تلقوها بصدر رحب وهتفوا مع الإخوان "إيد واحدة"
كيف خسر السلفيون في معاقلهم انتخابيا ؟

على عبدالعال

كانت نتائج صادمة للمتابع الدقيق وليس للقارئ العادي تلك التي أحرزها الإسلاميون في جولة الإعادة على المقاعد الفردية، فبينما حصل مرشحو حزب "الحرية والعدالة" ـ الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين ـ على نصيب الأسد من مقاعد البرلمان في مختلف دوائر المحافظات التسع بحصولهم على 34 مقعدا تحصل تحالف حزب "النور" على نتائج متدنية إذا قارناها بنتائجهم في القوائم التي وصلت إلى 25%.

الإخوان شاركوا في الإعادة بـ45 مرشحا وشارك السلفيون بـ 27 فاز الإخوان بـ 34 وأخفق لهم 11 مرشحًا، ولم يفز من السلفيين سوى 5 مرشحين وأخفق لهم 22، وبذلك يكون قد وصل عدد الفائزين للإخوان 36 مرشحًا من أصل 56 مقعدا بمعدل 62% للإخوان و9% فقط للنور.

هزيمة السلفيين الفردية جاءت في محافظات ودوائر يمكن وصفها بالمعاقل السلفية كالإسكندرية ودمياط وكفر الشيخ والفيوم وإن كان طبعا بها تواجد إخوانى كبير لا يمكن لأحد أن ينكره.
هزيمة السلفيين أيضا جاءت على مستوى شخصيات يمكن وصفها بالرموز كالناطق الرسمي باسم الدعوة السلفية المهندس عبد المنعم الشحات، الذي خسر دائرة المنتزه أمام المرشح المستقل المدعوم من الإخوان حسني دويدار بالرغم من أن الدائرة تعد أحد معاقل السلفية بالإسكندرية.. وهى خسارة شبيهة بتلك التي نالها رئيس مجلس شورى "الدعوة السلفية" الدكتور محمد يسرى في دائرة مدينة نصر لكن على يد وكيل مؤسسي حزب "العدل" الليبرالي مصطفى النجار.
وإزاء ذلك يمكن إرجاع هزيمة السلفيين في السباق الفردي إلى عدد من الأسباب، أهمها: ضعف الإقبال على التصويت والذي شهدته معظم المحافظات التسع، هذا إلى جانب التنظيم العالي الذي أبداه الإخوان لمواجهة هذا الضعف من قبل الناخبين وهو ما لم يتحقق على الجانب السلفي.. سبب آخر ربما يكون جوهريا ولا يمكن تجاهله ألا وهو التنوع الحاصل فى البيت السلفى الذي يصعب معه ضبط الأصوات ومعرفة إلى أين تذهب خاصة في ظل وجود فصائل سلفية ذات قاعدة الشعبية شديدة القرب من الإخوان كما هو حاصل بالنسبة للمدرسة الحركية بالقاهرة والجمعية الشرعية التي تتنوع الانتماءات داخلها. أيضا من بين هذه الأسباب: القاعدة الشعبية العريضة في محافظات المرحلة الأولى لكلا الفصيلين (الإخوان والسلفيين) فهي محافظات تعرف بالوجود الإسلامي الملحوظ، مما يصعب من مهمة التنافس بينهما، فنحن أمام فصيلين متجذرين شعبيا في مصر.
فمن مشاهدات التسابق الانتخابي، كون الدوائر التي تنافس فيها السلفيون والإخوان كانت دوائر "إسلامية إسلامية" إن جاز الوصف.. ففي القاهرة وتحديدا (الدائرة الخامسة) فاز مرشح "الحرية والعدالة" بالمقعد الفردي على حساب مرشح "النور"، وفى (الدائرة السابعة) فاز مرشحو "الحرية والعدالة" بمقعدي العمال والفئات أمام مرشحي "النور".
وفى الإسكندرية (الدائرة الأولى) فاز مرشحو "الحرية والعدالة" بمقعدى العمال والفئات على مرشحى حزب النور.. والأمر نفسه تكرر في (الدائرة الثالثة) أما (الدائرة الرابعة) فقد استطاع الشيخ عصام حسنين مرشح (حزب النور) انتزاع مقعد الفئات من نائب الإخوان المعروف حمدي حسن بعد جهد جهيد، فيما فاز محمود محمد من (الحرية والعدالة) على منافسه عصام محمود المدعوم من (النور).

وفى كفر الشيخ سجل حزب "النور" الفوز الأول له على "الحرية والعدالة" بمقعدي الفئات والعمال بـ (الدائرة الأولى). أما (الدائرة الثانية) فقد فاز مرشحو "الحرية والعدالة" بمقعدى العمال والفئات أمام مرشحى "النور".
وفى أسيوط بدا الأمر أشبه بتحالف كبير بين الإخوان والسلفيين لمواجهة الفلول ومرشحى الكتلة المدعومين من نجيب ساويرس، ففى (الدائرة الأولى) فاز بمقعد الفئات مرشح الإخوان سمير خشبة، فى حين فاز بمقعد العمال الشيخ بيومى إسماعيل مرشح حزب النور.. الأمر ذاته تكرر فى (الدائرة الرابعة) التى فاز بها حسن على عبد العال، مرشح "الحرية والعدالة" بمقعد الفئات، وفاز عامر عبد الرحيم مرشح الجماعة الإسلامية بمقعد العمال.

لكن لم يحدث الأمر ذاته فى (الدائرة الثانية) التى تحالف فيها مرشح الإخوان سلامة بكر مع النائب السابق بنفس الدائرة محمود حلمى ليفوز بمقعد الفئات على منافسه صلاح رجب من حزب النور. وفى (الدائرة الثالثة) فاز بمقعد العمال عبد الله صادق نصر مرشح حزب الحرية والعدالة على مرشح حزب النور السلفى. فى الفيوم لم يتمكن مرشحو "النور" من الحصول على أى مقعد فيها بعدما نالوا هزيمة من قبل مرشحى "الحرية والعدالة" على جميع المقاعد فى الدوائر الثلاث.

وفى دمياط حصل "الحرية والعدالة" على 3 مقاعد من أصل 4 ولم يحصل "النور" على شيء فى حين ذهب المقعد الباقى لمرشح مستقل.وبالرغم من تنافسهما الشديد على المقاعد الانتخابية إلا أن الإخوان والسلفيين لم يفتهما تسجيل ذلك المشهد النادر فى مثل هذه الحالات، ففى أعقاب الإعلان عن فوز أحد المرشحين من الحزبين كانت معظم الدوائر تشهد حالة من التهنئة بالفوز بل والهتاف المتبادل "أيد واحدة".

حصل ذلك فى أعقاب إعلان نتيجة (الدائرة الخامسة) فى القاهرة بعد فوز مرشح "الحرية والعدالة" على حساب مرشح "النور"، فهتف جميع الموجودين من الطرفين "الحرية والنور إيد واحدة"، وسط إطلاق كثيف للألعاب النارية.
نفس المشهد تكرر فى (الدائرة السابعة) بعد فوز مرشحى "الحرية والعدالة" بمقعدى العمال والفئات.. وعقب إعلان النتيجة هتف الإخوان والنور، مرددين "الله أكبر الله أكبر" فى مسيرة أمام اللجنة.. ونظم أنصار مرشحى الحرية والعدالة مسيرة حاشدة انطلقت من أمام مقر الفرز وجابت الشوارع الرئيسية بالدائرة مرددين هتافات منها: "هى لله هى لله.. لا للكرسى ولا للجاه"، و"الإخوان والسلف إيد واحدة".
المشهد ذاته شهدته شوارع الفيوم لكن بصورة أكبر، حيث خرج السلفيون بالرغم من خسارتهم جميع مقاعد المحافظة خرجوا إلى شوارع المدينة بمشاركة قيادات وأعضاء "الحرية والعدالة" للاحتفال بفوز الإخوان بجميع المقاعد.. وردد الطرفان هتافات من بينها (سلفى إخوانى إيد واحدة) و(إسلامية إسلامية).. وقال أعضاء حزب "النور" إنهم سعداء بالمشهد الحالى وأن النتيجة لن تفرق كثيرًا، الأهم أننا أصبح لدينا برلمان حقيقى اختاره الشعب.