منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 13
  1. #1

    تعلم كيف تواجه ,, وتعلم كيف تناظر

    تعلم كيف تواجه ,, وتعلم كيف تناظر

    ما الفارق بين الجدل والحوار ؟! وهل تدخل المناظرات تحت باب الجدل أم باب الحوار ؟

    هل الدخول فى المناظرات فرض أم ضرورة لها شروط ؟!

    ماذا نفعل ككتّاب عندما هجوما على الإسلام , هل نرد أم نصمت أم ندخل فى مناقشة ؟!
    كيف يمكن أن يصبح الرد على الهجوم أسوأ أثرا على الإسلام من الهجوم نفسه ؟!
    وكيف يمكن أن يصبح طريق الجنة .. طريقا إلى النار دون أن ندرى ؟!

    حول إجابة هذه الأسئلة يدور الموضوع العاشر من سلسلة " تعلم .."



    تعلم كيف تواجه ,, وتعلم كيف تناظر


    مما يؤثر عن أحد علماء الهندسة أسلوبه المتفرد فى مواجهة مشاكل عمله , فعندما يواجه جهازا معطلا لم يكن يدخل مباشرة إلى أسباب العطل ومكانه بل يتجاهلهما تماما و يعيد تفكيك الجهاز بأكمله ويبدأ فى تركيبه حسب تصميمه الأصلي من جديد , وكلما يصادف خللا أثناء إعادة التركيب يصلحه ويستمر
    بهذا الأسلوب لم يستعص عليه عطل فى جهاز أو يحيره ,
    لأنه أحال الظاهرة للأصل وبدأ الحل من الجذر
    وما فعله العالم فى المجال العملى نحن مطالبون به ـ من باب أولى ـ فى مجالنا الفكرى والذى يعتبر أخطر مجالات العلوم الإنسانية على الإطلاق , فبالفكر وحده وعلى أساسه وقعت كوارث العالم أجمع وكذلك تم إصلاحها بالفكر
    ولا عجب فى ذلك لأن الاعتقاد الفكرى هو المحرك الرئيسي لنشاط الإنسان فإن كان فكرا خيرا أنتج خيرا وإن كان شرا أنتج مثله
    وبالاعتقاد الفكرى والعقدى نشأت دولة الإسلام كإحدى معجزات الحضارة الإنسانية فى بضع سنين بهداية الوحى التى استقبلتها عقول أحسنت التفكير فعرفت نداء السماء وأجابته , ولم يحدث التخلخل إلا عندما بدأت الفرق فى الظهور فتغير الإعتقاد وفقد طلاوته الأولى التى نزل بها غضا على المحجة البيضاء , وعندما تغير الاعتقاد وأصبح مدخولا بفروع شيطانية غريبة على الجذر الأصلي بدأت الحروب والفتن واستمرت ليومنا هذا

    وعبر تاريخ الإسلام البالغ الثراء دارت رحى المعركة بين الأصل والفروع , وظهرت فى فترات متقطعة من العصر الإسلامى الوسيط دول إسلامية أعادت رونق الخلافة معتمدة على مبدأ العودة للأصل وهو المبدأ الذى كفل لها النجاح لأن غياب الإصلاح الفكرى أولا هو سبب حتمى للفشل فيما بعد
    وهذا المبدأ , مبدأ سماوى خالص عبر عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام فى غير موضع من أحاديث الفتن وخصه بالجانب الأعظم من وصاياه ولم يفتأ يكرره على مسامع الصحابة ومثال ذلك قوله عليه الصلاة والسلام
    " إن من يعش بعدى سيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ "
    وقوله أيضا " لقد أتيتكم بها بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك "
    ولهذا كان المصلحون فى كل عصر يرفعون لواء العودة للأصل طارحين كل البدع المحدثة التى دخلت على دولة الإسلام فنجحت حركات الإصلاح لهذا السبب والمتأمل فى تاريخ الإسلام يجد أن كل أزمة مستعصية عصفت بالدولة كانت مبنية على اعتقاد فاسد مخالف للأصول
    من أول فتنة الخوارج أول وأعظم فتنة إلى يومنا هذا حيث فتنة المذاهب الإنسانية المختلفة

    ولأن الإتجاهات المعادية للإسلام ـ بعد دراسات المستشرقين المتعمقة ـ عرفت أين يقبع المقتل ركزت همها وجهدها عل ضرب الأصول بأى وسيلة , فلما عجزت , وظل القرآن محفوظا بحفظ الله وانبري علماء السنة فاستأصلوا شأفة الأحاديث الموضوعة وعزلوا القسم الصحيح وحفظوه , لم يجدوا أمامهم حلا إلا ضرب علاقتنا بتلك الأصول !

    وهذا الأسلوب استمر أيضا إلى اليوم حيث تركز الدول العظمى والحركات الفكرية المضادة فى بلاد الإسلام على مبدأ رئيسي وهو تعقب أى نداء يظهر فيه ولو طرف شعرة من العودة للأصول , ويتم محاربة هذا الجانب بكل الوسائل بداية من التدخل العسكري كما فعلت الولايات المتحدة فى حربها المزعومة ضد الإرهاب إلى الغزو الفكرى الذى رسخ عبر قنوات إعلامية محترفة اعتقادا جازما بأن كل من ينادى بالعودة للأصول هو متخلف إرهابي ,
    وأصبحت من قبيل الثقافة العامة المنتشرة أن يتم السخرية من كل متحدث بالعربية الفصحى أو من كل من ينوه عن شخصية تاريخية تحمل شبهة إشادة بتاريخ الإسلام رغم أن الغرب لم يقطع صلته بتاريخه المشوه مطلقا , بل جعل منه مادة خصبة على موائد الإعلام حتى لو كان تاريخا أسطوريا لا يمت للواقع بصلة ,

    وبينما يفخر الغرب بزينا وهركليز وأخيل ونبوءات نوستراداموس , ولا يجد حرجا فى ذلك , أصبح مفكرونا ومثقفونا يجدون حرجا إذا استشهدوا بقول لأبي حنيفة أو الشافعى أو نقلوا رأيا فكريا للسيوطى أو الأشعري
    هذا فضلا على التدخلات السياسية التى لا تهمل أدنى صعود للتيار الإسلامى السلفي فى أى مكان بالعالم الإسلامى فيبدأ الضغط على الفور بالوسائل العلنية والسرية لخلق حرب عداوة بين الأنظمة وبين تلك التيارات حتى لو كانت تيارات فكرية محضة لا تتعرض للأنظمة ولا تتدخل بالشئون السياسية وتكتفي بإحياء التراث فحسب
    ولنا أن نتأمل الضربات الأمنية القاصمة التى يتعرض لها تيار الإخوان المسلمين أو جماعة أنصار السنة بمصر والمحاربة الإعلامية المصاحبة لذلك ونقارن هذا كله بالدعم الكاسح التى تحظى به الطرق الصوفية سواء على مستوى الدولة أو على مستوى الدعم الخارجى المهول

    فالطرق الصوفية بمصر لم تحصل فقط على الوجود الشرعي باعتماد المجلس الأعلى للطرق الصوفية مجلسا عاما تابعا للدولة , بل هناك دعم سنوى للمجلس فضلا على أن رئيس المجلس فى البروتوكول السياسي مساوى لمكانة شيخ الأزهر سواء فى الراتب أو المعاملة
    هذا خلافا لسكوت الدولة عن الدعم المادى الخارجى الذى جعل من مجلس الطرق الصوفية مؤسسة تتجاوز ميزانيتها ثلاثة أرباع مليار جنيه ,
    وتحاط الإحتفالات الصوفية بالحماية الأمنية على أعلى مستوى رغم أنها تتجاوز ثلاثة آلاف حفل سنويا تحميه الشرطة حماية كاملة , وبأحدث الوسائل
    فضلا على الدعم السياسي الخارجى الذى يجعل سفير الولايات المتحدة السابق بمصر يحرص على حضور مولد السيد البدوى بطنطا ! وتخلفه مرجريت سكوبي فى ذلك
    وإذا تأملت الحروب العلمانية مثلا على الإسلام والفكر الإسلامى لا تجد منهم أدنى إشارة بالانتقاد للفرق البدعية كالصوفية والمعتزلة الجدد " العصرانيون " على سبيل المثال رغم وجود المبرر البالغ القوة لذلك والمتمثل فى كل هذه الإمكانيات المهولة لمجرد تغييب الناس

    ولهذا يبدو غريبا جدا أن تثور ثائرة العلمانيين لمحاضرة يلقيها عالم أو فقيه ويهملون فى نفس الوقت هذا البذخ والسرف وتعطيل مصالح الدولة مع الصوفيين
    ومن أوجه الغرابة ـ اللافتة للمتأمل بعيد النظر ـ أن السلطات الرسمية والغرب متمثلا فى الولايات المتحدة رغم أنه لا يطيق ذكر الإسلاميين , إلا أنهم يتناسون هذا تماما مع الطرق الصوفية على نحو يجعلنا نتساءل ,
    لو أن الطرق الصوفية ـ كما يرجون لها ـ تمارس نشاطا إسلاميا عارما فلماذا يواليها المعادون للإسلام ويسكتون عن تصرفات لو لاح ريحها مع فقيه لكان مصيره وراء الشمس
    والقانون الأمنى الذى يمنع التجمهر لما يزيد عن عشرين شخصا نجده مع الصوفيين يحمى ويوالى تجمهرا من عشرين ألفا !
    لكن ـ كما يقال ـ إذا عرف السبب بطل العجب ,

    فإن الخوف كل الخوف ليس من الفرق البدعية التى حادت عن الطريق بل من أى نداء أصولى للبحث خلف المنبع , والغرب يستفيد من دروس الماضي جيدا ولم ينس بعد ما فعلته الأصولية الإسلامية بمنهجها البسيط فى الشيشان وأفغانستان وباكستان وأندونيسيا وفى حرب أكتوبر والآن فى العراق والصين
    لهذا صارت حساسية الغرب وحلفائه تجاه كل بذرة إسلامية صحيحة ظاهرة واضحة بما لا يدع مجالا للشك ,
    وإلا كيف يمكن تبرير الحروب الضارية التى تشنها الأجهزة الرسمية والدعايات الخارجية تجاه التوجه الإسلامى الصحيح وتعجن ذلك كله فى زمرة واحدة هى الإرهاب والعنف رغم أن تيار العنف تيار يختلف فى الأساسيات مع تيارات الإصلاح السلفي , والموجودون على الساحة الآن علماء ودعاة لا مقاتلين فلم كل هذا القلق وكل هذا الهجوم الذى ينال علماء المسلمين ودعاتهم وهم لا يطرقون السياسة ولا شأن لهم بالنشاط المضاد للأنظمة , ولماذا كل هذا الاتهام لأى كتاب أو كاتب يلمح ولو من بعيد لأصول الإسلام وترك التفرق ؟!
    ولماذا كل هذا الترصد للإلتزام الدينى والسعى إلى طريق الله وانتقاد أى دعوة ولو كانت للفرائض الواجبة ؟!
    ولماذا تثير اللحية الكثة فى وجه شاب سنى ذعر الأمن بينما اللحية الأخرى ـ على مذهب دوجلاس ـ تحظى بالقبول !

    هذه هى صورة الساحة الآن ..
    تيار عام تمثله الشعوب المجبولة فطريا على العقيدة الصحيحة , وتحاول الخروج من شرنقة الشبهات والمكايد الفكرية التى تغلق عليها رغبة التحرر الحقيقي من الغزو الفكرى
    ووسيلتهم فى ذلك التماس العلماء والدعاة الواقفين على الحدود ـ وهم على قلة إمكانياتهم ـ وفقهم الله للوصول للقطاع الأعرض من الجماهير المتلهفة لهم , وليس أدل من ذلك ما نراه من احتفاء جماهير البسطاء بأى نصر اسلامى من أى نوع وتقديمهم نصرة الإسلام على نصرة الأوطان
    وتيار خاص يتفرع إلى عدة توجهات تتفق جميعا فيما بينها على الهدف وتختلف فى الوسيلة وتمثله الحروب الفكرية الخارجية والأفكار الدخيلة التى تمتلك ناصية الإعلام
    ولأن كل توجه من هؤلاء يهدف لقتل أى صحوة فى مهدها , فإن كل منهم اتخذ بابا معينا يطل من خلاله على الناس أملا فى تشتيت جهود الدعاة والعلماء , وفى كل باب من تلك الأبواب تستعر حرب فكرية ضارية كجبهة مستقلة عن الأخرى وما أكثر الجبهات وأسلحتها من الشبهات

    هذه الحروب الفكرية تتنوع بين المناظرة وبين الحوار ,
    ولأن القاعدة المتفق عليها فى أى قضية هى ضرورة العودة للأصل ومناقشة الأمر من المنبع ,
    فكان لزاما أن نتعرف عن الفوارق بين الحوار وبين المناظرات , وأنواع كل منهما , والضوابط التى حددتها الشريعة فى هذا الشأن باعتبارها المقياس الأول والأخير للعمل والتطبيق
    ولأننا أصبحنا بالفعل فى عصر الفتن ,
    فقد اختلطت الخيوط كثيرا وتسللت إلى القضايا الجوهرية قاعدة المثل الشعبي الشهير " هات من الآخر " وهو قول يضاد كل منطق حتى منطق اللهو والعبث لأن البدء بالنهاية يجعلك تدور فى دائرة مفرغة لا تصل لحافتها أبدا
    وهو ما يحدث بالفعل الآن فتحت اختلاط المفاهيم اضطربت الصورة بشكل ضبابي أمام عامة الناس بل وأمام الباحثين الذين تعجلوا ـ بدافع الغيرة ـ الدخول لساحات المعارك قبل معرفة ضوابطها فكانت النتيجة أن أصبح عالم اليوم عبارة عن مسرح كبير للجدل الفارغ لا تكاد تخرج منه بفائدة إلا كما يخرج فم العصفور من ماء البحر

  2. #2

    كيف تواجه , وكيف تناظر


    يغيب عن بال الكثيرين أن الحوار والجدل من أكثر القضايا التى تناولها التشريع الإسلامى بالتنظيم والضبط , وذلك أن القاعدة النبوية تقول أن الباب الذهبي للفتن العمياء الصماء هو الجدل وما من قوم يظهر فيهم إلا وجاز لنا أن نكبر عليهم سبعا
    ولنا فى أمثلة القرآن الكريم أسوة وعظة , فالجدل هو الذى أضاع بنى إسرائيل الذين اصطفاهم الله وفضلهم فلم يحسنوا ذلك وكانوا أولى جدل شديد فحاق بهم الغضب ,
    وتروى سورة البقرة قصة قتيل بنى إسرائيل وطلبهم من موسي أن يحل القضية فجاء الوحى بأن اذبحوا بقرة , وبدلا من أن ينفذ بنو إسرائيل الأمر بلا تنطع , فارت طبيعة الجدل فى أعماقهم فإذا بهم يجادلون موسي ويتهمونه أنه يسخر منهم فلما أوضح لهم تمادوا فى الجدل وطلبوا الإيضاح لأمر هو واضح وضوح الشمس
    ولو أنهم ذبحوا أى بقرة لأدوا بذلك أمر الله وانتهت المشكلة , لكنهم جادلوا فضيق الله عليهم

    وقضية الحوار والجدل والفارق بينهما أصل من أصول الإسلام أرساها القرآن وبينتها السنة , بينما يجهل الكثيرون أن هذا المجال ليس أمرا متروكا بلا ضابط فيحق للإنسان أن يجادل بلا حرج , ويتصورون الجدل ـ لا الحوار ـ أمرا شخصيا متروك للحرية الفردية بينما هو فى الأصل منظم تنظيما شاملا ,
    وأول القواعد فيه أن الأصل فى الجدل هو المنع والحظر , بينما الاستثناء هو السماح به ويتضح ذلك من خلال النصوص النبوية ومنها ما قال فيه عليه الصلاة والسلام
    " أنا زعيم ربض فى الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا "
    أى أن الأصل فى الإسلام منع المراء وكثرة الأخذ والرد بلا طائل لأن الجدل فى أغلب أحواله يورث البغضاء والإسلام جاء مؤلفا للقلوب وهذا كحكم عام يسري على عامة المسلمين وخاصتهم , لدرجة الترغيب فى تركه للحد الذى جعل النبي يبين مكانة تارك الجدل المحق بربض فى الجنة زعامته للنبي عليه الصلاة والسلام , فما بالنا بالمنغمس فى جدل الباطل

    والاستثناء فى الجدل لا ينطبق فى أى حال من أحواله على العامة أو غير المتخصصين ,
    بمعنى أن الجدل والمراء محظور مطلقا على عامة الناس وخاصتهم , ومسموح فى حالات معينة للخاصة فقط من العلماء والمفكرين وطلبة العلم
    وهذا أمر طبيعى , فالاستثناء المسموح به فى الجدل هو ما نعرفه باسم المناظرات , والمناظرات لا تكون إلا بين طرفين من أهل الاختصاص
    ـ فالمناظرات معركة لها طرفان مؤهلان كل منهما على نقيض الآخر ومن غير الوارد أن يلتقي فيها أصحاب وجهة نظر واحدة ,
    بينما الحوار لا يدخل تحت نطاق الجدل لأنه أحد ضروريات الحياة الإنسانية فى الإسلام , ويمكن تعريفه على أنه المناقشة التى تجمع بين أطراف معينة فى قضية ما سواء كانت قضية علمية أو اجتماعية أو طرح حل لمشكلة خاصة , وكل هذا واجب فى الإسلام حيث حث عليه فى أى قضية خلافية تجمع بين أبناء الدين الواحد ولو كانت فى شاة أو بعير

    ونظرا لأهمية الفارق بين الجدل والحوار .. أو بين المناظرة والحوار .. لابد أن نتعرف تلك الفوارق لا سيما وأن غياب الفوارق كان سببا مباشرا فى أحد أكبر ظواهر انتشار الجدل العتيد على نحو ما نرى فى مجتمعاتنا حتى لا تكاد تخلو فئة ـ مهما علت فى مستواها الفكرى ـ من هذا الداء
    والعلاقة بين الحوار وبين الجدل علاقة تنطبق عليها الحكمة القائلة " إذا زاد الشيئ عن حده انقلب لضده " فالحوار مطلوب ومرغوب طالما كان منتجا , لكن عندما تنتهى الفائدة وتنسحب
    ويظهر الأخذ والرد الفارغ الذى يعيد الكلام ويزيده فى نفس المضمون , هنا ينقلب الحوار جدلا محرما

    وهذه الفوارق يمكن تلخيصها فيما يلي :
    الأول : الأصل فى المناظرات المنع والتحريم , بينما الأصل فى الحوار الوجوب والفرض أى العكس تماما , وفى القرآن الكريم كان الجدل والمحاججة هو المعبر اللفظى عن التناظر بينما الشورى والتحكيم والسؤال هى مرادف الحوار

    الثانى : المناظرة هى مواجهة فكرية بين طرفي نقيض يعتنق أحدهما فكرا يضاد الآخر فى نفس المجال , ولهذا سميت مناظرة أى معركة بين نظيرين ,
    وليس متصورا أن يلتقي فى مناظرة طرف مؤيد لفكر معين وطرف آخر محايد مثلا , وهدف المناظرة الأصلي هو بيان أى الفكرين أولى بالحق , وليس واردا فى المناظرات أن تنتهى بوجهة نظر وسيطة تقارب بين المنهجين , بل تكون النتيجة إما ظهور لأحد الطرفين وإما تعادلهما وكل منهم على منهجه كاملا , كما أن هدف المناظرات لا يكون انضمام طرف إلى طرف , فهذا يحدث على سبيل الاستثناء , إنما الأصل فى المناظرة تجلية الحق لمن يشاهدها من الحضور ,
    ومثال المناظرات ـ كما ورد بالقرآن ـ مناظرة إبراهيم عليه السلام للنمروذ , ومن الحياة العملية مناظرات العلماء والمفكرين لأصحاب الملل الأخرى وأهل الإلحاد ومناظرات الفرق المنشقة عن الإسلام بنوعيها , الفرق الداخلة تحت مفهوم الشهادة والفرق الأخرى الخارجة عن نطاق الإسلام وحكم هذه المناظرات واجب بشروط سيأتى بيانها

    أما المناقشات العلمية بين العلماء والفقهاء فى مجال الاجتهاد فتلك لا تقع تحت مفهوم المناظرات بل يضمها مفهوم الحوار ,
    لأن الأصل فى العلم التكامل لا التناحر , والمناظرات بطبيعتها لا تتكامل أطرافها بل تتناقض , ولهذا فعندما انتشرت المناظرات الجدلية بين علماء المذاهب تفجر التعصب وفسدت أخلاق الناس إلى درجة تكفير أنصار كل مذهب للمذهب الآخر تحت تأثير الغلو فى التعصب لمذهب معين ,
    أما الحوار فهو لا يشترط طرفين بل يكون لأى مجموعة من الناس فى أى مجال ومع اختلاف مستوياتهم العلمية أيضا و فمن الممكن أن تجتمع حلقة نقاش وتدارس بين عالم وطلبة علم ويدور فيها النقاش حول مسألة معينة , أو يجتمع عالم أو أكثر مع بعض العامة , وهذا خلافا للمناظرات التى لا يخوضها إلا أهل الإختصاص وحدهم وإلا انقلبت عبثا
    كما أن الحوار يكون الهدف منه هو الإفادة والاستفادة بتكامل وجهات النظر لا بتناحرها كأن يجتمع أهل العلم فى بحث أمر معين من أمور المسلمين والخلوص فيه برأى , والحوار أيضا هو طريق حل النزاع الغير وارد فيه حكم بيّن , مثال ذلك إرسال حكمين من أهل الزوج والزوجة لبحث مشكلاتهما قبل أن تفضي للطلاق ,
    والحوار ضرورة من ضرورات العلم , بينما المناظرات ناقض من نواقضه , لأن الحوار يكون للفهم والاستيعاب لا البيان والإقناع لطرف خصم , وعندما سؤل بن عباس كيف بلغت العلم , قال : بلسان سؤول .. وقلب عقول , وهذا يوضح كيف أن طالب العلم النابه هو الذى لا يتوقف عن الحوار والسؤال كلما أتيحت له فرصة الاستزادة

    الثالث : الأصل فى المناظرات الخصومة والاختلاف العميق , بينما الأصل فى الحوار التماسك والترابط , وبينما تكون المناظرات ذات طابع علنى ـ وإلا فقدت هدفها ـ يكون الحوار ذو طابع خاص بين أهل القضية وحدهم

    الرابع : الأصل فى المناظرات ـ المنظمة غالبا ـ وجود محكم محايد يكون حكمه وتوجيهه سار على الطرفين , لأنها معركة فكرية , فيجب وجود منظم لها وإلا انفلتت تماما , فيكون الحديث محددا بوقت ملزم للطرفين , كما أن المحكم يمارس دوره فى إظهار طرف على آخر ويلجأ إليه كل طرف لإجبار الطرف الآخر على عدم التهرب من أى سؤال
    بينما الحوار لا يعرف هذه الأشياء وتسير أموره بشكل ودى تماما ,

    الخامس : الحوار ينتهى بنتيجة جديدة لم تكن موجودة قبل طرحه , بينما المناظرات لا تقدم جديدا بل هى تعرض الأفكار فحسب مصحوبة بالحجج والبراهين والحكم للمستمع
    السادس : الحوار له آداب معروفة يلتزم بها أطرافه , وفى باب العلم هناك فرع كامل يسمى آداب طالب العلم بين يدى شيخه , وغياب الأدب الواجب واحترام الأطراف لبعضها البعض يقضي على هدف الحوار والفائدة وينتهى إلى جدل عقيم
    بينما الأصل فى المناظرات أنها بلا آداب ـ وهذا هو السبب الرئيسي لتحريمها ـ لأن ما يحكمها هو القانون الذى يرتضيه الطرفان ويطبقه الحكم , أما الأخلاق فتلك لا مجال للحديث عنها فى هذا الموضع ,
    والفارق فى هذا الشأن بين الحوار وبين المناظرة , كالفارق بين تدريبات القتال التى يمارسها زملاء السلاح , وبين المتحاربين فى ميدان القتال
    فبينما يكون التدريب على القتال بين الزملاء مجرد تدريب يخضع للرقابة ويكون أطرافه أكثر حرصا على بعضهم البعض من أنفسهم ولا يكون هدفهم النصر والغلبة بأى وسيلة بل يكون هدفهم النزال للدربة والمران ,
    بينما القتال الحقيقي يلتقي فيه خصمان فى ميدان لا تحكمه إلا قوانين المواجهة ويكون هدف كل منهما هزيمة الآخر بكل وسيلة وأى وسيلة بما فيها المكر والخدعة
    وهذا بالضبط ما يحدث فى المناظرات حيث تتلاشي نهائيا آداب الحوار وتعتبر ترفا مظهريا لأن الخصمان من الجائز جدا أن يكون كل منهما يري الآخر كافرا أو فاسقا أو مارقا من الدين وبالتالى فلا مجال للقول باحترام كل منهما للآخر , إلا إذا كانوا يستخفون بعقول الناس , فأى احترام هذا فى ظل اختلاف عقدى نتيجته الحتمية كفر أحد الخصمين ؟!

    وليس المقصود بالطبع أن المناظرات يجب أن تحتوى سبا أو شتما ,
    بل المقصود أن آداب الحوار كعدم السخرية من قول محاورك أو تقليل شأنه وعدم إحراج المحاور إذا أخطأ , إلى غير ذلك لا وجود لها نهائيا بالمناظرات , بل تمتلئ بعكسها , فيكون الخطأ فضيحة للطرف المخطئ وكذلك فضح الكذب والتدليس والتزوير وكلها أمور لابد أن تحدث بالمناظرات , وهذه طبيعة حتمية لأن الصراع بين الطرفين صراع بين حق وباطل , وهما متناقضان ولا يتصور أن يلتقيا

    ولهذا عندما يتنطع العلمانيون ويتباكون على آداب الحوار عندما يقابلهم الباحثون والمفكرون والعلماء بالسخرية والشدة يتبدى جليا مدى الجهل الذى يحكم تصرفاتهم جميعا , فإن هذا الذى يتباكى على آداب الحوار يريد أن يطلب من محاوره المسلم أن يحترمه بينما هو يشكك بكل بساطة فى ثوابت الدين أو وجود الخالق أو عصمة الأنبياء أو نحو ذلك !

    ومن الملاحظ بالطبع أن المتباكين على آداب الحوار لا يلجئون إلى التغنى بذلك إلا عندما تدور دائرة النقاش عليهم , مثال ذلك ما يفعله الشيعة الاثناعشرية عندما يبدءون العزف على وتر الوحدة الإسلامية فور اتضاح حقيقة مذهبهم أمام الناس
    وفى أمر الدين بالذات لا يوجد شيئ اسمه الحيادية ,
    فمعنى أن تكون محايدا فى حوار دينى هو أنك تقبل خلع ربقة الدين من عنقك عندما تحاور وكأنها سترة شتوية تخلعها فى يوم صائف
    من هنا يتضح جليا مدى الخلط الواقع من العلمانيين بناء على جهلهم فإن الحوار مع مخالفك فى العقيدة لا يمكن أن يكون حوارا إلا لو كان مقبولا لدينا ـ كمسلمين ـ أن يسيئ المناظر الأدب مع خالقه , ثم أستقبل هذا القول منه فى برود وأرفع له القبعة احتراما له حتى يحترمنى ويسيئ الأدب مع الخالق عز وجل !
    والأمثلة فى ذلك أكثر من أن تحصي ,
    فعندما ناظر أحمد بن حنبل رضي الله عنه المعتزلة فى فتنة خلق القرآن لم يعترف لأحدهم بأهلية العلم ولا قبل الحوار معهم وما ناظرهم إلا مضطرا وما خاطبهم باحترام قط بل صرح بكفر قولهم ومن يقوله ومن تابعهم عليه ومن رضي به إلا مضطرا
    كذلك عندما ناظر بن تيمية الفرق البدعية المختلفة كالشيعة الرافضة ممثلين فى بن مطهر الحلى صاحب كتاب منهاج الكرامة , قام بن تيمية بالرد عليه وتفنيد أدلته وتشريحها تشريحا فى كتابه " الرد على بن المطهر الحلى " وهو الكتاب الضخم المطبوع فى خمس مجلدات تحت عنوان " منهاج السنة النبوية فى الرد على الشيعة والقدرية "

    ومن يطالع الكتاب يجد بن تيمية قد أسقط حشمة مُـناظِره تماما من أول سطر وتعقب أقواله الضالة ببيان ضلالها العميق مع السخرية والتقريع للجهل والتجهيل المتعمد من الرافضي
    ولكن هذا كله فى إطار أخلاق الإسلام الوسطية التى لا تقر بالإحترام إلا لأهل القبلة , وأما غيرهم فلهم علينا عدم العداء ـ ما دام مسالما ـ وعدم الإيذاء لا بالفعل ولا بالقول ـ ما لم يكن قولا يصف شيئا هم عليه فعلا ـ إنما أكثر من هذا بخردلة فلا .. يقول تعالى
    { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم }

    وبأشد من هذا تعاملت الملل الأخرى و الفرق البدعية مع المسلمين فلا توجد فرقة ظهرت فى المسلمين وانشقت عن أهل السنة والجماعة إلا وهى ترى سائر من خالفها فى بدعها كفار أو على الأقل مارقون من الدين الصحيح سواء عامتهم أم خاصتهم , أما الملل الأخرى كاليهود والنصاري فالقرآن أخبر عنهم أن كل منهم جزمت بالجنة لنفسها فقط وحجبتها عن الأخرى ومن باب أولى عن المسلمين

    وبينما هم يصرحون بكفر واستحلال دماء المسلمين عامتهم وخاصتهم , ولا يكفر المسلمون منهم عموما أبدا إلا بعد توافر إقامة الحجة بل ويكفل الإسلام الأمان لأى مسالم ـ بعكسهم هم ـ نجد أن اتهامات الإرهاب لا تطول إلا المسلمين لو تجرأ واحد منهم فقال بقول القرآن أن اليهود والنصاري كفار مخلدون فى النار !

    وتتبقي إشارة ضرورية إلى نوع وحالة خاصة من جدل المناظرات له ضوابطه الخاصة وهو الجدل الحسن والأحسن هو ذلك النوع من الجدل الذى يقع وسطيا بين الحوار والمناظرة , فيأخذ من الحوار صفة هدف الهداية ويأخذ من المناظرة المجادلة والمخاصمة والمفاصلة عند عدم الاقتناع ,
    وهذا النوع يتم بين علماء المسلمين ودعاتهم وبين عامة أهل الملل الأخرى من أهل الكتاب , ولا شك أن هذا يختلف عن المناظرات من وجوه سنبينها فى موضعها , وشرطه الأساسي أنه مع عامة اليهود والنصاري لا علماءهم
    وهذا النوع من الجدل محصور بكلامنا فى أهل الكتاب بنص القرآن الكريم , حيث يقول عز وجل
    { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن }
    ويعود هذا إلى أن أهل الكتاب من اليهود والنصاري بيننا وبينهم مشتركات ليست هينة , فإنهم مؤمنون بالله واليوم الآخر وبالرسل والقضية بيننا وبينهم هى الشرك بالله وإنكار النبوة
    وتلك القضية هى التى تحفز على اتخاذ أسلوب خاص فى مجادلة أهل الكتاب مع ملاحظة هامة ,
    أن الآية هنا تتحدث عن المناقشة مع أهل الكتاب بصفة عامة ويخرج من إطارها أولئك المحاربون لله ورسوله منهم , فليس كلهم سواء , فهناك من أهل الكتاب ـ كقاعدة عامة ـ ذميون أى لهم ذمة وذمار عند المسلمين وعهد بعدم الاعتداء
    وهناك من لا عهد لهم ولا ذمة وهم المعلنون لحرب الله ورسوله والكيد للإسلام , فهؤلاء يخرجون من إطار الجدل الحسن إلى المناظرة عند الحاجة لرد الكيد , مثال ذلك مناظرات العلامة الراحل ديدات مع النصاري فى أكثر من موضع
    ولا يكون على المسلم أن يبدأ أمثالهم بجدال أبدا , إذ أنهم محاربون , والحروب تكون للضرورة ولسنا مطالبين بالسعى لها إنما هى رد فعل على فعل
    ويجدر التنويه هنا أن الجدل الأحسن مع أهل الكتاب , لا يعنى أن تتم معاملتهم فى تلك المجادلة بمعاملة المسلمين لبعضهم البعض فى الحوار , بل المقصود هنا ألا نجادلهم بنية بيان باطلهم فحسب بل يجب أن تتوافر نية هدايتهم لعل وعسي أن يهدى الله منهم أحدا
    مثال ذلك عندما يصادف أحد علماء المسلمين ذميا , ويري أنه قابل للمناقشة والاقتناع , عندئذ مسموح له بمجادلته بالتى هى أحسن ومحاولة هدايته
    وهذا يختلف بالطبع عن أسلوب المناظرات القائم على رد الكيد وبيان البطلان أمام حشد من الناس , بالإضافة أن الجدل الأحسن لا يشترط فيه مخاطبة علمائهم بل شرطه أن يكون مع العامة ابتداء نظرا لأن علماءهم غالبا ما تكون فتنتهم عن عمد , ويدركون الحق ويستكبرون , ولهذا كانت المناظرة للعلماء
    وأشهر الأمثلة على الجدل الأحسن ما قام به رسول الله عليه الصلاة والسلام مع وفد نصاري نجران , وهى المجادلة التى انتهت بإصرار النصاري على ألوهية عيسي بن مريم عليهما السلام , ونزلت فيها آية المباهلة , فلما دعاهم رسول الله عليه الصلاة والسلام للمباهلة فروا ولم يقبلوا

    وللبحث بقية عن شروط المناظرات وقواعد المشاركة فيها

  3. #3

    شروط المناظرات وضوابط المشاركة فيها


    سبق التعرض لأهمية العودة للأصول عند معالجة أى قضية ومعرفة حكمها ,
    وأهم موضوع فى عالمنا المعاصر افتقد تلك الضرورة هو حكم وشروط المناظرات فى الإسلام , تلك الشروط والضوابط التى قد تؤدى بالعالم أو بالباحث ـ الغير ملتفت إليها ـ إلى مهاوى الكفر أو الزندقة أو الرياء
    وتكمن الكارثة أن العالم أو المفكر أو الباحث غالبا ما يخوض بالمناظرات دون توافر ضرورتها وشروطها وهو يظن نفسه يؤدى واحدة من أعظم الطاعات إلى الله عز وجل , وهذا من ألاعيب وتلبيس إبليس المفضلة للتغرير بحراس الحدود فى الدين ,
    فمن المعروف أن العالم أشد على إبليس من ألف عابد وأشد العلماء على إبليس هو العالم أو الباحث الذى يجعل همه تحرى الشبهات والذود عن الدين , ولما كان إبليس ـ لعنه الله ـ غالبا ما يجد الطريق مسدودا إلى غواية أى عالم فإنه يلجأ إلى أخبث أنواع التلبيس التى توقع البعض وينجو منها البعض الآخر

    وهذا النوع من التلبيس هو دفع العالم أو الباحث إلى المساهمة فى هدم ما يسعى هو نفسه لحمايته , وبدلا من أن يكون نتاج جهد العالم صلاحا فى الأمة تكون النتيجة زيادة التضليل والغواية للجماهير بشكل ربما يعجز عنه أصحاب الشبهات
    ولأن أمر المناظرات الجدلية واضح بيّن بالقرآن والسنة , فلم يترك علماء الإسلام جهدا فى التحذير من المناظرات وتوضيح ضوابطها وضرورتها , لا سيما وأن علاج أثرها بالغ الصعوبة , لأن المتورط فيها يكون مقتنعا بأنه يدافع عن الدين ويذود عنه

    علة منع وتحريم جدل المناظرات
    سبق أن تعرضنا لمفهوم المناظرات وما يحيط بها وصفاتها عند بسط الفارق بينها وبين الحوار , وعلة تحريمها تتمثل فى آثارها على المجتمع وعلى العلماء كما يلي
    أولا : تورث الضعينة والبغضاء والعجب بالنفس والزهو بالعلم وهذا كله طريق إلى جهنم ـ والعياذ بالله ـ بسبب وجود نص الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود حيث قال
    { قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : أربعة علماء فى النار .. عالم تعلم العلم ليبارى به العلماء , أو يمارى به السفهاء , أو يصرف به وجوه الناس إليه , أو يأتى به السلطان }
    والحديث كما نرى شديد الوضوح فى أن العلم ـ وهو طريق الجنة ـ يصبح طريقا للنار لو داخل العالم شبهة زهو أو إعجاب تتمثل فى تعمده الظهور على أقرانه من العلماء أو تعمده إظهار نفسه بصورة العالم أمام العامة عن طريق جدالهم والتغنى بتفوقه أمامهم
    ثانيا : لا يوجد فى المناظرات حدود مانعة , فكل طرح مباح , ولهذا ترى مناظرات العقائد تتناثر فيها أقوال الكفر والزندقة والشبهات المختلفة مما يكون له الأثر المدمر على العامة ,
    وبدلا من أن تكون هناك شبهة واحدة دخل العالم مناظرة لردها , تتكون عشرات الشبهات ـ مع تنوع النقاش ـ ومنها ما قد يكون شبهات دقيقة لا تتضح إلا بشرح طويل غير متاح فيبقي أثرها على الناس ويستحيل تفاديه
    لهذا , كان علماء الإسلام يردون على أهل البدع بمعزل عنهم ـ ما أمكنهم ذلك ـ , فإذا رأى عالم من علماء المسلمين كتابا أو سمع خطبة من مارق عن الدين يقوم بالرد عليه بكتاب مماثل طالما كانت شبهات المبتدع قد انتشرت بين الناس وكثر فيها التساؤل أو يقوم بتناول هذا الموضوع بخطبة أو محاضرة لكنه لا يناظر المبتدع ولا يجلس معه كأصل عام له استثناء سنبينه
    ثالثا : هدف المناظرات هو الانتصار للنفس , وبالتالى يجد المناظر المسلم نفسه فى أغلب الأحوال يتحمس ويبذل الجهد للرد عن نفسه لا عن الدين وغضبا لنفسه لا غضبا للدين و وذلك عندما يقوم مناظره باتهامه ـ سواء بحق أو بباطل ـ بالاتهامات المعتادة كالجهل وعدم الفهم ونحو ذلك
    ولا شك أن الانتصار للنفس هو من الشيطان , وكان رسول الله عليه الصلاة والسلام لا يغضب لنفسه قط , بل للدين وحده
    رابعا : طبيعى أن ينجح علماء الإسلام فى ردع المبتدعين وأهل الشبهات نظرا لأن صاحب الشبهات ضعيف مهما امتلك من أساليب المحاورة , فالحق بقوته لابد من ظهوره أمام الباطل وتلك سنة الله فى الكون , وغالبا ما يصاحب نجاح العالم المسلم إعجاب فائق من جماهير الحاضرين أو المتابعين , ويكون هذا النجاح وردة الفعل عليه طريق للافتتان نظرا لطبيعة النفس البشرية التواقة للمدح والثناء , ولا ينجو من مهالك هذه الفتنة إلا العلماء الربانيون , ولهم طرقهم الخاصة فى التصدى لحديث النفس والعجب , ومنها ما فعله الإمام الشعراوى رحمه الله عندما صادف فتنة الثناء بعنف , فقام على خدمة أحد المساجد فى يومه هذا لكسر الغرور قبل أن يتسلل لنفسه
    خامسا : تعتبر المناظرات إهانة شديدة للعلم وشرف التعلم , حيث يتم استخدام العلم فى غير موضعه بالتنافس بين خصوم لا هدف لهم إلا الغلبة , كما أنه يضع العلماء فى موضع لا يليق بما أعزهم به الله من شرف العلم , وذلك عندما تراهم الناس يتناطحون كالديكة بينما جماهير مستمعيهم مستمتعة بالصراع !

    ولهذا , حرم الإسلام المناظرات كأصل عام على العلماء , إلا عند الضرورة , ورحم الله السلف الصالح الذين أدركوا هذا جيدا فكانوا بالمرصاد لأى استفزاز أو فتنة يجرهم إليها أهل الأهواء ,
    بينما يشهد عالم اليوم مئات البرامج المسماة بالحوارية وهى أبعد ما يكون عن الحوار , ويقوم منظموها بتعمد استضافة طرفي نقيض لمنح المشاهدين متعة المشاهدة , ونجحوا بالفعل فى غواية العشرات من العلماء والدعاة إما بالإغراء المادى أو بالتلبيس عليهم وخداعهم باسم تبيان الحق , وإما باللجوء للاستفزاز الشخصي عن طريق اتهام العالم بالجبن والخوف من الحوار , فينزلق ويشارك
    مع ملاحظة شديدة الأهمية أن هذا المقياس لا ينطبق على البرامج الحوارية التى تهدف لبيان باطل استشري كفتنة الشيعة الرافضة مثلا , فتلك فتنة أطلت على عالمنا المعاصر بشدة بعد ثورة الخومينى وكادت تزيغ أوطانا لم تسمع بهم ولا تعرف عن بدعهم شيئا مثل مصر ودول المغرب العربي فوجب عندئذ أن تقوم الجهود المناهضة لما تفعله الثورة الإيرانية منذ قيامها واعتمادها المبالغ الضخمة لنشر التشيع
    لهذا انقلب المحظور واجبا فى تلك الحالة بعد أن تحقق شرط انتشار الفتنة أما فى غير الانتشار فهنا يعود الأصل
    ولو تأملنا سيرة العلماء الكبار فى الماضي سنجد أنهم يهربون من المناظرات كما يفر السليم من الأجرب , تحاشيا للفتنة , وقد قدم الإمام البخارى سلطان المحدثين على أحد البلاد , وكان معروفا بدقة حفظه كما وكيفا , وقد صنف كتابه الجامع الصحيح واحتوى أربعة آلاف حديث تقريبا من قرابة نصف مليون حديث كان يحفظها بالمتن والسند حرفا .. حرفا
    فعمد بعض طلبة تلك البلد التى زارها إلى مجموعة من الأحاديث فقلبوا المتون وعكسوا الأسانيد ثم طرحوها على البخارى فى حلقة درسه طالبين منه بيانها اختبارا له أمام حشد هائل من الناس قدموا من كل صوب لرؤية معجزة زمانه
    فأدرك البخارى على الفور أنهم يهدفون لاختباره فحسب وليس سؤالهم للعلم , فلم يجب , وانتظر حتى فرغ المسجد تقريبا من الناس ثم التفت إلى من سألوه واحدا تلو الآخر فصحح كل الأحاديث التى أتوا بها ورد كل متن إلى سنده ,
    والمتأمل فى هذا التصرف يدرك كيف كان هؤلاء العلماء ربانيين بحق فلم يهمه أن يقول الناس عجز البخارى بل كان همه ألا يضع العلم موضع الزهو والفخر

    وبقي أن نلفت النظر لحقيقة هامة للغاية , حتى لا يظن أحد أن الإسلام حرم المناظرات فى المطلق خشية أو خوفا ,
    فالشاهد لكل أحد شرقا وغربا أن الإسلام هو الرسالة الوحيدة التى حظت بكم من الشبهات والمحاربات الفكرية لم يحدث عشر معشارها مع غيرها من الرسالات ,.
    والإسلام بمنهجه السنى القويم هو العقيدة الوحيدة التى فتحت الباب لأعدائها على مصراعيه تحديا أن يأتوا بآية مثل آيات القرآن أو يفندوا قولا واحدا من أقوال النبي عليه الصلاة والسلام
    وقد اتضح لكل المحاربين من المستشرقين وغيرهم مدى ما تمتعت به العقيدة الصحيحة من رسوخ تأكيدا لحقيقة أن تحريم المناظرات لم يكن عن خوف بل عن رفعة وحشمة , وتفاديا للجدل غير الموضوعى والدليل على ذلك أن الشبهات الموضوعية المنتشرة اهتم بها العلماء كأمر واجب شديد الوجوب طالما كان فى فائدة
    وعطاء العلماء والمفكرين فى مناظراتهم للرد على شبهات المستشرقين والملحدين والمبتدعين وغيرهم أكبر من أن تحصي
    ليس هذا فقط ,
    بل إن الإسلام هو العقيدة والفكر الوحيدين الذين تمثلت فيهما الشبهات كدافع لزيادة اليقين لا الهدم , حيث أن الشبهات حفزت العلماء على استقراء وفهم النصوص والتعمق فيها أكثر وأكثر
    ووجب التنبيه على ذلك حتى لا يظن الناس أن تحريم المناظرات معناه السكوت عن الشبهات , وإنما يأتى السكوت عندما تنتفي شروط الوجوب فى الرد كما سنراها

    شروط المناظرات
    وقف أحد الدعاة على المنبر خطيبا مرغبا للناس فى ضرورة الحوار المفيد وأهميته فى الإسلام ,
    ولما انتهى من خطبته فاجأه أحد الناس فى طريقه قائلا له " ألست تدعونا للحوار والتبادل الحر " فقال نعم
    فقال له الرجل " أريد أن أحاورك وأناظرك فى أن أمك تزنى !!! "
    من هذه الحكاية البسيطة التى حكاها العلامة المحدّث عدنان عرعور فى أحد برامجه , نستنبط فى سهولة ويسر متى يكون إغلاق باب الحوار والمناظرة معا جائزا ومطلوبا ,
    وإلا فبالله عليكم لو أن الإمام ـ بطل الحكاية هنا ـ رفض الحوار والجدل المدعو إليه , هل هناك ثمة جبن منه وهروب !
    فليس معنى أن تدافع عن الدين وتقف على حدوده أن تلتمس أقوال المخرفين ومن فى زمرة المجانين وتصنع منها قضية للرد
    وشروط المناظرات والمشاركة فيها شروط واضحة تنصرف كلها إلى وصف الشبهة المثارة وأهميتها

    ويجب أن تتوافر تلك الشروط جميعها لكى يكون على الباحث أو المفكر أو العالم الهب للذود عن دين الله وتلك الشروط نجملها بما يلي ..
    الشرط الأول : أن تكون القضية أو الشبهة المثارة تفشت بين الناس وانتشرت ويُخشي منها لانتشارها أن تتسبب فى فتنة للناس , وعلة هذا الشرط واضحة للعقلاء حيث أن الشبهات التى لم تكتسب صيغة الإنتشار بأى وسيلة إعلامية إذا قام العلماء بتناولها والرد عليها سيجدون أنفسهم قد وقفوا ضد ما يدافعون عنه دون أن يدرى أحدهم , وذلك أن الشبهات التى يثيرها المتنطعون وفاقدو الأهلية الذين ليس لهم من الشهرة والقدرة على الوصول للناس شيئ ,
    هؤلاء إنما يلجئون للطعن فى الدين ـ ولو عن طريق انتحال شبهات قديمة وإعادة بثها ـ لكى يكتسبوا الشهرة اللازمة , فلا تجد شبهاتهم إلا فى صحف صفراء منعدمة الوجود فى الوسط الصحفي أو فى كتب مجهولة
    فإذا ما تابعهم العلماء على ذلك وأرغوا وأزبدوا ردا عليهم ساهموا ـ دون وعى ـ فى تحقيق أهداف هؤلاء القوم وساهموا أكثر فى إعطاء شبهاتهم صفة الانتشار التى ما كانت تتحقق لو لم يتصدى لهم العلماء
    فإذا لم تكن الشبهة منتشرة ومتكررة فى عدة من وسائل الإعلام كانت إثارتها إحياء للفتنة لا إخمادا لها
    والأمثلة على ذلك أكبر من أن تؤذن بحصر , لأن هذا الداء مع الأسف الشديد أكبر ما تعانيه الأمة اليوم , وللإعلام المغرض الذى لا يهدف إلا للإثارة دور كبير فى ذلك , ولكن دوره يظل قاصرا دون دور الذين أعطوا قيمة لمن لا يستحق فقبلوا أن يحاوروهم أو يردوا عليهم وخصومهم من مثيري الفتن لا يمثلون مقدار ذرة من القيمة
    مثال ذلك ما يفعله البعض من الباحثين من تحرى الشبهات فى كل موطن معروف أو غير معروف والإتيان بها للصحف والبرامج والفضائيات ونشرها بين الناس تحت زعم الرد عليها
    وكل هذا بهدف الظهور وتزكية النفس أو تحت تأثير الحماقة وعدم الإدراك

    الشرط الثانى : أن يكون صاحب الشبهة ممن له اعتبار بين الناس سواء كان هذا الإعتبار فى مكانه أو لا , بمعنى أن يكون المتكلم بالشبهة له نصيب من الانتشار أيضا ,
    وذلك أن فاقد الأهلية الجماهيرية لا يعتد بقوله بطبيعة الحال , فإذا ما جاء مجهول وقال ما قال ما الذى يمكن أن يمثله من قيمة تستحق إعطاءه ذرة من الاهتمام ,
    مثال ذلك صبيان العلمانية المنتشرين فى وزارة الثقافة بمصر وآخرين من ذوى العربدة فى بعض الدول العربية والإسلامية
    وأكبر دليل على قولى هذا , ما فعله أحد هؤلاء الصبيان فى إحدى الصحف حيث كان يتعمد أن تتصدر صحيفته عناوين هى قمة فى الإستفزاز طمعا فى أن يلتفت إليه أحد ويشتمه أو يسبه أو يرد عليه فيقتات على الردود , وظل هذا الصبي لأعوام يحاول حتى إذا نشر ذات مرة أن الحائض يجوز لها الصلاة , قامت إحدى أساتذة الفقه بالرد عليه فإذا به أخذ ردها عليه ونشره فى صدر صحيفته داعيا بفرح شديد إلى أنه يتمنى أن تتكرر الردود بدلا من أن يظل هكذا يؤذن فى مالطة !!!
    وطبعا لا يخفي عليكم مدى حماقة هذا العلمانى الذى يعلن هدفه للناس فى وضوح وفى غباء منقطع النظير ويوضح لهم أنه لا يكتب عن قضية إذ أنه لم يدافع ولم يعقب أصلا وإنما ترك القضية برمتها واكتفي بالرد الذى جاء إليه وهلل به

    الشرط الثالث : أن تكون القضية أو الشبهة المثارة ذات موضوع ,
    وتلك أخطر النقاط على الإطلاق , فقد رأينا فى المثال الذى سقناه للخطيب الذى تحدث عن الحوار كيف أن الرجل الذى جاء يجادله طرح على مائدة البحث قضية هى من قبيل السفسطة وحسب ,
    فيجب أن تكون الشبهة متوافرة بمفهومها وأركانها من حيث أن أنها قول مسبوك وطرح محبوك يندر أن يعرف حقيقته إلا المتخصصين ويجهله العامة ويتسبب فى إثارتهم

    وهذا أمر طبيعى لأن الشبهة لو لم تكن شبهة وكانت مجرد قول كفري فاسد ما كان لها أن تمثل أدنى خطورة على الناس ,
    ومثال ذلك عشرات الأقوال التى تخرج من بعض المخرفين وهواة الشهرة وتضرب فيما هو معلوم من الدين بالضرورة ضرب ناطح الصخرة ليوهنها , فتلك إنما هى أقوال تستحق الثورة والإنكار فحسب أما طرحها والاهتمام بالرد عليها فهو تصرف أكثر حماقة من تصرف قائل الشبهة المدعاة
    مثلا ,
    ما الذى يمكن أن يمثله مراهق فكرى مثل جمال البنا عندما يخرج على الناس بقوله أن الإسلام يبيح تعدد الأديان أو أن السجائر يجوز للمسلم تدخينها فى رمضان فهل هذه الأقوال تستحق من عالم واحد أن يكلف نفسه للرد عليه حتى لو كان لجمال البنا قنوات وصحف تهتم بتخاريفه , ؟!
    كلا بالطبع لأن أقواله إنما هى أقوال مرسلة منعدمة الحجية والدليل ولا علاقة لها بالعقل ولا النقل ,
    وصاحبها ـ كما سبق القول ـ لا يكون الرد عليه بالمناظرة والمحاججة , بل يكون الرد هو الغضب والثورة لإبطال إفكه بشتى وسائل الاعتراض من عامة الجماهير
    لأن هؤلاء لا يكون الرد عليهم من العلماء بل هو من العامة أما العلماء فوقتهم يجب أن يكون محفوظا للشبهات الحقيقية

    الشرط الرابع : عندما يبادر العالم لمناظرة خصمه , سواء كان فى مناظرة كتابية كأن يرد العالم على مقال بمقال أو كتاب بكتاب أو مناظرة مباشرة كالتى تحدث فى المنتديات والفضائيات , فيجب أن ينتبه العالم إلى ما يلجأ إليه خصمه لا سيما إن كان الخصم من مبتدعة الرافضة أو ذيول العلمانية , وداعى الإنتباه أن هؤلاء ـ لانعدام أى حجة لديهم ـ لا يبادرون لمناظرة جادة أبدا ويعتمدون على المشاكسة وضياع الوقت
    وكثيرا ما ينزلق العلماء لذلك فتجده العالم المدافع ينساق وراء صاحب الشبهة الذى يتجاهل ردود العالم على شبهته الأصلية ويهب ليأخذ من هنا وهناك ويثير العديد من الشبهات الأخرى التى يتعمد أن تكون شبهات تحتاج وقتا للرد عليها ,
    وهذا الأسلوب يشغل العالم المدافع عن نقطة البحث الأصلية ويجعله دائما فى موقف الدفاع , لهذا فالواجب ألا يسمح لخصمه بالهروب من نقطة البحث الرئيسية وكلما حاول خصمه الهروب أجبره على الرد عليه أولا قبل أن ينتقل لأى نقطة أخرى
    والأمثلة على ذلك كثيرة
    فمثلا فى مناظرات قناة المستقلة حول سيرة الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه , لجأ الفريق الشيعى لتمويع البحث بكل وسيلة طمعا فى أن ينصرف فريق السنة عن النقطة التى رفضوا الحياد عنها ألا وهى سيرة جعفر الصادق ومدى تفشي المكذوبات عليه من الرافضة الإثناعشرية
    فتارة يثيرون شبهات حول البخارى وتارة يتحدثون عن بنى أمية وتارة يتحدثون عن أنظمة الحكم المعاصرة
    إلا أن فريق السنة ممثلا بالشيخ عثمان الخميس ومحمد سالم خضر وعائض الدوسري كانوا أبطالا فى الانتباه لتلك المراوغات فتركوا ذلك كله وأصروا على تذكير المشاهدين يوميا بأنهم يتحدثون عن سيرة الصادق وخصومهم يتهربون
    وأيضا العلمانية ,
    فهؤلاء أساتذة فى فن المراوغة والهروب , وأقوالهم تبطل بقضية واحدة يجب على كل من يناظرهم أن يتمسك بها وهى أن يصر المناظر على أن يجيبوه ,
    هل يؤمنون بالله خالقا ورازقا ومشرعا لعباده أم يؤمنون به خالقا فقط ؟!
    فلو أجابوا بأنهم يؤمنون فقد انتهت أقوالهم إلى الأبد , فطالما أنه المشرع فلا قول بعد قوله ولا حكم بعد حكمه
    ولو أجابوا بالثانية , فقد خرجوا حكما من الإسلام مما يتسبب فى سقوط حشمتهم أمام عامة المتابعين الذين لن يقبلوا منهم صرفا ولا عدلا , مهما أثاروا من شبهات ومهما قالوا من ترهات

    الشرط الخامس : وهو شرط العزة والكبرياء الواجب توافره فيمن يتصدى لمناظرة أهل البدع أو الإلحاد ومروجى الانحراف ,
    فمما نلاحظه كثيرا أن بعض علمائنا ودعاتنا تجدهم يعطون الدنية فى ديننا ويظهرون بمظهر الضعيف الذى يحاول بكل وسيلة أن يبرر أمرا يخجل منه !
    وتلك قمة فقدان الثقة والإيمان
    فلست أدرى كيف يمكن لصاحب الحق أن يخجل من ندائه أمام صاحب باطل ينادى بباطله دون حياء ؟
    وكيف يستحى عالم من الحديث عن وجوب لزوم النساء الحشمة أمام راقصة تقول أن إخلاصها بمنتها يجعلها قمة العبادة !
    وليس فى ديننا شيئا نخجل منه بل الذى يجب عليه الخجل هو من ينادى بحرية المرأة كستار لتحويل المجتمع إلى حانة دعارة منفتحة , أو من ينادى مستهزئا بالله ورسوله عليه الصلاة والسلام ,
    لهذا لابد للعالم الدافع من العزة والكبرياء فى تلك المواجهات بل ويجب عليه الفخر والكبر على أصحاب الباطل إذا كانوا من أصحاب الإصرار على الفواحش , فالكبر على أهل الكبر صدقة
    يقول الله عز وجل واصفا المؤمنين " أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين "

    ورغم أن الكبر محرم قطعيا فى الشريعة إلا أنه مباح فقط فى مثل هذه المواضع
    فمما يؤثر من سيرة النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال يوم بدر " من يأخذ هذا السيف بحقه "
    فسألوه وما حقه يا رسول الله , فأجاب عليه الصلاة والسلام " أن تضرب به المشركين حتى ينحنى "
    فأخذه يومئذ أبو دجانة الأنصاري وقام من فوره فأخذ عصابة حمراء وعقدها على جبينه وكان مشتهرا بها بين الأنصار الذين هتفوا قائلين " أخرج أبو دجانة عصابة الموت "
    وكان أبو دجانة رضي الله عنه لا يخرجها فى معركة إلا ويصر على النصر أو يهلك دونه
    وفى وقفته , مد أبو دجانة سيفه ومشي به رويدا فى اختيال فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام
    " إنها مشية يكرهها الله ورسوله إلا فى هذا الموضع "

  4. #4
    صيدلانية/مشرفة القسم الطبي
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    2,020
    السلام عليكم وموضوع هام جدا حبذا لو استعنت بالمعجم لتوضيح الفرق بين الجدل والحوار رغم معرفتنا للك,
    النص الأول هام جدا واسمح لي التعقيب عليه أولا:
    عندما تصاب امة بالضعف والوهن سيكون الاستشهاد كما تفضلت امر للاسف بدهي ولكن العاض على دينه يجب الا يفتن ولا يتزحزح وما اقلهم.
    النص الثاني:هو أصول الجدال والفرق بينه وبين الحوار واصوله وكان ناجحا جدا وموفقا جزاك الله خيرا.
    النص الثالث:تمنيت في القسم الأخير العناية بموضوعية الطرح و( وهل يخجل المجادل من االمناكفة؟والا لما سمي مجادلا اصلا)لذا وددت لو أضيف شرط هام يجب ان يتحلى به مجادل الخصم وهو قسم هام جدا للشروط الواجب توفرها والتحلي بها واولها الصبر ثم المقدرة العلمية والذكاء في حسن الخروج من مآزق الخصم..
    جزاك الله خيرا
    من كل شيءٍ اذا ضيعتهُ عوضٌ
    وما منَ اللهِ إن ضيعتهُ عوضٌ
    **********

    واعلم ان الله ما منعك الا ليعطيك
    وما ابتلاك الا ليعافيك
    وما أمرضك الا ليشفيك
    وما اماتك الا ليحييك

  5. #5

    نظرة إلى جدل المنتديات الثقافية

    الجدل السيئ متكرر ملموس فى مجتمعاتنا , والكارثة أنه تم التأصيل له تحت مفهوم الحوار والمناقشة فى مغالطة كبيرة للغاية , وقعت فيها الصحف والمنتديات والمجتمعات الثقافية , وتعتبر تلك الظاهرة سببا رئيسيا فى تفشي الانقسام بين المجتمعات العربية بعد أن كان الانقسام محصورا على الأنظمة الحاكمة فحسب , فتعداهم إلى الجماهير التى أصبحت أشد تناطحا من الملوك والرؤساء , وما ينطبق على الجماهير ينطبق أيضا على الخاصة وهم المسئولون ـ للمفارقة ـ عن تربية الرأى العام ,

    فالمجتمع الثقافي والذى هو من المفروض مجتمع حوار متكامل انقلب فى معظمه إلى ما يشبه السوق , وليته كان مشابها لسوق عكاظ , بل للأسف الشديد أشبه ما يكون بسوق الخضار
    وسبب الظاهرة سبب بسيط للغاية , وهو عدم التأنى من المشارك بالحوار قبل أن يحاور , مما يقلب كل حوار إلى دائرة جدل عقيم لا تنتهى أبدا

    والتأنى أمر واجب وضرورى فى مثل هذا الأمر والمشاركة لها قواعد يجب اتباعها
    أولها : أن يتأمل المشارك الموضوع المطروح للحوار ويري , هل هو قضية تستحق النقاش ابتداء أم أنها من عينة قضايا الفضائيات لا هم لهم إلا مناقشة المرأة والرجل والسينما , فلو لم تكن القضية تستحق أن تطرح , وجب على المشارك أن يرفع عنها قلمه لأن هذه المناقشة لن تنتهى , ولو كان هناك أمل فى انتهائها لانتهت من الفضائيات ! ,
    لا سيما وأن أمثلة تلك القضايا هى محسومة من زمن الوحى وفتحها إنما هو للفتنة وحسب , تماما كالجدل حول البيضة والدجاجة أيهما سبق الآخر للخلق !

    مثال ذلك التغنى بقضايا حرية المرأة ومسألة عمل المرأة بسائر الوظائف وما إلى ذلك , فتلك أمور محددة بالنصوص لا يجوز فيها الاجتهاد , وحتى الاجتهاد ـ إن جاز ـ فهو ليس لهؤلاء المناقشين بل للعلماء , لا سيما وأن ما يحتج به دعاة الفتنة من حرية الاجتهاد إنما هى كلمة حق يراد بع باطل , فهؤلاء الحمقي يظنون الإجتهاد هو أن تبتكر حلا من عندك , بينما الاجتهاد متاح للعلماء البالغين درجته بشرط أن يستند إلى حكم عام بالشريعة , فلا يوجد شيئ اسمه الاجتهاد بالعقل وحده ودون القياس على قاعدة من قواعد الفقه العامة

    مثال ذلك أن يستند العالم إلى قاعدة لا ضرر ولا ضرار فيفتى بحظر التدخين العام , أو أن يستند العالم إلى قاعدة المصلحة العامة وقاعدة لا ضرر ولا ضرار فيفتى بجواز منع المباح للضرورة مثل أن يشرع الحاكم حظر التجول أو منع السفر بسبب تفشي وباء معين
    ولهذا يجب أن ينأى الإنسان بنفسه عن مثل هذا بجملة واحدة , أن هذه أحكام الإسلام من قبلها كما هى منزلة فذلكم المسلم , ومن لم يقبلها فعليه وزره , لأن الإسلام لا ينتظر اعتمادا من أحد ولا تعديلا حتى يوافق على اعتناقه أو لا والقرآن الكريم يقول
    { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم }

    ولا يخدعن الكاتب الذى يشارك بالجدل , شيطانه , بالقول أن هذا الموضوع المطروح فيه تلبيس على الناس يجب إيضاحه , فإن الأولى من هذا ألا تشارك به على الأقل لكى لا يمنحه فرصة الأخذ والرد فيموت الموضوع على نحو طبيعى بالإهمال ,
    خاصة وأن القول الفصل قد قيل وهو بيان أن تلك أوامر الله ونواهيه , ومن شاء فليقبل ومن شاء فليكفر بها
    ولو أننا طبقنا هذا المبدأ لقضينا على ثلاثة أرباع الجدل الفارغ

    ثانيها : إذا كان الموضوع يستحق النقاش , بمعنى أنه يحمل قضية جديدة أو قضية قديمة لكنها مطروحة بإضافات جديدة , عليه أن يتأمل هل يملك الإضافة إلى هذه القضية أم لا , فإن كان يملك الإضافة فليتقدم عارضا لها بأحسن ما لديه من أساليب العرض , وإن لم يكن فعليه البقاء متابعا فقط , وهذا يوفر جدية أكثر للنقاش

    ثالثها : إذا كانت لدى المشارك إضافة أو سؤال أو تعقيب طرحه , فيجب عليه قبل العودة مشاركا مرة أخرى أن يري ردة فعل صاحب الموضوع , هل تعقيبه كان تعقيبا علميا أو فكريا أم تعقيب لمد جسور الحوار وفقط , فإن كان لمجرد المط والتطويل فعليه أن يترك الساحة لصاحبها ومن يصاحبه فى جداله عملا بوصية النبي عليه الصلاة والسلام
    ويتضح ذلك جديا فى مناقشة القضايا الدينية , فإذا طرح المشارك حكما للدين فجاء صاحب الموضوع معترضا أو مناقشا للحكم فهذا لا يريد حقا بحديثه والأولى تركه

    مثال ذلك ما يثيره بعض مشوهى الإدراك من نقد لأقوال العلماء على أنها أقوالهم , وهم بينوا له أن هذه الأقوال شرح لأصل موجود بالقرآن , يظل هو فى كل مشاركة يردد كالببغاء أن هذه اجتهادات علماء , فإن بينوا له أن الاجتهاد لابد أن يكون له أصل ويمارسه العالم المختص يخرج على الناس فيقول أن من حقه المناقشة والاجتهاد

    فهذا يعتبر مضيعة للوقت أن تحاول مجادلته ويكفي أنه يري فى نفسه ندية للعلماء , وهو يفتى لنفسه بحق الاجتهاد ولا يسلم لأهل الاختصاص بالفقه , بينما لو أصابه مرض ولجأ لطبيب فأمره الطبيب بالغرائب لنفذها دون نقاش ؟!

    رابعها : عند طرح المشارك لمشاركته , وكان موضوع الحوار مقدما بشكل متكامل أو شبه متكامل من صاحبه , فعليه أن يتأنى فى تقديم مشاركته , فلا يجعلها ـ إن وجد الموضوع يستحق ـ عبارة عن شكر وتقدير يتجاوز حده , ولا يجعلها أيضا ـ إن كان الموضوع به أخطاء ـ أشبه بمشاركة مصنوعة من قنابل المدفعية , بل عليه أن يتبنى الوسطية والاعتدال لأننا بصدد حوار لا مناظرة , فالشكر المبالغ فيه قد يمنع صاحب الموضوع من رؤية عيوب موضوعه إذا أتته فى مشاركة تالية , والنقد الجارح قد يمنع صاحب الموضوع من الاستمرار ـ إن كان موهبة ناشئة ـ فى المحاولة والترقي
    كما يجب أن تكون المشاركة الأولى فى الموضوع لا تحمل طابع الهجوم , فربما كان كاتب الموضوع متأولا لا يعلم ما يكتبه , ولا يدرك خطورته فيجب بيانه بهدوء لعله ينتبه , فهناك الكثير ممن خدعتهم الدعايات فاقتنعوا أن ما سمعوه حقا دون إدراك فلو بادرهم المعلق بالهجوم فربما ساهم فى زيادة تشبثهم بتلك الأفكار
    وهذا سيتضح من أول رد فعل لصاحب الموضوع فإذا أحب الاستزادة فهذا يبتغي الحق وإن جادل وتكبر فهذا الذى ينبغي تركه

    خامسها : إذا كان الموضوع من عينة موضوعات العلمانيين وأترابهم , فالتورط فيه يمكن أن يفضي ـ والعياذ بالله ـ إلى إصابة المرء بعقيدته , نظرا لأن الشريعة كانت واضحة فى هذا الشأن , فالحديث الذى يدور بالخوض فى ثوابت الدين لا يقابله المشارك إلا بالإنكار ,
    أما الجدل فغير مباح إلا لأهل الاختصاص , بشرط ألا يمنح صاحب الموضوع فرصة الإفلات من نقطة لأخرى وتدوير النقاش كساقية الحقل , فهذا كله يقع وزره على المحاور الذى تحركه نيته الحسنة للدفاع عن الدين
    والدفاع عن الدين فى مواجهة ذلك يكون بإنكار اللسان أو القلم بأشد وسائل الإنكار , وعلى سبيل المثال إن كان فى حقل المنتديات فالأمانة هنا تقتضي رفع الأمر للإدارة ,

    أما المشاركة فلا تكون بالنقاش فى ذات الموضوع أبدا , بل تكون بإعلان رفض الجدل العقدى , ثم لمن استطاع أن يذكر بقول الدين فى موضوع النقاش فليفعل ولا يكرر المشاركة , ومن استطاع أكثر عليه أن يركز قوله فى فضح المنهج العلمانى نفسه لا نقاش نقاطه المتكررة
    وهذا الأسلوب ـ نقد المنهج وفضحه ـ أسلوب بالغ الفعالية , فقد ظل الشيعة الاثناعشرية يتكتمون أسرار كتبهم التى لا تصل إلا للقليل , ويركزون حواراتهم مع العلماء والمفكرين على نقد المنهج السنى ومذاهبه فينشغل العلماء برد الشبهات وتستمر الدائرة , فلما ظهرت الكتب الأصولية للفرقة الاثناعشرية تنبه العلماء للفخ الذى وقعوا فيه وقام أكثر من واحد منهم بالتركيز على ضرب المعتقد ذاته , فقد صار من العبث أن يناقش الشيعة حديث مثل رضاع الكبير بينما عندهم فى صلب العقائد كفر بواح منصوص عليه بكتبهم ,
    وهذا الدور قام به العلامة المحدث إحسان إلهى ظهير رحمه الله عندما حقق أشهر كتبهم التى أخذها من مصدرها فتسبب فى خلخلة هذا المعتقد وتركه الآلاف بعد أن فوجئوا ـ كعامة ـ بما يخفيه علماؤهم وما يمارسونه معهم من تضليل وبهتان

    وهذا ما ننادى به فى مواجهة العلمانية , فإذا جاء بانتقاد لحكم قرآنى ووصفه بأنه حكم عالم , يكون البيان بسطرين , هذا حكم الله لا حكم العالم فأخبرنا أنت هل تقتنع بالله حاكما ؟!
    وعلى هنا وينتهى الجدل , فإذا كان العلمانى من ذوى النفس الطويل يناظره بموضوع مستقل أحد المناظرين عن الإسلام , ويبدأ معه من النقطة المفصلية وهى طبيعة اعتقاد العلمانيين بالله , ثم يواجهه بأصول كتابات العلمانية ويُلزمه بها
    أما أن يأتى علمانى فيطرح قضية مغلوطة أو قولا يستحق عليه جائزة أسوأ ممثل , ثم يتورط المحاورون معه فى الدفاع عما لا يحتاج دفاعا أصلا فهذا كله يخدمهم ولا يخدم الدين

    فلو أن منتدياتنا بإداراتها وأعضائها طبقت هذه المفاهيم وكرستها , وكان الأصل فيها هو منع الجدل والإسفاف والموضوعات ذات المحتوى الفاسد أو الغير لائق
    لأصبحت المنتديات الثقافية إحدى بوابات الوعى الحضاري بلا جدال ,
    وأعود فأذكر أن الجدل محرم تشريعيا , أى أن منعه وحصاره أمر واجب والتورط فيه ذنب قارب الكبائر لما فيه من المشاحنة والبغضاء وزلات اللسان التى تكفي واحدة منها فى لحظة انفعال أن تكب صاحبها على وجهه فى النار , نعوذ بالله منها ومن فتنة القول والفعل

    تم بفضل الله ومنته


    ..

  6. #6
    الأخت الكريمة ندى النحلاوى ..
    أهلا ومرحبا بك وبطرحك ...
    وشكرا لتقييمك ومداخلتك المكملة للموضوع ..
    وبالنسبة لتعريف الجدل والحوار فقد ركزت على المعنى الموضوعى باعتبارهو المقصود والفوارق المعجمية موجودة لمن أرادها
    شكرا جزيلا

  7. #7
    السلام عليكم
    موضوع هام جدا حبذا لو وجدنا من يترجمه للغات الغربية حتى نحصل على قراء من خارج دائرتنا.
    ثانيا لو تورد لنا الدليل الشرعي عن النهي عن الجدل لزوم تكامل الموضوع.
    ثالثا أتى الموضوع في وقته لذا سيثبت والاهم ان نمسك بحد الدماثة في هذا الأمر كما تفضلت حتى لا نثير خصومات اكثر إنما الهدف من هذا كله ليس الانتصار بقدر إحقاق الحق ورضى الله تعالى .
    ودمتم سالمين .
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  8. #8
    بارك الله فيك الأخت الفاضلة ريمة الخانى
    بالنسبة للادلة الشرعية على تحريم الجدل فقد احتوى الموضوع على بعضها , وهى متعددة ,
    ومنها :
    فى القرآن
    ] وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ] {الأنفال:46}{الأنفال:46}

    حديث النبي عليه السلام ( انا زعيم ربض فى الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا )
    وهذا فى شأن الجدل المحرم ..

    أما الحوار فكما أوضحنا أنه ليس مباحا فقط بل هو مطلوب طالما أنه حوار غير جدلى ..
    وبالنسبة للمناظرة فهى مباحة بنص القرآن الكريم الذى نقل لنا مناظرة إبراهيم عليه السلام للنمروذ ومناظرة موسي عليه السلام لفرعون كذلك حثنا القرآن الكريم على الدفع بالقرآن والعلم لأهل الشبهات وسمى هذا الدفع جهادا .. وذلك فى قوله تعالى :
    [فَلَا تُطِعِ الكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا] {الفرقان:52}

    هذا طبعا بخلاف الأصل الأصيل فى الإسلام ألا وهو إنكار المنكر باليد ( وهذا للحاكم ) وباللسان ( للعلماء وغيرهم ) وبالقلب ( للعوام ومن لا يملك الرد )
    والأدلة مستفيضة كما أسلفنا وشرحناها فى أصل الموضوع

    شكرا لكم

  9. #9
    أشكرك شيخنا الكريم محمد , موضوع حساس جداً ومفيد لكل مثقف يرجو الله واليوم الآخر , دمت بخير , وزدنا من زادك العلمي المنير , تحياتي

  10. #10
    ثمرة المناظرة الصحيحة
    1. هداية الضالين الى صراط رب العالمين
    ذكر عن بعض السلف قال : لإن أرد رجلاً عن رأي سيئ أحب إليَّ من اعتكاف شهر .
    2. انتشار المنهج كما حدث مع الامام بن حزم الظاهرى و نشره لمذهبه في ربوع الاندلس بالمناظرات
    3. رجوع المخالف كما حدث مع الامام بن عباس و الخوارج
    4. اثراء البحث العلمي
    5. كشف الحق
    يقول الحافظ الذهبي : ( إنما وضعت المناظرة لكشف الحقِّ ، وإفادةِ العالِم الأذكى العلمَ لمن دونه ، وتنبيهِ الأغفلَ الأضعفَ ).
    6.تعلم العلم
    منقول من كتاب آداب المناظرات للأستاذ عمر سليم



    #00FF00
    إمضاء / عبدالرحمن سالم سليمان
    مع أرق التهانى ودوام التوفيق والنجاح

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. بحث هام كيف تواجه مشكلة التنمر الدراسي ؟
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-10-2016, 10:01 AM
  2. تواجه الشهود والمتهم فى القضاءالإسلامى
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-25-2014, 07:22 PM
  3. مهم ان تعلم وتعلم
    بواسطة سعد العراقي في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-12-2012, 03:15 AM
  4. تعلم كيف تفكر .. وتعلم كيف تتفكر
    بواسطة محمد جاد الزغبي في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 12-14-2006, 01:24 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •