هُويةُ الفلسطيني جواز السفر
د. فايز أبو شمالة
رقصت غزة عندما صدر أول جواز سفر فلسطيني، وسالت دمعتها فرحاً، فهي تضم التجمع السكاني الوحيد على وجه الأرض الذي كان يعيش على هُوية التعريف الإسرائيلية، وظل سكان غزة هم الأكثر معاناة من غيرهم لفقدانهم شخصيتهم الوطنية، واعتمادهم الوثيقة المصرية في أسفارهم لسنوات طويلة، وذلك على خلاف الفلسطيني في الضفة الغربية الذي كانت له فرصة حمل جواز سفر أردني.
رقصت غزة لجواز السفر الفلسطيني حتى تشنجت عضلاتها حين سمعت أن حكومة سلام فياض في رام الله تحارب غزة من خلال جواز السفر، خَرّت غزة الصامدة مغشياً عليها من تعب الانقسام الذي أعطى لحكومة رام الله الحق في منح جواز السفر لمن تشاء، ومنعه عمن تشاء، لتصير الجنسية الفلسطينية خاضعة للمزاج، وليست محكومة بالقانون، مع العلم أن الذي انتزع جواز السفر الفلسطيني هو دم المقاتلين، والذي أعطى لجواز السفر ألوانه هو عذاب الأسرى، والذي صنع الأختام لجواز السفر هو أنات الجرحى، ليلقى بكل هؤلاء في بحر النسيان، وتعطي صلاحية منع الجنسية الفلسطينية ومنحها لأشخاص يعملون مع حكومة رام الله، لا يراعون إلاً ولا يقدرون أم شهيد، ولا يحترمون أسيراً محرراً، ولا جريحاً.
وزير داخلية العدو الإسرائيلي المجرم الصهيوني "إيلي يشاي" سيقدم اقتراحاً لسحب الجنسية عن كل شخص "عربي" يدان في المحكمة بعدم إخلاصه للدولة العبرية، وفي الوقت نفسه أعلن المستشار القضائي للمخابرات الإسرائيلية 'الشاباك' عن دعمه لقانون سحب جنسية العربي الذي يدان بتهمة ما سماه 'الإرهاب'!.
العدو الإسرائيلي المجرم لن يسحب الجنسية عن كل عربي يُتهم بعداء دولة إسرائيل، وإنما عن كل عربي يدان بتهمة العداء وفق القانون الإسرائيلي، العدو الغاصب لم يسحب الجنسية وفق مزاج موظف، أو وفق تقدير مدير، أو كما شاء وزير الداخلية، أو حتى رئيس الوزراء، العدو الإسرائيلي حين يمارس الإجرام بحق الفلسطينيين يصوغ القانون لذلك، ولا يترك الظلم والجرم وفق هوى الأفراد، ومزاج التقارير الكيدية، مثلما يحصل في رام الله!.
وإذا كانت الحكومة الإسرائيلية تهدف من قانون سحب الجنسية إلى طرد الفلسطينيين من بلادهم، فماذا تهدف حكومة رام الله في منع جواز السفر عن بعض الفلسطينيين؟!.
يجيب عن السؤال المطرب اللبناني "مارسيل خليفة"، الذي هز مشاعرنا وهو يغنى للهوية الفلسطينية، ويقول: وقفوني على الحدود، قال بدهم هويتي، قلت لهم: إنها بيافا، خبأتها ستي. فماذا يقول بعض الفلسطينيين الواقفين على الحدود بلا جواز سفر، هل يقولون: تعال يا "مارسيل خليفة"؛ تعال وغنِّ لجواز السفر الفلسطيني الذي يحرم منه الفلسطيني بناءً على مزاج مسئول فلسطيني، لم يأخذ شرعيته من الشعب الفلسطيني، ولا يمارس صلاحيته وفق القانون الفلسطيني!.