ألبرتو مانغويل ، الكاتب والمفكر العالمي صاحب كتاب تاريخ القراءة متحدثاً حول شغف القراءة وأهمية الكتاب ومستقبل الإعلام

حوار ــ جنات بومنجل

خاص بمجلة الاعلام والعصر
اقتنصنا فرصة وجوده في أبوظبي لالقاء محاضرة في مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام متحدثا حول "منافع القراءة "، بغية الجلوس إليه مستمعين ومستمتعين بكل طروحاته وآرائه المتعلقة بالأدب وشغف القراءة وقضايا الثقافة والاعلام.. هو أحد المثقفين الذين كرسوا سنوات طويلة من أجل الإطلاع على عيون الأدب بمختلف اللغات والترجمات، أعطى من جهده ووقته الكثير لينير مساحات متعتنا القرائية، ويحيلنا إلى كل ما له علاقة بنهم التجول في صفحات الكتاب وملامسة الصفحات واستنشاق عبير الورق في زمن تعاني فيه المقروئية أزمة حقيقية في ظل التطور الهائل للوساط التكنولوجية، لذلك كان لابد لنا من هذا الحوار الممتع بكل تفاصيله.
• ألبيرتو مانغيل، الكاتب والمترجم والقارئ الشغوف بالنسبة لكل الذين قرأوه أوعرفوه عن قرب، للذين لم يتعرفوا بعد على شخصك ، كيف يمكن أن تختصر لنا هذا الحيز الزمني والإبداعي من عمرك ؟
ــ الجواب على هذا السؤال صعب جدا.. لقد كنت محظوظا لكون الظروف ساقتني إلى موضوع القراءة خلال فترة لم يُكتب عن القراءة إلا الشئ القليل، وما اكتشفته هو أن القرّاء، في كل مكان، يشعرون بأنهم منعزلون داخل المجتمع، والإنطباع السائد لدى أي طفل يرغب في القراءة هو أنها أمر يريد منه المجتمع أن يتوقف عن القيام به والخروج بدل ذلك للعب والمشاركة في الحياة المجتمعية.
إذا كان للمرء رغبة في القراءة فإنه يشعر بطريقة أو بأخرى بأنه ليس هذا ما يتوقعه منه المجتمع، لأنه يتوقع منه أن يشارك في أنشطة جماعية، لذلك، عندما كتبت "تاريخ القراءة" اكتشفت أن القرّاء في جميع أنحاء العالم كانوا عند قراءتهم لأي كتاب يقولون:" ولكن هذه هي حكايتي".
حوارـ إعلام ثقافي
أما في ما يخص قصة حياتي فهي أقل إثارة للإهتمام.. لقد أصبحت قارئاً لأني عندما كنت طفلا كان والدي يعمل في السلك الدبلوماسي، وُكنّا نُسافر كثيراً، وأتذكر أني كنت كل ليلة أشعر بأني في مكان مختلف ولم أعرف معنى أن يكون للمرء بيت، كما أني لم أكن أعرف ما هي لغتي لأننا كنا نتحدث بلغات مختلفة، ثم عدنا إلى الأرجنتين.
لقد وجدت في الكتب ملاذا وبيتاً لي، وعندما كنت في الرابعة أو الخامسة من العمر، كنت أعود إلى غرفتي وأفتح كتابي لأشرع في القراءة لأنها كانت لي بمثابة سلوان.
بدأت في الكتابة عندما كنت مراهقا، لكن شعرت عندها أن ما كنت أكتبه لم يكن جيّدا بما يكفي، لذلك قررت وقتها أن أصبح قارئاً لا كاتبا، لكن، وكما يعلم الجميع، بمجرد أن يبدأ المرء في القراءة، فإنه يرغب في الحديث عما يقرؤه، وهكذا بدأت في الكتابة عن ما كنت أقرؤه ، ولم أتوقف منذ ذلك الحين.
• مكتبة الأسرة أصبحت ضرورة ملحّة في كل بيت يريد أن تشكّل القراءة فيه انحيازاً جميلاً لدى الأبناء.. حدّثنا عن مكتبة الأسرة، كيف اكتشفتها؟، وأي خصوصيّة منحتك ؟

ــ عندما عدنا إلى الأرجنتين، كان والدي قد اشترى لنا منزلاً وأقام فيه مكتبة، وهذه المكتبة لم تكن مكتبته "الشخصية" بالمعنى الحرفي، حيث قبل عودتنا كان قد طلب من سكرتيرته شراء كتب لملء رفوف المكتبة بها، وأذكر أن معظم الكتب التي اقتنتها السكرتيرة كان حجمها يفوق المساحة المخصصة لها بين الرفوف، لذلك قامت بقص أطراف الكتب لجعلها تناسب مكانها على الرفوف!، وكنت أستخدم تلك المكتبة، وقرأت تلك الكتب التي بُترت أسطرها الأولى، كنت أشعر بالدفء كلما باشرت بالقراءة.
وبدأت باستكشاف تلك المكتبة واكتشفت أشياء رائعة، واكتشفت أيضا أنني كنت أتمتع بالحرية في البحث والإطلاع عن أي شيء كنت أريده، بطبيعة الحال لم تكن تلك مكتبة للأطفال، لذلك، وإن تمكّنت من فهم بعض الكتب، عجزت عن فهم البعض الآخر، وكان هذا بمثابة التمرين والاستكشاف الخاص بي في هذه المكتبة.
عين قارئة
• قبل عملك في المكتبة وقبل أن تكون عينا تقرأ للعظيم بورخيس روائع الأدب العالمي.. هل كان يطمح مانغويل إلى شيء آخر غير الأدب، أم أنه خلق ليكون كاتبا ؟
ــ عندما كنت على وشك الإنتهاء من المدرسة الثانوية، ومثل جميع المراهقين كنت أفكر في ما سوف أفعله بعد الدراسة.. الكثير من الآباء كانوا يتوقعون من أطفالهم أن يصبحوا محامين أو أطباء أو مهندسين، أما أنا فلم أرغب في أن أصبح أيّاً من هؤلاء.
عندما أخبرت والدي برغبتي في العمل مع الكتب، أجابني بالقول: "حسنا، يمكنك أن تكون محامياً وفي الوقت ذاته تعمل مع الكتب"، لكنني قررت دراسة الأدب بدل المحاماة.
ما قام به بورخيس هو أنه منحني التفويض بطريقة أو بأخرى، لقد قال:" إذا رغبتَ في العيش مع الكتب، بإمكانك ذلك، لكنك لن تكون قادراً على كسب لقمة العيش بسهولة ".. كلّ من يعمل مع الكتب لا يحصل على مدخول قار".
اليوم بات من المعتاد سماع كتّاب مشهورين يحصلون على مبالغ مالية كبيرة مدفوعة لهم مقدماً، نظير كتب لم يكملوا كتابتها بعد، لكن معظم الكتاب لا يكسبون عيشهم من الكتابة، فعلى سبيل المثال، أنا أكسب رزقي من المحاضرات وليس من كتبي، بل حتىّ بورخيس نفسه عندما التقيت به حينما كنت أعمل في شركة للنشر، وكنّا قد طلبنا منه أن يرسل لنا إحدى نصوصه (كانت عبارة عن قصيدتين)، أعطيناه 100 بيسو، أي ما يعادل حوالي 10 دولارات، فأعرب عن دهشته لأنه لم يكن يتوقّع أن يحصل على مقابل، لذلك، أقول أنه أعطاني "التفويض" لفعل ما كنت أرغب في القيام به بشغف تام، ومن الأمور التي تحزنني كثيراً هو أنه عندما أتحدث إلى الشباب، خاصة في المدارس الثانوية، فإنهم يعربون عن قلقهم إزاء مستقبلهم وإزاء كيفية كسب عيشهم، لذا يختارون مساراتهم المهنية لاعتبارات مادية فقط بعيداً عن أي شغف، وبلا شغف لا يمكن للمرء أن يحقق النجاح الذي يصبو إليه.

قريبة منّي
• أعدت في كتابك "يوميات القراءة" قراءة بعض الأعمال التي سبق وأن عانقتها في مشوارك القرائي الطويل.. على أي أساس اخترت هذه الأعمال وطرحتها في هذا الكتاب؟
بعد "تاريخ القراءة"، أردت أن أكتب كتاباً يبرز إلى أيّ مدى تعد القراءة جزءاً من الحياة اليومية، بمعنى أن ما يقرأه المرء يشكّل في حد ذاته جزءاً من ما يجري في العالم، وما يحدث في العالم يعدّ بدوره جزءاً من الكتاب، لذلك أردت أن أبرز كل هذا.
أنا شخصياً أحتفظ بمذكرات يومية أكتب فيها ما يحدث في حياتي الشخصية وما يحدث في العالم، كما أكتب فيها حول ما أقرؤه، لذلك، هذا الكتاب يحاول القيام بذلك.. لقد اخترت بكل بساطة كتباً أرغب في إعادة قراءتها كل شهر.. لم أرغب في أن يشمل الإختيار "روائع" أدبية مثل أعمال شكسبير وهوميروس و دانتي، وغيرهم، بل كتباً عادية ، كتب أشعر بأنها قريبة مني.
لم يكن اختيار عمل كلاسيكي مثل دون كيشوت إلا بمحض الصدفة، لكن الكتب الأخرى تشمل روايات بوليسية مثل شيرلوك هولمز، و رواية معاصرة، و مذكرات ما وراء القبر لشاتوبريان، وغيرها.. يمكن للمرء أن يقرأ كتاباً واحداً فقط في الشهر، وسيرى ما سيحدث، أمور غير عادية يمكنها أن تحدث.
على سبيل المثال، كنت قد انتقلت للتو إلى فرنسا عندما وقعت أحداث 11 سبتمبر 2001 ، لم يكن لدي جهاز تلفزيون، لذلك تلقيت الأخبار عبر المذياع.. في ذلك الوقت، كنت أقرأ مذكرات ما وراء القبر لشاتوبريان، الذي كان متعاطفاً مع الثوار الفرنسيين لغاية تلك اللحظة التي رأى فيها رأسا مقطوعاً محمولا على رمح، عندها قرّر أن ينأى بنفسه عن الثورة الفرنسية ثم قال: " ليس هناك من هو أكثر جبنا وبغضاً و[...] من إرهابي".
هذا الموقف يتلاءم تماماً مع ما حدث مع هجمات 11سبتمبر، لقد شعرت وكأن شاتوبريان يتحدث إلي في زمني أنا، رغم مرور 200 سنة بيننا، حول شيء يحدث اليوم لم أستطع حتى توقعه، وهذا الأمر يحدث كثيراً، وأعتقد أن كل قارئ يعيش تجربة من هذا النوع، والأمر لا يمكن وصفه بكونه مجرد صدفة، بل الواقع أن الكتب تمنح حقاً الكلمات لما يحدث في العالم.
الطفل والقراءة
• يرى علماء النفس أن القراءة للطفل حتى قبل أن يولد لها فائدة كبيرة في تشكيل وعيه وخياله فيما بعد.. فهل تتفق مع ذلك ؟.
ــ أتفق تماماً مع هذا الطرح.. الجنين يتفاعل مع صوت الأم والأب، بل وحتى مع الموسيقى، ولقد ثبت من الناحية الفيزيولوجية أن الجنين يبدأ بتطوير مسالك عصبية معينة تتيح له لاحقاً تعلّم اللغة، لكن من بين أكبر الأخطار التي تهدّد هذا المسار التعلمي للطفل هو تفاعله منذ سن مبكرة (6 إلى 7 سنوات) مع أجهزة إلكترونية (تلفاز ، كمبيوتر، ألعاب)، حيث بفعل تعرّضه المكثف للشاشة الإلكترونية يبدأ بتطوير مسالك عصبية تتعلق بتعلم الصور، وليس تعلم اللغة أو مهارات اجتماعية أخرى.
بهذه الطريقة يتعلّم الطفل كيفية التواصل مع الشاشة، لكنه بالمقابل سوف يفتقر لقدرات اجتماعية وسوف يواجه صعوبة كبيرة في تعلم اللغة وتعلم التجاوب مع تعابير الوجه ونبرة الصوت، وغير ذلك، وهذه مشكلة خطيرة للغاية، كما أن دراسات ربطت بين ارتفاع معدلات مرض التوحد لدى الأطفال ونسبة تعرضهم العالية لشاشات أجهزة إلكترونية.

• يقول الروائي العربي الراحل ابراهيم أصلان: لقد كُنت في صراع دائم مع نفسي بسبب الكتابة، وعلاقتي بها كانت قاسية جداً ومليئةً بالوساوس، أعتقد أن الأمر ذاته يتكرّر مع الكثير من الكتاب والمبدعين في الكتابة، وفي شتىّ الفنون.. كيف هي علاقة مانغويل مع الكتابة؟
ـــ إذا كان لي أن أختار، سأختار دوماً القراءة على الكتابة، لأن هذه الأخيرة أكثر إجهاداً وصعوبة من القراءة بسبب الجهد الجسدي المطلوب في عملية الكتابة، إضافة إلى ذلك، أجد الكتابة أقل ارضاء بكثير مقارنة بالقراءة.
عندما يقرأ المرء فإنه يدخل في علاقة مع كلمات قام شخص آخر بكتابتها على الورق، و يتجاوب مع هذه الكلمات انطلاقاً من تجربته الشخصية، لكن في المقابل عندما نقوم بالكتابة فإننا نسعى إلى ترجمة تجاربنا إلى كلمات، وهو مسعى لا يتحقق قط على النحو الذي نرغب فيه، اللهم إذا كان المرء عبقرياً، وذلك يرجع جزئياً إلى أن اللغة نفسها غالباً ما تكون عقبة أمام ما يريد المرء أن يعبر عنه.

القراءة وصناعة الرأي
• يقول أحد الكتاب أن قراءة الرواية لا تأتي من أجل معرفة آراء كتابها، لأن معرفة رأي الكاتب أو موقفه مسألة سهلة لا تحتاج إلى كتاب لنعرفه، ولكننا نقرأ الروايات لتساعدنا على أن يكون لنا موقف..هل تصنع الرواية اليوم موقفاً، أو رأياً عاماً كما هو الحال قبل سنوات كثيرة؟.
ــ هذا الأمر يعتمد على القارئ، فأنا لا أؤمن بالتسلسل الزمني الرسمي للكتب.. أعلم بالطبع أن هناك كُتباً ألّفت قبل مئات السنين وكتب أخرى ألفت اليوم، لكن شخصياً لا أقرؤها على هذا النحو. فعلى سبيل المثال أشعر بأني أقرب زمنياً إلى إلياذة هوميروس من رواية أمريكية حديثة، لأني أشعر أن الإلياذة تتحدث إلى واقِعي بشكل أفضل من رواية تتحدث عن معاناة شخص ما يعيش في بروكلين اليوم، لذلك أعتقد أن القارئ هو الذي يقوم باستمرار بتحويل ما تحمله صفحة الكتاب، وفي مرات كثيرة يمكنه جعل الكتاب كتاباً أفضل بفعل عملية القراءة.
من الورق إلى الشاشة
• نجحت بعض الأعمال الأدبية في أن تكون ناجحة أيضا سينمائياً، قس على ذلك فيلم العطر المأخوذ عن وراية بنفس العنوان لباتريك زوسكيند، والحب في زمن الكوليرا لغابريل غارسيا ماركيز.. هل تجد أن هناك أعمالا أخرى بحكم اطلاعك الواسع على النتاج العالمي تستحق أيضا ان تنتقل بنا من صفحات الكتاب إلى شاشة السينما؟
ـــ لم أشاهد الفيلمين اللذين ذكرتهما لكن قرأت الروايتين، أعتقد أن ترجمة الكتب إلى أفلام أمر مثير جدا للاهتمام، لأنها تحولها إلى شيء آخر، قد يكون أحيانا أسوأ، لكن في حالات كثيرة تكون النسخة السينمائية أفضل من الكتاب نفسه، بالنسبة لسؤالك بشأن الرواية التي أود أن أشاهدها كفيلم سينمائي، أتساءل: لماذا لم يتم حتى الآن تحويل نص "البومة العمياء" لصادق هدايت إلى فيلم، هناك أيضا رواية للكاتب الأرجنتيني أدولفو بيوي كاساريس تحت عنوان "حلم الأبطال"، وأعتقد أنها قد تُجسد فيلماً رائعاً.. طبعاً هناك العديد من الروايات التي يقرأها المرء و يرغب في مشاهدتها على الشاشة.

• يقول الناقد العربي جابر عصفور أن هذا الزمن هو زمن الرواية، فهي تقرأ الآن وتكتب كما لم يحدث من قبل.. هل هو الشأن ذاته لدى المتلقي الغربي؟
ــ أعتقد أننا في الغرب لدينا علاقة مختلفة مع الشعر والأدب القصصي.. أرى - وهذا انطباعي الشخصي- أن الشعر والفلسفة لا يزالان يحظيان بمكانة مختلفة، حتى لا أقول متميزة، مقارنة مع المكانة التي تحظى بها الرواية في العالم العربي.
يبدو أن الشعر والفلسفة يجذبان اهتمام القارئ العربي، ويخاطبان وجدانه بشكل أكبر ربما لأنهما يطرحان تساؤلات مجردة وأساسية عامة في طبيعتها، عكس الرواية التي تجسد تلك التساؤلات وتصورها.
في الغرب، ومنذ القرن 17، لقيت الرواية رواجاً بين القراء لكونها تمثل شيئاً مباشراً وملموساً مقارنة مع الألوان الأخرى، وما أجده مثيراً للاهتمام هو أنه خلال فترة الصراعات وأوقات الشدة، يبدو القرّاء أكثر اهتماماً بالشعر من الرواية، وفقاً لما لاحظته عندما كنت في لبنان خلال الحرب أو في العراق قبيل سقوط صدام أو في تركيا خلال فترة الصراع مع الأرمن، لكن في الأساس أعتقد أن الشعر هو الذي يخاطب وجداننا بشكل أعمق.

"سندباد" العربي
• رغم المسافات الكثيرة والحدود الجغرافية غير أن الأدب بفضل الترجمة تخطّى ذلك ووصلت إلينا أعمال كافكا وفرجينيا وولف وغارسيا وتولستوي.. كيف هو حال الترجمة مع الأدب العربي الحديث.. مالذي يصل منه إليكم؟
ــ لا أشعر بأن لديّ معرفة كافية بأعمال من الأدب العربي الحديث، رغم أنني أحاول أن أقرأ ما أستطيع قراءته.. دار النشر الفرنسية التي أتعامل معها تقوم بنشر سلسلة من الإصدارات تحت عنوان "سندباد" تضم العديد من المؤلفات من العالم العربي، لذلك أحاول أن أتعرف عليها، وبخصوص اهتماماتي في هذا الشأن، أجد نفسي منجذباً أكثر إلى الشعر الجاهلي وبعض الأعمال الفلسفية والرواية الحديثة، وهناك العديد من الكتاب العرب الذين أكن لهم كل الإعجاب، لكن ما زلت أشعر أنه ليست لديّ معرفة كافية بالأدب العربي، وأعتقد أن المؤلفات الحديثة باللغة العربية أصبحت معروفة بشكل أفضل بعد حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل للآداب، ومع ذلك أعتقد أن هذه المعرفة لا تزال غير كافية.
سِير متعدّدة
• قال لك ذات مرة الكاتب الكندي ستان برسكي:" يجب على القرّاء أن يكون لهم مليون سيرة ذاتية ".. إشارة إلى ما يعثر عليه القاريء في صفحات ما يقرأ ويشبه حياته الذاتية.. فهل عثرت على ملامح ذاتك في بعض ما قرأت، وهل رقصت مع زوربا مثلا أو بحثت عن سر الخلود في العطر مع غرينوي ؟.
ــ ستان بيرسكي صديق مقرّب لي، وأعتقد أن ما قاله صحيح من ناحيتين: تتمثل أولاهما في إيجاد المرء لنفسه في عدد من الكتب المختلفة، تماما كما حصل معي لفترة طويلة، واليوم ومع تقدمي في السن، أضحيت أجد سيَري الذاتية في عدد أقل من الكتب التي أعيد قراءتها، وفي كل مرة أعيد قراءتها تَتكشف لي فترة مختلفة من حياتي، على سبيل المثال، إذا أخذنا كتاب أليس في بلاد العجائب، عندما قرأته في سن 9 أو 10 لم أفهم منه الشئ الكثير، رغم أنه يبدو عبارة عن قصة مغامرات موجهة للأطفال، وبعد ذلك بفترة قليلة، عندما قرأته مرة أخرى، كانت قصة أليس في ذاك العالم السخيف تُجسد علاقتي مع عالم البالغين بقوانينهم وقواعدهم السخيفة.
وفي وقت لاحق، قرأت "أليس" من جديد لأجدها كأنها تنتمي إلى عالم سريالي، لكن بعد ذلك، بدا لي، في قراءة أخرى، أن أليس دخلت عالماً شبيهاً بعالمنا حيث تهيمن السطوة المالية، ما أقصده من كل هذا هو أن المرء يرى باستمرار انعكاسات لحياته الخاصة في كتاب أو كتابين أو ثلاثة.
اقرئي كي تحيي
• يقول غوستاف فلوبير في إحدى رسائله " اقرئي كي تحيي .." ذلك أن بين الكتب حيوات كثيرة لابد أن نعيشها.. هل فعلا تمنحنا القراءة عمراً أطول من عمرنا الافتراضي؟، وما الذي يوجد الآن على أجندة قراءات ألبرتو مانغيل هذا العام؟
ــ ليس تماماً، لكن أعتقد أن القراءة تساعد المرء على فهم معنى حياته سواء كُتب له أن يعيش 20 سنة أو 100 سنة، فهي تمنحه الكلمات لوصف ما يقوم به.. قبل فترة طويلة من خوضي لتجارب مثل الصداقة والحب والمغامرة، كنت أمتلك كلمات هذه التجارب من خلال القصص التي كنت أقرأها.
• قلت بأن القراءة أعطتك عذراً مقبولاً لعزلتك.. إلى أيّ حد تستحوذ عليك هذه العزلة الآن؟
ــ القراءة تمنحك فعلاً عذراً لعزل نفسك لكن ليس لنفيها إلى الأبد، بل من أجل الدخول بشكل أفضل إلى الواقع.. إن أولئك الذين يعارضون الفعل الفكري يقولون أن القراءة تفصل المرء عن العالم، وهذا ليس صحيحاً، يمكنك اختيار القيام بذلك بفعل إرادتك، لكن إذا قرأت على نحو معمّق، سوف تدفعك القراءة إلى عيش واقعك بقوة، فهي تجعلك ترى العالم بطريقة مختلفة، وهو ما عايشته شخصياً.
• هل توقعت قبل 20 سنة من الآن أنه سيأتي الزمن الذي قد تضع الكتاب برائحة طباعته وعبق الورق وملمس الغلاف وما تتركه عليه من هوامش وملاحظات لتركن الى كتاب الكتروني على شاشة باردة؟
ـــ إذا وجدت نفسي في وضع يجبرني على قراءة نسخة إلكترونية لكتاب ما سوف أفعل ذلك، لكن لا أستطيع أن أتخيّل اليوم وضعاً يكون فيه ذلك أمراً ضرورياً.. لقد توقعت حدوث ذلك لأنني من قرّاء قصص الخيال العلمي، ولأن مثل هذا التطور يتردد بشكل متكرر في هذا النوع من القصص، بل أعتقد أن الأمر لن يقف عند هذا الحد، أتوقع أن نصل إلى مرحلة ما من التطور قد يتم فيها زرع شرائح إلكترونية في دماغ الإنسان لتحميل النص مباشرة إليه.. لقد بتنا قاب قوسين من تحقيق ذلك، وتكنولوجيا اليوم ستبدو قديمة الطراز حينها، لأننا دوماً نبحث عن طرق جديدة لحمل ونقل النص، والتطور السريع الذي يشهده مجال علاقة التكنولوجيا بالدماغ يوحي إلى أننا متجهون نحو زراعة وسائط في الدماغ البشري، لكن أعتقد أنني سوف أستمر في قراءة الكتب المطبوعة مهما تطورّت هذه التكنولوجيا.
• هل الصحافة بشقيها المطبوع والإلكتروني أنقصت من رصيد القراءة؟
ــ لا أعتقد ذلك، فإذا أخذنا نسبة القرّاء في الماضي في أي مجتمع سنجد أنها ظلت تقريباً كما هي، بصيغة أخرى، لا أعتقد أن تغيراً كبيراً حدث على مستوى نسبة القراء في المجتمعات رغم تزايد عدد السكان، ما تغير هو أن المزيد من القراء أصبحوا قراء "استهلاكيين".
في العصور الوسطى، كان لدينا كتباً رديئة لقيت رواجاً كبيراً، مثل "حياة القديسين" و"الأسطورة الذهبية" وغيرها، واليوم لدينا كتب المؤلف / دان براون/ التي أثارت اهتماماً كبيراً، وولّدت قرّاء يستهلكون هذا النوع من الكتابة، لكنها لم تولّد قراء بالمعنى الحقيقي للكلمة.. في زمننا هذا أصبحنا نقيس مدى نجاح كتاب ما بالأرقام (مبيعات ، انتشار ، إلخ) عكس نجاحه من ناحية مدى تأثيره الفلسفي أو الأخلاقي أو الأدبي على المجتمع.
صورة وكلمة
• بالنسبة للإعلام، هل تجده مزعجا أم مثريا لك ككاتب؟ هل يهمك الآن بقدر ما كان يهمك في مرحلة بدايتك ككاتب؟ ما موقفك من الإعلام؟
ــ أينما ذهبت ستجد وسائل إعلام صحفية ذكية وأخرى رديئة، وأعتقد أن الصحافي يؤدي وظيفة أساسية في أي مجتمع لكن، وفي حالات كثيرة، تكون وسائل الإعلام خاضعة لسيطرة الحكومة، وبالتالي لا يمكنها القيام بوظيفتها حقاً.. بإمكان الإعلام خلق شخصيات بطولية كما هو الحال في بعض البلدان التي يقوم فيها بعض الصحافيون بواجبهم على أكمل وجه مخاطرين أحيانا بحياتهم في سبيل ذلك، لهذا أعتقد أن وسائل الإعلام الصحافيّة مهمّة جدا، لكوننا بحاجة إلى معرفة ما يجري في عالمنا.
• كونك من المثّقفين الكبار، كيف ترى مستقبل الصحافة؟.. هل ترى أنه سوف يعتمد على الصورة أم الكلمة؟.
ــ كلاهما طبعاً، فخلال فترة النهضة، كانت أنباء اندلاع حرب ما تصل إلى القارئ بعد مضي أسبوع أو شهر على الأقل، في حين بات الأمر يتم في لمح البصر في الوقت الحاضر.. لقد شاهدنا أحداث الثورة العربية بشكل مباشر، ونرى ما يحدث في سوريا، ونعرف ما يحدث هناك لأن شخص ما يحمل هاتفه الخلوي وينقل على الهواء ما يجري بالصوت والصورة، لذلك نحن في حاجة إلى الصورة والتعليق المرافق لها حتى تكتمل الصورة ويكتمل التحليل الخاص بالحدث.

شبيه ريتشارد الثالث
• هل علاقتك بالصحافيين جيدة مثل علاقتك بزملائك الكتاب والأدباء؟
ــ ذلك يعتمد على عدة أمور.. لقد أَدرتُ طوال سنوات عدة ندوة حول الصحافة الثقافية في كندا، وكانت مثيرة للاهتمام لأنها كانت بمثابة فرصة للصحافيين المشاركين في الندوة كي يعملوا على موضوع ما بعمق على مدى فترة من الزمن، وحالياً بات لدي أصدقاء صحافيون، وإن كان عددهم أقل من أصدقائي من الكتاب!
• هل أزعجك صحافي يوما ما؟.. و في أي موضوع؟
ــ في كندا لدينا شخص شبيه بـ/روبرت مردوخ/ يدعى /كونراد بلاك/.. كان يملك عدداً من الصحف، وقام بشراء صحيفة تدعى "كالغاري هيرالد" و سرّح عددا من الصحافيين العاملين فيها وقرر أن تقوم هذه الصحيفة بنشر أخبار يتم شراؤها من جرائد أخرى لأن ذلك كان يكلفه أموالاً أقل، لذلك، نظّم الصحافيون إضراباً وانضممتُ إليهم دعماً لهم.
وكان الصحافيون غاضبين بسبب الوضع الجديد الذي قلّص من حجم عملهم، وبعد مفاوضات تمكّن كونراد بلاك من إقناعم بالعودة إلى العمل حتى يتسنّى إيجاد حل للأمور، لكن بمجرد استئنافهم للعمل قام بطردهم.. لم أتمكن من فهم مدى سذاجة الصحافيين، و كالعادة، لجأت إلى الأدب كوسيلة لتفسير وفهم ما جرى، فكتبت مقالا حول الموضوع مستلهماً من مسرحية شكسبير "ريتشارد الثالث"، حيث أشرت إلى المشهد الذي يغازل فيه الملك ريتشارد /الليدي آن/ و يقنعها بأن تصبح عشيقته، على الرغم من أنهما كانا يتحدثان بجوار نعش والدها وزوجها اللذين قام هو نفسه بقتلهما، وبعد نشر هذا المقال، تم استدعائي للمحكمة بسبب تشبيهي لكونراد بلاك بـ "ريتشارد الثالث" الذي كان أحدباً وبشع الملامح، فاضطررت إلى تقديم توضيح بأن الأمر لم يكن سوى استعارة استخدمتها لتشبيه تكتيكات كونراد بما قام به الملك ريتشارد، بغض النظر عن الملامح الجسديّة لهذا الأخير.
صحافة سيئة
• أجريت حوارات في فرنسا وكندا والولايات المتحدة وبريطانيا وحتى في العالم العربي.. ما هي الصحافة الأقرب إليك ككاتب من كل تلك العوالم المختلفة؟
ــ في نظري أسوأ صحافة واجهتها كانت في الولايات المتحدة الأمريكية، وأعتبرها أكثر تفاهة وسطحية من نظيراتها.
في مرّات عديدة يجري صحفيون أمريكيون مقابلات معي دون حتى قراءة ما قمت بكتابته، فعلى سبيل المثال، ذات مرة، قالت لي صحافية خلال مقابلة منقولة على قناة تلفزيونية " لَم أقرأ كتبك، حدثني عن ما تفعله "، فأجبتها، "آسف، لن أقوم بعملك بدلاً عنك، فأنت تتلقين أجراً من أجل ذلك!" فشعرَت بانزعاج كبير، وكانت تلك من المناسبات النادرة جداً التي أتحدث بها إلى شخص بهذا الأسلوب، لكن، بالمقابل تجد صحافيين أذكياء يقومون بعملهم بشغف في كل مكان، وأحيانا يندهش المرء عندما يأتي إلى مكان لا يتوقع أن يقابل فيه من يهتمون بأعماله، فيجد أشخاصاً يتحدثون معه عن مؤلفاته ويتجاوبون معه بتفاهم تام، تماماً كما هو الشأن معكم و مع مجلتكم.
• هل لديك ملاحظات على الإعلام العربي ككل؟
ــ لدي معرفة قليلة جدا به، لأن ما نشره الإعلام العربي عني كان باللغة العربية التي لا أعرف القراءة بها، لذلك لا أعرف ما يتم نشره، لكنني على علم بأنه في كثير من البلدان العربية، يواجه الصحافيون صعوبات في القيام بعملهم بسبب كل أنواع القيود.
بعض البلدان يتمتع بحرية أكبر من غيره، في لبنان على سبيل المثال اكتشفت أن الصحافيين يتمتعون بقدر أكبر من الحرية، بينما في مصر مثلاً يلجأ الصحافيون إلى كل أنواع الحيل لتجنب الرقابة، وبالطبع يختلف الوضع من بلد إلى آخر، ومن زمن إلى آخر، لكن أعتقد أنه من الصعب جدا الجواب على هذا السؤال من زاوية واحدة فقط.
الكاتب وشهرته
• ما الذي يخلق شهرة الكاتب، النص أو الإدارة الواقفة خلفه؟، وهل يمكن الاستثمار في الأدب؟، بمعنى هل سياتي يوم يدفع المتلقّي فيه ثمن التذكرة ليسمع قصيدة أو يشاهد كاتبا؟
ـــ بخصوص سؤالك الأول أعتقد أنه يتعين تحديد ماذا نعني بكلمة "شهرة".. يمكنك أن تكون مشهوراً لأن كتابك صُنف ضمن أكثر الكتب مبيعاً في الأسبوع، لكن هذا النوع من الشهرة سرعان ما يختفي.. الشهرة التي تدوم أكثر تعقيداً من ذلك بكثير، لأنها تصمد بعد مرورها عبر أجيال من القراء، لذلك، يتم قراءة الكتاب والحكم عليه من وجهات نظر مختلفة، الأعمال الأدبية العظيمة، أي ذاك النوع من الكتب التي مرت عبر سلسلة من القراء، أثبتت قيمتها عبر الزمن، وستأتي في كل مرة في الصدارة، على سبيل المثال، دون كيشوت وإلياذة هوميروس، وغيرهما، لكن من المدهش أن الوصفة لتحقيق عظمة عمل ما تبقى غير معروفة، فقد قال أحدهم ذات مرة: " لتأليف كتاب عظيم، هناك ثلاث قواعد أساسية، للأسف، لا أحد يعرف ما هي" ( يضحك ).
في ما يتعلق بالشق الخاص بالجانب المالي من سؤالك، أعتقد أن المشكلة هي أنه في وقتنا الحاضر، عندما نقول أن شيئا ما له قيمة، نعني في الواقع قيمته المالية.
لو طرحت سؤالاً في زمن /دانتي/ أو حتى في القرن 19 حول قيمة كتابه، سوف تحصل على إجابات بشأن القيمة الروحية، والقيمة الأخلاقية، والقيمة الدينية والقيمة الفلسفية، والقيمة الأدبية، وغيرها من القيم الأخرى.. اليوم هذه القيمة تقاس من وجهة النظر المادية، وبالتالي فإن المجازفة بتقديم ثقافة بدون مقابل مادي- وهو ما ينبغي فعله - تبقى مؤكدة لأن في مجتمعنا بات الناس لا يُقدّرون الثقافة.
لكن من الناحية العملية، أعتقد أنه سيكون من الجيد جداً توزيع كتب بالمجان في أماكن معينة، وهنا أنطلق من تجربة عايشتها في هذا المجال، حيث عندما كنت في مرحلة المدرسة في الأرجنتين، كان بإمكاننا اقتناء كتب من روائع الأدب الأرجنتيني بأسعار رخيصة جداً في جميع المدارس، وبات كل واحد منا قادر على الحصول على مجموعته الخاصة بمصروف الجيب فقط، لقد كان ذلك غاية في الأهمية.. إذا استطعنا تحقيق ذلك اليوم سيكون أمراً مفيداً جداً، لأنه من المهم جداً أن يشعر القارئ بأنه يمتلك الكتاب.
المسافر والبرج.. والدودة
• هل سينتهي ذات يوم زمن الكتاب وتصبح المكتبة الالكترونية بديلا للأرفف والدواوين والتواقيع؟
ــ لا نعرف ماذا سيحدث حينها، لكنني أشعر أنه ما دمنا نتمسّك بالقليل من إنسانيتنا سوف نحتفظ بالكتب، عندما قُمنا باختراع الكتاب اخترعنا شيئاً يمكننا أن نلغي من خلاله الزمان والمكان، وبذلك أصبحنا قادرين على التحاور مع شخص توفي منذ ألف سنة في بلد لم نزره في حياتنا، ويمكننا التجاوب معه عن طريق الكتابة على الهوامش، وحمله في جيوبنا وفتحه متى شئنا، ولقراءته كل ما نحتاج إليه هو ضوء الشمس، ولسنا بحاجة إلى كهرباء لتشغيله، وما إلى ذلك.. لا أعتقد أن هذا الشيء الرائع والمتكامل سيزول إذا حافظنا على القليل من ذكائنا كبشر.
• هل من كتاب جديد تعمل عليه الآن؟
ــ لقد انتهيت للتو من تأليف كتاب صغير تتمحور فكرته حول القارئ كاستعارة، ركزت فيه على كيف يتم الحديث عن القارئ والكتب في مختلف المجتمعات، أردت من خلاله إبراز كيف نعرف أنفسنا كمجتمع من خلال مفردات القراءة، سوف يحمل الكتاب عنوان 'المسافر والبرج والدودة "، وذلك إشارة إلى ثلاث استعارات ذات صلة بالقارئ، حيث " السفر" هو كناية عن "القراءة"، و" البرج العاجي" هو كناية عن القارئ الذي يتقاعد، وأخيرا "دودة الكتاب" (bookworm) التي تختلف معانيها من ثقافة إلى أخرى لكنها تجسد القارئ النّهم الذي يحب القراءة.
قاريء مثالي
• قرأت كتابيك الرائعين "تاريخ القراءة" و"يوميات القراءة"، والمتمعّن فيهما يعي أنك قارئ نهم لكل عيون الأدب بلغات كثيرة، هل من وصفة يمكننا من خلالها صناعة قارئ محترف؟
ــ لقد حاولت ذات مرة إعداد قائمة طويلة من التعريفات لمن يمكن أن يصطلح عليه "القارئ المثالي"، لكن ما خلصت إليه هو ما من سبيل للوصول إلى قارئ مثالي متكامل، وأعتقد أنه لا يمكن الحصول على قارئ قادر على استخلاص كل ما يمكن للكتاب أن يقدمه، و أرى أن القارئ الأفضل هو الذي يمكنه جعل الكتاب يكبر برفقته، إذ بمواصلة اكتشاف المزيد من الأشياء في كل قراءة يقرأها للكتاب يواصل هذا الأخير في النمو، والأمر لا يتوقف عند هذا الحد بالنسبة للقارئ.
• كيف وجدت أبوظبي وأنت تزورها للمرة الأولى ؟
ــ لم أحظ بعد بفرصة زيارة أية أماكن لحد الآن، لكنني كمتابع لنهضة دولة الامارات لا أنكر إعجابي بما تقدمه أبوظبي من تنوع عمراني وسياحي وبنية تحتية واهتمام بالثقافة من بينها مشروع السعديات.
ــــــــــــــــــــــ