"نساء"الثورات العربية ..المرأة العربية الجديدة (6)
ختمنا الحلقة الماضية بحنين الأسترالية جرمين غرير إلى الأمومة،بعد أن كانت تراها وسيلة من وسائل استعباد النساء!! وسوف نبدأ هذه الحلقة بأخذ بعض النماذج من حنين بعض السيدات إلى العودة إلى المنزل .. ولكن قبل النماذج،هذا جزء من ورقة قدمتها الأستاذة غيداء الجريفاني،للملتقى الخامس لتنمية الموارد البشرية،والذي استضافته الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية/بالمملكة العربية السعودية نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيلقد أثبتت بعض البحوث العلمية تعارض عمل المرأة مع طبيعة حياتها كأم وزوجة نتيجة لتأثير ذلك على حالتها الانفعالية والجسدية،واستعانتها بالآخرين لتربية أولادها،مضيفة أن هناك دلائل علمية أكدت على أن طول فترة الرضاعة الطبيعية تؤدي إلى الميول الاجتماعية،لذا الطفل يحتاج إلى الأم الهادئة المتفرغة لعملية الإرضاع ليكتسب الراحة النفسية والنمو الطبيعي){جريدة اليوم العدد 11242 في 5/2/1425هـ}. نبدأ النماذج بالمرأة الأمريكية،يقول الأستاذ محمد صادق .. (ومن تجربة المرأة الأمريكية التي تحسدها عليها نساء العالم،والعودة إلى البيت والأسرة (..) تفيد الإحصاءات والاستطلاعات أن حوالي 60% من النساء الأمريكيات العاملات يتمنين ويرغبن في ترك العمل والعودة إلى البيت لأن العمل لا يوفر المال المطلوب لمتطلبات الحياة وإن وفرها،كان الأطفال والأسرة الضحية في المقابل){ عن مقالة "المرأة الأمريكية والعمل" / جريدة الشرق الأوسط العدد 5949 في 12/10/1415هـ = 13/3/1995م}.كما (تكرس "مارجريت دوراس" في كتابها : (العالم الواقعي) أهم فصوله للبيت كعالم للمرأة!){ص 220 رقم"3523 (هروبي إلى الحرية)}. وهذه الأستاذة زينب الكردي تقول : (أمنوا المرأة ضد غدر الرجل وأنا أراهنكم أن 80% من النساء سيخترن البيت ويتركن العمل وهن في منتهى السعادة،وبقرارها هي لان من حقها بعدما تعلمت وتساوت بالرجل أنها تختار مجالها الحقيقي وليس من حق أحد أن يفرض عليها هذا القرار حتى لو كان قراره هو الصح،عمل المرأة في البيت وتفرغها له ليس سبة ولا عقابا – بالعكس – عملها داخل بيتها قمة العظمة والمجد لأنها تصنع أجيالا .. هل من الممكن أن ندعي أن طبيب الباطنة أحسن من طبيب العظام .. طبعا لأ،لأن الاثنين على نفس الدرجة من الندية والأهمية .. كذلك عمل المرأة،هي داخل البيت،والرجل خارجه،كلاهما وظيفته ودروه مهم جدا وكلاهما ند للآخر وعون للآخر){مجلة "كاريكاتير" المصرية العدد 138 في 28/7/1993م = 7/2/1414هـ}.أما الأستاذة سوزان أغا،فإنها تطالب المرأة العربية .. ( بالوقوف بجانب الرجل وأن تحققي ذاتك من داخل صرحك العظيم وهو المنزل ) ثم تضيف : (وليست هذه الدعوة ضربا من التخلف أو الردة الفكرية،ولكنها محاولة لتوخي الحيطة وإمعان النظر في النتائج التي وصلت فيها المرأة إلى طريق مسدود.){ص 4 ( المرأة العاملة بين النظرية والتطبيق ) / سوزان أغا}. ذلك الطريق المسدود،اكتشفته المرأة السعودية .. ومع ذلك فالمطالبة بالزج بها في سوق العمل،أو (إلى أحضان البائع) – حسب تعبير الدكتورة نهاوند القادري – لا يزال على قدم وساق!!!!!!! ( كشفت دراسة ميدانية استطلاعية أن خمسين بالمائة من المواطنات اللواتي يعملن يرغبن في ترك العمل والتفرغ لشؤون الأسرة والبيت لو سمحت الظروف لهن بذلك. وبينت الدراسة التي أعدها الدكتور إبراهيم مبارك الجوير أن 45% من عينة النساء العاملات يعتريهن شعور بالتقصير إزاء الأسرة والأطفال نتيجة خروجهن للعمل في حين أن 67 بالمائة منهن أكدن أن العمل يمثل لهن مجهودا مزدوجا أو إضافيا.){المجلة العربية العدد 245 / جمادى الآخرة 1418هـ}. في هامش الحديث عن حنين المرأة لبيت،نشير إلى قول الأستاذ عبد القادر طاش – رحمه الله - .. (وقد كتبت قبل فترة عن مؤتمر طريف ربما كان الأول من نوعه،عُقد في بيونس آيرس تحت عنوان : "المؤتمر العالمي لربات البيوت"وقد اشترك في هذا المؤتمر ربات بيوت من 14 دولة. وقالت رئيسة رابطة ربات البيوت في الأرجنتين،والتي دعت إلى المؤتمر أن هذا الاجتماع العالمي يمثل بدء حملة لاعتراف بمهمة ربة البيت كمهنة. وأضافت قائلة : "إن ربة المنزل هي أفضل وزير اقتصاد في العالم".){ عن مقالة "و .. المرأة العاملة خارج البيت" / جريدة المدينة العدد 12230 في 22/5/1417هـ = 4/10/1996م}.بعد الحنين إلى (الأمومة) والحنين إلى (البيت)،كان من الطبيعي أن تتغير نظرة المرأة إلى (السجان) أيضا،أو إلى تغير النظرة إلى طريقة التعامل مع الرجل،رغم أننا أمام (لمحة) صغيرة،لا تشبه التيار القوي في حالة العمل والأمومة .. لذلك فلدينا مثال واحد،مع يشي به انتشار الكتاب،وما يعنيه أيضا غضب الجمعيات النسوية،في دكتاتورية تلفت النظر!! .. ما أقصده هو كتيب أمريكا لقي : ( رواجا كبيرا بين صفوف الأمريكيات إذ يفسر لهن من خلال 35 قاعدة مثيرة للجدل كيفية إيجاد زوج مناسب والمحافظة عليه لكنه يثير غضب واستياء النساء المدافعات عن حقوق المرأة .. وقد نفذت نسخ الكتاب من كل المكتبات في العاصمة الأمريكية واشنطن (..) ومن خلال صفحات الكتاب الــ 174 قضت صاحبتا الكتاب (...) وهما متزوجتان ومن نيويورك على عشرات السنين من الإنجازات التي حققتها حركة تحرير المرأة والدفاع عن حقوقها{!!!} وذلك انطلاقا من فكرة بسيطة مفادها أن الرجال صيادون ويحبون التحديات وأن النساء سهلن اللعبة إلى حدها الأقصى، ويجب أن يتعلمن مجددا إثارة رغبة الرجال. وانطلاقا من هذه الفكرة أصبحت القواعد بسيطة منها عدم المبادرة بالحديث إلى الرجال والضغط على عواطف الرجال وتعذيبهم عاطفيا{لا بارك الله في الكاتبتين!!}. وعدم الاتصال به وعدم الرد على الرسائل التي يتركها على جهاز تسجيل المكالمات الهاتفية وإنهاء الاتصالات الهاتفية قبله وتركه يهتم بكل شيء مثل دفع فواتير المطعم وتنظيم عشاء عاطفي. وينصح الكتاب بأن تحيط النساء أنفسهن بهالة من السرية){ جريدة المدينة العدد 12231 في 23 / 5 / 1417هـ = 5 / 10 / 1996م.}. رأينا من قبل قول أستاذة التربية الروحية تش ناوي : ( وعندما تحتضن أنت امرأتك فقد تجد نفسك أمامها وهي جريئة وقحة تقول لك : احضني على طريقة الدكتور ألكس كفرت.){نقلا : ص 128 (مسافة بين القبلات) / منير عامر}.وصف سلوك المرأة – من قبل امرأة أيضا – بأنه أصبح (وقحا جريئا) يصلح ليكون مقدمة لحديث بعض الرجال عن بعض التغيرات التي صاحبت خروج المرأة للعمل المأجور،فــ(علي أمين الكاتب الصحفي والأديب الشهير يتحسر على الحال الذي وصلت إليه حواء المعاصرة،ويقول : "بلاشك إن حياة فتاة اليوم اشق كثيرا من حياة فتاة الأمس،لا أحد الآن يقوم للمرأة في الأوتوبيس ويترك مكانه لها،لا أحد يفسح لها الطريق،لا أحد يعرض عليها أن يحمل عنها حقيبتها الثقيلة وهي في طريقها إلى القطار. الرجل يجد لذة في معاملة المرأة على قدم المساواة وكأنه ينتقم منها،وهو اليوم يطالبها بأن تعمل لتشارك في مصاريف البيت .(..) صحيفة الأخبار المصرية 15/2/1976 – ص 12) (ص 56المرأة العربية المعاصرة إلى أين؟}. أما (ربيع غيث الكاتب الصحفي الذي لا يخلو من مقالاته عدد من أعددا مجلة"حواء"المصرية فإنه يهاجم حواء المعاصرة متسائلا : "ما معنى الأنوثة إذن؟ ماذا تفعل قائدات الحركات النسائية؟ لاشيء .. لا شيء يذكر غير الصراخ وغير أمثال هذه الشعارات :إننا نستطيع أن نعمل ونربح .. كما يفعل الرجالونستطيع أن نشتغل بالسياسة .. كما يفعل الرجالونستطيع أن نفكر تفكيرا موضوعيا منطقيا .. كما يفعل الرجالوهذا بكل أسف صحيح .. فهن يفكرن كما علمهن الرجال كيف يكون التفكير إنهن خاضعات للرجل ونفوذه الثقافي والحضاري وإن ظنن غير هذا. يخيل إليهن أنهن يعملن لتحرر المرأة،والواقع أنهن يثبت خضوعهن للرجل وللنموذج الذي خلقه الرجل ..){ ص 57 المرأة العربية المعاصرة إلى أين؟}. ونصل إلى الفنان (جمال كامل له رأي – قاسي – في المرأة المعاصرة،فنجده يقول فيها : "إن بنات هذا الجيل يتصورن أن النقاش بالأيدي والأرجل قوة شخصية. أين الصوت الخفيض؟ أين الإنصات الكامل؟ أين الإجابة بالنظرة؟ أين الموافقة بالإيماءة؟ إن بنات هذا الجيل يعتقدن أن الكلام الصريح المكشوف معاصرة .. لا أحد يوافق على أن البنت العصرية سليطة اللسان،عارية المعاني .. هناك أمر غريب استولى على المرأة المعاصرة،إنها تتكلم في أمور الجنس بطلاقة شديدة كما تقول إن فلانة تجيد إحدى اللغات الأجنبية .. هذه مصيبة .. إن حقائق الحياة ليست للثرثرة بمناسبة وبلا مناسبة. إن هذه العادة التي انتشرت بين بنات هذا الجيل أضاعت منهن فرصة احترام الرجل لأنوثتهن .. لقد ضاعت الأنوثة ففقد الرجل الرغبة،أقول هذا دون مواربة){ ص 57 (المرأة العربية المعاصرة إلى أين؟)}. هذا الرأي الأخير يفتح الباب للحديث عن (حياء المرأة) وهو أمر محمود،والحياء محمود حتى في الرجل - فقد وُصف سيدنا رسول الله صلّ الله عليه وسلم بأنه (كان أشد حياء من العذراء في خدرها) – لكن (الحياء) يجب ألا يتجاوز حده،ليصبح (قيدا) يقيد المرأة لتحرشات الرجال. إن (مهتما) - مثلي – بقضية المرأة يعلم تماما ما تعانيه – عبر التأريخ – من التحرشات التي لا تصل حد الاغتصاب .. وقبل الحديث عن ذلك،أؤكد أنني لست (ساذجا) أكثر من اللازم على الأقل .. وسوف أكتفي بالإشارة إلى ما ذكره صاحب قصة الحضارة ... رغم أن شيئا مماثلا مر بي وقد جرى على لسان امرأة عربية مسلمة،في القرن العشرين!! (وهو يسلمنا في عناية ملاحظة تلك المرأة التولوزية التي شكرت الله بعد أن غشيها عدة جنود : ((لأنني مرة في حياتي ملأت بطني دون أن آثم )) {ول ديورانت / (قصة الحضارة ) ص 278 جـ 2 مجلد 7}. إذا تجاوزنا هذه الملاحظة،فإننا نصل إلى أن كاتب هذه السطور – وبعد ثلاثة عقود من متابعة قضية المرأة – يعلم يقينا معاناة المرأة العربية،حتى أنني بعد (ملاحظة) – ولا أقول دراسة – أحد المجتمعات العربية،تذكرت قول الحبيب صلّ الله عليه وسلم،عن ضالة الغنم .. لك أو لأخيك أو للذئب!!! وهذه ليست مبالغة. وأتذكر أنني قرأت في مكان ما عن معاناة المرأة الغربية،حيث كانت تتعرض لـ(القرص) إذا انفرد بها رجل في شارع ضيق أو مكان مظلم .. أتذكر أيضا أن وكالة (استوشد برس) للأنباء نشرت مجموعة من الصور المتميزة في احتفالها بمرور نصف قرن على بداية عملها .. ومن ضمن تلك الصور .. صورة رجل يقرص امرأة عند أسفل الظهر .. وفي الصورة الثانية،ظهر وجه الرجل وهو موسيقي مشهور .. وكان يبدو عليه،وعلى المرأة التي قرصها التقدم في السن!!إذا عدنا إلى الواقع المحلي .. فإننا نجد مثلا شعبيا،يستحيل إيراده كاملا .. ولكن في بعضه ما كفي .. ويزيد (تفرح البايرة بقرصة ؟؟). هذه الإشارة كافية للدلالة إلى القصد وهو معاناة المرأة،وكثيرا ما يتم ذلك باستغلال (حياء الأنثى) .. لذلك علينا أن نفرق بين (الحياء) المحمود .. و(الحياء) الذي قد تقع المرأة ضحية له.قبل أن نختم هذه الحلقة .. إذا اعتبرنا أن كل هذه التغيرات التي طالت حياة المرأة،بعد تلبسها بالعمل المأجور .. من اختلاط الأدوار – أو تخنيثها حسب تعبير تلك السيدة الغربية – والفرار من المنزل .. ومن الأطفال .. ثم الحنين إليهما .. إذا اعتبرنا ذلك كله بمثابة (قلب) لواقع المرأة .. فإننا نستطيع أن أنشير إلى جناحين نبتا لذلك الواقع .. أولهما (جريمة) بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى – وإن كان الأمر ليس قاصرا على واقع المرأة الجديد،ولكن هذا الواقع أطلق ذلك المارد من عقاله – أقصد تعرض المرأة للتحرش والاغتصاب،وقد كتبت عن ذلك كلمة تحت عنوان (المرأة غربا وشرقا بين التحرش والاغتصاب){http://www.lojainiat.com/index.cfm?do=cms.con&contentid=5161}. أما الجناح الثاني - ولا يستحق أن أكثر من إشارة عابرة،لكي لا يأخذ أكثر مما يستحق ،بإهماله لا تكون الصورة كاملة،– فالمقصود به ما يحتمل أن ينشأ عن العمل المختلط من احتمال اشتعال شرارة الميل العاطفي .. وهذه الإشارة خاصة بمن يؤمن بوجود (الحب) وأنه أمر خارج عن إرادة من يقع تحت سطوته ... وقد كتبت عن الموضوع تحت عنوان (العمل المختلط .. زمالة أم صداقة .. أم؟) {http://www.lojainiat.com/index.cfm?do=cms.con&contentid=5168}. لعل هذا يكفي .. فإلى اللقاء في الحلقة القادمة .. والأخيرة.. إذا أذن الله. أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة في 12/3/1433هـ Mahmood-1380@hotmail.com--