طوابير محطات الوقود، وحرائق
د. فايز أبو شمالة
من يشاهد محطات الوقود المتناثرة في قطاع غزة، ويسمع أنين السيارات التي تصطف ليلا في انتظار التزود بالوقود، ومن يشاهد تزاحم السائقين، ومحاولاتهم لاختراق الطابور، والالتفاف عليه، يتذكر طوابير السيارات التي كانت تنتظر على حاجز "أبي هولي" بالقرب من مدينة دير البلح، عندما كان جيش الصهاينة يقطع غزة إلى نصفين حتى سنة 2005، وعندما كانت السيارات ذاتها تصطف طوابير طويلة أمام الحاجز اليهودي لساعات، وأحياناً لأيام كي تعبر من غزة إلى خان يونس، وبالعكس، إنه المنظر نفسه، لأن الذي يقف من وراءه السياسة الصهيونية نفسها، وإنه العدو نفسه الذي كان وسط قطاع غزة، ويمزقها، لم يبتعد عنها إلا قليلاً ليحاصرها، وستكون النتائج النهائية نفسها، فمثلما احتمل أهل غزة جرائم الاحتلال الصهيوني، واجتازوها، حتى انسحب الاحتلال مهزوماً من غزة، سيجتاز رجال غزة ونساءها وأطفالها هذه العتمة التي يضربها يهود إسرائيل حول غزة، سينتصرون، وسينسحب العدو بحصاره مدحوراً عن قطاع غزة.إن احتراق الأطفال في غزة بحثاُ عن الضوء، لهو رسالة مأساوية عاجلة إلى كل منظمات الأمم المتحدة، وهيئات حقوق الإنسان، بأن عدو الإنسانية ما زال يحاصر أهل غزة، ومازالت المؤامرة لا تفرق بين طفل ومقاوم، وبين مريض ومسالم، حتى صار كل فلسطيني يسأل نفسه مع شروق الشمس: إلى متى هذا الحصار الجائر؟ وإلى متى تصمت الأمم المتحدة على عذاب أهل غزة، ولماذا لا تتحمل الأونروا مسئوليتها في توفير الوقود والكهرباء للاجئين، وهي المسئولة عن حياتهم، ولاسيما أن الأونرا قد وفرت سابقاً الوقود للاجئين في مطلع سنوات التهجير من فلسطين، فلماذا تصمت اليوم؟. مسئولية احتراق الأطفال في غزة يتحملها الجميع، وعلى رأسهم رئيس السلطة الفلسطينية بصفته الاعتبارية، وبصفته الجهة السيادية التي رعت تأسيس محطة توليد الكهرباء، المحطة التي بان عجزها، وقلة حيلتها مع أول أزمة، وتقع مسئولية احتراف الأطفال في غزة على الجهة الفلسطينية التي تتلقى المساعدات الدولية باسم الشعب الفلسطيني، ويتحمل المسئولية أيضاً من لا يزال يصر على عدم إنهاء الانقسام.لقد تعود الشعب الفلسطيني على تحمل العذاب، ولكنه يرفض أن يخون قضيته السياسية، وسيحتمل الشعب الفلسطيني قطع التيار الكهربائي، وقلة الوقود، وسنمشي على أقدامنا، ولكننا لن نهزم، ولن نتراجع عن أهدافنا الوطنية، حتى لو اشتعلت النيران في بيوتنا جراء المولدات، إنه قدرنا، وهذا مصير كل حر يأبى أن ينكس الراية.