نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

د.أسعد دوراكوفيتش

لأول مرة كتاب عن الإعجاز البياني والرقمي في القرآن الكريم باللغة البوسنية
سراييفو: عبدالباقي خليفة

د.أسعد دوراكوفيتش
صدر في نهاية شهر يونيو الماضي عن دار سفايتلوتس (النور) البوسنية أول كتاب عن الإعجاز البياني والرقمي في القرآن الكريم باللغة البوسنية، من تأليف الباحثين البوسنيين الشهيرين الدكتور أسعد دوراكوفيتش، والدكتور لطفي كوريتش. وقد استفاد الباحثان كما أكدا لم من تخصص كل منهما، فالأول باحث في اللسانيات، والثاني في الرياضيات والفكر الفلسفي. كما أكدا وجود دراسات كثيرة تتعلق بتفسير بعض آيات القرآن وسوره من الناحية الرقمية والرياضية
وهناك دراسات عديدة تتعلق بالقيم الأسلوبية والإعجاز البياني في القرآن الكريم، لكن الدراسات الرقمية لم تكن موجودة في منطقة البلقان قبل صدور هذا الكتاب. والأهمية الكبرى التي يكتسيها هذا البحث كما يؤكد المؤلفان تكمن في كشف الصلة بين الإعجاز البياني والرقمي، ويعتقدان أن ذلك يحصل لأول مرة، ليس في منطقة البلقان فحسب بل ربما في العالم قاطبة. وقال الدكتور لطفي كوريتش: "علم الرياضيات سيكشف الكثير من أسرار القرآن". وللمزيد من تجميع الأفكار حول الكتاب وآفاقه المعرفية، كان هذا الحوار مع الدكتور أسعد دوراكوفيتش:
ما الجديد الذي يقدمه الكتاب؟
أبرزنا القيم الأسلوبية البلاغية لبعض السور، لا سيما تلك التي تبدأ بحروف الهجاء، وعددها 29 سورة. وقد تناولت موضع الحروف في المجال الأسلوبي، ولاحظت تنوعاً في كتب التفسير في شرح هذه الحروف، وفق الخلفيات الثقافية والأزمنة، وهو إعجاز خالد للقرآن الكريم، حيث يمكن تفسيره وفق الأزمنة المختلفة وكذلك الأمكنة المختلفة، فالزمن من أهم مفسري القرآن، وهذا لعمري إعجاز كبير في حاجة لنظر طويل وتدبر وتمعن متواصلين.
ومثال على ذلك ما ورد في القرآن الكريم عن دور الرياح في عملية التلقيح، فقد فسرها الأوائل بنقلها للمطر، بينما أثبتت العلوم أنها تحمل بذور التلقيح، وكلا التفسيرين صحيح، وهذا إعجاز على إعجاز.
لقد وجدت أن الآيات التي تعقب الحروف مثل الجم" و الجمر وغيرها تتحدث عن الإيضاح أو الوضوح في القرآن، وإن كانت تلك الحروف تبدو لدى البعض غامضة، فإنها في الحقيقة غير ذلك، فالقرآن الكريم يؤكد للناس أنهم يستطيعون الكتابة والقراءة والتحدث باللغة العربية، لغة القرآن العظيم، لكنهم عاجزون عن الإتيان بمثله، بل بسورة من مثله، ولذلك يبين لهم في السور المعنية أن القرآن مكون من نفس الحروف التي يتكلمون ويكتبون ويقرؤون بها. والنتيجة التي توصل إليها الباحثون من مختلف الأزمنة والأمكنة والثقافات، أن القرآن الكريم معجز.
ومن الإعجاز أيضاً أن يتناول زميلي الدكتور لطفي كوريتش نفس الحروف من الناحية الرقمية الرياضية، ولا أريد الحديث عن النتائج التي توصل إليها لأني لست عالم رياضيات مثله، ولكنه توصل إلى نتيجة تؤكد إعجاز القرآن في مجال تخصصه.
وهناك علماء آخرون دخلوا إلى الإسلام من أبواب معرفية كثيرة، كالفلك وعلوم البحار، والاقتصاد، والاجتماع والقصاص، ولكن لا يعني ذلك أن القرآن الكريم كتاب علوم طبيعية أو رياضيات أو غير ذلك، وإنما هناك إشارات إعجازية عن تلك العلوم في القرآن، تدفع المنصفين إلى الاعتقاد بأن ذلك لم يكن يتأتى للرسول { قبل أكثر من 1400 سنة من تلقاء نفسه إلا أن يكون وحياً، ولذلك يزداد المؤمنون إيماناً، ويقبل مهتدون جدد على اعتناق الإسلام. ولذلك وضعنا الدراستين البيانية والرقمية حول القرآن الكريم في كتاب واحد، كوجهين من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم.
لكن قد يقال إن للقرآن وجوهاً متعددة للإعجاز، لماذا اقتصرتما على الإعجاز البياني والرقمي؟ وهل هناك من سيضيف بقية الأبعاد الإعجازية في طبعة جديدة أخرى؟
هذا الكتاب ليس سوى توطئة لأبحاث قادمة عن الإعجاز العام في القرآن الكريم، ولذلك نحن لا نعتبر عملنا نهاية النهاية، وإنما مجرد محاولة لفتح الباب على مصراعيه للبحوث العلمية المتزنة والواثقة من المعلومات التي توردها في المجال المعالج. وهذا هو الكتاب الأول الذي يتناول موضوع الإعجاز في القرآن من الناحية الأسلوبية والرقمية معاً.
من سيقوم بهذه الدراسات المكملة؟
بالنسبة لي أنا أبحث في موضوع الإعجاز البياني في القرآن الكريم منذ 10سنوات تقريباً، ولدي النية للاستمرار في هذا المجال، وأعرف أن الزميل لطفي يبحث منذ عدة سنوات في مجال تخصصه عن الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم، ومن الممكن أن ننشر كتاباً ثانياً متعلقاً بسورة الفاتحة من الناحيتين الأسلوبية البيانية من جهة، والرقمية من جهة أخرى. فنحن مازلنا نبحث ونواصل في مجال تخصصنا. ونرجو أن نصدر أبحاثاً متعمقة وأكاديمية في المستقبل على درب التعاون والجمع بين أطراف الاعجاز في القرآن الكريم جميعها، وأن يقوم باحثون آخرون بالبحث في مجالات الإعجاز الأخرى.
تعددت القراءات والفهوم للقرآن الكريم بتعدد الثقافات، وتعدد المناطق، وتعدد الأزمان، إلى أي مدى يمكن للثقافات أن تثري البحث الإعجازي في القرآن الكريم؟
أعتقد أن هذه معجزة أيضاً، لأن القرآن الكريم مفتوح لكل القرون، ولكل البشر، وقد ساهم المسلمون من كل الأماكن والأزمان في إيضاح إعجازه في كل المجالات.
فالقرآن الكريم ليس كتاباً مغلقاً، بل إن معانيه مفتوحة لكل العصور والأمكنة والثقافات، وأعتقد أن الناس بعد قرن من الزمان مثلاً سيفهمونه بطريقتهم، التي قد تلتقي أو تختلف مع طريقة تناولنا للقرآن الكريم في عصرنا الحاضر، ولكنها ستثبت بشكل أفضل أوجه الإعجاز فيه وفي كل صنوف المعرفة، وسيستفيدون من التراكمات المعرفية السابقة عن القرآن الكريم.
ما الذي يضيفه الكتاب للمكتبة العلمية؟
أعتقد أن الأساتذة والطلاب في كليات الاستشراق والفلسفة، وفي الدراسات الإسلامية، سيستفيدون من الكتاب استفادة كبيرة جداً. كما سيكون رافداً قوياً ليزداد الذين آمنوا إيماناً.
وأتمنى أن يتم ترجمته للغتين العربية والإنجليزية، اللتين تكتسيان أهمية بالغة في عالم اليوم.