المرأة الشريفة عند «السبكية».. «عارية الصدر» والبيرة والحشيش «شىء عادى»!

كتبت: هدى المصرى
هل من المفروض أن أعاقب مراهقًا أو طفلاً متورطًا فى موجات التحرش الجماعى أو حادث اغتصاب وحشى كما حدث لـ«زينة».. أم أعاقب أمثال القائمين على فيلم «حلاوة روح» الذين استغلوا موهبة «كريم الأبنودى» فى مشاهد تحرض على الفعل الجنسى؟!، مثل هذه الأفلام المسفة من شأنها أن تزيد حالة الانفلات اللاأخلاقى فى الشارع، فمن فيكم لم يسمع أطفالاً صغارًا وهم يرددون جملة «محمد سعد» فى فيلم «كركر» أنام معاها على قارعة الطريق؟! ومن لا يرى تقليد المراهقين لـ«محمد رمضان» بقصة شعره وسيفه وأفعاله المبتذلة وكلامه السافل.. والتى منها «أنا من نزلة السمان يا شوية نسوان».. و«أديك فى السقف تمحر.. أديك فى الأرض تفحر»؟!

كان من المهم جدًا أن نتحدث مع ضحايا مثل هذه الأفلام الكارثية، هؤلاء الذين لا نستطيع أن نعتبرهم «أطفالاً» رغم أن القانون والنمو البيولوجى لا يعتبرهم سوى «أطفال»، إلا أن الضغوط المجتمعية والمتغيرات المحيطة شوهت براءة الأطفال لديهم «وغيرت» طباعهم الطيبة، فتجد أمامك طفلاً يقفز حتى يطال الفتاة ليتحرش بها، وآخر لا يكاد يحترف الجرى السريع حتى يستفيد منه فى هتك العرض ليهرب بعده!

وكان غريبًا أن بعضهم كان صريحًا فى كلامه، وآخرون افتعلوا «الأدب» و«الطيبة» وكأنهم من مجتمع آخر غير مصر، والأكثر غرابة أن أم بطل الفيلم «كريم الأبنودى» التى رفضت ذكر تفاصيل عملها كأستاذة جامعة بعد الهجوم الشرس ضدها، قالت إن المجتمع مزدوج المعايير، رغم أنها هى نفسها منعت ابنها من مشاهدة النسخة الإيطالية لفيلم «حلاوة روح» لكنها وافقت على مشاهده فى الفيلم وفاجأتنا أمه برفضها السماح له بالتحدث معنا بحجة انشغاله فى الامتحانات، وكشفت أنها خصصت له ثلاثة متحدثين باسمه.


وعلى نفس المنوال دافع خالد شاهين أحد المستشارين الإعلاميين لكريم عن دوره فى الفيلم، مشيرًا إلى أن موهبة كريم وأداءه فى مسلسل «الإمام الغزالى» جعل المخرج سامح عبدالعزيز يختاره لهذا الدور، وأضاف: لقد قرأنا سيناريو الفيلم وعلمنا أنه مقتبس من قصة لفيلم أجنبى ناجح، وتأكدنا أن كريم مرشح لدور مهم مع النجمة هيفاء وهبى.

وذكر أن مشاهد كريم التى انتقدها البعض مثل التلصص على البطلة والمطواة والمولوتوف وغيرها كلها لا تدعو لإثارة الغرائز أو للانحراف لأن دور الطفل اتسم بالشهامة فى الفيلم، وكان واضحًا منذ البداية أنه النموذج الإيجابى فى مقابل والده القواد- باسم سمرة- وكان طوال الفيلم يحاول أن يحمى «روح» البطلة من الرجال وحتى من والده.
واستنكر موقف النقاد والحكومة من الفيلم قائلاً: السينما مليئة بهذه النوعية من الأفلام، وإذا كان الفيلم مسيئًا وخطرًا على المراهقين فلماذا سمحت الرقابة بعرضه!!

كما نفى علم أسرة كريم بأن الفيلم سيكون «للكبار فقط» وقال: عندما عرض علينا السيناريو لم يكن هناك تنويه بذلك، كما أن كريم نفسه لم يحضر سوى المشاهد الخاصة به ولم يكن موجودًا فى مشهد الاغتصاب، مشيرًا إلى أن علاقة صداقة نشأت بين هيفاء وهبى وكريم لإعجاب هيفاء بموهبته وإتقانه للدور، بالإضافة لتفوقه وتحدثه لأكثر من لغة وهذا ما جعلها تشجعه.

محمد بدران - 16 سنة لم تمنعه عبارة «للكبار فقط» من مشاهدة الفيلم، ولم ينكر أن مشهد الاغتصاب كان السبب وراء دخوله الفيلم قبل وقفه، وأكد أن أكثر شىء استفزه خلال مشاهدته - هيفاء التى تدعى أنها المرأة الوحيدة الشريفة فى الفيلم رغم أنها تظهر عارية الصدر طول الأحداث لتغرى الرجال .

خالد قدرى- 15 سنة- أكد لنا أنه لم يشاهد الفيلم لكنه سمع أن قصته تدور حول مراهق يحلم بأنه يقيم علاقة مع هيفا، متسائلاً: ليه الحكومة تمنعه بعد ما السبكى خلا البيرة والحشيش شىء عادى فى حياة أى شاب، والشباب كلها بقت تقلد محمد رمضان بعد فيلم «قلب الأسد»!؟

لكن ياسر منصور- 17 سنة- كان له رأى آخر فقال لنا: التحرش والحشيش والبيرة كلها فى مصر من قبل السبكى والرقص ده من قبله بردو يعنى.. هو مزودش حاجة من عنده ده جايب من المجتمع اللى هو فيه واللى كل المصريين فيه، لكن عيب الأفلام دى بتطلع البلطجى شخص قوى والناس بتخاف منه.

محمود العراقى- 16 سنة- الذى ذكر أنه شاهد لقطات من الفيلم مع شقيقه على اليوتيوب قال: الأطفال فى الفيلم كانت بتعمل حركات سافلة لكن كنت عايز أدخل الفيلم علشان هيفا وأغانى المهرجانات اللى كل الطبقات بقت بتسمعها دلوقتى.

من جانبها نفت د.جهاد والدة كريم الأبنودى ما تردد عن تعرض ابنها للاعتداء فى الشارع بسبب أدائه للدور.

وذكرت أن الضجة التى صاحبت عرض الفيلم تكشف عن ازدواجية فى المجتمع، لأننا لا نعيش فى المدينة الفاضلة وأن دور السينما التركيز على السلبيات حتى يلفظها الناس - على حد قولها.وأكدت أنها وافقت بعد قراءة السيناريو خاصة أن الفيلم مقتبس من فيلم إيطالى ناجح.

لكن كريم نفسه لم يشاهد الفيلم الإيطالى «مالينا» حيث قالت بانفعال: كيف أسمح لابنى بمشاهدة مثل هذا الفيلم!!

وعن علاقة كريم بهيفاء أكدت أنه نشأت علاقة صداقة بينهما اقتناعا من هيفاء بموهبته كطفل وإتقانه لأكثر من لغة.

على الجانب الآخر أكد أحمد مصيلحى- رئيس شبكة الدفاع عن أطفال مصر بنقابة المحامين لـ«روزاليوسف» على تضامن الشبكة مع قرار الحكومة بوقف عرض «حلاوة روح» وتضامن الشبكة مع طلبات مجلس الوزراء ضد دعوى صناع الفيلم بالطعن على قرار المنع.

وأضاف: قررنا كهيئة دفاع عن الأطفال على مستوى الجمهورية تقديم بلاغات إلى النائب العام للتحقيق فى الجرائم التى ارتكبها الفيلم بحق أطفال مصر.

ويشير رئيس شبكة الدفاع عن الطفل إلى ارتكاب أولياء أمور الأطفال الممثلين فى الفيلم جريمة تعريض الطفل للخطر وعقوبتها تصل لـ 6 أشهر وفقا لمواد القانون التى تحظر تعرض الطفل للخطر فى تنشئته وتربيته وصحته فى أى مرحلة من مراحل نموه.

د.أحمد عبد الله أستاذ الطب النفسى - جامعة الزقازيق قال: لقد شاهدت الفيلم الإيطالى «مالينا» المٌقتَبس منه قصة الفيلم المصرى «حلاوة روح» وهو يتحدث عن صراع الأجيال حيث تبدأ أحداث الفيلم بعد الحرب العالمية الثانية واختفاء زوج البطلة «مونيكا بيلوتشى» فى الحرب لتعيش بعد ذلك وحيدة فى مدينة غريبة.

ويضيف: كان النضوج الجنسى للطفل وسط أقرانه أحد الخيوط الدرامية فى الفيلم بل خيطاً رئيسيا فيه لكنه ضمن خطوط أخرى فى سياق الصراع بين الأجيال وهى من القضايا الملحة التى كان يجب أن يستغلها صناع الفيلم المصرى باعتبارها القضية المطروحة فى المجتمع منذ ثلاث سنوات، خاصة أن الإشكالية التى نواجهها الآن كمجتمع هى فائض الطاقة لدى الشباب الذى إذا لم يستثمر بشكل جيد سوف يتجه الى العنف أو الجنس.

وأضاف: لهذا السبب أنا لست ضد طرح تلك المشكلة أو أى مشكلة أخرى فى السينما لكن تظل الإشكالية فى طريقة المعالجة وتعامل صناع السينما مع القضايا الاجتماعية الملحة بحرفية فنية وليس بهذه الفجاجة والركاكة وعدم الحرفية.

وينهى كلامه: بأن القصة عالية العمق فى الفيلم الإيطالى تم تقليدها بمعالجة ساذجة فى فيلم مصرى وكانت تعبيرا عن حالة التقليد الماسخ التى نعيشها على جميع المستويات.

أما ماجدة سليمان مديرة برامج التنمية المجتمعية ومديرة مشروع تعالوا «نحمى أولادنا من التحرش» بمؤسسة قضايا المرأة المصرية فقد أشارت إلى أن الفيلم منذ بداية الإعلان عنه يشجع على التحرش من خلال أفيشه ولقطات البرومو الخاصة به وقالت: كنت مندهشة من التناقض الواضح بين وجود عبارة للكبار فقط على أفيش الفيلم بينما لم تمانع دور العرض من دخول الأطفال، والأدهى أن بطل الفيلم فى مرحلة البلوغ ولهذا السبب أيدت موقف الحكومة بوقف عرضه واعتبرته قرارا صائبا رغم أننى كنت أتمنى أن ترفضه الرقابة منذ البداية، لأن منع الفيلم بعد عرضه قد يجعله مرغوباً بحيث تزيد نسب المشاهدة.

وأضافت: فى حالات كثيرة يستمد التحرش الجنسى سنده من التسليط على نماذج معينة فى المجتمع واعتبارها قدوة ويتضح ذلك فى طريقة المعالجة السينمائية التى تجعل من البلطجى بطلاً حتى نهاية الفيلم، وتطرح نماذج سلبية موجودة فى المجتمع ولا تعرض نقيضها.

وإبراز مثل هذه النماذج «البلطجى المتحرش- الراقصة العاهرة- مدمن المخدرات»، وتكرار ذلك باستمرار يؤدى بدوره إلى إفساد أخلاق الأطفال وينعكس على زيادة معدلات العنف والتحرش فى المجتمع وذلك ما لمسناه بالفعل فى جرائم ارتكبت مؤخرا كان آخرها قضية الطفلة زينة.

كما أن الدراسات التى أجريت حول التحرش أشارت إلى أن معظم أبطاله من المراهقين، وأن الفترات التى يزداد فيها هى الأعياد والإجازات وأن المناطق الشعبية والأماكن العامة هى التى تزداد فيها الحالات.
منقول