منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 7 من 7
  1. #1

    الشعر الأمازيغي بالريف

    الشعر الأمازيغي بالريف: مقاربة تاريخية (الجزء الثاني)
    بقلم: اليماني قسوح، عبد المطلب الزيزاوي (جامعة محمد الأول، وجدة)
    -II أنواع الشعر الأمازيغي
    ارتبط الشعر الأمازيغي بالغناء، ويتضمن معجم الشعر الغنائي الأمازيغي عددا مهما من المصطلحات الدالة على مفهوم القطعة الشعرية الغنائية، مما يعكس ازدهار هذا الفن وتطوره في مختلف المناطق الأمازيغية بالمغرب(*). ويرجع الاختلاف والتنوع إلى عوامل شكلية ووظيفية، وإقليمية. ذلك أن نوعا معينا قد يعرف بأسماء مختلفة باختلاف المناطق التي يستعمل فيها، وقد تعرف المنطقة الواحدة أسماء مرادفة لنفس النوع. وفي الحالتين يتميز كل صنف بخصوصياته الشكلية ومواصفاته الفنية والموسيقية. كما أن للمواضيع والأغراض والمناسبات دورا في اختلاف الأنواع الشعرية الغنائية. وفيما يلي أهم الأنواع، وتعبر المصطلحات في نفس الوقت عن النموذج الشعري والموسيقي والغنائي:
    ـ لغا: الشعر المغنى بمنطقة سوس، وكذلك اللحن المصاحب ل- أورار= الغناء، دون استعمال الآلات الموسيقية. ويقابله أسنمير (آيت بوكماز)، وتاللغات وهي قطعة شعرية مغناة لا تتعدى بيتين أو ثلاثة ينشدها أمارير في أحواش.
    ـ تازرارت: غناء فردي قصير يتخلل أحواش في إحدى مراحله، خاصة بعد أهايو أي توقف الغناء الجماعي والعزف على آلات الإيقاع. غناء فردي نسائي بالخصوص تتغنى به الفتيات في الحقول وخارج المحافل التقليدية. وهو أيضا ذلك الغناء الجماعي للنساء أثناء مراسيم تهيئ العروس للزفاف. ومن الناحية اللغوية يمكن ربط الكلمة بمفردة "تازرورت"،أي هدب الثوب أو حاشيته، من فعل زرر=طرز، رصع. ذلك أن تازرارت عبارة عن ديباجة للغناء في أحواش. ويتكون بيت تازرارت من عشرة مقاطع موزعة على شكل وحدات مقطعية صغيرة تنفصل بينها نغمات مطولة بينها نغمات مطولة على نحو "الموال" في الموسيقى العربية، مما يجعلها تتطلب من المغني (ة) نفسا قويا. إذ كلما طالت تازرارت وتنوعت ألحانها كلما كان ذلك مستحسنا من لدن السامعين. في آيت مكون: إضافة إلى المدلول الأول لـ- تازرارت، ينسحب المصطلح كذلك على الغناء المصحوب بالرقص مع عزف الإيقاع على آلة البندير، ويكون بالخصوص في مناسبة الزفاف.
    ـ تاماوايت: (بالأطلس المتوسط): عبارة عن "موال" طويل النفس على غرار تازرارت، وهي الشكل الغنائي الذي يظهر فيه حسن الصوت والتحكم في اللحن والأداء وبراعة المغني (ة) في تلوين النغم والميلوديا. وكثيرا ما تتخلل تاماوايت رقصة أحيدوس.
    ـ تامواشت: لها نفس المدلول في بعض مناطق الأطلس المتوسط. كما تعني في مناطق أخرى منه "الشعر الهجائي".
    ـ تامداحت، تامديازت، تاملكازت، تامليازت، تايفارت: قصائد غنائية مطولة أو مجموعة قصائد قصيرة متوالية، يغنيها أمدياز وأمداح أثناء جولاتهما. وتكون مصحوبة أحيانا بغناء للعمود الذي يأتي بعد الاستهلال الديني قصد طلب الضيافة ومدح المستضيف والدعوات له. ولفرق إمديازن أنواع غنائية أخرى يمزجون بينها في أدوارهم إضافة إلى الأجناس السابقة؛ ومنها تازضايت (تيزضاي) تيغراض، تاغيولت (تيغيال).
    ـ تانشادت: قصيدة غنائية مطولة ذات مضمون ديني وعظي وأخلاقي، يختص به أنشاد (إنشادن) ويقابلها في نفس السياق الديني أهليل، وهو المصطلح الأكثر تداولا في الأطلس المتوسط حين يتعلق الأمر بالأشعار الدينية الصرفة.
    ـ تاكزومت: تطلق في الأطلس الكبير على أنماط شعرية مختلفة باختلاف المناطق. فهي تعني تلك الأشعار المحلية التي نادرا ما يتجاوز تداولها حدود القبيلة، وترتبط في الغالب بحفلات الزفاف، إذ تسبق النوع المعروف ب- تامغرا، كما تغنى في ساحة عمومية (أسايس) أثناء المناسبات والأعياد، وتؤدى بدون مصاحبة موسيقية، حيث يرتجل أشعارها الرجال دون النساء وذلك على شكل كورال يشكل صفا يقابل صف عازفي البنادر وبينهما تندرج النسوة المكتفيات بالرقص. ويغني الشعراء شطرا من البيت الشعري وتعقبهم المجموعة الرجالية لترديد الشطر الثاني.
    ـ أورار: لغة وبالأطلس المتوسط :اللعب"، أما في سوس فهو الغناء بصفة عامة (تيرير=غنى) ويعني المصطلح في آيت مكون: الغناء المجرد من العزف الموسيقي، تؤديه مجموعتان نسائيتان بالتعاقب واحدة تلو الأخرى. ويكون ذلك في مناسبات معينة كالختان والزفاف على الخصوص. ويتكون رصيد هذا النوع من المحفوظات الشعرية المتداولة، إذ لا مجال فيه للارتجال أو الإبداع. وفي آيت مكون، يقتصر أداء أورار على السيدات المتزوجات أو المطلقات، دون الأوانس.
    ـ أراسال: جميع أشكال الشعر الغنائي (بآيت مكون)، سواء كان مصحوبا بالعزف أو بدونه (=أسي أراسال مرادف أسي لغا، أي الأداء، الغناء).
    ـ لمساق: غناء يسبق أحواش، قبل دخول النساء للمرقص يؤديه الرجال والأطفال عزفا على أكنزا(البندير) وتكون أبياته أحيانا من ارتجال الشعراء خاصة لإبراز مستجداتهم الإبداعية، وقد تكون أشعارهم مجموعات تيرويسا (نظم وغناء الروايس) المتداولة بسوس.
    ـ أسالاو: (من سالا=أبكى): مرددات شعرية نسائية بالأطلس الصغير، تؤدى بدون موسيقى، أثناء مراحل إعداد العروس للزفاف فترة الحناء، وتشييع الموكب إلى بيت الزوجين. وفي نفس السياق يستعمل مصطلح تاسوكانت، وكذلك إيزويريكن (من زوور=سبق) وإيبيسميتن (من البسملة) وكلها تدل على الأغاني الاستهلالية المتضمنة لعبارات استجلاب الفأل الحسن والطالع السعيد.
    ـ لادكار: (من ذكر) وهي أذكار وأناشيد صوفية يتغنى بها في المناسبات الدينية والمواسم المخصصة للأولياء والزوايا والأضرحة، بعضها باللسان الأمازيغي وجزء كبير منها بالعربية المغربية. وللنساء نوع مماثل يعرف ب- لاحوال (الأحوال=التواجد)، وهي عبارة عن حلقات حضرة صوفية تجمع بين الإنشاد والرقص. ولا شك أن أهليل بالأطلس المتوسط يدخل كذلك ضمن هذا النوع الصوفي(24).
    بالريف ينتشر النوع الشعري المعروف ب- "إزران"(25) izran. وتواجد هذا النوع منذ العصور الغابرة(26)، وتعرض العديد منه للضياع بسبب عدم تدوينه.
    ـ إزران: مفرده "إزري"وهو نمط شعري يعتمد على تجميع ارتجالي لبيتين أو أكثر لا روابط عضوية بينها، ويعتمد بناء هذا النمط على ترديد لازمة بعد كل بيت؛ لازمة يختارها المنشد بعناية فائقة تكون عنوانا لنصه، وذات عمق في المعنى وسهلة الحفظ يرددها المستمعون، وتسمح له بالانتقال وبكل يسر من بيت إلى آخر. وتعد حفلة العرس أهم مناسبة لإنشاد "إزران"، ويمكن أن تردد خارج المناسبات العمومية. ويغلب على هذا النوع تيمة العشق "رهوى"(27).
    ـ ثيقسيسين: عبارة عن نصوص شعرية قصيرة، تجمع مابين ثلاثة أو أربعة أبيات في الغالب، وقد تتعداها أحيانا، وتتلاحم هذه الأبيات من الناحية الموضوعية. وتركز هذه المقطوعات على جوانب الحياة الاجتماعية اليومية، وتقوم بانتقاد التصرفات التي حادت عن الأعراف والتقاليد.
    ـ ثامذيازت: وهي ذلك النمط الشعري الذي يتسم بطبع الامتداد والتماسك الموضوعي، تركز على تيمة واحدة تتمحور حولها كل الأبيات محاولة الاحتفاظ بتسلسل منطقي، وتتطرق لمختلف القضايا الأساسية القريبة المتصلة "بالتيمة". وهذا النمط سيشكل المرحلة الحاسمة في نمو الإبداع الشعري، أواخر القرن الماضي بانتقاله من مرحلة الشفاهة إلى مرحلة الكتابة.
    هذا الجرد ليس نهائيا، بل يمكن أن نجد أنواعا أخرى سواء في المغرب، أو في كل شمال إفريقيا(28).
    -IIIالتحقيب التاريخي للشعر الأمازيغي بالريف
    1ـ المعيار:
    اختلف الباحثون في موضوع الشعر الأمازيغي بالريف في شأن مراحله، تبعا للمعيار المعتمد في هذا الشأن. إذ نجد من اعتمد معيارا كرونولوجيا، فقسم هذا الشعر إلى مرحلتين كبيرتين: المرحلة القديمة، والمرحلة الثانية التي حددت بدايتها بما بعد الاستقلال(29).
    وفي هذا الصدد أيضا، نجد من الباحثين من اعتمد معيار الشفوية والكتابية(30)، ومن اعتمد القدم والحداثة(31). فقسم الشعر الأمازيغي إلى الشعر القديم، والشعر الحديث. ووجدنا بين هؤلاء من حاول أن يمزج بين هذه المعايير كلها، مقسما هذا الشعر إلى ثلاث مراحل كبرى هي: مرحلة الاستعمار، ومرحلة الاستقلال، ومرحلة التدوين والتحديث(32).
    يتضح من خلال هذه المعايير المعتمدة في التحقيب للشعر الأمازيغي، أن الباحثين لم يستقروا على معيار واحد. والملاحظ كذلك، أن بعض المعايير المعتمدة غير دقيقة، وغير مضبوطة. ذلك أن تقسيم الشعر الأمازيغي بالريف إلى مرحلة قديمة تنتهي مع بداية الاستقلال دون تحديد لبدايتها، يكشف عن خلل في ضبط التحقيب، يتطلب تبريره وتجاوزه باعتماد تحقيب أكثر موضوعية. كما أن اعتماد المعيار السياسي، من خلال الحديث عن شعر مرحلة الاستعمار، وشعر مرحلة الاستقلال، يعبر عن قصور في الرؤية، لأن الشعر الأمازيغي بالريف عرف قبل دخول الاستعمار، وله خصوصياته التي تميزه، سواء في مرحلة السيطرة الاستعمارية، أو في مرحلة الاستقلال. نفس الشيء يقال عن معيار الشفوية والكتابية. ذلك أن هذا المعيار لا يحيل عن وجود قطيعة بين المرحلتين. في الوقت الذي دخل فيه الشعر الأمازيغي محاولات التدوين والكتابة، لا زال الطابع الشفوي سائدا إلى يومنا هذا، وبالتالي تظل المعايير المعتمدة في التحقيب للشعر الأمازيغي معايير نسبية، تتطلب من الباحث اليقظة، وامتلاك الحس النقدي الموضوعي في طروحاته، ومقترحاته، بدل اليقينية والعمومية التي تنجم عنها فجوات وثغرات تسيء إلى البحث.
    من هنا، سنعتمد ونتبنى معيارا في التحقيب للشعر الأمازيغي بالريف، يكتسي قدرا ممكنا من الموضوعية العلمية، هذا المعيار يعتمد على تقسيم الشعر الأمازيغي إلى مرحلتين: مرحلة الشعر التقليدي، ومرحلة الشعر الحديث(33). مع الإقرار بوجود تداخل واستمرار وتعايش بين المرحلتين، بدل القطيعة كما يدل على ذلك مفهوما التقليد والحداثة، في بعض حقول العلوم الإنسانية، كالسوسيولوجيا والأنتربولوجيا.
    إن اعتماد معيار التقليد والحداثة، أو لنقل الاحتماء به في التحقيب للشعر الأمازيغي بالريف، تفرضه مجموعة من الظروف المتعلقة بهذا الشعر نفسه، الذي يتفق الجميع على ارتباطه بإنسان المنطقة، كفرد وكجماعة منذ القدم، إلا أن الطبيعة الشفوية لهذا الشعر مثله مثل سائر الأجناس الأدبية الأمازيغية التقليدية، حالت دون التعرف على الكثير من متونه، وروائعه القديمة التي لم يتم تداركها، فضاعت ضمن ما ضاع من التراث الأمازيغي(34).
    ورغم الجهود التي بذلها بعض الباحثين الأجانب والمغاربة، في الجمع والتدوين لهذا الشعر، إلا أن تاريخ هذه المتون لا يتعدى القرن التاسع عشر(35). كما أن الكثير من الدراسات والأعمال تبقى محفوظة ومغمورة في رفوف المكتبات الخاصة، أو العامة يجد الباحث صعوبات كثيرة للوصول إليها وتعميم الاستفادة منها. هذا إلى جانب تعدد الروايات. والكثير مما هو محفوظ يحوم الشك حول صحته ونسبته وتاريخه، لما يشوبه أثناء تناقله جيلا بعد جيل من تحريف وانتحال(36). كما أن ظهور بعض الإبداعات الشعرية المكتوبة لا يعني بتاتا نهاية الشفوية والإبداع الجماعي عن هذا الشعر.
    أمام هذه الظروف، اخترنا تقسيم الشعر الأمازيغي بالريف إلى مرحلتين: مرحلة الشعر التقليدي ومرحلة الشعر الحديث. مع إبراز الخصوصيات الفنية والشكلية لكل نوع من هذه الأنواع من الشعر في ارتباط مع البيئة والسياق. مع العلم بأننا واعون مسبقا بالطابع التقريبي والنسبي لاستنتاجات، وخلاصات هذه المقاربة.
    1ـ الشعر التقليدي:
    يتميز هذا الشعر بمجموعة من الخصوصيات، سواء على المستوى الشكلي والفني، أو على مستوى المضمون.
    2-أـ الطريقة الجماعية في الإبداع:
    من الخصوصيات/الظواهر التي تميز بها الشعر الريفي التقليدي، انتشار الطريقة الجماعية في الإبداع، أي غياب الشاعر القائل بصيغة المفرد. لقد كان هذا الشعر يتم بشكل جماعي، أي أن مجموع الشعب هو الذي يبدع وبطريقة فطرية. وبالتالي مشروعية تملك الشعب/الجماعة لهذا النمط من الإنتاج. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح في هذا الصدد هو: لماذا الطريقة الجماعية في إبداع هذا الشعر وروايته؟
    لعل هذا راجع إلى أسباب تاريخية وسوسيوثقافية، تعمل دائما على نفي "الأنا" واستدعاء "النحن" أو أنها تعمل على الأقل على إذابة الذات الجماعية، فيصبح العمل الشعري ملكية جماعية، مما ينسجم والسلوك الاجتماعي للريفيين الأمازيغ بصفة عامة. إن هذا النمط من الإبداع الأدبي ـ يقول جميل حمداوي(37) ـ إذا أردنا توظيف مصطلح: "التمثل الغولدماني"، يتماثل مع العلاقات الإنتاجية الجماعية السائدة على المستوى الاقتصادي في منطقة الريف. أي أن هذا الإبداع يترجم لنا العلاقات الاجتماعية المبنية على التعاون والتآزر، مثل "ثويزا" و"أذوير" واقتصاد قائم على الاستغلال الجماعي للأرض وخيراتها، ووسائل إنتاجها. كما ارتبط هذا الشعر بممارسة الإنتاج والحياة العامة، بالعمل الفلاحي وأشغال المنزل والأعراس (t'imeghriwin)، والحفلات الشعبية... حيث يجتمع الجميع، في تظاهرات فنية يتبارى فيها الحاضرون بالإنتاجيات الشعرية والفنية المختلفة، وهذا ما أكده "بيارني" عندما ميز بين نوعين من الأشعار: "العيطة" و"إزران"(38).
    إن المبدع الجماعي للشعر التقليدي الريفي، كان يشمل الذكور والإناث من مختلف فئات الأعمار.
    2-ب ـ ارتباط الشعر التقليدي بالغناء:
    إن الشعر الأمازيغي الريفي التقليدي، لا ينفصل عن فني الغناء والرقص، إذ يعتبر ظاهرة جماعية تندمج في المناخ الثقافي، وفي الحياة اليومية للمجتمع الذي يتمخض عنها، والذي يتوسل بها كتعبير عن أفراحه وأحزانه وانشغالاته، فيكون انبثاقا مقرونا بالمناسبات الاجتماعية والدينية، التي توقع حياة الأفراد والجماعات(39).
    لقد اقترنت الأشعار الأمازيغية بالمنطقة منذ القديم، بالغناء من أجل تسهيل عملية الانتقال والرواية، وبالفعل كان للغناء الفضل الكبير في الحفاظ على مواويلنا (ملاحمنا)، وأشعارنا (إزران)، إذ جعلها تنتقل بسهولة ويسر(40).
    3-ج ـ الشعر التقليدي، شعر شفوي:
    ومن خصائص هذا الشعر أيضا، الشفوية. إنه شعر "يكتب" بالشفاه، و"يقرأ" بالأذن. لم يخضع للكتابة، بل ينتقل عبر الذاكرة الجماعية، والحفظ الذهني. لقد وصلنا هذا الشعر عن طريق الرواية الشفوية، أي أنه شعر سماعي، يرتبط أساسا بالأذن، وليس بالبصر. وذلك لعدة أسباب إذ أن الأغلبية الساحقة من جماهير المتلقين، والمستهدفين تتخذ السمع وسيلة للتثقيف في مرحلة سيادة هذا الشعر، وقد ترتب عن هذه الظاهرة انعكاس سلبي على هذا الشعر، الذي أصبح يعيش محنة مزدوجة:
    ـ محنة للشعر ذاته، من خلال تهميشه والنظر إليه نظرة دونية والتشكيك في قيمته الجمالية، وبلاغة أسلوبه، ومصداقية مضامينه. وهذا التهميش لا يقتصر على الشعر، بل يمتد إلى مبدعيه ومستهلكيه.
    ـ محنة للباحث في هذا الشعر، والذي يجد صعوبة في الوقوف على النص الأصلي أو ضبطه، أمام تعدد الروايات مع ما يرافق ذلك من زيادة، ونقصان، وانتحال. ككثرة الروايات في ملحمة "أدهار أوباران"(*)
    وتجدر الإشارة، إلى أن ظروف غياب الكتابة، والحرف الأمازيغي المعروف "بتيفيناغ"(**)، هي التي رسخت الاستعمال الشفوي للإنتاجات والإبداعات الأدبية، ومن ثم توارث هذه النتاجات-ومنها الشعر- بطريقة شفوية.
    3-د ـ وظيفات وتيمات هذا الشعر:
    أما عن وظائف، وتيمات هذا الشعر فمتعددة بتعدد حوافز ومحيطات القول. ذلك أن للشعر الأمازيغي التقليدي بالريف وظيفة مزدوجة، فهو من جهة، إبداع فني يرمي إلى إثارة الأحاسيس الجياشة وتحريكها.
    ومن جهة أخرى، هو سجل الأحداث والوقائع التاريخية المختلفة التي عرفتها المنطقة وسكانها، كما عبر هذا الشعر بعمق عن معاناة، ومآسي جماهير الريف في صراعهم مع الحياة، والطبيعة، والنظام الاستعماري والمخزني. ونقل إلينا الوضعية المزرية التي كان يعيشها الريف على جميع المستويات والأصعدة، ونوع العقلية التي كانت لدى الإنسان الريفي وطرق تعامله مع الواقع(41).
    لقد وجد المجتمع الريفي في الشعر، الوسيلة أو الأداة الضرورية للمحافظة على ذكرى أحداثه الرئيسية، مثله في ذلك مثل جميع المجتمعات المغاربية(42).
    ويمكن إجمال التيمات العامة لهذا الشعر الشعبي الجماعي فيما يلي:
    الشعر الاجتماعي والحياة اليومية مثل: « izran n râarur»، أو « Remâani » أو « Amzawar » ويعادل شعر الهجاء، أوالنقائض، و « Izran n aridva » أو « Rehwa »، أي شعر الحب، وشعر المقاومة. « Izran n gerra »، وشعر الهجرة، والشعر الديني...
    يرصد الشعر الاجتماعي تناقضات المجتمع، ويعيش مع الفقير والمضطهد همومه وآلامه، ويدعو إلى قيم إنسانية نبيلة كالعدل، والمساواة، كما يدعو إلى الإخاء، والتعاون، والتآزر بين أفراد الجماعة، وهذا التعاون نجده مجسدا في العادات الأمازيغية الأصيلة "كثاويزا" و "أذوير" و "لغرامث"، والتي لازالت مستمرة بشكل أو بآخر إلى اليوم في بعض مناطق الريف، بالرغم من القيم الفردانية، والنزعة الأنانية التي اكتسحت المنطقة بفعل عوامل عدة. من أمثلة هذا النوع المقاطع التالية التي يخاطب فيها الشاعر الجماعي المسمى "الحاج عمر" الذي يستغل مجموعة من الأيتام، ولا أحد يفكر فيهم، وينتبه إلى ما يعانونه من شدة العمل. حتى أصبح لونهم أحمر كالقمح، وقد جعل البعض منهم خماسا يحرث له الأرض والبعض الآخر يبني له الأسوار.. كما يخاطب في آخر المقطوعة "فاظما ن أرقيا" الكثيرة الصراخ، و"شعيب أمغار" الذي يشبه شواربه بشوارب القط، يقول الشاعر(43):
    asidi Rhaj âmar
    t’arbiht’ ibu jiren ur adij an ifekkar
    yarin d’ izewggaghen am yarden deg u nnar
    ij iggit’ d’ axemmas ufus u wesghar
    ij iggit’ d’ abennay isâujja reswar
    ad yeâd’a ssin ufighar ur itijji rat’ar
    aya fadvma n aqiya aya remsew n sd’eâ
    aya câayeb u mghar aya claghem u neggmar
    ـ في شعر الهجاء، أو ما يسمى، râarurأو remâani أو. Amzawar
    هذه المقاطع الشعرية التي سأستشهد بها هي سجال بين فتاتين وقع بينهما خلاف. تحول إلى هجاء يقوم على ذكر مساوئ بعضهما، والافتخار بمحاسنهما. تقول الفتاة الأولى(44):
    qqaâ u d’ay t’cqid’ u d’ay deggid’ rh’em
    aqenfuh n teqzint id izzughan irem
    وكان رد الفتاة الثانية:
    Arah ssiwdas sram i med’fanza n t’ghatv
    inass: nnad’ured rallam mux tmwidat
    وقالت الفتاة الأولى:
    Ima cem d abeqraj tizin am ddexxan
    Rallam d’ abarad’ n nehas d’ewanas rkisan...
    ويتخذ الهجاء عدة أشكال، مع الأخذ بعين الاعتبار الحد الأدنى من المعايير المجتمعية، فهو خارج الإباحية، والتهور والميوعة، أي مطبوع بما هو فني. كما لا يقتصر على جنس دون آخر، فيشمل حتى النساء، وقد يتخذ طابعا فكريا يترجم الاختلاف حوا فهم ظاهرة من الظواهر، أو موضوع ما كالحداثة. كما في المقطع التالي:
    tesrant mudva mudva ksent t’ikembucin
    amudva di reâqer aya dih’bbujin (45)
    * في شعر الحب (arid'a/reh'wa)
    هذه قصيدة تعود إلى بداية القرن العشرين، من خلالها يسأل الحبيب عن معشوقته فاظما، ويكشف عن استعداده لتحمل الضرب من طرف إخوتها في سبيل رؤيتها... تقول القصيدة(46):
    zaregh t’nayen n rebyuz x yej n tirga sessen
    yennay : ijn reâqer arah h’wa ghasen
    wami gha rahegh uwt’in deg afar ghedvsen
    kkin jar id’urar d wenni d’ amkan n sen
    Mada wig zrin fadvma n d’ ayi yesnen ?
    Sebâa n ayt’ mas d ifighriwen a yeqsen
    azejjad at’eccegh rmewt’ u turisen
    ttaregh asen dvif llah ufigh mmunswen
    wt’in ay s t’nayen yexsan deg ur inu ghensen
    kkigh qaâ t’iqebbar wallu wi t’en gha yeksen
    rqigh ij umjareb yennay fadvma t’essen
    fadvma cem taqebbit n rehrir yed’efsen
    2-1 الخصائص الفنية للشعر التقليدي الأمازيغي بالريف
    (يتبع في العدد القادم)
    http://tawiza.x10.mx/Tawiza110/yamani1.htm
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    رموز الشعر الأمازيغي
    وتأثرها بالإسلام
    تأليف: عمر أمرير
    عرض: محمد أفقير
    منشور بمجلة "الادبالاسلامي"- ع49 (2006).
    صدر حديثا للدكتور عمر أمرير، مدير الأبحاث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وصاحب مشروع علمي في الأدب الأمازيغي، كتاب جديد بعنوان "رموز الشعر الأمازيغي وتأثرها بالإسلام"(*) في طبعة جميلة، من تصدير الدكتور عباس الجراري، ويتأسس الكتاب على "أطروحة وجود لغة أمازيغية رمزية مستقلة عن اللغة اليومية في أصلها ودلالتها ومجال استعمالها"، ويهدف إلى الإسهام في دراسة التراث الرمزي المغربي الثري، من خلال التركيز على رموز الشعر الأمازيغي، وفيما يلي محاولة لعرض مضامين الكتاب ومحاوره.
    تتكون المفاصيل الأساسية لبحث الأستاذ عمر أمرير من مدخل حول روافد التأثير الإسلامي، وباب أول عن الأمازيغية الرمزية وشعرها، وباب ثاني عن الرموز الشعرية. وباب ثالث عن التأثير الإسلامي في الرموز، وخاتمة.
    يقدم المدخل تناولا علميا عميقا للكيفية التي تمكن بها الإسلام بمصادره العربية من التأثير في رموز شعر لغته أمازيغية، مستعرضا مختلف روافد التأثير، خاصة تلك المؤلفات والمترجمات التي أنجزها العلماء الأمازيغ بسوس لتمكين العامة من معرفة الإسلام، وفهم تعاليمه، في ميادين "الفقه"، و"السنة النبوية"، و"العقيدة والتصوف"...، والتي غطت عقودا من الزمن (ص 26)، ولم يكتف الباحث بهذا، بل توقف أيضا عند مجموعة من العادات الأمازيغية، التي هيأها الأمازيغ في أوساطهم لتنزيل تعاليم الإسلام في بيئتهم، وتذويبها في حياتهم بشكل تلقائي، عوض أن تبقى حبيسة الكتب والمؤلفات، ومن هذه العادات: عادة "التعليم الليلي" بالمساجد التي لا يتخلف عنها الأطفال ذكورا وإناثا والرعاة والحرفيين الذين يستهلك العمل كل أوقاتهم بالنهار، وعادة "عرس القرآن" ("تامغران لقران"، "سلوكت") التي يقرأ فيها القرآن من لدن "الطلبة" بشكل جماعي (تاحزابت). وتنشد فيها "البردة" و"الهمزية" وبعض الأشعار العربية "ترجيز"، وعادة "بخاري رمضان" الخاصة بشهر رمضان، وعادة "أدوال" الخاصة بنزه "الطلبة"، وسياحات المتصوفة... (ص34)، هذه الروافد كلها، من مؤلفات ومترجمات وعادات، ساهمت في ترسيخ الإسلام لدى الأمازيغ ودمجه في بيئاتهم، وتحبيبه على نفوسهم حتى صار ممارسة واعية تملأ الفكر والوجدان.
    إن الشعر الأمازيغي الرمزي يستمد مشروعيته من نسق لغوي رمزي مستقل عن نسق اللغة الطبيعية في مصدره ومجال تداوله، هذا ما يعالجه الباب الأول من الكتاب الخاص "بالأمازيغية الرمزية وشعرها"، وقد استعمل الباحث مصطلح "الأمازيغية" عوض "البربرية" أو "الشلحة" أو "السوسية"، أو "العجمية" أو "المصمودية" أو "اللسان الغربي" التي تستعملها وسائل الإعلام الحديثة والدراسات المعاصرة، بعد تتبع هذه المصطلحات واحدا واحدا في المصادر القديمة، الأمازيغية والعربية والأوروبية والتاريخ المحلي، لكي يخلص في الأخير باطمئنان علمي واضح إلى "أن هذه اللغة كانت تسمى "تامازيغت" في إطار المجال الجغرافي الشاسع الأطراف بدءا بمناطق "دمنات" إلى ضواحي "مراكش" شمالا، في اتجاه المحيط الأطلسي عبر سفوح وسلاسل جبال الأطلس الصغير، حتى التخوم الصحراوية (ص 64)، وهناك أيضا شبه إجماع مختلف المصادر على أن كلمة "أمازيغ" تعني الحر والفارس والشجاع، أما اللغة الرمزية التي يدرس الكتاب رموز شعرها فهي "مجموعة من الأسماء والأفعال والتراكيب التي تنزاح عن معانيها اللغوية، لتستمد معاني أخرى رمزية تنهلها من مصادر ومنابع متعددة، كالطقوس والمعتقدات، والعادات، والطبيعة وكل التجليات الحضارية" (ص 68)، وتتجسد اللغة الرمزية في مجالين اثنين هما "الشعر" و"الحلم" اللذين يشتركان في العلاقة التأويلية لكثير من الرموز (الماء= الحب والزواج، البحر= القوة والسلطة والنفوذ، الثور= المخزن، الموت= الزواج...)، وتنتمي إلى بيئة لسنية بالجنوب تزخر بلغات مغلقة مثل "تاقجميت" الخاصة بالأطفال، عبارة عن تركيب حروف بعض الكلمات الأمازيغية بشكل معكوس لجملها القصيرة، و"إيسوراف" الخاصة بالسيدات، و"إيلمان" الخاصة بمجموعة "رما ن سيدي علي بناصر" وب"الروايس"، و"تاقوليت" الخاصة باليهود من الأمازيغيين، و"مغلقة طلبا" الخاصة بحفظ القرآن الكريم...، وفي حديثه عن الشعر الأمازيغي توقف الباحث عند الأصل الأيتيمولوجي لمصطلح "أمارﮒ" الدال على الشعر في "تامازيغت" بالجنوب خاصة، انطلاقا من مناقشة مختلف العلاقات اللغوية والرمزية التي قد تربطه بمصطلحات مشابهة من مثل: "أرﮔراگ" (المتبرك به)، و"أساراگ" (الساحة)، و"تاوارﮔيت" (الحلم)، مقسما إياه إلى ثلاثة أنواع أساسية: "الشعر الطقوسي"، وهو موغل في القدم، توارثته الأجيال عبر العصور، مثل شعر "أسالاو" (أناشيد البكاء) الخاص بطقوس الزواج، ويرى الأستاذ أمرير "أن المرددات الطقوسية هي الشكل الوحيد الذي وصل إلينا من الشعر القديم" (ص90)، و"الشعر التعليمي" "تامازغيت" التي تطلق على الأشعار التي نظمها الفقهاء والمتصوفة لنقل تعاليم الإسلام إلى العامة، وقد خلف الأمازيغ تراثا هائلا من هذا النوع، أما النوع الثالث فهو "الشعر الإبداعي" "تاماريرت"، وهو أهم أنواع الشعر الأمازيغي، يبدعه الرجال والنساء، إما بشكل مشترك أو غير مشترك، منه ما يلقى في رقصة "أحواش" مصحوبا بالرقص والموسيقى، ومنه ما لا ينشد في "أحواش"، ولا تلازمه الآلات الإيقاعية، ولا الرقص ولا التصفيق، ومن أنواعه الأساسية: "تاماواشت"، و"تازرارت" و"اورار".
    ولأن الشعر الأمازيغي في الفترة التي يدرس البحث رموز شعرها (ما قبل استقلال المغرب) لا مكان فيه للإبداع المنفصل عن الجمهور، بعيدا عن طقوس وتقاليد واحتفالات الجماعة، فإن الباحث يشرك القارئ حميمية الاحتفال الشعري "أحواش"، الذي يسمى أيضا ب"لهضرت" و"درست"، الاسم الأول يحيل على الوظيفة الروحية للاحتفال، لاشتراكه في العديد من العناصر مع "الحضرة" الصوفية، على مستوى الزمان الليلي، والمكان المقدس، والجمهور المتعطش للسماع، والشاعر الملهم...، والاسم الثاني يحيل على الوظيفة التحالفية للاحتفال الشعري "أحواش"، الذي يسعى إلى تمتين علاقات التعاون داخل القبيلة أو الحلف، والصلح بين المتخاصمين، وحل بعض المشاكل بواسطة عادات متوارثة "كثيرا ما حلت مشاكل عجزت عن الحسم فيها المحاكم" (ص116) وبهذه الوظائف المهمة حظي حفل الشعر والغناء والرقص الجماعي الأمازيغي بالجنوب المغربي باحترام تام ومهابة خاصة لدى الجميع، إذ "لا مجال فيه للعبث بطقوسه وعاداته، وأعرافه التي يدرك العارفون أنها رمز حضاري دال على استمرارية الحياة في حرية ونبل وتعقل" (ص118).
    الباب الثاني يتطرق إلى الرموز الشعرية، محددا أولا الحقول الدلالية للألفاظ الرمزية، مصنفا إياها إلى مجموعة من المناهل الأساسية: رموز الماء، ورموز الفلاحة، ورموز الاهتمامات، ورموز العادات، ورموز الجسد، ويعتبر الماء أهم هذه "المناهل الرمزية"، وأكثرها تجليا في الأشعار، انسجاما مع مكانته في الذاكرة الأمازيغية التي تحبل بكثير من العادات والطقوس والمعتقدات حول الماء وما يتصل به، وترمز معاجمه في التركيب الشعري بشكل عام إلى "الخصوبة، وإلى المرأة، والحب والغزل والزواج" (ص134)، كما أن "مناهل رموز الفلاحة" بمختلف حقولها الدلالية (حقل الفدان، والبستان، ومفسدو الغلل) تحيل هي الأخرى على الخصوبة، وعلى الأنثى والجمال والقوة والطهر... بحسب سياقها في التركيب الشعري، وتشكل "مناهل رموز الاهتمامات"، خاصة ثلاثي "القنص" و"الرعي" و"الفروسية"، الخلفية الدلالية لرموز مهمة ("أماوال"= العرس، "تاريگت"= الفتاة، "توزالت"= الظلم، "أجنوي"= الرجولة...)، ومن المهارات التي أتقنها الأمازيغي وتفنن في أساليبها، وأصبحت مناهل لعديد من الرموز حرفة "البناء" و"النسيج" و"الحدادة"، ويبقى جسم الإنسان بمختلف عناصره، من الحقول التي نهلت رصيدها الرمزي من عدة طقوس ومعتقدات وعادات، وشحنت المعجم الشعري برمزياته.
    واعتمادا على عمل تقني بالغ الأهمية، يتجاوز المعنى اللغوي للمقطع الشعري، إلى أبعاده الرمزية التي يتم الوصول إليها بربط ألفاظه "بالمناهل الرمزية" المعتقة بحرارة المعتقد، تمكن الباحث من حصر مقاصد دلالية كبرى للرموز الشعرية هي: "الرمز إلى الشعر"، الذي يرتبط بكل ما يهم الفنون الشعرية، إبداعا وأداءً وتلقيا، و"مقصد الرمز الغزلي"، وينحصر في مجال الحب والمرأة، و"مقصد الرمز السياسي"، الذي يرتبط ب"تربية سياسية" خاصة، كانت إلى عهد قريب تجعل "كل أفراد وجماعات القبائل الأمازيغية ملزمة بأن تنتظم في أحد الحلفين الكبيرين: "تاﮔوزولت" و"تاحگات" اللذان لهما عادات خاصة بالتنافس على الحكم جهويا، مع الحرص الدائم على التمسك بإطار البيعة لسلاطين المغرب" (ص194)، وحتى لا يفهم من تحديد هذه "المناهل"، أحادية الدلالة للرموز الشعرية الأمازيغية، ونهائية التأويل، عمد الباحث إلى الوقوف عند "الاشتراك العام" للدلالات الرمزية للفظ الواحد داخل عموم المقاصد (النسيج= الزواج، النسيج= الحكم، النسيج= الشعر...). وعند الاشتراك الخاص للمعاني الرمزية للفظ الواحد داخل المقصد الواحد (السرج= الفتاة، السرج= الزواج...).
    الباب الثالث يتناول التأثير الإسلامي في الرموز، من خلال رصد الألفاظ الإسلامية التي أثرت الرمز الأمازيغي، خاصة "رموز الصلاة"، و"الصيام" و"الحج"، و"التعليم"، و"الموت"، فألفاظ الحقل الدلالي الخاص بالصلاة مثلا، ترمز في الشعر الأمازيغي إلى الفن الشعري وعاداته من جهة، ومن جهة ثانية إلى الغزل، والعلاقة بين الرجل والمرأة (الصلاة= الشعر، الإمام= الشاعر، المصلون= الشعراء، السلام= الخاتمة الشعرية "تامسوست"/الوضوء= الخطبة، المسجد= الفتاة...)، كما أن ألفاظ معجم الصيام تحيل على مقاصد غزلية واضحة (الصوم= العزوبة، الإفطار= الزواج...)، مثلها ألفاظ الحج، وما يتصل به من شعائر، التي ترمز إلى الزواج وطقوسه، أما الحقل الدلالي الخاص بالتعليم فترمز معاجمه في التركيب الشعري الأمازيغي إلى الغزل، والشعر، والسياسة، وتجدر الإشارة إلى أن الترميز بهذه الألفاظ الإسلامية إلى غرض مثل الغزل "ليس ناتجا عن استخفاف بالدين أو استهتار بقيمه وجهل بتعاليمه، وليس من باب الرمز ب"المقدس" إلى "المدنس"، بل يدل على صدق إسلام الأمازيغيين، لأننا نعرف أن تأثير كل جديد مما ليس أمازيغيا "لغة وعادة واعتقادا" في رموز الشعر الأمازيغي، يعتبر في حد ذاته "رمزا" صادق الدلالة على عمق قوة تفاعل الأمازيغيين مع ذلك الجديد" (ص243)، ولا ينتهي التأثير الإسلامي عند هذا الحد، بل يتعداه إلى تكييف الرموز الأمازيغية نفسها، مع الأبعاد والمضامين الإسلامية في شعر "تامازغيت" خاصة، الذي وظف هذه الرموز لغايات فنية وإقناعية.
    من خلال مجمل التحليلات الواردة في الأبواب الثلاثة للدراسة، يصل الباحث إلى نتائج وخلاصات ضمنها خاتمة جد مركزة، داعيا إلى ضرورة تحقيق النصوص الأمازيغية وضبطها، بناءً على مستجدات البحوث الرمزية، وإلى ارتياد آفاق الدراسات المقارنة بين رموز الشعر الأمازيغي بمختلف تجلياته اللهجية، ورموز الشعر المغربي المعرب بمختلف أنواعه: "الملحون"، و"العيطة"، و"الطقطوقة الجبلية"، و"الشعر الحساني".
    ولعل قارئ هذا الكتاب لا يملك إلا أن يكبر فيه شموليته وعمقه، ودقة رصده لكل عناصر الأدب الأمازيغي، بمنهجية أكاديمية صارمة، وبتحليل علمي رصين، معتمدا على مصادر غنية ونادرة، وهو بهذا عمل مرجعي أساسي في مجاله، وإضافة نوعية للمكتبة المغربية والأمازيغية.




    (*) د. عمر أمرير: "رموز الشعر الأمازيغي وتأثرها بالإسلام"، مطبعة مكتبة دار السلام- الرباط. ط1: 2003.


    أضافها محمد أفقير
    المصدر:
    http://afakir.arabblogs.com/archive/2009/5/870035.html
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    ماهو الادب الشعبي الامازيغي ع
    لى الساعة 14:08 | 23/12/2012 |
    الحسن اعبانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    لقد كتب الكثير من الباحثين والمهتمين الامازيغيين وغير الامازيغيين عن هدا الموضوع فطرحوا هدا السؤال..ماهو الادب الامازيغي..ومل واحد فسر الموضوع بطريقته الخاصة..غير اني اقول..ان الادب الامازيغي شانه في دلك شان الادب العالمي..فالادب في اللغة الامازيغية..هو..تاسكلا..والادب حسب التعريف العالمي..هو فن من الفنون الجميلة كالرقص والغناء والمسرح والموسيقى ثم الشعر..والادب قسمان شعر ونثر..اما الشعر فهو دلك الكلام الموزون والمقفى اما النثر فهو ليس كشعر ويختلف عنه وهو ايضا فن ادبي ومنه الوصفي والانشائي..فالوصفي هو الدي يصفه الانسان وصفا
    ويرتجله ارتجالا..فمثلا يمكن من خلاله ان ترمز الى الوردة والوردة تعني المراة والجمال اما الانشائي فهو الدي ينشاه الانسان ويبدع فيه اما اركان هدا الادب فهي تلاتة
    اولا..الخيال وهو طريقة او الاسلوب التي يرتكز عليها الاديب.
    تانيا..العاطفة..وهده العاطفة يجب ان تكون شديدة
    تالتا..الفكرة ..فهي التي تقوي العاطفة لتجعل منها عاطفة صادقة..
    اما الشعر الامازيغي..فهو انواع..فهناك الشعر الغنائي..متلا..شعر..روايس ثم شعر اسايس والشعر الغنائي التصوفي والامداح واشعار الاعراس الى اخره.اضف الى دلك الشعر الكتابي او المكتوب.الدي ظهر مؤخرا..كشعر محمد المستاوي وشعر المرحوم والاستاد..علي الصديقي ازايكو..والاخرون. اما النثر فيشمل..تالاست..القصة..والمثل الشعبي والنوادر والحكم.بالاضافة الى الاحاجي والنكث..الى اخره..
    وكخلاصة عامة فالادب الامازيغي هو فن قديم متوارث وجد مع الانسان في كل الازمنة والحقب المختلفة.
    المصدر:
    http://www.ariffino.net/?p=116182
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    السؤال هنا هل فعلا هناك أنواع للهجة الامازيغية؟وماهي وماجذورها؟
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  6. #6
    شكراً لك يا اختي ريمه , على هذا البحث الأمازيغي الهام , تحياتي

  7. #7
    رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء
    رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
    **************
    قال ابن باز رحمه الله
 :

    لباسك على قدر حيائك
    وحياؤك على قدر ايمانك

    كلما زاد ايمانك زاد حياؤك
    وكلما زاد حياؤك زاد لباسك

المواضيع المتشابهه

  1. 1/الشعر الملمع **من أنواع الشعر الشعبي العراقي ,حسين الحمداني
    بواسطة الحمداني في المنتدى فرسان الشعر الشعبي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 06-28-2015, 02:36 AM
  2. التأريخ الأمازيغي
    بواسطة العربي حاج صحراوي في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-14-2012, 01:51 PM
  3. أثر الشعر العربي في الشعر الفارسي
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-22-2009, 06:51 PM
  4. روح الشعر
    بواسطة خشان محمد خشان في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-25-2009, 08:21 AM
  5. و من الشعر ما قتل ..
    بواسطة د.هزاع في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 03-26-2008, 12:43 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •