المقدمة
لماذا نكتب ..؟

سؤال تعد له الصحف والمجلات المستنيرة ألاف الصفحات للوصول إلى اجابه مثاليه عليا ضمن الاختيارات العديدة التي يطرحها الكتاب والأدباء حول هذه الفكرة الاساسيه ن فالكتابة أيا كان مجالها فعل يمارسه المبدعون من اجل البحث عن الذات الانسانيه الفردية أحيانا والجماعية أحيان أخرى والتي تعبر عن نفسها بالكشف عن الذات الوطنية الاجتماعية والسياسية ومن اجل الذات المثالية الفلسفية ، لكنها تبقى في كل الأحوال ممارسة لفعل يهدف إلى التقويم والتهذيب والإصلاح مع قليل من التوجيه والإرشاد لتحقيق معاني الحق والخير والجمال بالحب ضد الكراهية والالتزام بهذه المبادي والقيم يعني الارتباط الشريف بالكلمة الصادقة الشريفة النزيهة في مواجهة الانحياز للذات الانانيه أو الذات الحزبية أو الذات الدينية أو العنصرية القومية حيث تسيطر القنوات الثقافية النخبوية على الاستخدامات اللغوية والابداعيه وتجير المبدعين للعمل لحسابها ضد قيم الحق والخير والجمال بالعنف والكراهية وليس بالحب والتسامح و الكاتب المبدع الحقيقي بطبعه دقيق المشاعر والأحاسيس ولا يحتمل المنازعات الشخصية أو المهاترات الفكرية العبثية إلا إذا كان دخيلا على الميدان بماله أو مال رؤسائه وهنا لن يطول الأمر على الدخيل حتى ينكشف للجميع حين يجد نفسه عاريا من ورقة التوت التي تستر اتجاهاته الارتزاقية .
والارتزاق في ميدان الإبداع أمر ليس مرفوضا إلا إذا كان هو الغاية كما هو الوسيلة فمن حق الكاتب المبدع أن يحصل على ثمار جهده الإبداعي – الإبداعي فقط – لكن ليس من حق الكاتب توظيف كلماته لخدمة علاقاته المادية الحياتية الشخصية بالتزييف والتزوير ولوي قامة الحقائق وإلا أصبحنا في سوق عكاظ الثقافي التجاري ونعيش على مبدأ التجار الذي يقول : بيزنيس از بيزنيس بالانجليزية المعربة إلى شيلني وأشيلك أو نفعني وأنفعك كما يحدث في سوق الفنون التليفزيونية والسينمائية حيث تسود السمسرة والارتزاق كل القنوات من مسابقات السوبر ستار ووصولا إلى أسئلة الهواتف المباشرة القائمة على أسس تجاريه بحته .
وقد غادرنا الزمان الذي ينحني فيه الناس إجلالا وإكبارا للأدب والأدباء وللكتابة والكتاب لان الكتابة أصبحت في مجملها ارتزاق تغسل الهموم المادية بالمثاليات وتغرقها في بحر الخطايا والأخطاء فيبحث الشعراء عن كلمات هايفه تناسب هيفاء ويكتب الروائيون قصصا سطحيه للاثاره وشراء الابتسامات وضمن هذه الاتجاهات أصبح الإبداع مجالا للتنكيت والتبكيت ومستغل من كل القمم والهامات وعلى الأدباء المبدعون في زمن الثراء اللعين أن ينضموا لبعضهم البعض ويدافعوا عن تراثهم ليعود الأديب والكاتب محل إجلال وإكبار وتقدير كل الناس وذلك بالتماس طريق الحق والخير والجمال بالحب والعدل والتسامح ونبذ الكراهية والعنف والتي تمثل أسس الكتابة الحقة :
فمن اجل همومنا الذاتية المثالية نكتب
من اجل همومنا الوطنية وقضايانا الاجتماعية نكتب
من اجل عواطفنا النبيلة ومشاعرنا الرقيقة نكتب
ولا نكتب أبدا من اجل المال أو السلطان .
لماذا نكتب ..؟سؤال نزيه وشريف يحتاج إلى إجابة نزيهة وشريفه
سؤال يجب أن يوجهه كل صاحب قلم نزيه شريف إلى نفسه قبل أن يبدأ الكتابة وقبل أن يرسلها للنشر في المواقع الاليكترونية أو الصحافة الورقية .
الكلمة أمانه ومسئوليه
ولنكن كلنا أمناء على الكلمة
لنكن جميعنا / صغيرنا وكبيرنا على مستوى المسئولية


المعاناة أم الإبداع
الكتابة معاناة في حد ذاتها ، في نشأتها ، وفي نشرها , وحتى لو كانت ذات منحى عاطفي بحت يتلصص إلى الذات المتقوقعة داخل أغلفة القلب والجسد ودون أن تتجاوزه ، لان فيها معاناة تخرج إلى الناس بصور واقعيه صادقه عن حالة إنسانيه متماثلة فيها من الواقعية والمباشرة ما يغني عن المماحكة البعيدة عن الممارسة .
وهذه المباشرة هي التي تبني للواقعية بناء في شارع الأمل والألم وفيها مكاشفة للذات بالذات تطرح عيوبها لاقتلاعها واجتثاثها من جذورها من خلال تميزها الإبداعي عند التعبير عن الانفعالات الانسانيه الصادقة ، وتختلف عن المماحكة التي تهدم قصورا شامخة لعدم قدرتها على خلق الفعل الإبداعي بأشكاله المعروفة في دواوين اللغة وحروفها , وتحت مسمى النقد قد نقتل مبدعا .
فالكتابة ليست ردود فعل مزاجيه في حالة الإبداع أو تقييمه بل إنها في الحالين فعل لمن يعيش ألفاظها ، كلمة كلمة ، وحرفا تلو حرف ولو كان الفعل الإبداعي ناقصا إلا انه يبقى محاولة إبداعيه دخلت معاناة المبادرة في نشوئها أو في انتشارها وبالتأكيد تكون المبادرة من المبدع أقوى للحالة الادبيه من مبادرة الناقد المحلل أيا كان الأسلوب النحوي الذي يستخدمه الناقد وهو يجري إصلاحاته المتنوعة في النصوص المعلنة عن المبادرة القوية التي تكون النوافذ الابداعيه وتخلق حالة رقي مع تراكمها وارتقائها .
من خلال هذا الفهم وحده وبقدر الصدق والشفافية أتعامل مع الكتابة في حدود المعاناة التي تسكب على اللغة مشاعر وأحاسيس تخلق ألفاظا جديدة تتوالد بعفويه مع اكتمال الموهبة ولا تختلف مع حرفية البلاغة اللغوية وقواعدها الثابتة .
المعاناة تبقى في مجملها واضحة عند احتلال وطن أو ضياع امرأة
الوطن / محتلا ، مجزئا ، قلت أو زادت موارده / هو الوطن بأهله وجغرافيته ... والمرأة في كل صورها : مشهورة أو مغمورة ، غنية أو فقيرة ، جميلة أو قبيحة ، هي / الأم ، والزوجة ، والابنة والصديقة ، والزميلة : المقاتلة ، الصادقة ، القوية ، الشر يفه ، المحافظة ، وهي نفسها قد تكون حالات مغايره لكل هذه القيم . تلك هي المعاناة التي أتفاعل معها ،وأعيش بها ولها برؤية ذاتيه قد تكون صائبة وقد تكون خاطئة ، لكنها تخصني ، والخصوصية حق مكتسب تؤكد عليه قوانين الحرية في كل زمان ومكان كما تقوم عليها شريعة الإبداع وان نتجت عنها / معاناة القهر والاضطهاد القمعي الرسمي وغير الرسمي ، لأنني بدون الحرية في التعبير عن المعاناة لا أمارس الإبداع بقدر ما أمارس وظيفة الكتابة كموظف على درجه يمنحني إياها أولي الأمر الأغبياء وأنا ارفض أن أكون موظفا في حقل الإبداع وهذا سر معاناتي كلها .
والمعاناة باقية مادامت الحياة باقية ...
ولكن هل يستمر الإبداع كما هي المعاناة مستمرة ..؟
سؤال هو بحجم الحياة ذاتها ، وإجابته غير وارده ، لان المدينة الفاضلة لم تظهر بعد ، ولان الحياة مستمرة إلى يوم البعث .


الكتابة وطن وامرأة
بداية اعترف بأنني لا أجيد الكتابة إلا للمرأة والوطن ، وأزيد على ذلك أمرا وهو أنني لا اهتم بالكتابة آلا في هذين الأمرين أيا كان شكل الكتابة /قصيدة أو خاطره أو كتاب أو قصة أو رواية أو مقال
فالكتابة ذاتها معاناة لمن يمارسها وليست هواية محترف يقتات منها ما يجعله يعيش الحياة مرفها بل قد تجعله يعيش الحياة ساخطا وغاضبا إن لم يكن دائما فاغلب الأوقات .
والمعاناة الانسانيه هي جوهر الكتابة عند المبدع أو الكاتب والأديب , لأنها تقتحم الذات نفسها لتتحول إلى مرآة معبرة وصادقه عن معاناة متماثلة عند آلاف البشر لتشابه موضوع المعاناة زمانا ومكانا .
وتخرج المعاناة من شكلها الذاتي الفردي إلى الذات الوطنية ومنها إلى عالم أكثر اتساعا وشموليه خاصة إذا ما ارتبط الوطن بالإنسان في جملة واحده لمواجهة المحتل أو المغتصب أو المستوطن للوطن كما هو في الحالة الفلسطينية التي انتمي إليها .
هنا تكون المعاناة الوطنية أكثر مباشرة لعدم وجود وطن ملتمسه من كلمات تكتب معايشه للوطن البعيد والسليب وينطلق الخيال إلى الوطن بأهله وشوارعه وأشجاره وأزهاره وشيوخه ورجاله ونسائه وأطفاله وعاداته وتقاليده . حيث تصبح الكتابة سفر إلى الوطن واقتحام للحدود ومواجهة للحواجز وإبعاد للإبعاد وإلغاء للهجرة والاغتراب
وعندما تكون هناك معاناة بمثل هذا الحجم وذلك الصدق تغوص فيها داخل ذاتك الانسانيه المتوحدة مع الذات الوطنية : تعيش اللحظة في الوطن على شكل امرأة على الطريق عابره أو في مخيلتك ساهرة ثابتة فيكون سفرا آخر قد يبدو لمن يقرأه بالعين المجردة ذاتيه باليه أو امرأ مستهلك مكرر إلا أنها تكون عند الكاتب معاناة وطنيه جاءت على شكل