منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    خطاب الميتانص وتنظير القصة القصيرة جدا

    خطاب الميتانص وتنظير القصة القصيرة جدا٭
    د.نورالدين الفيلالي




    هناك ثلاثة أشكال تنظيرية يمكن تحديدها، وهي التنظير القبلي، والتنظير المواكب، والتنظير البعدي أو اللاحق.
    فالتنظير القبلي يكون قبل ظهور الجنس أو الشكل الأدبي من خلال البيانات أو طرح تصورات عامة، ونجد هذا الأمر كثيرا في المسرح والقصة القصيرة، ويكون في الغالب ذا طابع تجريبي تلحقه نصوص إبداعية تتبنى طرحه النظري.
    والتنظير المواكب يتمثل في التقديمات أو الدراسات أو التصريحات المواكبة والمتزامنة مع ظهور الجنس الأدبي.
    أما التنظير البعدي أو اللاحق فهو الذي يدرس المتون الأدبية ويستخلص عبرها خصائص الجنس الأدبي الذي تنتمي إليه.
    وبناء على هذا يمكن أن نضع خطاب الميتانص ضمن الشكل الثاني، أي التنظير المواكب، فماالمقصود بالميتانص؟




    1- الإطار النظري:


    ننطلق في هذه الدراسة من التصور النظري العام الذي طرحه "جيرار جينيت"[1] حول المتعاليات النصية، أي تلك العلاقات التي تقيمها النصوص فيما بينها، وقد حددها في خمس علاقات أو أنماط:
    النمط الأول: التناص: (l’intertextualité):
    "الحضور الفعلي لنص داخل آخر"[2]، وهناك ثلاثة تجليات لهذا الحضور حسب درجة خفائه أو بروزه، وهي: "الاستشهاد(citation و"السـرقة الأدبـيـة (plagiat و "التلميح(Allusion).
    النمط الثاني: النصية الموازية (paratextualité):
    يربط النص ببعض المكونات المحيطة به أو الموازية له مثل :"العنوان، العنوان الإضافي، العناوين الداخلية، المقدمات، التذييلات، التنبيهات، التصدير..الهوامش الجانبية، وأسفل الصفحات، وفي آخر العمل، العبارة التوجيهية، الغلاف، وأنواع أخرى من العلامات التكميلية والمخطوطات الذاتية والغيرية التي توفر للنص محيطا متنوعا…"[3]
    النمط الثالث: النصية المتفرعة: (hypertextualité ):
    هو "كل علاقة تجمع نصا ما »ب« (الذي يسميه "جينيت" نصا متفرعا-Hypertexte) بنص » أ« (الذي يسميه نصا أصلا-Hypotexte).
    النمط الرابع: النصية الجامعة: (Architextualite):
    يتعلق بالانتماء إلى جنس أدبي معين مثل الإشارة الجنسية التي نجدها في بداية الكتب : رواية، قصة، ديوان، دراسة...
    النمط الخامس: النصية الواصفة: métatextualité)):
    يحددها جيرار جينيت في "علاقة التفسير والتعليق التي تربط نصا بآخر دون الاستشهاد به أو استدعائه، بل يمكن أن يصل الأمر إلى حد عدم ذكره"[4]، فهي علاقة نقدية محضة يقيمها النص/المؤلف مع نص آخر دون أن يشير إلى ذلك صراحة ودون أن يكون هذا النقد محور الكتاب. ومن مظاهره أيضا تلك العلاقة النقدية التي يخلقها الجنس الأدبي مع تاريخه أو بنائه أو طريقة كتابته...
    فما علاقة الميتانص بالأجناس الأدبية؟
    2- الميتانص والأجناس الأدبية:
    من خلال ما سبق نقول إن الميتانص ظاهرة عامة توجد في كل النصوص والأجناس الأدبية، وبناء على ذلك ظهرت مصطلحات مثل الميتاشعر والميتامسرح والميتارواية....
    الميتاشعر:
    نجد في الشعر العربي القديم (الجاهلي، الإسلامي، الأموي...) العديد من الأشعار التي تتضمن تصورات وانتقادات كاتبيها للشعر، فتتعرض لتعريفه أو لطريقة كتابته أو لأجوده:
    يقول البحتري:
    والشعر لمح تكفي إشارته٭٭٭وليس بالهدر طولت خطبه
    ويقول النابغة الشيباني:
    ثم قل للمريد حوك القوافي٭٭٭إن بعض الأشعار مثل الخبال
    ويقول أبو المنهال الأشجعي:
    وإن أشــعر بيت أنت قائله ٭٭٭بيت يقال إذا أنشدته صدقا
    وإنما الشعر لب المرء يعرضه٭على المجالس أن كَيْسا وإن حُمقا
    فهاذان البيتان يتضمنان أحكاما نقدية شكلت مدار النقد العربي القديم، مثل قضية الصدق في الشعر، حيث نجد من يعتبر "أعذب الشعر أكذبه" بينما هناك من يرى أن "أعذب الشعر أصدقه"، وكذلك قضية تعبير الشاعر عن وجدانه وشعوره والتي جاءت منها تسميته بالشاعر.
    الميتامسرح:
    يمكننا القول إن المسرح أكثر الأجناس الأدبية تجسيدا لمفهوم الميتانص، فهناك العديد من المسرحيات التي تتمركز إشكاليتها حول المسرح، وتتحدث عن المسرح تنظيرا أو نقدا، ويكفي أن نشير هنا إلى مسرح سعدالله ونوس، مثل مسرحية "سهرة مع أبي خليل القباني"، وتجربة المسرح الاحتفالي عند عبدالكريم برشيد خاصة في مسرحية "عطيل والخيل والبارود" .
    الميتارواية:
    كذلك في مجال الإبداع الروائي نجد العديد من الروائيين الذين تعرضوا في كتابتهم لإشكاليات الكتابة الروائية تنظيرا ونقدا وتجريبا، نذكر من بينها:
    -واسيني الأعرج في روايتيه: “حارسة الظلال”، و"فاجعة الليلة السابعة بعد الألف" في جزئها الأول "رمل الماية"
    -أحمد المديني في روايته: “حكاية وهم مغربية”.
    -الميلودي شغموم في روايته: "عين الفرس"
    وغيرها من الروايات العربية التي يتدخل فيها صوت الروائي ليفصح عن نظرته للإبداع الروائي، أو يقدم تصورا روائيا مغايرا .
    الميتا قصة:
    وسنفردها للقصة القصيرة جدا في تناولها للقضايا المرتبطة بالكتابة السردية عموما، وبكتابة القصة القصيرة جدا على وجه الخصوص.
    3- ملاحظات حول المتن القصصي:
    لدينا حوالي ثلاث عشرة مجموعة قصصية قصيرة جدا، تتضمن قصة قصيرة جدا أو أكثر في مجال الميتاقص، لمجموعة من المبدعين المغاربة في مجال القصة القصيرة جدا، وهو ما يؤشر على الانشغال النقدي والتنظيري لهؤلاء الكتاب خاصة في السنوات الأربع الأخيرة.
    وقد تتبعت القصص القصيرة جدا ذات المنحى الميتانصي/التنظيري في المتن القصصي المغربي، وصنفتها قصد الوقوف على مستوى وعي كتاب القصة القصيرة جدا بهذا الجنس الأدبي.

    4- الميتاقصة في كتابات جمال الدين الخضيري:
    هناك نماذج قصصية عديدة، كما أسلفت الذكر، انشغل مبدعوها بالجانب النظري للقصة القصيرة جدا، لكني آثرت أن أقف عند تجربة ميتاسردية واحدة هي للمبدع القاص جمال الدين الخضيري، والذي تحضر في مجموعتيه القصصيتين: "فقاقيع" الصادرة عن مؤسسة التنوخي سنة 2010، و "وثابة كالبراغيث" الصادرة عن مطابع الأنوار المغربية سنة 2011، خمس قصص قصيرة جدا اتخذت من القصة القصيرة جدا موضوعا لها.
    ويتميز التصور الميتاسردي في قصص جمال الدين الخضيري على بعض المميزات، نجملها في التركيز على صغر الحجم، والسرعة، والإدهاش، وصعوبة الترويض، ومن بين هذه القصص القصيرة جدا، نجد قصة"استغراق" (ص43).
    "استغرق زمنا طويلا في كتابة قصة قصيرة جدا، وما أن أنجزها حتى تلقفها النقاد،رقنوها في هواتفهم النقالة. أرسلوها.. مضغوها.. وأدوها.. فأزمع أن ينقلب إلى كتابة رواية فارعة الطول في وقت وجيز وقياسي. تناول القصة ذاتها. أشبعها نفخا ونفحا ونفجا، حتى صارت ذات أجزاء وأثداء.
    قال وهو ينوء بحملها:
    -منذ اليوم لا قراء ولا أعداء."
    هنا في هذه القصة القصيرة جدا للمبدع جمال الدين الخضيري، نجد تركيزا على جانب الحجم القصير للقصة القصيرة جدا في مقابل الرواية، بدليل أن القصة القصيرة جدا إذا أشبعت "نفخا ونفحا ونفجا، حتى صارت ذات أجزاء وأثداء"، تحولت إلى رواية، كما تثير هذه القصة قضية سرعة قراءة القصة القصيرة جدا من طرف القراء.
    ويستمر هذا التركيز على قصر الحجم وصغره في قصة قصيرة جدا من نفس المجموعة بعنوان "حمية"(ص:44).
    "لأن البدانة ليست موضة، ولأن القارئ النهم والأكول الشره في طريقهما إلى الانقراض كما الديناصورات، تتبعتُ نظام حمية صارم:
    تناولت وجبة خفيفة جدا..
    كتبت قصة قصيرة جدا..
    أصبحنا رشيقين جدا.."
    كما نجد مسألة قصر حجم القصة القصيرة جدا حاضر في انشغالات جمال الدين الخضيري الميتاسردية في مجموعته القصصية الثانية "وثابة كالبراغيث" في قصة تحمل عنوانا دالا على القصر كذلك، وهو: "رحلة مسرفة في القصر" (ص:80)، جاء فيها:
    "قال جمل لناقة أيام كانت الأشياء تتكلم:
    -ما قد يعيننا في هذه الرحلة على عبور الصحراء الممتدة دون أن يخيم علينا ضجر، أويقصم لنا سنام؟
    أجابت الناقة صائخة السمع مشيرة نحو الأعلى إلى ما ينز عن الهوادج:
    -مثل هذه القصص المسرفة في القصر"

    وتأتي قصة "فقاقيع"(ص:88)، من المجموعة القصصية الأولى، لتجمع الخصائص السابقة الذكر، وهي قصر الحجم، السرعة والإدهاش، وصعوبة الترويض، وهي مميزات ترتبط بالفقاقيع في معناها اللغوي:
    "كتبت قصة قصيرة جدا. استحضرت فيها أحداثا جساما وأزمنة متداخلة في شكل شذرات وومضات. فما كان من بطلها إلا أن انسل هاربا. وقال إن مكانه في الملاحم وليس في أقصوصة تتبخر أحداثها كالفقاقيع موزونة بأشبار كاتب مخبول. فعقدت العزم ألا أثق أبدا في بطل من صنع يدي، ولن ألبسه –ما أسعفني القلم- جبتي الورقية، ولن أسبغ عليه أي نعمة مدادية"
    فالفقاقيع صغيرة الحجم، تتشكل بسرعة، ثم تختفي بسرعة تاركة دهشة لدى الطفل، لأنه كلما حاول الإمساك بها اندثرت أو ابتعدت عنه، وذاك هو حال القصة القصيرة جدا حسب المنظور الميتاسردي الذي تفيدنا به النصوص التي قرأناها.
    مميزات تتصف بها البراغيث كذلك لأنها هي الأخرى صغيرة الحجم لا تكاد ترى، سريعة القفز، وتدهش من حاول الإمساك بها وترويضها.
    وبالعودة إلى المتن القصصي المشكل للمجموعة القصصية ككل، نجد هذه الظاهرة موجودة، فهي قصيرة الحجم بعضها لا يتجاوز السطرين، ومتسارعة الأحداث، وتخلف دهشة لدى القارئ بمجرد الانتهاء من قراءتها فيعاود القراءة مجددا،



    خلاصة:
    نخلص مما سبق أن خطاب الميتاسرد عند القاص جمال الدين الخضيري يقدم تصورا نظريا حول القصة القصيرة جدا نجمله فيما يأتي:
    -الحجم القصير وهي ميزة ترتبط ببنية القصة القصيرة جدا،
    -السرعة وهي ميزة ترتبط بفترة القراءة، وبتسارع الأحداث وبسرعة التداول بين القراء كذلك، أما كتابتها فتستغرق وقتا طويلا، حسب ما ورد في قصة "استغراق" السابقة الذكر: "استغرق زمنا طويلا في كتابة قصة قصيرة جدا، وما أن أنجزها حتى تلقفها النقاد، رقنوها في هواتفهم النقالة. أرسلوها..مضغوها..وأدوها
    -إدهاش القارئ: وهي ميزة ترتبط كذلك بالقارئ، لأن القصة القصيرة جدا تخلف دهشة لدى المتلقي.
    -صعوبة الترويض: وهي ميزة ترتبط بكاتب القصة القصيرة جدا، لأن شكلها المرن والهش مثل "الفقاقيع"، وسرعة انتقالها وقفزها وتحركها مثل "البراغيث" تجعلانها صعبة الترويض والمراس على كل ما حاول ارتياد عوالمها.


    ٭نص المداخلة التي ألقيت في المهرجان العربي الأول للقصة القصيرة جدا، الناظور/المغرب: 04 فبراير 2012.

    [1]ينظر كتابه "أطراس" Palimpsestes- la littérature au second degré- Gerard Genette- Ed du seuil- 1982-

    ([2]) نفسه -ص8.

    ([3]) نفسه-ص10.

    ([4])Palimpsestes

  2. #2
    والتنظير المواكب يتمثل في التقديمات أو الدراسات أو التصريحات المواكبة والمتزامنة مع ظهور الجنس الأدبي.
    أما التنظير البعدي أو اللاحق فهو الذي يدرس المتون الأدبية ويستخلص عبرها خصائص الجنس الأدبي الذي تنتمي إليه.

    وبناء على هذا يمكن أن نضع خطاب الميتانص ضمن الشكل الثاني، أي التنظير المواكب، فماالمقصود بالميتانص؟


    مصطلح جديد لم يعالج كفاية فقد دخلت في عمق النص بينما التعريف الوراد تبيان انتساب النص للنمط الأدبي المناسب..وحقيقة تواجهني احيانا نصوص كخواطر بطعم المقامة او قصة بطعم المقاله فماذات قول عن هذا؟
    ولي عودة قوية فقد أثرت بي مكامن وقريحة النقد
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. القصة القصيرة
    بواسطة فتحي العابد في المنتدى شؤون القصة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 05-21-2010, 05:47 PM
  2. القصة القصيرة جدا/ق ق ج
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى شؤون القصة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-25-2008, 08:01 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •