عبد القادر سلامة مدير الثقافة في دير الزور
الطبيعة الفراتية الملهم الأول للمبدعين
للإطلالة على المشهد الثقافي في محافظة دير الزور، وقراءة واقعه وآفاقه التقينا الأستاذ عبد القادر سلامة مدير مديرية الثقافة في محافظة دير الزور الذي قال :
المحافظة غنية بثقافتها من خلال امتلاكها تقاليد فراتية وتراثاً شعبياً غنياً، فالفراتي منذ القدم مجاور للنهر والصحراء والطبيعة الخلابة، تلك الطبيعة التي نستمد منها عبق الإبداع الفكري في كافة مجالات الفنون والآداب والعمران، فكانت الملهم الأول للمبدعين، ما دفع بالحاجة المعرفية إلى الأمام، فبرز العديد من المفكرين والأدباء والفنانين، إضافة إلى تأثير البادية في حياة المجتمع .
> لكن هناك تراجعاً تثقافياً بشكل عام على مستوى المؤسسات الثقافية الأخرى..؟
<< هناك سلبيات تعتري الثقافة في محافظتنا لو تجاوزناها لنهض الخطاب الثقافي أكثر، كالسباق على تسلق سلم الشهرة دون صقل جيد للإبداعات .
إن ضعف القيادات الثقافية الفاعلة من عوامل النكسة الثقافية لدينا.
ويتابع الأستاذ سلامة: من يود تحقيق نجاح في القيادة الثقافية عليه أن يكون عاشقاً لها، مضحياً بوقته للتفرغ لها، ومع وجود تلك السلبيات ظلّت ثقافة المحافظة في مكان الصدارة، فنحن نحصد باستمرار المراتب الأولى على مستوى القطر في الشعر والقصة...الخ.
> ما عدد المراكز الثقافية في المحافظة ودورها في نشر الثقافة ...؟
<< وسعنا خارطة المراكز الثقافية بحيث شملت جميع المدن والبلدان وتجاوز عددها /29/ مركزاً تقدم كافة الأنشطة الثقافية، من خلال توجيهنا للمراكز الثقافية، طلبنا من القائمين عليها ضرورة العمل على الانغماس في المجتمع، وتكوين علاقة صداقة جيدة مع الآخرين، إن نشر الثقافة يعتمد على رئيس المركز، ومراكزنا في الريف تؤدي رسالتها في المدن الصغيرة أكثر من المدن الكبيرة، ما نحتاجه بشكل عام تعميم الثقافة عبر مراكزنا (القيادة الثقافية النشطة) وهي غير موجودة مع بعض الاستثناءات.
> ماسبب عزوف الجمهور عن المراكز الثقافية..؟
<< هناك عزوف جماهيري عن الأنشطة الثقافية التي تقيمها المراكز، وهذه المسؤولية يتحملها بالدرجة الأولى (رئيس المركز).
على المسؤولين عن المراكز تنشيط الثقافة كي يستقطبوا الناس، لمد جسور التواصل معهم لبناء قاعدة شعبية للمراكز الثقافية. فهناك مراكز ثقافية جمهورها كبير وبعضها معدوم.
وأحب أن أضيف هنا، أن انتشار ثقافة الفضائيات أثر على الحضور الجماهيري .
أيضاً، يلعب المحاضر أو الأديب المتمكن دوراً هاماً في جذب الجمهور بشكل مستمر إلى المراكز الثقافية .
> في كل عام تقيمون مهرجاناً للأغنية الفراتية، هل حقق هذا المهرجان غايته في ترسيخ هوية هذه الأغنية؟
<< ظل المهرجان يدور في فلك دائرة الثمانينيات، وإن كان أكثر اتساعاً وانتشاراً، لكن من خلال دعمنا للفرق الغنائية حاولنا إعادة التوازن للحفاظ على هوية الأغنية الفراتية.
إن الأغنية الفراتية متعددة اللهجات... الدير لها لون يختلف عن الرقة، واللون العراقي شيء آخر.
حينما يستطيع الفنان إبراز الحوامل الجمالية يؤثر في الآخر، ومن خلال فرقة الفرات عملنا على توحيد تلك اللهجات لتصب في قالب واحد هو الأغنية الفراتية.
> أين المسرح..؟
<< المسرح يحتضر منذ عام /1995/ حتى الآن، وهو غير موجود ، والسبب يعود إلى المدراء السابقين للمراكز الثقافية، حيث ركّز بعضهم على جوانب محددة ، وأهملوا الجانب الفني، ما أعاق تقدم المسرح ، فتشتت أهله .
حالياً قمنا بتشكيل فرقة مسرحية تضم نخبة من الشباب الموهوبين، وخصصنا لهم مكاناً للتدريب، ونأمل أن تشكل هذه الفرقة نواة للمسرح القومي.
> والفن التشكيلي؟!.
<< لدينا مركز إسماعيل حسني، عمله مقبول ونتمنى أن يتطور.. أقمنا على مستوى المحافظة أكثر من ثلاثين معرضاً فنياً في دير الزور والميادين والبوكمال والبصيرة وهجين وموحسن، وشاركنا بعدة معارض في الرقة ودمشق والسويداء.
> ومحو الأمية؟!.
<< إن محو الأمية «مسألة وطنية»، يتحمل مسؤوليتها كل مواطن، لقد تحررت «خشام» و«الكسرة» من الأمية بشكل كامل، وهناك مراكز تنشط الآن في ريفي الميادين والبوكمال.
> ماذا عن رواد مكتباتكم الثقافية، وما هي الكتب التي يرغبون بقراءتها؟!.
<< توجد في كل مركز ثقافي مكتبة، سواء أكان مركزاً صغيراً أم كبيراً، وقد خصصت للمراكز الثقافية الجاهزة «مكتبة خاصة بالطفل»، وهذه المكتبات تقدم الخدمات للطلاب والمواطنين، وقد زاد عدد روادها بشكل ملحوظ بعد مكرمة السيد الرئيس بإحداث جامعة الفرات.
والكتب التي يتداولها الطلاب «المراجع الجامعية»، أما الشرائح الأخرى فتفضل قراءة الكتب الأدبية والتاريخية والتراثية.
> هل توجد مشاريع مستقبلية لبناء مراكز ثقافية جديدة؟!.
<< انتهينا من بناء عدة مراكز ثقافية وهي في حالة استثمار، وأهم هذه المراكز، مركز البوكمال وهجين وصبيخان وموحسن، بالإضافة إلى المراكز القديمة كمركز دير الزور والميادين والبصيرة وهناك مشروع قصر الثقافة، حيث تم رصد /300/ مليون ليرة سورية له، وأتوقع أن يبدأ العمل به عام 2012م.
> الصعوبات؟!.
<< نشكر القائمين على الوضع الثقافي، وخاصة الإدارة المحلية، فهي تقدم لنا الأموال الكافية لتنفيذ برامجنا بشكل مريح.
أرى ضرورة وجود موازنة خاصة للفرق الفنية كي تدعم نشاطها الفني في رحاب سماء الفن على مستوى القطر والوطن العربي، إن توفير الحافز المادي ضروري لنهوض الحركة الفنية بمحافظتنا.
وفي نهاية اللقاء شكرنا الأستاذ عبد القادر سلامة على تقديم هذه المعلومات القيمة، الذي وعد بوضع خطة فعالة للأنشطة الثقافية لهذا العام 2011 لمديرية الثقافة بدير الزور، والتي ستسهم بتفعيل المشهد الثقافي على صعيد المحافظة ككل.

مهيدي عبد القادر