أسماء اهالي دمشق...
بينما كنت اتجول في شوارع دمشق يوماً وجدت ورقة نعوة باسم "الشابة انصاف." فاجأني الإسم تماماً. "انصاف" إسم قديم، درج بين الدمشقيات من الثلاثينات حتى الخمسينيات القرن الماضي، ويعتبر بحكم المنقرض اليوم، تماماً كما هو الحال مع "إسعاف، وإمتثال، وإفتخار، وإعتدال."
العكس صحيح، طبعاً. هنالك أسماء دارجة اليوم، لم تكن موجودة في قاموس العائلات السورية منذ 50 عام، مثل تيم، وجيدا، سما وشام.
في دمشق، لكل جيل سلسلة من الأسماء درجت مع ظرفه الإجتماعي والسياسي وارتبطت مع فئته العمرية.
قبل عام 1918، اي في العهد العثماني، كانت معظم اسماء الأولاد في مدينة دمشق ما حمد وعبد، وكل مايضاف الى كلمة "الدين" مثل خير الدين، وصلاح الدين. وطبعاً درجت الأسماء التركية انذاك، مثل "حكمت ونوزت، وعصمت، وفكرت، ونجدت."
كما درج اسم "عبد الحميد" الذي يطلق على الأطفال تيمناً بالسلطان عبد الحميد الثاني، فينادونه اهله واستاذته في الكتاب ب"حمدي" عند التوبيخ أو التوجيه، وكان من اللا معقول ان يقال: "تعى ولا عبد الحميد" لأنها ستعتبر إسائة للسلطان المعظم.
اما بالنسبة للنساء في العهد العثماني، فدرجت الأسماء العربية الإسلامية لجيل كامل من السوريات مثل: "فاطمة، وزينب، وخديجة، وعائشة."
وعند المسيحيين الذكور كنا نجد "فيكتور وفلاديمير ونقولا وموريس وميشيل، وبولوس، وجرجي (جورج)، ومخاييل." اما الاناث فماري، وتريز، وانطوانيت، وجوليت، وايفيت، وفيوليت، واوديت، وايفون.
بعد سقوط الدولة العثماني، درجت فكرة القومية العربية في بلاد الشام، وقيل للمواطن أن الوطن فوق كل الأديان، وأننا كنا عرباً قبل ان نكون مسيحين أو مسلمين او يهود. هنا بدأت عائلات دمشق المسيحية الاعتماد على الأسماء العربية الحيادية التي لا تدل على مذهب او دين: "محرز وايوب وامين، وغسان ويوسف" للرجال وليلى، وشروق، وخلود، وربا للنساء.
أما عند الدمشقيين المسلمين، سمي اطفال تلك الحقبة بأسماء عربية اصيلة: "قيس، عقبة، صخر، مروان، وعمر، ومعاوية، وزيد" وطبعاً اسم ملك البلاد "فيصل" الذي شاع جداً، واسم والده "حسين" نسبةً للشريف حسين بن علي. اما عند النساء فالأسماء المفضلة فكانت: هند، ونوال، ومريم، وسميحة ومديحة ومطيعة وقمر وووصال، وعناية وأمتثال، وصباح...

ما بين 1920-1939 عادت الأسماء المسيحية الى التداول مثل الياس، وحنا واما عند المسلمون: فهمي، ورسمي، ونظمي، ولطفي وشكري وفخري ورشدي. طبعاً كل هذا الأسماء اختفت من التداول اليوم.
خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) أعجب بعض السوريون بشخصيات أجنبية وباتوا يسمون أولادهم: هتلر وستالين وغاندي.
منذ عام 1956 وحتى نهاية الستينيات درجت الأسماء الناصرية في سوريا: جمال وناصر (وكلاهما يدعى أبا خالد) وعامر (نسبة للمشير عبد الحكيم عامر).
القوميون السوريون يسمون أولادهم: سعادة نسبةً للزعيم أنطون سعادة.
الأخوة الفلسطينيين يسمون ابنائهم وبناتهم نسبة لقضيتهم: كفاح ونضال وثورة ونداء وفداء...
في السبعينات درجت أسماء عربية "خفيفة": فادي وكريم وخالد وسامر وسمير اما للبنات: رشا ولارا وميس وميسا، غالية، شيرين، نسرين، لينا، وهلا وعلا.
اما في الثمانينات وامتدت للتسعينيات وجيل درجت أسماء كثيرة كفرح ومرح ، عبير ، يارا ، سارا للاناث اما الذكور كسامي، رامي لؤي، وشادي وفادي وغيرهم الكثير .كما ودرجت عادة اضافة "ال التعريف" على بعض الاسماء وخاصة الاسماء التي ترتبط بمعاني البطولة مما يضفي عليها شيئ من التفخيم والتعظيم كالمثنى والمهند والكلثوم...
وأنتم ما هي قصة أسمائكم ؟
وشوشات شامي عتيق
Sami Moubayed - سامي مبيض