السلام عليكم وخير السلام على خير الأنام
قد يبدو العنوان غريبا بعض الشيء ذلك لأنني فكرت برؤية انطباعية أخرى مشتركة مابين ديواني :
احتراقات للشاعر:عادل الدرة
نخلتي للشاعر :عبد الإله حسن
فالأول اهدي لي من الناقد العراقي الكبير طلال سالم الحديثي
والثاني أهدته لي الأديبة العراقية هيبة العبيدي والديوان لزوجها: عبد الإله حسن
وكان ذلك في أمسية نقدية للناقد طلال في السبت 20-11-2011 دعاني لها المركز الثقافي العراقي بدمشق
تشرفت بالحوار معهما ووعدني الناقد الكبير بدراسة نقدية لروايتي الجديدة وسأنتظرها منه قريبا بإذن الله.
********
لماذا المشتركة؟
قد يقول قائل: من الظلم أن نقارن ديوانين وخصوصيتين ببعضهما معا, لكنني أقول :هي مغامرة تستحق الولوج, ففيها يمكن أن تتكشف لنا أمور قد لا يكشفها النقد الأحادي فلنقول أن مذهبا نقديا جديدا أتمنى أن أكون قد قدمته أولا وهو النقد الأحادي والثنائي والثلاثي والرباعي
وأظن أنني سأتوقف عند الرباعي لأن المزيد قد يشوش القارئ وخاصة النقاد خاصة.
كما في دراسة شعر الحكم[1]
من أهم الأسباب ثانيا أننا نملك ناصية عنصر التشويق عبرها واعتبرها مغامرة ستسعد كلا الشاعرين بإذن الله.
ولعناصر مشتركة نجدها في عملين خاصة أن كلا الديوانين يمسكا بالخيط الوجداني بقوة ومحاور الأغراض الشعرية متجاورة فرأيت ربما كانت الدراسة هنا مجدية بطريقة ما ونبدأ على بركة الله:
*********
لم أجد تقديما لديوان نخلتي لكن لفت نظري ماقالته الأديبة هيبة من أن خطاط الديوان هو من خطط القرآن مؤخرا وفاز بجائزة زايد وهو : الأستاذ جمال البستاني فكان خطا رائعا مميزا بحق
تقديم الديوان الثاني كان للناقد المذكور والشاعر المعروف الأردني يوسف أبو سالم.
**********
العنوان
كلا الغلافين موفقين كانا إلى حد بعيد ومعبرين جدا...
وكان اختيار العنوان الأول احتراقات إشارة قوية على غلبة وجدانيات القصائد على الأغراض الأخرى,فكانت العناوين:
حبيبتي-القلب الأسير-وردة-أنت الأميرة..الخ...فكانت العناوين مباشرة جدا كان بالإمكان العناية أكثر بها,
أما العنوان الآخر نخلتي كان موحيا على كم كبير من الشعر الذي يمجد الوطن وهذا الغرض الي كان مصاحبا للغرض العاطفي الوجداني بوضوح:
مواويل قبلية-كوني معي-شكرا لعينيك-قصائد قصيرة جدا
نبدأ من نخلتي لنقارنها بوجدانيات احتراقات:
نقطف زهرة منها:
شكرا لعينيك/عبد الإله حسن:
شكرا لعينيك
إذ قالت للسماء أمطري
فكان الربيع
ولونت من زهره أسطري
شكرا لعينيك
إذ قالت للسماء أمطري
فكان الربيع
وعطرت من زهره أسطري...وشكرا لعينيك
إذ قالت للغصون أثمري
فتاهت غصون على بعضها
بما حملت من حنين
عناقيد شعري على غصنها
إليك تدلت
ومن قبلها عينيك
لك تنحني
الخ...
*********
قصيدة على بحر الرجز كانت سهلة ممتنعة لم تتخذ من غريب الألفاظ ديدنا..
نقارنها بأخرى من الديوان الآخر الذي اتخذ الشعر العمودي خط سير شعري كامل :
عيناك/عادل الدرة:
عيناك أرجوحتي والشمس والقمر=ونفحة من جنان الخلد تنتشر
دفء السموات في عينيك ألمحه=نبعا ويغمرني من فيضه مطر
كم التقينا غراما كم همست لها=يا ليتها بقيت ما ضمها سفر
حبيبة العمر من يبكي لغربتنا=إذا افترقنا زمانا أو قضى العمر
إذا افترقنا زمانا وانطوت قصص=من الغرام عِذابا أينا ذكروا
سافرت في مدن الدنيا أسائلها=أعانق الحلم مجنونا فينكسر
إلى الخ
قصيدة على نفس البحر لكنها أمسكت ناصية الجزالة ليس لأنها عمودية فقط بل لأنها ورغم روح الغزل للعينين إلا أنها أمسكت بكلمة السفر لتشويق القارئ بينما الأولى أمسكت بكلمة المطر كمفتاحية لفتح باب الشعور الوجداني.
وكلا القصيدتين كانت موفقة جدا رغم تكرر في بعضها قد أضعف القصيدة الأولى ولم يضعف الأخرى بنفس القدر فهل لأنها عمودية؟أم لنسيج القصيدة الذي تأثر بذلك.
********
أما عن القصائد الخاصة بالوطن نقدم إحداها وكم تمنينا لو كان في ديوان احتراقات شعر لهذا الغرض الذي بات ملحا وهاما في زمننا :
يا نخلتي:
وذكرت قبل الشعر..في التنزيل
إذ جاء المخاض لجذعك تشتكي هول الخبر

فاهتز جذعك رحمة
وتساقط الرطب الجني
كما تحدثنا السور
يا نخلتي
يا أنبل الأشجار قاطبة
ويا أشهى ثمر
*******
هنا بدى عنصر التضمين واضحا جدا رغم عدم التوفيق باختيار كلمة أنبل لأنها تمس البشر غالبا.

يمكننا أن نقول في هذا المقام أن الشاعر عبد الإله قدم لنا من خلال ديوانه أيضا, قصيدة الومضة وأتمنى لو عرفنا من هو أول من قدمها وكتبها:
نهاية:
كل رحلاتي انتهت
وعلى شطك أرسيت المصير
آخر الأبيات أنت
فاسألي الشعر
فأحلا ما به البيت الأخير
إنها الحكمة ذاتها التي نبحث عنها في كل ديوان ..فهي البصمة والفكرة والعمق الثقافي....
ربما أضاف الخط المنمق للديوان زخرفة جميلة لمتعة النظر لكنها أعاقت حقيقة الراحة من خلاله فلم يكن الاختيار رغم المهارة موفقا.

********
وحى لانهضم ديوان الشاعر عادل حقه نورد جزءا من نص آخر له إنصافا حيث خصص بعض قصائد من الديوان كإهداء لبعض الأعزاء عنده:
أمضيت عمري/إلى خلف دلف الحديثي:
أمضيت عمرك في الغرام مسافرا=ورجعت من كل الموانئ خاسرا
أمضيت عمرك عاشقا متولها=ونسجت من حلو القصيد دفاترا
غنيت للعين الكحيلة مرة=وتلوت من دنيا الغناء نوادرا
وركضت خلف حبيبة وجمالها=وحسبت نفسك في هواها الآمرا
إلى آخر القصيدة
هنا يتغلب على ذاته وينتصر على تهمة ذاتية الشعر لدى الشعراء ويقدم لنا , صفة التكرار الشعري المتكررة في الشعر والتي الجملي لكنها مضت هنا بنجاح رغم خطورة دخولها لجب فكرة التكرار غير الموفق في بعض الأحيان في الشعر.

**********
خلف كل غلاف ديوان يضع الشاعر خلاصة الأفكار الواردة فيهمنا هنا قراءتها:
احتراقات:

طواني الحزن والآهات طي=فلا عتب إذا فرغت يدي
ولا عجب إذا ثارت جراحي=وبان لدمعتي أثر وكي
أنا وجع الهوى يمشي وئيدا=لواني الصد والهجران لي
فما ادري أمامي من ورائي=ولا كفي بنار أم بمي
خلف ديوان نخلتي:
المرأة وعلى امتداد عالمنا..
كانت وستبقى شجرة معطاء
ثمر طيب وظل وارف
المرأة في بلدي ليست مطلق شجرة.إنها أنبل الأشجار جميعا
إنها النخلة .. باسقة بشموخها
طيبة بثمارها.. وارفة بظلالها
فإلى النخلة المرأة وإلى المرأة النخلة..هذه الكلمات..
******
الأولى كان الإهداء يلخص الديوان وفي الثانية يقدم بصيغة إهداء كان الأجدى به أن تكون في المقدمة, لكنه يختصر كل ما كان يريد قوله بذات الوقت.
*****
ختام:
إن كانت تجربتنا في تلك الدراسة المختصرة مقارنة فقد تمنينا أن نكون قو وقعنا على أهم عناصر المقارنة النقدية مابين الديوانين ونجحنا حصرا في مقارنة عناصر متشابهو إلى حد ما للبحث عن التميز في كلا العملين.
فلكل شاعر خصوصية تفرضها بيئته مجال ثقافته مدى موهبته ومرونتها, عمق تجربته الأدبية وفضاء إبداعه وإن جرى مقارنة هنا فليس انتقاصا لكلا التجربتين إنما حث للبحث في ثنايا السطور عن جديد النقد.
أتمنى أن أكون قد وفقت في اجتهادي.
ريمه الخاني 20-11-211