حلمي الأسمر

تمت العملية على النحو التالي: عدد كبير من قوات فتح (العاصفة ما غيرها) تقتحم مقر إذاعة القرآن الكريم في مدينة نابلس نهاراً، وقف الموظفون وقد انتابتهم حالة من الذهول من طلب قائد قوات فتح والذي قال لهم: معكم فقط خمس دقائق حتى تكونوا خارج المكان ولا أريد أن أسمع كلمة فنحن معنا قرار من النائب العام، وبدأ يهز بعصاه في وجه الموظفين ثم قام بإنزال أمّان الكهرباء وقطع صوت القرآن ودخلت على الموجة القرآنية التي توقفت موجة تتحدث باللغة العبرية.
توجه الموظفون للباب من أجل الخروج وكان من بين من خرجوا الشيخ رضا ملحس مدير الإذاعة والذي أمضى أكثر من ستة شهور في سجون فتح.. فقط لأنه رئيس لجنة تحفيظ القرآن الكريم.. خرج ومعه الموظفون يرددون قوله تعالى (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها) قال له الضابط: من دون كلام أظلم وإلا أسخم سكر وروح على بيتكم. يصف الشيخ رضا المشهد فيقول: إن الطريقة التي جاء بها أعضاء من النيابة العامة لإغلاق المحطة كانت غير حضارية ووقع أحد مسؤولي النيابة قرار الإغلاق بخط اليد وفي المحطة وطلب من جميع من فيها الخروج منها وأغلق المحطة وصادر مفتاح المحطة ولم يسمح لنا بالاعتذار من مستمعي المحطة قبل إغلاقها وهدد باعتقال احد العاملين،. إذاعة القرآن الكريم إذاعة أثيرها يبث منذ عشرة أعوام وتستضيف كبار القراء بأندى الأصوات تنشر الفضيلة.. تحارب الفجور تنادي بمكارم الأخلاق، وهي قبلة أصحاب السيارات العمومية ومحط إعجاب واستحسان أصحاب المحلات... ومع الصباح الباكر تكون نابلس ورام الله والخليل وكل مدن الضفة قد ضبطت الراديو على موجة إذاعة القرآن الكريم التي تبث الفضيلة، إذاعة القران الكريم صاحبة شعار (الصوت القريب للقلوب) وهي لا تتطرق للسياسة... لها هدف واحد ووجه واحد بث القرآن طوال اليوم.. موظفو الإذاعة على الإطلاق تعرضوا للاختطاف على يد قوات فتح وساموهم سوء العذاب وطلبوا منهم إغلاق هذه الإذاعة فرفضوا وتحملوا الأذى والإيذاء والضرب والشبح... واليوم بعد أن فشلوا في تيئيس أصحابها أغلقوها بالقوة ووسط النهار وأمام الناس ولم يخجلوا من أحد ولم يحسبوا حساباً لأحد، كما يقول أحد هؤلاء. إغلاق هذه المحطة جاء بذريعة عدم دفع رسوم الترخيص، وشمل القرار أكثر من عشر من المحطات الإذاعة والتلفزيونات المحلية، ويعلق سميح صبيح مدير عام تلفزيون بيت لحم على هذا القرار قائلاً: لا نريد مخالفة القانون ولا نرغب بالمماطلة ولكن نحن كمحطات تلفزيونية محلية نعيش ركوداً اقتصادياً كبيراً ولا نستطيع دفع الرسوم التي تطلبها الوزارة خصوصاً أنها تطالب برسوم عن أربع سنوات فبالتالي يصبح المبلغ اكبر من طاقتنا، العالمون ببواطن الأمور يرون أن هذه الخطوة تأتي في سياق محاربة الاتجاهات الإسلامية في الضفة الغربية، ولكن كي تبدو الحملة في سياقها "الطبيعي" تم إغلاق محطات غير إسلامية، كي يبدو وكأن الأمر له طابع قانوني، تصريحات نقيب الصحفيين الفلسطينيين عبد الناصر النجار، تؤيد على نحو ما هذا الرأي، حيث يقول "إن النقابة لم تعلم مسبقاً بقرار الإغلاق، وستتابع القرار مع كافة الجهات المسؤولة لإيجاد الحلول لإعادة تشغيل هذه المحطات، مؤكداً أنه كان هناك اتفاق سابق مع وزارة الاتصالات وأصحاب المحطات المحلية على دفع الرسوم كنوع لإعادة المأسسة، وإبقاء هذه المحطات مفتوحة. إسكات صوت القرآن الكريم في نابلس قرار يغضب وجه الله تعالى، وسيُسأل عنه أصحابه أمام الله جلت قدرته، يوم لا ظل إلا ظله. صحيفة الدستور الأردنية