"الديمقراطية"مقتطفات من"هروبي إلى الحرية" 1 - 2
لاشك أن "الديمقراطية"من أكثر الأمور التي يدور حولها الجدل في عالمنا العربي،ويتمركز التساؤل المبدئي حول ما إذا كانت الديمقراطية مجرد(آلية) لاختيار (الحكام)،وبالتالي يمكن لـ(الإسلامي) أن يطبقها،كما يستطيع (الهندوسي) أن يفعل ذلك .. أم أن الديمقراطية (منظومة) يجب أن تؤخذ كاملة أو تترك؟!!ثم جاء(الربيع العربي) فأعطى لحوار الديمقراطية (زخما) – رغب أنني لا أحب هذه الكلمة،التي أعتقد أنها (قاموسيا)تعني رائحة اللحم حين يفسد أو شيء من هذا القبيل – لأن الأمر أصبح أو كاد أن يكون في إطاره (العملي) وليس (تنظيرا) فقط. كنت قد قرأت كتاب (هروبي إلى الحرية) للرئيس البوسيني علي عزن بيجوفتش – رحم الله والديّ ورحمه – وقد قرأته، كالعادة،التي لم أستطع أن أتخلص منها،وفي نيتي أن أقوم به (سياحة ) عبره .. وقد فضلت أن أجمع الأجزاء التي تخص الديمقراطية في إطار واحد .. والكتاب ممتع جدا .. وزاخر بالأفكار .. والنسخة التي بين يدّ قام بترجمتها الأستاذ إسماعيل أبوالبندورة،ونشرتها دار الفكر في دمشق،الطبعة الثالثة،2008م.لن أطيل .. وسوف أكتفي بالإشارة إلى أمر معلوم هو أن هذه الأفكار كُتبت في السجن .. وأشير أيضا إلى المؤلف اضطر لعمل (شفرة) خاصة لبعض العبارات مثل : (الدين،الإسلام،الشيوعية،الحرية،الديمقراطية،السلطة) {ص 17}. وأخيرا .. هذا مجرد (جمع) للأفكار التي أوردها المؤلف،وليس العرض منه التعليق- مع استثناءات قليلة - أو الحوار .. فإلى هناك .. 1 - (الديمقراطية والاستقرار يشترطان بعضهما تبادليا،الديمقراطية ضرورية لنا من أجل الاستقرار،والاستقرار ضروري من أجل الديمقراطية). {ص 120 رقم"254"}.ـــــــــ2 - (إذا كان من الممكن استلام السلطة بالوعود،فإن المحافظة عليها لا تكون إلا بالنتائج){ص 127 رقم"403"}.ـــــــ3 - (الديمقراطية في التعريف،تتضمن إمكانية سوء استعمال الديمقراطية. ومن يحاول معالجة الديمقراطية من هذا الخطر يقتل بهذا الدواء الديمقراطي ذاته. من الضروري للحرية بهذه المثابة أن تقبل بجميع مخاطراتها .. فهنا لا خيار.){ص 148 رقم"950"}.ــــــــ4 - ("فكرة مغايرة أخرى عن الديمقراطية : الديمقراطية تسهل وتبتذل الإنسانية،وتخشنها وتغرقها في المصالح الاقتصادية،وبانتصار الديمقراطية،تبدأ مملكة البقال وبائع الجلود والفلاح الذي يزدري كل شيء جميل،وكل ما فوقه" : برزيبوفسكي في HOMO Sapiens ){ص 172 رقم"1647"}.وفي نفس الصفحة :5 - (يقول البطل الرئيسي في مسرحية آبسن "الدكتور ستوكمان"أخطر أعداء الحقيقة والحرية الأكثرية المتحدة. الأكثرية لم تكن أبدا على حق. فهذا كذب اجتماعي. من يصنع الأكثرية في البلد الأذكياء أم الأغبياء؟ القوة للأسف إلى جانب الأكثرية،ولكن ليس إلى جانب الحق. الأقلية دائما على حق.){ص 172 رقم"1656"}.لولا عبارة (الأقلية دائما على حق) لكان لنا أن نشتم رائحة القرآن الكريم في قول الحق سبحانه وتعالى نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيوإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله).. فالأكثرية ليست على (الحق) مطلقا ... ولا ألأقلية .. فلدينا – نحن المسلمين – (معيار) إن سارت عليه الأغلبية فهي على حق .. وإن تبنته (الأقلية) فهي التي على الحق... وهو ما سوف يشير إليه المؤلف في فقرة قادمة ويسميه : ( مقاييس يقينية عن الخير والحقيقة).وفي الصفحة نفسها :6 - (الديمقراطية في المجتمع،والواقعية في الأدب سارا بتقارب،وناصرت إحداهما الأخرى،وأعتقد بأن توازيا مشابها يمكن إقامته بين الأفكار الاشتراكية والطبيعة. الاشتراكية هي الطبيعة في السياسة. هذه العلاقات ليست مجردة،لأن الظاهر أن الاشتراكية هي ابنة الديمقراطية. كما أن الطبيعة هي ابنة الواقعية.){ص 172 رقم"1658}. ـــــــــــــــــــــــــ7 - (الأكثرية أصبحت الأكبر،إذا لم تكن المقياس الوحيد للديمقراطية،إنه حقيقي وجميل وأخلاقي ما تقول عنه الأكثرية إنه حقيقي وجميل وأخلاقي لا يوجد لدى الأكثرية إذن مقاييس يقينية عن الخير والحقيقة،إنها تقود الشهوات والرغبات. والديمقراطية هي عملية لا يمكن إيقافها. كيف ستكون النتيجة النهائية مع الديمقراطية ذاتها؟){ص 176 رقم
"1894"}.ـــــــــــــــــــــــــــــ8 - (الشعب الذي لا سيادة له يضمر سياسيا){ص 188 رقم "2445"}.ــــــــــــــــــــــــــــــــــ9 - (ما هو إذن هذا السبب الحكومي الرائع في عصرنا،إذا لم يكن تعبيرا عن الرغبة الذاتية للسلطة،المعبر عنها عبر التاريخ القديم ( Quidquid Principi PIacuit habet Legis Vigorem) "كل ما يأمر به الحاكم له قوة القانون"حقيقة السلطة التسلطية يتم التعبير عنها بأشكال مختلفة وفي أزمان مختلفة){ص 190 رقم "2480"}. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ10 - (أصل تسمية "اليمين واليسار"مرتبطة بالمناقشة حول الدستور في الجمعية الوطنية الفرنسية عام 1789م. جلس المطالبون بسلطات كبيرة للملك على يمين الرئيس،بينما جلس المطالبون بسلطات أوسع للبرلمان،والحد من سلطات الملك إلى اليسار.وارتدى هذا التقسيم لا حقا على أهمية عامة تتأسس على أن اليساريين هم أولئك المطالبون بالتغيير،واليمين بالأمر الواقع. التقسيم إلى يمين ويسار له معنى أكبر ولكن هذا أحدهما.){ص 192 رقم "2512"}.وفي نفس الصفحة : 11 - (وضع الحاكم أو بالأحرى السلطة هو مقياس لا يخطئ عن تحضر شعب معين. فالشعب المتحضر بالفعل لا يقبل الاستبداد،مثل هذا الشعب تجاوز كل تلك المراحل المعقدة للتطور الداخلي والخارجي الضرورية،لكي يضع السلطة تحت رقابة القانون. السلطة لدى الشعوب المتخلفة هي دائما فوق القانون،وبموجب هذا النموذج،فإن كل ما يسمى بالدول الاشتراكية هي دائما على مستوى البربرية.){ص 192 رقم"2517"}. رحم الله المؤلف .. أعتقد أنه لو كان حيا ورأى (حركة احتلوا وول ستريت) .. لنظر إلى الأمر من زاوية أخرى!! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ12 - (لم يكن جان جاك روسو "1712 – 1778م"ضد الملكية بذاتها وإنما ضد الملكية غير المقيدة. ومعروف هو قوله المأثور"لا يسمح لأي مواطن أن يكون هكذا ثريا لكي يشتري الآخر،ولا أن يكون الآخر فقيرا حتى يمكن بيعه":جـ.جـ.روسو – العقد الاجتماعي){ص 193 رقم "2546"}.ـــــــــــــــــــــــــــــ13 - (يعتقد البريطانيون أنه من الضروري من وقت لآخر،تغيير الحكومة وليس الفاشلة منها،وإنما والناجحة أيضا،لأنها إما أن تصبح غير فعالة أو أنها ستصبح مختالة. الحكومة التي تطيل الجلوس ليست جيدة،كما يعتقد البريطانيون.){ص 195 رقم"2711"}.في هذا الإطار كتب الدكتور غازي القصيبي – رحم الله والديّ ورحمه – عن رئيس الوزراء البريطاني هارولد ولسون،بعد أن استقال من رئاسة الوزراء،بداعي الملل!! نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيقرأت في أحد كتب ولسون رأيه أن من الإجرام في حق أي شخص أن يعيّن وزيرا للخارجية أو وزيرا للمالية فترة تتجاوز سنتين،نظرا للضغوط الهائلة التي يتعرض لها شاغل هذين المنصبين. ولعل له رأيا مماثلا في منصب رئيس الوزراء لم يبده في كتابه!){ص 14 (الوزير المرافق) / الدكتور غازي القصيبي/ بيروت / المؤسسة العربية للنشر / الطبعة الثانية / 2011}.بهذه العبارة العجيبة .. التي تدل على (دلال) السياسي البريطاني .. وقوة شكيمة السياسي العربي ننهي هذه الحلقة!!إلى اللقاء في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله.

س/ محمود المختار الشنقيطي ((سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب))
Mahmood-1380@hotmail.com--