منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    القراءة... وأثرهـــا في حياتنـــا

    القراءة... وأثرهـــا في حياتنـــا
    عن


    عيسى فتوح


    قيل :«ارسل أحد الخلفاء يطلب أحد العلماء ليسامره ، فلما جاءه الرسول وجده جالساً وحوله الكتب يقرأ فيها،فقال له: ان أمير المؤمنين يستدعيك، فقال له عندي قوم من الحكماء احادثهم، فإذا فرغت منهم حضرت، فلما عاد الخادم الى الخليفة وأفضى اليه بذلك قال :ويحك من هؤلاء الحكماء الذين كانوا عنده؟ قال : والله ياأمير المؤمنين ما كان عنده أحد، قال: فأحضره الساعة كيفما كان، فلما حضر العالم قال له الخليفة: من هؤلاء الحكماء الذين كانوا عندك؟ فأنشد:
    لنا جلساء لا نمل حديثهم
    ألباء مأمونون غيباً ومشهدا
    يفيدوننا من علمهم علم ما مضى
    ورأيا وتأديباً ومجداً وسؤددا
    فإن قلت أموات فلم تعد امرهم
    وإن قلت أحياء فلست مفندا»
    وقال شيشرون الخطيب الروماني المفوه: «الكتب غذاء الشباب وبهجة الشيخوخة، هي الزينة في ايام الاقبال والرجاء والملجأ في الساعات السود».
    وقال شكسبير على لسان احد ابطاله: «هذه مكتبتي وأية دوقية تساويها؟»
    وقال أوليفر غولد سميث: «اذا قرأت كتاباً نفيساً للمرة الاولى شعرت بأنني كسبت صديقاً جديداً فإذا قرأته ثانية شعرت بأنني اقابل صديقاً قديماً».
    وقال جون رسكين: «الحياة قصيرة، وساعاتها نادرة، فلا تضعها سدى في قراءة كتاب سخيف، او نتف متفرقة ، اما الكتب النفيسة فيجب ان تكون في كل بلاد متمدنة في متناول كل انسان» .
    يقرأ بعض الناس ليوسعوا ثقافتهم ويغنوا خبراتهم، ويتملصوا من قيود الحياة وهمومها الثقيلة، ويجولوا في عوالم الفكر والخيال ، ويجنوا ثمار المعرفة، ويقبسوا من كنوز الماضي والحاضر، ويقرأ بعضهم بدافع حب الاستطلاع فلا يقر لهم قرار حتى يكتشفوا اسرار الكون، ويستجلوا خفاياه او ليفروا من عالم الحقيقة القاسي الى عالم الخيال الممتع الجميل... فقد تمر بالانسان حالات لا يأنس فيها الا بالكتاب ولا يرتاح الى صديق غيره، فهو الذي يبدد الوحشة، ويلطف من حدة الغربة، ويكون خير مؤنس في العزلة والوحدة، ألم يقل المتنبي :
    أعز مكان في الدنى سرج سابح
    وخير جليس في الانام كتاب ؟
    لكن الكتاب في ايامنا يواجه كساداً اي كساد، وعقوقاً ما بعده عقوق، فقد سئم طول الرقاد في المكتبات وعلاه الغبار على الرفوف، لأن وسائل الاعلام الحديثة من سينما واذاعة وتلفزيون وفيديو وكمبيوتر ومجلات مصورة لماعة... اخذت تحاربه بلا هوادة وتحتل مكانه وتقلل من اهميته وتجعل الناس يعزفون عنه مأخوذين بالمتعة الآنية والثقافة الاستهلاكية السريعة ، وصاروا اذا ما اقتنوه للزينة والمباهاة يسعون الى تجليده وزخرفته ليضعوه في مكتباتهم الخشبية الفاخرة الى جانب القطع الاثرية والصحون الخزفية والادوات الفضية ليضفي ذلك كله على البيت صفة الابهة ومظاهر الفخفخة والثراء!.
    لقد انتقد امين الريحاني أولئك المتباهين بمكتباتهم الفخمة الفارغة من الكتب القيمة حين قال : «إن بيتاً يحوي مكتبة بقصد العلم لا بقصد التزيين هو بيت يشرّف صاحبه».
    ليس شرطاً ان نقتني الاف الكتب التي اضحت تنوء بها منازلنا الصغيرة وتغص الى حد الامتلاء والتخمة ذلك ان المهتمين بعلم من العلوم او فن من الفنون لا يتركون اي كتاب يدخل في نطاق اختصاصهم الا أقبلوا على شرائه رغم ارتفاع اسعار الكتب وازدياد اثمانها بشكل باهظ الامر الذي صار يسبب حرجاً وضيقاً لزوجاتهم ، فالكتب تزحف يومياً نحو غرف النوم والطعام والجلوس وتذرع الجدران والممرات وتتكدس في الزوايا، تتطلع بأعين مفتوحة ليقرأها اصحابها ولكنهم منشغلون عنها، للأسف بشؤونهم اليومية، يكتفون بتصفحها، ويؤجلون قراءتها حتى تتاح لهم الفرصة ويواتيهم الفراغ ولكن هذه الفرصة لا تتاح وهذا الفراغ لا يتوفر وتأتي الكتب الجديدة فتزحم القديمة وتطردها الى الصف الخلفي، فيغدو الجديد قديماً ، وهكذا دواليك...
    إن وقت الانسان المعاصر اصبح قصيراً ضيقاً في هذا الزمن المتفجر، المزدحم بشتى الاهتمامات وصار الكدح ومطاردة الرزق واللهاث وراء لقمة العيش، يستغرق الجانب الاكبر من وقته، يعود من عمله متعباً، يريد ان يأخذ قسطاً من الراحة ليستطيع ان يستأنف نشاطه في اليوم التالي، وإذا قرأ- وهو في هذه الحالة من التعب والارهاق- فإن عقله يعجز عن الاستيعاب ، وفكره يقصر عن الهضم فتغدو قراءته آلية لا متعة فيها ولا استغراق .
    من المعروف ان العمل الابداعي يحتاج الى الهدوء والتأمل والراحة، ولا يمكن ان يكون هناك ابداع اذا كانت حاجات المبدع الاساسية غير مؤمنة، ومتطلباته الضرورية غير ملباة فكيف اذا كان وحده مسؤولاً عن تأمينها بنفسه، وعليه ان ينفق جل وقته في سبيل الحصول عليها.
    ومهما يكن من أمر الكتب وحشدها في مكتباتنا الخاصة، الى حد يتعذر فيه الانتفاع منها، وتستحيل المسألة الى هواية للجمع والتكديس، وتغدو المكتبة عبئاً ثقيلاً على البيت وأهله، إلا ان هذا لا يحول دون ان تنتقي الاسرة المثقفة بعض الكتب الرئيسية الهامة التي يمكن الرجوع اليها عند الحاجة كالانجيل المقدس والقرآن الكريم ونهج البلاغة وكتب التفاسير والمعاجم والموسوعات المبسطة والاطالس الجغرافية وسير العظماء وسواها...
    ميزة القراءة في الكتب انه يمكن الرجوع اليها في أي وقت نشاء واعادة قراءتها مثنى وثلاث ففي كل قراءة تكتشف اشياء جديدة لم نفطن اليها من قبل، ولكن علينا ان نحسن اختيار الكتب التي نود قراءتها فلا نقرأ كيفما اتفق، ونضيع الوقت سدى في قراءة ما لا نتوقع ان نجني منه فائدة تذكر فالوقت ضيق والعمر قصير ، وينبغي ان لا نؤجل قراءة الكتب الجديدة الصادرة حديثاً لنبقى على صلة بكل ما يطرأ من تطورات ومستحدثات في العلوم والفنون والادب ،فمن لا يواكب الجديد ويتتبعه، يسبقه الزمن الزاحف الى الامام ويخلفه وراءه.
    والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن خلق هواية القراءة عند الانسان؟ وهل يمكن تربية هذه الهواية حتى تصبح عادة آسرة؟ وفي الجواب نقول: نعم يمكن خلق هواية المطالعة وتربيتها منذ الطفولة، حتى تصبح عادة لا تفارقه طوال حياته، وذلك بأن نحيط الطفل بالكتب الملونة والمجلات المصورة ونختار له منها كل جذاب وجميل ، ونحببه بها، ونذلل كل صعوبة قد تعترضه، نجلس الى جانبه ونقرأ له ان لم يكن يحسن القراءة بعد، ونناقشه، ونسأله ماذا فهم،وما الذي استهواه اكثر من غيره....
    ثم نتدرج معه في الانتقاء واختيار ما يناسب سنه ومستواه العقلي وهكذا لا يكاد الطفل ينهي المرحلة الابتدائية حتى تكون هواية المطالعة قد تأصلت في نفسه وترسخت في اعماقه وصارت جزءاً منه لا يتجزأ فالقراءة- كما هو معروف - ثمرة الثقافة الصحيحة ومقياسها الذي لا يخطىء وهي ضرورة للانسان في كل مراحل حياته ولاسيما عندما تتقدم به السن ويحتل الفراغ حيزاً كبيراً من هذه الحياة ، وقد ثبت ان المتقاعدين الذين يهوون المطالعة لا يشعرون بثقل الزمن ووطأة مروره ويرحلون مع حروفها ويستريحون في ظل اغصانها الوارفة في هاجرة الشيخوخة.


    جريدة البعث السورية

  2. #2
    شكرا الك للنقل المميز

    تحيتى العاطرة الك
    http://www.fursan.ws/wisam2.gif


    من العذاب ... إن تكتب لمن لا يقرا لك
    وان تنتظر من لا يأتي لك
    و ان تحب من لا يشعر بك
    وان تحتاج من لا يحتاج لك
    من المؤلم ... إن تحب بصدق
    وتخلص بصدق .. وتغفر بصدق
    ثم تصدم في النهاية بموت
    كل الصدق الذي قدمته
    "ثم تكتشف إن أجمل العمر كان سراباً"

المواضيع المتشابهه

  1. حب القراءة
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 10-05-2015, 08:43 PM
  2. القراءة ثم القراءة
    بواسطة أسامه الحموي في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-22-2014, 08:07 PM
  3. قصة تستحق القراءة
    بواسطة رشا البغدادي في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-11-2012, 04:10 PM
  4. مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 12-24-2010, 03:43 PM
  5. إلى محبي القراءة فقط!!!
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-06-2010, 01:02 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •