جولة في المدينة المنهكة حتى عظامها ملأتني بالاسى
لا يمكنني أبدا الخلود الى النظرة الرومانسية و القول ان دمشق ارتدت الابيض او الابيض يليق بها او دمشق غافية تحت الثلج
لا يمكنني ايضا ان اتقبل ان تقول احدى محطاتنا الاعلامية ان الثلج ملأ قلوب الناس بالمحبة و البياض و البراءة و ما شابه
هذا كله لم يحدث أبدا
مدينتي غاصت تحت الابيض مرغمة و هي ترتجف من البرد و يكاد الصقيع ان يتلف عظامها و الابيض لم يكن يوما ليليق بها ثوبا و انما حلية ياسمينية تغزو بيوتها عطرا هكذا تعودنا منذ المولد
و الثلج لم يملأ قلوب الناس الا بالاحساس المتزايد بالقهر و الغضب و الحسد و الضغينة .. أين هي تلك المحبة؟ لا بد انها كاءن افتراضي وجد كديكور مكمل لتهاطل الثلج
و مع انني انزع دوما للتفاؤل لكنني لا استطيع ان انسى منظر طفل ببلوزة صيفية يستجدي المارة او شيخ عجوز اقتعد زاوية في سوق شعبي لا يستر شيخوحته الا بطانية و كوب من الشاي جاد به احد المارة و ام خرجت تلتقط صروريات اولادها في برد غير مسبوق و لا جندي محمر الانف و العيون و الكفين يسال ابني في تودد : عمو اتدفى منيح
لا يمكنني ان اتفاءل و انا ارى مقدار الفساد يستشري بيننا و هناك من يتاجر بصقيع الناس و تشردهم ليجني ارباح تافهة مهما بلغت ارقامها
دمشق هذه المرة بأبيضها أنثى مستلبة الارادة اكتست به غصبا عنها و لم تتمكن من دفع البرد عن ابنائها