"وادي حلوة" .. بداية انهيار المسجد الأقصى ..

يتأكد يوم بعد يوم أن إسرائيل تسارع الخطى لتنفيذ مخطط 2010 ضد المسجد الأقصى سواء كان ذلك فيما يتعلق بمواصلة الحفريات في أسفله ومن كافة جوانبه أو فيما يتعلق بالسماح للجماعات اليهودية المتطرفة بتدنيسه على مرأى ومسمع العالم كله .
ففي 18 يناير / كانون الثاني وفي ذروة انشغال العرب بالحصول على ضمانات أمريكية لاستئناف عملية السلام مع تل أبيب ، فوجيء الجميع بكارثة جديدة عندما كشف مسئولون فلسطينيون عن انهيار الشارع الرئيس في حي وادي حلوة ببلدة سلوان جنوب المسجد المبارك .
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية عن لجنة الدفاع عن أراضي وعقارات بلدة سلوان القول في بيان لها :" إن دائرة الانهيار بالشارع اتسع قطرها وامتدت لمسافات إضافية وسط استمرار هطول الأمطار في البلدة ، هذا نتيجة الحفريات المتواصلة لسلطات الاحتلال وجمعياتها اليهودية لشق شبكة من الأنفاق تحت المسجد الأقصى" .
ومن جانبه، شن محمود الهباش وزير الأوقاف في الحكومة الفلسطينية هجوما حادا على إسرائيل ، قائلا :" ما كان بالإمكان أن يحصل الانهيار الأرضي الجديد في منطقة وادي حلوة ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك لولا الحفريات الإسرائيلية المستمرة بهذا المكان" .
ونقلت شبكة "cnn" الإخبارية الأمريكية عن الهباش القول أيضا :" هذا ليس هو الانهيار الأول، بل بصورة مستمرة، وسيكشف الزمن سلسلة أخرى من الانهيارات بفعل شبكة الأنفاق التي أقامتها إسرائيل هناك، وفي مناطق مختلفة من القدس، وخاصة قرب وأسفل المسجد الأقصى" .
وفي السياق ذاته، أصدر قاضي قضاة فلسطين الشيخ تيسير رجب التميمي بيانا في 18 يناير جاء فيه أن المسجد الأقصى يعاني من تشققات وتصدعات خطيرة في جدرانه تنذر بسقوطه، إضافة إلى المئات من العقارات والمنازل الفلسطينية المجاورة له بفعل الحفريات الإسرائيلية المتواصلة أسفله.
التصريحات السابقة تدق ناقوس الخطر بأن الكشف عن انهيار الشارع الرئيس في حي وادي حلوة ببلدة سلوان جنوب المسجد المبارك لن يكون الأخير من نوعه في ظل سياسة تهويد القدس التي تنفذها حكومة التطرف في إسرائيل بخطى متسارعة وسط غفلة عربية وإسلامية .
ولعل تصريحات الشيخ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك والنائب الأول لرئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس تؤكد حجم الكارثة السابقة، حيث كشف أن 2009 شهد ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق في وتيرة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية عامة ومدينة القدس بصفة خاصة وكذلك تهجير المقدسيين وسحب هوياتهم حيث إنهم بذلك يفقدون حق المواطنة في المدينة المقدسة ، بالإضافة إلي السياسات اليومية لسلطات الاحتلال بهدم مئات البيوت في أرجاء المدينة المقدسة .
وأضاف سلامة في تصريحات لشبكة الإعلام العربية "محيط " أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمل على تهويد المدينة المقدسة من خلال إقامة مستوطنات جديدة وتسمين المستوطنات القائمة وإحداث تغيير ديموغرافي وفرض سياسة الأمر الواقع وسرقة عدد من حجارة القصور الأموية في المنطقة المعروفة بالخاتونية جنوب شرقي المسجد الأقصى المبارك ومحاولة الاستيلاء على المصلي المرواني الذي تبلغ مساحته أربعة آلاف وخمسمائة متراً مربعاً وكذلك محاولة بسط نفوذها على المسجد الأقصى المبارك لإقامة ما يسمى بالهيكل المزعوم ، وأخيرا العمل على تزوير التاريخ وسرقة الآثار في محاولة لإثبات حقوق كاذبة لهم .
واختتم الشيخ سلامة قائلا :" أناشد سلامة الأمتين العربية والإسلامية بضرورة التحرك لإنقاذ مسري نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – أولي القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين قبل فوات الأوان، وإلي تعزيز صمود المقدسيين من خلال دعم المؤسسات التعليمية والصحية والخدماتية والإسكانية وكذلك شرائح التجار والعمال والطلاب كي يبقوا مرابطين في المدينة المقدسة ".
مخطط 2010 ..
ورغم أن الفلسطينيين المتواجدين في القدس الشرقية المحتلة أفشلوا مؤخرا عدة محاولات لجماعات يهودية متطرفة لاقتحام المسجد الأقصى بمناسبة الأعياد اليهودية حيث وقعت اشتباكات عنيفة أسفرت عن إصابة عشرات الفلسطينيين، إلا أن هناك من الإجراءات على الأرض ما ينذر بكارثة وشيكة في حال لم يتحرك العرب والمسلمون على وجه السرعة، فمعروف أن حركة "أمناء جبل الهيكل"، وهو المسمى الذي يطلقه اليهود على منطقة الحرم عقدت اجتماعات كثيرة مؤخرا وناشدت اليهود دخول باحات المسجد الأقصى لأداء الشعائر الدينية وجمعت تبرعات لبناء الهيكل اليهودي المزعوم مكان المسجد الأقصى.

وفي 30 سبتمبر الماضي، كشفت مصادر أمريكية مطلعة أن جماعات يهودية متطرفة قررت بناء هيكل سليمان المزعوم محل الحرم القدسي بالمسجد الأقصى بتاريخ الخميس الموافق 25 مارس/آذار 2010 .
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن تلك المصادر قولها إن الجماعات اليهودية الماسونية المتطرفة والتي تعمل بشكل سري داخل الولايات المتحدة تدفع بشدة نحو الإسراع في هدم المسجد الأقصى بعد تلقيها ضربات داخل أمريكا ، حيث تعرضت هذه الجماعات إلى اختراق من قبل أمريكيين في كشف طقوسهم الدينية أدى إلى تسرب ما وصفوه أسرار "ختم سليمان" وفك شفرات رموزهم الدينية من قبل الروائي الأمريكي دان براونز في روايته الجديدة التي أطلق عليها تسمية "الرمز المفقود" الصادرة فى 15 سبتمبر/أيلول الحالى والتي تمكن خلالها من اختراق تلك الجماعات لمدة خمس سنوات مضت.
وأضافت أن شمال شرق واشنطن شهد ليلة 17 سبتمبر/أيلول الماضي اضطرابات عديدة بسبب تسرب الشبان الماسونيين من معبد "الملك سليمان الكبير" الذي يقع في شارع رود ايلاند ، حيث ساهموا في جذب الجريمة وجميع أنواع السلوك غير المنضبط بين السكان ، مما أدى إلى إغلاق المعبد بناء على قرار من عمدة المنطقة ادريان فنتي ورئيس الشرطة كاثي لانير والمدعي العام بيتر نيكلز ومدير إدارة شئون المستهلك والشؤون التنظيمية ليندا ارجو.
وما يضاعف من خطورة ما جاء في صحيفة "واشنطن بوست" أن هيكل سليمان المزعوم المراد بناؤه محل الحرم القدسي من الأولويات المهمة لعشرات الجماعات اليهودية المتطرفة مثل "أمناء جبل الهيكل" و "معهد الهيكل" ، كما يعتبر من الأولويات لجماعات مسيحية منشقة مثل "منظمة الأغلبية الأخلاقية" و"مؤسسة جبل الهيكل" وجماعة "المسيحيين الإنجيليين" و "السفارة المسيحية الحولية" التي تمتلك خمسة عشر قنصيلة في الولايات المتحدة ، إضافة إلى "هيئة المائدة المستديرة الدينية" التي تعتبر إحدى أخطر الجماعات لما لها من تأثير على عمل اليمين المسيحي في أمريكا وتنقسم إلى "منظمة مترجمو الكتاب المقدس" و"عصبة الكنيسة في أمريكا" التي تشكل الداعم الأساسي للإستراتيجية الإسرائيلية لأسباب لاهوتية .
هذا بالإضافة إلى أن أول نموذج لهيكل سليمان المزعوم تم عرضه على الملأ في جناح فلسطين بالمؤتمر العالمي لمعرض نيويورك عام 1939.
والخلاصة أن الفلسطينيين والعرب قد يستيقظون صباح أحد الأيام على كارثة هدم المسجد الأقصى أو أجزاء منه وذلك في حال لم يتركوا جانبا خلافاتهم الداخلية التي استغلتها إسرائيل جيدا لتهويد القدس وابتلاع ما تبقى من الحقوق الفلسطينية.
أصداء الوطـن// محيط - جهان مصطفى