("فتنة"الراتب_ما_يكفي_الحاجة ) :و الله إنها "فتنة"
(الوسم) الذي ملأ (تويتر) ضجيجا،والذي جاء تحت عنوان ( الراتب_ما_يكفي_الحاجة)،علق عليه أمين مجلس الوزراء الأستاذ عبد الرحمن السدحان .. بأنه (فتنة)!!
وأقول نعم والله إنه (فتنة) .. ولكن ليس بالمعنى الذي قصده الأستاذ(السدحان) ... بل بالمعنى اللغوي للفتنة : الفتنة : الاختبار بالنار .. والفتنة : الابتلاء.
نعم هو اختبار .. وابتلاء .. للقائمين على البلاد .. ولمن يُفترض فيهم أن يوصلوا معاناة المواطنين .. على سبيل المثال ألم يكن من وجاب (مجلس الشورى) أن يعقد جلسة طارئة للنظر في شكوى المواطنين – وهم بهذه الأعداد الضخمة - والإجابة أو البحث عن إجابة لسؤال : الراتب ما يكفي الحاجة .. إذا : لماذا الراتب لا يكفي الحاجة؟
هي "فتنة" أو "ابتلاء"أو"اختبار" فعلا .. ولكن : هل نجح أحد في هذا الاختبار؟!!
الحقيقة أن السؤال الذي يبحث عن إجابة هو لماذا الراتب لا يكفي؟
بطبيعة الحال للقضية جوانب متعددة .. ولذلك لا يكون الجواب عليها بعبارة واحدة ..
الرتب لا يكفي لأن : زيادة الرواتب 15% جاملت أصحاب الرواتب العالية مثلا : من كان راتبه 30000 زاد راتبه 4500 ريال.. ومن كان راتبه 3000 زاد راتبه 150 ريال.(في ذلك الوقت كان توجد شريحة من موظفي الحكومة رواتبهم أقل من 3000 )
الراتب لا يكفي لأن : التاجر يرفع الأسعار حسب (مزاجه) ولا توجد (آلية) لضبط الأسواق : مثلا : كتبت من قبل عن شركة مياه صغرت (صناديقها) ..ليتحول الصندوق من سعة (40) قارورة إلى سعة (30) قارورة .. وبنفس السعر .. بحثت عن (حماية المستهلك) – عبر النت- فلم أجد لها سوى فرعين في الرياض والدمام – على ما أتذكر – الشيء الوحيد الذي استطعته .. أنني أعدت الماء واستبدلته بمنتجات شركة أخرى .. ما الذي يعنيه أن ترفع شركة (واحدة) ثمن مائها .. وبطريقة احتيالية .. غير أن الأمور فوضى؟!!
الراتب لا يكفي لأن : مكتب العمل كان يتقاضى من التجار (100) مائة ريال في السنة .. فأصبح – في غمضة عين – يتقاضى (2500) + 150 موارد + 600 إقامة (سنويا) هل نست شيئا؟ + 2000 للخارجية (مرة واحدة) : من أين يعوض التاجر هذه المصاريف إلا من (ظهر المواطن)؟!!
الراتب لا يكفي لأن : مكاتب الاستقدام – في المتوسط – رفعت أجورها من 5000 إلى 18000 : هنا وقفة : نفهم أن الأرز قد يرتفع سعره بسبب فيضانات في شرق آسيا .. الدواء قد يرتفع سعره بارتفاع سعر (اليورو) .. الحليب قد يرتفع سعره بسبب سوء نفسيات البقر في هولندا .. وهذه كلها عوامل خارجية .. فما السبب وراء ارتفاع أجور مكاتب الاستقدام؟! وبهذه الفوارق الشاسعة؟!!
الراتب لا يكفي لأن : الوزارات تجامل التجار – لسبب مجهول !! – والمثال : وزارة الصحة : حيث سمعت أحد موزعي الأدوية يقول : الوزارة جاملت التجار .. تقدموا بطلب رفع الأسعار لارتفاع سعر صرف اليورو .. فحصلوا على الموافقة .. فباعوا الأدوية المكدسة في مخازنهم بالسعر الجديد .. فربحوا ملايين .. من هذه المجاملة!!
الراتب لا يكفي لأن : ارتفاع أسعار المواد الغذائية ... أدى إلى رفع أجور العمال .. والخدمات .. وكأنها حلقة مفرغة ..
الراتب لا يكفي : لأننا قرأنا أن الهند – وليست دولة بترولية – سوف تنفق ملياري دولار .. لتخفيف أعباء المعيشة عن متوسطي الدخل .. ولم نر لدينا أي مسعى للتخفيف عن متوسطي الدخل .. أو منعدمي الدخل ..
وبعد .. مطالبة الناس برفع الرواتب – مع أن غياب (آلية) لضبط الأسواق .. قد تجعل (القربة) مثقوبة .. وكل زيادة في الرواتب = ارتفاعا جنونيا للأسعار وضررا يقع على الشريحة الأكبر والتي لم تزد رواتبها أو ليست لها رواتب أصلا – ليس ترفا .. وكان الأجدر،بدلا من الحديث عن "الفتنة" - علما أن جوع الناس وفقرهم .. "فتنة"في حد ذاته ولكن بالمعنى الذي قصده أمين مجلس الوزراء – أن يتم البحث عن الأسباب التي تجعل الراتب لا يكفي ؟! والسعي نحو جعل الراتب يكفي .. دون زيادة الرواتب؟!
تلويحة الوداع :
"الفتن" كثيرة – فهذا زمانها – عندما يقرأ المواطن أن الخريج الجديد في دولة مجاورة راتبه (28750 + علاوة الأبناء للطفل الواحد (600) .. بينما المربوط الأول في بلده للجامعي الذي يحصل على وظيفة في المرتبة السادسة هو (90،4594) كان هذا قبل زيادة الرواتب في البلدين – الحقيقة أن البلد الأعلى مرتبا حصل مواطنوه على زيادتين للرواتب + إعفاء للديون في حدود خمسة ملايين - فهذه (فتنة) .. وأي فتنة؟!
وعندما يقرأ المواطن أن مواطني دولة مجاور يحصلون على الكهرباء والماء مجانا .. فهذه "فتنة"
وعندما يقرأ المواطن عن التأمين الصحي – الحقيقي – في بعض الدول المجاورة .. وعن البنية التحتية الممتازة .. فهذه "فتنة" .. إلخ.
إذا : أغلقوا "تويتر" و"الفضائيات"و"الصحف" ... إذا يبدو أنها هي مصدر "الفتن" كفانا الله شرها وحفظ بلادنا – وبلدان المسلمين – من كل سوء.

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة
mmsh601@gmail.com