حديثٌ في الحافلة
ميساء حلواني
في الصباح الباكر تدور الجافلة بين الحارات تقف عند المداخل تودع الأمهات الأطفال الى المدرسة ، بعضهن يودعن بقبلة و بعضهن بعناق كبير بعضهن بتلويحة يد او كلمة وداع او حتى نظرة عتب لشقاوة او مخالفة ،تختلف الطرق لكن يجمعها ان كل أم تحب طفلها على طريقتها و بلغة لا يفهمها سوا هي و طفلها
صعد سامي بعد ان ودع أمه باشارة من يدها، لوحت من الشباك و صعد مبتسما الى الحافلة و بنفس الابتسامة الكبيرة حيا الجميع و جلس في مقعده المعتاد تأمل في طريقه اليومي الى المدرسة
قال سامي:انظروا من شباك الحافلة، الكثير من الأبنية في كل مكان!
أجابه لؤي من المقعد الخلفي: إنها تنبت في كل مكان، مثل العشب، لقد زرعتها العام الماضي هههههههه
أجابه سامي: لو كانت تنبت هكذا لزرعت مدرسة، الكثير من المدارس، بلا أقساط وتكاليف ومواصلات وطرقات طويلة، مدرسة تتسع للجميع، نركض فيها ونلعب ونتعلم.
هنا تدخلت سلمى وقالت: كنتُ سأزرع المثلجات، أقطفها من الأشجار صيفاً شتاءً، دون ان أحسب مصروفي، ودون أن تخاف أمي نزلة البرد، ودون أن أتقاسمها أنا وأخوتي، نقطف ما يكفي الجميع و نأكل...يم يم
هنا فكرت مها بأمها الغائبة و قالت: سأزرع الأمهات، الكثير الكثير من الأمهات، إنهنّ حنونات، أريد أن أجد دائماً أمّاً لي وحدي، متفرغة، تنام قربي، وتذهب معي إلى المدرسة وتحنو عليّ وعلى رفاقي .
قاطعها عبيدة بطبعه المتسرع : ممكن أيضاً أن أزرع السيارات، وعندما تثمر سأتسابق مع رفاقي، ونلعب سباق سيارات و نقلبها ونكسرها ونقطف غيرها بسرعة.
قال له سامي: كل منا سيزرع ما يحتاج ويحلم به، أفضل شيء أن نزرع المال، نقطف المال جميعاً ونشتري كل ما نتمناه.
عادت مها الى افكارها ثم قالت بصوت عالي سمعه حتى السائق: لكنّ المال لا يشتري الأم وحنانها وسعة صبرها!
أطبق صمت كبير في الحافلة غطى أفكار الجميع
هنا قاطعتهم المعلّمة: أحبابي ها قد وصلنا إلى المدرسة، انزلوا بهدوء، سيقرع الجرس!