نيويورك تايمز: رائحة الفساد الأميركي في العراق تزكم الأنوف"..إلى جانب فساد عراقيين في سلطة الاحتلال
واشنطن-محمد سعيد 14/3/2010
يبحث محققون أميركيون في العشرات من قضايا الفساد الكبيرة في العراق التي يتورط فيها عراقيون وأميركيون تحت لافتات مشاريع إعادة الإعمار. وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن "رائحة الفساد باتت تزكم الانوف فى العراق"
وذكرت الصحيفة ان الفوضى والرقابة المتهافتة والاشراف الضعيف وسيل الرشاوى فى مشاريع اعادة اعمار العراق كلها تكشف عن ملامح مقززة لمشهد شاع وانتشر فى العراق فيما بلغ عدد قضايا الفساد التى فتحت ملفاتها فى غضون الاشهر الستة الاخيرة اكثر من 50 قضية. مؤكدة تورط أميركيين فى قضايا الفساد التى باتت سمة مميزة لبرنامج اعادة اعمار وبناء العراق وهو البرنامج الذى يصل حجم تمويله الى 150 مليار دولار.
وطبقا للتحقيقات التي يجريها مكتب المفتش الأميركي العام الخاص لإعادة إعمار العراق فإن الفساد فيما يبدو لم يترك شيئا فى العراق الا واجتاحه من البنوك والقروض وصفقات الاراضى وحتى الملاهى الليلية والكازينوهات بل وجراحات التجميل.
ورصدت نيويورك تايمز العديد من قصص الفساد التى تموج بها العراق والاحاديث التى لا تتوقف فى الشارع العراقى عن مشتريات المجوهرات والسيارات الفارهة من طراز بي إم دبليو وهمفي والانفاق المجنون فى الكازينوهات والملاهى الليلية بأموال نهبت نهبا من قوت الشعب العراقى وثروته الوطنية.
وقال محققون أميركيون إن بعض المشتبه بهم عمدوا إلى إخفاء الأموال التي نهبوها في حسابات في بنوك أجنبية في غانا وسويسرا وهولندا وبريطانيا. فيما عمد البعض الآخر إلى إخفاء الأموال التي سرقوها في خزائن بمنازلهم.
وقد تم بالفعل إدانة العشرات في قضايا فساد منذ غزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، ولكن القضايا الجديدة تبدو أنها تؤكد ما كان المحققون قد تنبأوا به منذ فترة طويلة من أن الفوضى و غياب الرقابة الجدية والحساب الفعلى للمتورطين فى هذه الممارسات الاجرامية قد سمح لمزيد من الأميركيين المرتشين وسارقي الأموال من البقاء أحرارا من أي تهم.
وقال المفتش الأميركي العام الخاص ستيوارت بوين "إن لدى شعور مستمر بأن هناك احتيال مستمر لم نتمكن من وقفه.. إن هذه السلسلة من القضايا الجديدة هي دليل على أن هذا الشعور المعقول كان في محله."
ولا يقتصر التحقيق فقط على قضايا الفساد في العراق بل امتد ليشمل قضايا فساد مشابهة في أفغانستان منذ شهر فبراير الماضي. وقد امتنع مكتب بوين عن الكشف عن أسماء المتورطين في قضايا الفساد التي تشمل مقاولين من القطاع الخاص وضباط في الجيش الأميركي ومسؤولين مدنيين.
وقال ستيفن هوداك الناطق باسم جهاز مكافحة الجرائم المالية بوزارة المالية الأميركية إنهم يضعون ما بين 15 إلى 16 مليون تقرير سنويا حول أنشطة مالية مشبوهة بما في ذلك ودائع نقدية تزيد عن عشرة آلاف دولار. واضاف أن تلك المعاملات المالية تشمل تحويلات بنكية وشيكات وكازينوهات ومكاتب سماسرة أوراق مالية ووشركات تأمين. مشيرا إلى أن جهازه سبق أن شارك في التحقيقات الخاصة بفساد عقود إعادة الإعمار في العراق.
وقال بوين إنه نظرا لأن التحقيق لم يشمل سوى مجالات محدودة في الولايات المتحدة حتى الآن فإنه يقدر أن عشرات القضايا الإضافية سيتم فتحها بحلول نهاية العام الجاري.
وكان الكونغرس الأميركي قد خصص نحو 53 مليار دولار لمشاريع إعادة إعمار العراق فيما جاءت بقية الأموال المخصصة لتلك المشاريع من الأموال والأرصدة العراقية والتعهدات الدولية.
وفى اواخر العام المنصرم-كان الدكتور برهم صالح المكلف بتشكيل حكومة اقليم كردستان حينئذ قد بحث مع وفد من السفارة الاميركية في العراق سبل محاربة الفساد في الاجهزة والدوائر الحكومية .
كما دعا عبد الرحمن مصطفى محافظ كركوك مدراء الدوائر الرسمية في المحافظة العراقية إلى التحقيق في أسباب استشراء الفساد الإداري وتفشي الرشوة في كركوك، متوعدا باتخاذ إجراءات صارمة وفرض عقوبات قانونية بحق الدوائر التي يثبت وجود فساد فيها.
وكان تقرير أصدرته هيئة النزاهة العراقية في شهر أغسطس الماضي كشف عن تمركز أكثر من 55 في المئة من حالات الرشى والفساد في كركوك