. مجموعة القارئ النهم. واتس