في سبعينيات القرن الماضي كانت مشاوير الشباب في الشام وأطرافها محدودة ... ما بين تفتيلات الصالحية و أبو رمانة و أبعدها بلودان .. وأقربها للصياعة باب توما في شوارع دمشق ....الشام تتناول بعض الحلوى من محلاتها أو السندويش من بعض محلات فابيان أو تساقي بوز الجدي أو فوال صلح (تصليحة بسوق العتيق) التي كانت قليلة الانتشار والعدد في حينها .... بس والله حلوة تلك الأيام ...
في كل شارع من شوارع الشام ما يميزه ... فالصالحية بن البكري والمشهور دامر وبوظاته الرائعة و حتى الكاتو فيه غير شكل ... او أن تأكل سندويشة الشاورما من ابو العبد و تتحلى بهريسة بروكي المقابل له ....مسرح الحمرا بتنسي حالك و ان ما عجبك تعدي عند كنافة اباظة ناعمة أو خشية ما ب تنسى طعمها تحت أسنانك بالمرة ... وب المساء وأنت تتجول وتستعرض شبابك أمام الفتيات الأنيقات لا بد من تناول الآيس كريم من محل " موكا " بجانب موقف أبو رمانة ...
وعند الخروج من ثانوية ابن خلدون والجوع يقاتل عصافير بطنك لا بد أن تتناول سندويشة خاروف محشي من محل بامبو في الصالحية بجانب البرلمان .. أو تروح عند أبو شاكر كمان و كمان ..
في سبعينيات القرن الماضي لم تكن دمشق تعرف الفريز بتلك الندرة الكبيرة التي تغزو تلك الفاكهة بها الأسواق في فصل الربيع .. وكان يهربوها من بيروت .. فلابدّ من غزوّ لمحل ديليس في وسط الصالحية لنأكل الفريز بالكريمة غالي الثمن .. إذ كنا ندفع خمسة ليرات ثمن الصحن ... و طعمته غير وغير ..الأصدقاء يتناولون " الشوكولامو .. هذه الكأس الفاخرة - في تلك الأيام - فارعة الطول التي لا يجاريها في رشاقتها سوى الملعقة المتطاولة التي تغوص إلى أعماق الكأس لتسحب حتى الثمالة الذائبة وتلحوسها ع الآخر و الله غير ..
أما إذا ضايق خلقك ...أكتر و أكتر تركب باص دمر الهامة أو قدسيا وتروح على قهوة أبو ذراع أو أبو شفيق لتسمع أم كلثوم تصدح بالطرب الأصيل وتعيش ألف ليلة وليلة أو دارت الأيام ....... وهنالك ترى .....?
وفي زاوية القهوة تقبع تلك الآلة السحرية المذهلة التي - وبليرة واحدة - تسمعك أغنية من الأغاني الرائجة فتقلب الاسطوانة لتبدأ الموسيقا تملأ الأجواء رومانسية .. جونز .. هامبوردينغ .. البيتلز ......أو فيروز ...أو أي أغنية تحبها وتسمعها لغيرك كمان والله زمان ...
نعم لقد كان زمن الرتابة المفرطة .. زمن تقدير الاشياء وقيمتها .. زمن ندرة المال والتكنولوجيا ووفرة السعادة والقناعة
والتعب على الذات واقتناء القيم .. زمن الصدق والصداقة والمحبة والمسؤولية .. التي نفتقدها كثيرا هذه الأيام ..
وفي الختام لا نقول إلا آآه يا شاااام على ذكريات جميلة من أيام الزمن الجميل وهديك الأيام ..