المذاهب التعليمية وتطورها
من قلم غالب الغول
&&&&&&&
إن الفلسفة والتربية توأمان , وإن للتعليم مذاهب فلسفية متعددة , اختلف فيها المشرفون التربويون , فمنهم من يدين بالمذهب العقلي مثل هيربرت وسبنسر وآدم سميث ودارون , ومن مبادئهم , المنفعة والمتعة التي تهدف إلى سلامة الصحة والمهنة والبيت والمواطنة والراحة ,
,ومنهم من يدين بالمذهب المثالي لتربية الأطفال , وتبناه فرويل الذي اهتم بالثقافة الروحية , جسد + روح + دين وأخلاق , ومنهم من يدين بالمذهب الطبيعي الذي يؤمن به روسو , وماكدوجل , والذي يحض على إرضاء النزعات الفطرية العامة والخاصة , وإعلاء الدوافع والغرائز ( الاستعدادات الفطرية ) لكي تحدث في توجيه جديد وتوفيق واتزان , ومنهم من يدين بالوسطية مثل طه حسين والطهطاوي وساطع الحصري وغيرهم من المفكرين المحدثين , وعلى ما أعتقد فإن للنظام التربوي ثلاثة اتجاهات على الشكل الآتي .
1 ــ اتجاه تقليدي كلاسيكي : يعشق التراث ويخلد الأمجاد ويكره التجديد ويحب الانطواء , وهؤلاء قلة , لأن تيار التطور لم يلتفت إلا إلى ما ينفع الأمة ويخدم مصالح الوطن .
2 ــ اتجاه حديث : لا يتمسك بالتراث بل يرفضه , ويتجه إلى مسالك الأوربيين ونهضتهم , وإن كانت في كثير من الأحيان غير متناسبة مع شروطنا التاريخية والاجتماعية والثقافية , ولأن تطورها لا ينبع إلا من خلال رغباتنا .
3 ــ اتجاه معتدل: وهو الذي يريد الجمع بين رغبات المجتمع وبين ما يفرضه الواقع الحضاري , لأن التعليم الجيد هو الذي يقع بين ما يرغبه المجتمع في مدارسنا وبين نوع التعليم الذي تفرضه الفلسفة العامة للتربية والتعليم .
إن المجتمع المحلي لا يزال يؤمن بالعادات والتقاليد والقيم رغم وجود ازدواجية في التربية بين تربية البيت وتربية المدرسة , إذ يتلقى الطفل من والديه عند ذهابه إلى المدرسة العبارات الآتية مثل :
ــ لا تفعل كذا ـــــ ولا تذهب إلى كذا ـــــ ولا تجلس مع كذا ــ ولا تلعب مع ... ولا ...ولا ... ولا ....
لكنه لا يستطيع تطبيق ما أمر به الوالدان في المدرسة , وإن مثل هذه التربية الثنائية تربك الطفل وتسبب له الحيرة والتمرد , خاصة عندما لا تدرك الأسرة مذاهب التربية .
ومن هنا فإن علينا أن نفكر بمدرسة مذهبية تتماشى مع متطلبات مجتمعنا لكي لا نصل إلى نتائج سلبية , فعلى الوسائل التعليمية أن لا تنحرف عن السلوك القويم الذي يتوخاه أبناء المجتمع , فالوسيلة أداة تعليمية جيدة تساعد المعلم على القيام بالعملية التربوية, وينبغي أن يشرف على برمجة هذه الوسائل معلمون تكنولوجيون متخصصون بمعرفة قيم المجتمع , لكي لا يخلطوا بين تعليم يؤمن بالمذهب الطبيعي مثلاً , وبين تعليم آخر يؤمن بالمذهب المثالي .
فإذا كان الطبيعيون يرون أن التعليم المختلط يحسن الأخلاق , تجد أن المثاليين يرون أن التعليم المختلط يفسد الأخلاق , وعلينا أن نوفق بين المذهبين بطرق تربوية تخصصية .
غالب الغول/ من كتابه ــ المعلم التكنولوجي والإدارة التربوية الحديثه 2003 م