دكتور محمد على يوسف

حول انسحاب الدكتور البرادعى
_________________________

دائما ما كنت أحرص أشد الحرص على عدم الخوض فى الدكتور محمد البرادعى أو الانتقاص منه بأى صورة من الصور و ذلك لأسباب عدة أهمها عدم ثبوت أى تهمة مما تلقى عليه عندى وما أدين لله به أنه ليس من حق أحد أن يدعي على أحد ادعاءا إلا ببينة و محل الإدعاء معلوم و هو ساحات التقاضى فإما ثبوت التهمة و إماعدم ثبوتها و فى الحالين لا يحق لمن ليس له حق المقاضاة أن يستبيح الانتقاص أو يرمى الناس بعمالة أو خيانة و كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع
لكن من حق الإنسان أن ينتقد مواقف و أن يختلف مع أيديولوجيات فى إطار من النقد الهادف و البناء و هذا ما أكرر حرصى عليه و أصدقائى من حملة دعم البرادعى يعلمون ذلك جيدا و هو نفسه يعلم ذلك فقد التقيت به فى جلسة ليست بالقصيرة منذ ثمانية أشهر تقريبا و تحاورنا حوارا راقيا رغم اختلافنا الفكرى الذى أعلنته له و الذى لم يقف حائلا يمنع حوارنا الهادف
و اليوم و بعد أن قرر الدكتور البرادعى الانسحاب من الترشح لرئاسة الجمهورية أجد فى صدرى قلقا لهذا القرار

إننى أرى أن الأسباب التى ذكرها الدكتور ليست كافية لاتخاذ مثل هذا القرار و رغم أننى أؤيد الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل بقوة و علاقتى بحملته معلومة و رغم أن هذا القرار الذى اتخذه الدكتور يعد نظريا فى صالح حملتنا بعد خروج مرشح قوى من المشهد
إلا إننى أفكر فى الأمر من زاوية أخرى الآن
إننى أخشى ان يؤثر قرار الدكتور البرادعى سلبا على جموع الشباب الذى يؤيده و أنا أعرف كثيرا منهم معرفة وثيقة و أعلم حرصهم على هذا البلد و بذلهم المتواصل لأجل صالحه و تقدمه
أخشى أن يتسرب اليأس إلى نفوسهم و يستسهل بعضهم كلمة ( ياكش تولع) التى بدأ بعضهم بالفعل فى كتابتها و رفعها كشعار للمرحلة
أو أن يترسخ فى قلوب البعض الآخر أن الوسائل و الآليات السلمية التى تسير الأمة فى طريقها اليوم – و إن كان سيرا بطيئا – ليس منها فائدة و أنه لا قيمة لأى نوع من الانتخابات سواءا المنصرمة أو المقبلة
و ما لا شك فيه أن مصر بحاجة الى طاقة هؤلاء الشباب و سواعدهم و الأمل المتقد فى صدورهم الذى أخشى أن ينطفىء كله أو بعضه فى صدورهم جراء هذا القرار من الدكتورأو يشتعل فى صدور البعض الآخر بطريقة لا يمكن ترشيدها

أرى أنه كان الاجدر بالدكتور البرادعى ان يوجه هؤلاء الشباب قبل انسحابه لسبل التغيير العملية والسلمية و أن يحدد لمن يثق به منهم ماذا بعد انسحابه و لا يترك الأمر بهذا الاطلاق و العمومية التى ظهرت فى خطابه الأخير و الذى سيثير بلبلة كبيرة على ما اعتقد

لقد جرت العادة أن من ينسحب من سباق انتخابى فإنه ينسحب لصالح مرشح آخر مثلا و قد كنت منذ فترة أشعر أن الدكتور البرادعى سيتخذ هذا القرار لكن لصالح الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح كما كان يغلب على ظنى لكننى فوجئت أنه لم يسم بديلا و هذا ما جعلنى أستغرب بالفعل هذا الإنسحاب المبهم الذى لم يوضح بعده صور استمراره فى الحياة السياسية و قد أخبر فى خطابه أنه لن يعتزلها
كذلك أتحفظ على تلميح الدكتور فى خطابه حول عيوب العملية الانتخابية – التى لم يوضحها – وهو تلميح يلقى فى نفس القارىء و المستمع شكوكا لا داعى لها حول شرعية السلطة المنتخبة و الدستور المرتقب الذى تضعه هذه السلطة التى يراها الدكتور و الكثير من مؤيديه غير معبرة عن إرادة الشعب و هو شىء أختلف معهم فيه بشدة
عموما هذا قرار الدكتور البرادعى و له مطلق الحرية فيه لكن ارجو الا ينسى ان هناك من الشباب من وثقوا به و لهم حق عليه فى الا يتسبب فى غرس اليأس فى نفوسهم أو يؤدى قراره إلى كفرهم بهذا البلد و إمكانية إصلاحه
و أنا أوجه خطابى و نصحى إلى قادة حملة البرادعى و أصدقائى منهم كثر و أعلم رجاحة عقل و حكمة و فهم عند كثير منهم
مهمتكم اليوم صارت أصعب
عليكم بترشيد و توجيه شباب حملتكم الذين سيحبط الكثير منهم أو سينفجر داخل بعضهم غضب هادر قد يؤدى إلى ما لا يحمد عقباه
عليكم أن تضعوا البدائل بسرعة و أن تؤكدوا لأتباعكم أن التغيير لم يزل قائما و يحتاج إلى سواعدهم و طاقاتهم و أن مجالات خدمة الوطن ليست فقط فى حملة أو فى شخص فمصر أكبر من هذا و تحتاج من الجميع مثابرة و عزم و إيجابية أكثر فى كل ساحة و كل ميدان.