#اللغة_والكان

فخورون أم فخورين

فلنغتنم الفرصة من هذا المحفل ولنأخذ درسا في #لغةالضاد

جواز النصب في نحو: " فخورين بكم"

يجوز في الجملة السابقة النصب في كلمة "فخورين" على الحال على تقدير عاملها المحذوف لدلالة قرينة الحال عليه، كما يجوز الرفع أي " فخورون" على أنها خبر لمبتدأ محذوف. فتقدير الأول: خرجنا فخورين بكم أو فيما معناه، ودلالة الحال أكثر من أن يستدل عليها في هذا المقام والعرس الكرويّ، وتقدير الثّاني، نحن فخورون بكم. والاستدلال على هذه الدعوى كالآتي:

يجوز في النّحو حذف عامل الحال إذا عقل معناه عن طريق قرينة حالية أو مقالية، تفهم من ملابسات الخطاب والظروف المحيطة به، وقد مثّلوا له بقولهم للذاهب في سفر" راشدا مهديّا"؛ بمعنى: اذهب راشدا مهديّا، وللقادم من سفر بقولهم: " مبرورا مأجورا"، أي رجعت مبرورا مأجورا، وللشخص الذي يحادثك بقولهم: " صادقا" أي تقول صادقا، و الرفع فيما تقدّم على أنه خبر عربيّ جيّد لا خلاف فيه، وإنما جاز النّصب وحسن لأن القرائن الحالية والظروف الملابسة للخطاب نائبة ودالة عن الفعل المحذوف أو عامل الحال.

قال سيبويه في باب الفعل المحذوف المستعمل إظهاره:" ومما ينتصب على إضمار الفعل المستعمل إظهاره، أن ترى الرجل قد قدم من سفر فتقول: خيرَ مقدم، ... أما النصب فكأنّه بناه على قوله : قدمت. فقال: قدمت خيرَ مقدم. وإن لم يسمع منه هذا اللفظ ، فإن قدومه ورؤيته إياه بمنزلة قوله: قدمت." الكتاب 1/270.

وقال أيضا: " وأما قولهم راشدا مهديا، فإنّهم أضمروا اذهب راشدا مهديا....، ولكنه كثر النصب في كلامهم ؛ لأن راشدا مهديا بمنزلة ما صار بدلا من اللفظ بالفعل، كأنه لفظ برشدت وهديت." الكتاب 1/271. وينظر أيضا شرح المفصل لابن يعيش، 2/ 32.

ولقد ذكر أبو حيّان في شرحه على التسهيل أن مثل هذا الحذف سائغ غير موقوف على السّماع، حين قال: " وهذا النوع ليس بموقوف على السماع، بل كل ما فهم معناه يجوز إضمار الفعل فيه، ويجتزأ عن الفعل بما يفهم الحال."
التذييل والتكميل، 9/ 141.

ملاحظة: الغرض من المنشور محاولة توجيه ما يُعدّ لحناً وله وجه من العربية مرضيّ، عملا بالقاعدة: من توسع في كلام العرب لم يكد يخطّيء أحدا.

الأستاذ عمر بوشنة