منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 23

الموضوع: نهضة اليابان

العرض المتطور

  1. #1

    نهضة اليابان

    نهضة اليابان

    (ثورة المايجي إيشين)

    دراسات وأبحاث في التجربة الإنمائية اليابانية
    الجذور التاريخية والأيديولوجية والحضارية لهذه النهضة

    تحرير: ناغاي ميتشيو و ميغال أوروتشيا

    ترجمة: نديم عبده وفواز خوري

    أشرف على الطبعة العربية: أنطوان بطرس

    تقديم: هشام الشرابي

    صدر هذا الكتاب بالتعاون بين: مركز بحوث التجربة الإنمائية اليابانية/بيروت
    و جامعة الأمم المتحدة/طوكيو

    الناشر: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر/بيروت

    حجم الكتاب: 345 صفحة من الحجم (أكبر من المتوسط)

    محتويات الكتاب:

    توطئة
    مقدمة الطبعة الإنجليزية
    مقدمة الطبعة العربية

    القسم الأول: المايجي إيشين: المنظور العام

    الفصل الأول: المايجي إيشين: الخلفية السياسية
    تقديم: ماريوس ب. جانسن/ جامعة برنستون/ نيوجرسي

    الفصل الثاني: ثورة المايجي وتحديث اليابان
    تقديم: كووابارا تاكيو/ جامعة كيوتو/ اليابان

    الفصل الثالث: الاستقلال والتحديث في القرن التاسع عشر
    تقديم: توياما شيجيكي/محفوظات يوكوهاما التاريخية/ اليابان

    الفصل الرابع: المايجي إيشين: ثورة بورجوازية غير مكتملة
    تقديم: إيغور لاتشييف/ أكاديمية العلوم في موسكو

    الفصل الخامس: معنى التغييرات الثورية
    تقديم: بيوتر فيدوسيف/ أكاديمية العلوم في موسكو

    القسم الثاني: البيئة الدولية

    الفصل السادس: تحديث اليابان من منظور العلاقات الدولية
    تقديم: شيباهارا تاكوجي/ جامعة ناغويا/ اليابان

    الفصل السابع: العلاقات الدولية عشية المايجي إيشين
    تقديم: وان فنغ/ الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية/بكين

    القسم الثالث: السياسات والشخصية

    الفصل الثامن: الوعي المفاهيمي في المايجي إيشين
    تقديم: ناجيتا تتسوووه/ جامعة شيكاغو/ الولايات المتحدة

    القسم الرابع: الثقافة

    الفصل التاسع: المايجي: ثورة ثقافية
    تقديم: فرانك ب. غيبني/ شركة دائرة المعارف البريطانية

    الفصل العاشر: الوقع على الثقافة الشعبية
    تقديم: إيروكاوا دايكيشي/ معهد طوكيو للاقتصاد ـ اليابان

    الفصل الحادي عشر: دور الأدب في إنماء الثقافة
    تقديم: لاريسا ج. فيدوسييفا/ أكاديمية العلوم في موسكو

    القسم الخامس: تاريخ الفكر والتربية

    الفصل الثاني عشر: التربية في أوائل فترة المايجي
    تقديم: ناغاي ميتشيو/ جامعة الأمم المتحدة/طوكيو

    الفصل الثالث عشر: المعرفة الغربية والمايجي إيشين
    تقديم: لو وان هي/ أكاديمية تيانجين للعلوم الاجتماعية/الصين

    الفصل الرابع عشر: ثورة المايجي التي لم تكتمل في التاريخ العقلاني
    تقديم: تاكيدا كيوكو/ الجامعة المسيحية العالمية/طوكيو

    القسم السادس: المجتمع والاقتصاد والتكنولوجيا

    الفصل الخامس عشر: التاريخ الاقتصادي لفترة الإعادة
    تقديم: نيشيكاوا شونساكو و سايتو أوسامو/ جامعة كييو وجامعة هيتو تسوباشي/ طوكيو

    الفصل السادس عشر: الإعادة وتاريخ التكنولوجيا
    تقديم: يوشيدا ميتسوكوني/ جامعة كيوتو/ اليابان

    الفصل السابع عشر: من انتقال التكنولوجيا الى الاستقلال التكنولوجي
    تقديم: هاياشي تاكيشي/ معهد الاقتصاديات النامية ـ طوكيو

    توطئة

    في العام 1868 وبعد 215 عاما من عزلة اختيارية متعمدة في عصر الإقطاع، ومن ثم قرارها الدخول في عصرٍ جديد، شهدت اليابان تجربة لعلها من التجارب الاستثنائية في تاريخ البشر. فقد تفجرت الطاقات اليابانية على العالم الخارجي ملتهمة في طريقها كل ما كان يجري في العالم أو حتى ما كان يعتمل في الفكر البشري، وكانت تلك عملية أشبه بتحطيم زجاج غرفة مضغوطة وإفلات الطاقات من عقالها، على حد تعبير الكاتب الإنجليزي (آرثر كوستلر).

    وخلال عقدين من الزمن، ولربما أقل، استطاع المصلحون في عهد المايجي أن يرموا جانباً قروناً من المسلمات، وأن يحلوا محلها أفكاراً وتصورات جديدة.

    وها نحن اليوم ـ بعد أكثر من مائة وأربعين عاماً من نجاح التجربة اليابانية في التحديث وصعود اليابان الى مصاف الدول العظمى، وخاصة في الميادين الاقتصادية والصناعية والمعلوماتية ـ عاجزون عن الإتيان بمثال آخر موازٍ له. وبلغ من سرعة وروعة هذا التطور، أن علماء التاريخ والاجتماع ما زالوا عاجزين عن الاتفاق حول حقيقة ما جرى في اليابان.

    وتشكل بحوث الكتاب ـ الذي بين أيدينا ـ وهو حصيلة مؤتمر دولي انعقد بهدف تقويم الحدث الهام في تاريخ اليابان وتجربتها في التحديث، مجموعة لمختلف نواحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتربوية التي تواجه بلداً يسعى الى النمو. والمصاعب التي واجهها كما قام بتحليلها خبراء ينتمون الى عقائد سياسية مختلفة. ومن هنا أهميته وتكامله، وأن تعميمه سوف يشكل مساهمة هامة في ميدان الجدل الفكري الدائر حول مصاعب التنمية في منطقتنا العربية.

    نسأل الله أن يوفقنا في تقديمه بشكل يساعد القارئ والمتصفح العربي لأخذ الفائدة.

    يتبع

  2. #2

    رد: نهضة اليابان

    احجز المقعد الاول لاادري كيف اشكرك
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

    رد: نهضة اليابان

    مقدمة الطبعة العربية

    كتب هذه المقدمة المفكر العربي الراحل: هشام شرابي أستاذ التاريخ في جامعة جورج تاون الأمريكية


    في منتصف القرن التاسع عشر حدثت في اليابان (ثورة المايجي) التي كان لها أكبر الأثر ليس في تاريخ اليابان فحسب بل أيضاً، كما بينت أحداث القرن العشرين في تاريخ العالم بأكمله. من جراء هذه (الثورة) تحولت اليابان بظرف فترة لا تتجاوز حياة جيل. من مجتمع زراعي إقطاعي محافظ الى دولة عصرية صناعية حديثة. وأصبحت في النصف الأول من القرن العشرين قوة عسكرية كبرى، ثم بعد الحرب العالمية الثانية، قوة اقتصادية عظمى لا تجاريها سوى الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية.

    حتى سنة 1866 عاشت اليابان في أحضان نظام إقطاعي كامل وحضارة يابانية خالصة في انقطاع تام عن العالم الخارجي. وفجأة، حدث التغير الداخلي، حدث بشكل عز نظيره في تاريخ الأمم، إذ قامت قيادة جديدة استلمت السلطة دون إراقة دماء وأعادت مركز الإمبراطور وقررت إنهاء العزلة اليابانية وبناء الدولة الموحدة والاقتصاد الصناعي القائم على النموذج الأوروبي. وهكذا خلال عقد أو عقدين من الزمن تمكنت اليابان من إحداث تغيير في المجتمع والدولة فاق بشموليته وجذريته ما حققته الثورة الفرنسية في آخر القرن الثامن عشر.

    من الصعب تفسير التجربة اليابانية بشكل قاطع ونهائي، إلا أن هناك عوامل وراء هذه التجربة يمكن تحديدها، وأهمها (كما لخصها كووابارا تاكيدو أستاذ التاريخ في جامعة كيوتو، في دراسته) هي التالية:

    ـ الموقع الجغرافي النائي الذي وفر لليابان الحماية ضد الغزو الخارجي وضد الاستعمار الغربي وسهل لها بعد الثورة مواصلة سياسة الانعزال النسبي.

    ـ قيام عملية التحديث بمبادرة ذاتية وباستقلال تام عن أية سلطة خارجية استعمارية.

    ـ التجانس الإثني والثقافي للمجتمع الياباني.

    ـ امتداد سلام شامل في اليابان على مدى 250 سنة قبل قيام (المايجي) مما أدى الى تكوين نظام بيروقراطي في عهد (توكو غاوا) السابق للثورة يندر أن يكون له مثيل في العالم.

    ـ التربية الشعبية والنسبة العالية للمتعلمين (43% للرجال و15% للنساء) عند قيام الثورة.

    ـ انتشار اللغة الواحدة بين جميع اليابانيين.

    ـ الوحدة الوطنية والاستقرار الاجتماعي اللذان غذيا الاعتماد الذاتي والأساليب العملية في التعامل السياسي والاقتصادي وأضعفا النزاعات العقائدية والفلسفية والدينية بين اليابانيين.

    ـ القدرة على التكيف مما ساعد على نمو (روح صناعة تقدمية وديناميكية) تختلف كل الاختلاف عن الروح الزراعية والقبلية المحافظة.

    ـ غياب العامل الديني عن السياسة وضعف النظام الطبقي بالمقارنة مع البلدان الصناعية المتقدمة.

    قدمت الأبحاث التي يتألف منها هذا الكتاب في مؤتمر دولي عقد تحت رعاية جامعة الأمم المتحدة في اليابان وشارك فيها عددٌ من الكتاب والأخصائيين اليابانيين والصينيين والروس والأمريكيين. وتشكل هذه الأبحاث بمجموعها عرضاً متكاملاً لتجربة التحديث اليابانية من منطلقات مختلفة.

    فيعالج القسم الأول ثورة (المايجي) على الصعيدين السياسي والاجتماعي، ويتناولها القسم الثاني من منظور العلاقات الدولية والعلاقات الخارجية. ويتألف القسم الثالث من دراسة شاملة للوعي المفاهيمي الذي رافق إصلاحات (المايجي). ويركز القسم الرابع على الثورة الثقافية ودور الأدب في تكوين الثقافة العليا والثقافة الشعبية. ويعالج القسم الخامس الإصلاحات التربوية التي تم إنجازها بعد الثورة مباشرة، ويحلل صيغ المعرفة الغربية التي تم نقلها في الفترة الأولى الحاسمة. أما القسم السادس والأخير فيعالج العوامل الرئيسية في عملية انتقال التكنولوجيا وتحقيق المقدرة الصناعية المستقلة لليابان.

    إن إصدار هذه الأبحاث باللغة العربية من قبل مركز بحوث التجربة الإنمائية اليابانية في بيروت يشكل حدثاً هاماً في ساحة الفكر العربي وخطوة عملية هامة سيكون لها أثرها الكبير في الحوار القائم حول التنمية والتغيير في العالم العربي. والمركز هو ربما الوحيد بين المعاهد ومراكز البحث في العالم العربي الذي يتوجه الى (الشرق) والتجربة اليابانية بخاصة وليس الى الغرب ليستمد منه الدروس غير الغربية لتطبيقها في عملية التحديث.

    ودافع المركز من دراسة اليابان وثورة (المايجي) ليس الرغبة في جعل اليابان نموذجا يستبدل به النموذج الغربي (الذي سارت عليه البلدان العربية منذ عصر النهضة) بل السعي لتفهم الفلسفة اليابانية وأدواتها والأساليب التي مكنتها من اقتناء التكنولوجيا الغربية وبناء المقدرة الذاتية على استعمالها دون الوقوع تحت هيمنة الغرب.

    ومن هنا السؤال الذي يطرحه المركز ويحاول أن يستمد الإجابة عليه من خلال هذه الأبحاث.

    ما هي الدروس في التجربة اليابانية التي يمكن للعالم العربي استخلاصها في نهاية القرن العشرين للخروج من حالة التبعية والتخبط والدخول في مرحلة جديدة من النمو والتغيير والحداثة؟

  4. #4

    رد: نهضة اليابان

    الفصل الأول: المايجي إيشين: الخلفية السياسية

    تقديم: ماريوس ب. جانسن/ جامعة برنستون/ نيوجرسي

    تعتبر إعادة (المايجي) نقطة تحول فاصلة في التاريخ الياباني. فعلى الرغم من أن الأحداث الفعلية لعام 1868 لم تكن أكثر من انتقال للسلطة ضمن الطبقة الحاكمة القديمة، فإن هذه العملية الأكثر شمولاً والتي يُطلق عليها (إعادة المايجي) أدت الى وضع حد لهيمنة طبقة المحاربين وتحول الهيكلية اللامركزية للعهد الإقطاعي الحديث في عصوره المبكرة ـ الى دولة مركزية تحت سلطة الملك التقليدي والذي أصبح الآن ملكاً عصرياً.

    وقد اتخذ زعماء حركة الإعادة سلسلة من الخطوات الحازمة لبناء المنعة الوطنية ووضعوا بلادهم بسرعة على الطريق المؤدية الى القوة الإقليمية والعالمية. والواقع أن (إعادة المايجي) تعتبر حدثاً هاماً بالنسبة لتاريخ اليابان وشرقي آسيا والعالم. ولا يسمح ضيق المكان لإيفاء هذا الحدث الهام مع التسلسل الزمني، لكن سنحاول الإحاطة به من باب التزود الثقافي.

    إيضاح معلوماتي تاريخي (ليس من الكتاب): المايجي (الحكومة المستنيرة) اسم أطلق على فترة الحكم التي بدأها الإمبراطور (موتسو هيتو1867) وكان يُلقب ب (مييجي تينو)، بعد وفاة والده الذي كان امتداداً لحكم أسرة حكمت اليابان 300 سنة أسسها رجل قوي اسمه (توكوغاوا 1570) وهو أحد ثلاثة رجال في تاريخ اليابان يحفظون وحدة البلاد.

    الإطار العام

    لقد سبقت الأزمة السياسية التي عصفت باليابان في الستينات من القرن التاسع عشر صعوبات داخلية شديدة ومخاطر خارجية. فقد شهدت الأعوام (1830ـ 1844) سلسلة من الانتفاضات، حينما تمزقت اليابان نتيجة المجاعات التي حصدت الكثير من الضحايا في المناطق الوسطى والشمالية من البلاد. أضف الى ذلك انعدام الكفاءة الإدارية وعدم الاستجابة لتشجيع المقاومة الشعبية.

    اندلعت مجموعة من الثورات في تلك الفترة، أكثرها أهمية تلك التي قادها ضابط كونفوشي مثالي من الساموراي في أوزاكا يُدعى (أوشيو هايها شيرو) والذي أدت دعوته الحماسية للعصيان المسلح الى جعله بطلاً في نظر المؤرخين اللاحقين.

    كما نشبت عدة ثورات للفلاحين وأعمال شغب في المدن، وأصبحت تلك العدوى تنقل تلك الثورات من مكان لمكان في البلاد، غير أن المطالب في كل ثورة لم تكن لتصوغ برنامجاً واضحاً، فقد كانت كل انتفاضة أو ثورة تقف وراء مطالب جزئية، تختلف عن الثورات الأخرى.

    استجابت الحكومة اليابانية في عام 1841 لتلك المطالب وصاغتها بما سمي (إصلاحات تمبو) من خلال مقترح قدمه عضو (الروجو: مجلس الحكماء) واسمه (ميزونو تاداكوني). وجاء في المقترح: الحد من البذخ لرجال الدولة، وإيقاف الهجرة من الريف الى المدن، والحد من ممتلكات الإقطاعيين وتوزيعها على السكان.

    لم تنجح تلك المقترحات في كل الأقاليم، فثار الإقطاعيون وتبرموا من فقدانهم امتيازاتهم التي اعتبروها حقوقاً تنسجم مع الوفاء التاريخي للماضي. أدى هذا الوضع الى ضعف الحكم المركزي، وضعف معها القدرة على تحصيل الضرائب والصرف على الأجهزة الحكومية أو تقوية الجيش، مما خلق شعوراً عاماً بعدم قدرة البلاد على صد أي خطر قادم من الخارج، سيما وأن هزيمة الصين في (حرب الأفيون 1838ـ1842) كانت ماثلة أمام اليابانيين.

    كان الرد على هذا الخطر الظاهر متأثراً بتيارات عدة تعمل في الفكر الياباني. فالاطلاع الواعي على أحوال الغرب كان نتيجة الإقبال على تعلم الثقافة الغربية والذي بدأ جدياً في نهاية القرن الثامن عشر، ونتج عنه فيض من ترجمات للكتب التي أدخلها الهولنديون الى البلاد. وكانت المؤلفات في اللغة الصينية التي جاء بها تجار صينيون الى (ناجازاكي) أسهل استيعاباً بالنسبة لليابانيين المتعلمين.

    أحس مجموعة من المفكرين اليابانيين أن هذا الكم من المعارف والمعلومات التي تدخل البلاد دون رقابة ستؤثر على الهوية العرقية اليابانية، فانتشر ما عُرف ب (كوكو غاكو) أي التشديد على التعليم الوطني، ورفع شعار تبناه أغلبية المثقفين (تبجيل الإمبراطور، طرد البرابرة).

    فتح المرافئ والمشاركة السياسية الأوسع

    كانت صناعة القرارات التي أسس لها (توكوغاوا) تنحصر برجال وزعامات مرتبطين بهيئة تُسمى (الباكوفو) ولم يكن لرؤساء الإقطاعيات أو حتى زعماء العشائر الذين لم يرتبطوا بتلك الهيئة حق التصويت وإبداء الرأي. وخلال موجة الانتفاضات تحالف الإقطاع مع المنتفضين، وإن كانت أسباب معارضتهم تختلف.


    لكن لم يعد الرأي حكراً على (الباكوفو: الهيئة المرتبطة بالإمبراطور) فقد تم إشراك (الدايميو: الهيئة العليا لممثلي الإقطاعيين)، وهذا الإجراء الذي سبق سنة تولي (المايجي) الحكم، لم يرضي حراس النظام القديم، فتم تطهير كبار الإقطاعيين وعملائهم في مقاطعة (كيوتو)، وإعدام ثمانية منهم بقطع رؤوس ستة منهم كالمجرمين، وذلك على يد رئيس الحكومة (إي ناوسوكي)، مما أدى الى اغتياله في آذار/مارس 1860 من حملة السيوف في مقاطعة (ميتو).

    وقد أدت تلك الاضطرابات لاحتجاج القوى الأجنبية التي ظهرت فجأة لتكون وكأنها مؤيدة للمطالب الجماهيرية، مما دفع الحكومة لتقديم تنازلات منها فتح المرافئ، والتوقف عن التهديد بطرد الأجانب.

    كما اتسمت تلك الفترة باضطراب في السياسة الخارجية، حيث كانت تختفي بعثات دبلوماسية يابانية بالكامل، يُعتقد أنه كان يتم تصفيتها بحجة تسريب معلومات للخارج وطلب المعونة الخارجية.

    موالون نشطون

    أدى اغتيال (إي ناوسوكي) عام 1860 الى بدء فترة من العنف غيرت الخلفية التي ارتكزت عليها سياسات العهد القديم من (توغوكاوا). وكان اللاعبون النشطون في هذه المرحلة هم من أنصار الشرعية، لكنهم لم يكونوا من رتب وأوضاع اجتماعية رفيعة، بل كانوا من أوضاع اجتماعية متواضعة أطلقوا على تنظيمهم اسم (الشيشي: أي الرجال ذو الأهداف الرفيعة).

    لقد كان هؤلاء يعيشون على حدود الطبقة الحاكمة وحدود باقي اليابانيين، مما أتاح لهم حرية التحرك بمجالات أوسع، وقد تلقى هؤلاء علومهم في مدارس خاصة، كانوا يتحركون بحذر شديد، مع ذلك استطاعوا أن يستقطبوا حولهم أطيافاً واسعة من اليابانيين الذين أعلنوا تفانيهم من أجل حماية وطنهم ورمزه (الإمبراطور).

    استطاع (الشيشي) أن يؤثر في سياسة الأقاليم، وكبحت من تأثير الإقطاع، وأصبحت ظاهرتهم مقترنة بالقوة والعنف لمواجهة خصومهم، فكانوا يهاجمون الموانئ للحد من التدفق الأجنبي الذي نُظر إليه كمسئول عن إشعال الفتن، ووجد في كل مكان مقابر لضحاياهم. ولم يسلم تنظيمهم من منافسات فيما بينهم فقد كان يتم تصفية مجموعات منهم من باب المؤامرة والمؤامرة المضادة.

    يتبع في هذا الباب

  5. #5

    رد: نهضة اليابان

    تابع لما قبله

    التنافس الإقليمي

    رغم أنه كان بإمكان التنظيمات النشطة والمسلحة، زعزعة نظام الحكم في اليابان، خصوصا تشكيلات (حملة السيفين)، لكنهم لم يستطيعوا فعل ذلك لأنهم عجزوا عن لم شملهم في مختلف مقاطعات اليابان، من جهة، ومن جهة أخرى لم يرغبوا في التعاون مع الأجنبي، كما لم يرغب قسمٌ منهم في التوجه نحو المجهول، فرأى بعضهم حماية مؤسسة الملك والإصلاح من داخلها.

    كان هناك فريقان مؤثران في بعض المقاطعات الهامة مثل (ساتزوما الثانية) و(تشوشو التاسعة) و (ميتو الحادية عشرة) و (توسا التاسعة عشرة)، كان في هذه المقاطعات أعدادٌ متفاوتة من (الساموراي) والتي وإن بدا أنها وحدات مندمجة، فقد كانت ذات حدود طبيعية متميزة في المقاطعات، وكان قسمٌ من (الساموراي) يخفي امتعاضه من العهد القديم، ولكن كان هذا الامتعاض تقل فاعليته عندما تُحسب امتيازات تلك الطبقة ومصالحها، فيكون خيارها عدم الإسهام في هدم النظام.

    تسابقت عدة مقاطعات في اقتراح تعديلات على النظام، فكانت تنظم مسيرات عسكرية يشترك فيها ممثلو البلاط. ولم تكن الإصلاحات التي تمت مقنعة.

    قام (الشوغن: الحاكم الإقليمي) الشاب (إيو موشي) بزيارة إمبراطور (كيوتو) متقدما بكل خضوع تقليدي الى الإمبراطور ليحصل منه على تفويض بالحكم، وكان لدلالة تلك الزيارة، الاعتراف بكيوتو كعاصمة بديلة، وإبقاء التقليد القديم. وبعد وفاة هذا الحاكم الشاب عام 1866، أصبح التوجه الى (كيوتو) تقليداً.

    لكن الأمر الذي كان محركاً مهماً للتغيير، هو ضعف الحكام في تنفيذ وعودهم بطرد الأجانب (الغرب)، حيث عجزت المدفعية اليابانية بقصف السفن الأجنبية القريبة من شواطئ (تشوشو وساتسوما)، والذي ردت عليه السفن الأجنبية بقوة هائلة، أدرك اليابانيون من خلالها تخلفهم وعجزهم عن الإيفاء بوعودهم. وحاول القادة ترتيب صفوفهم بعد الإحساس بالخطر الخارجي.

    تحالف قوات الإعادة

    كانت مطالب الأجانب بفتح الموانئ، وما يرافقها من اتفاقيات، بمثابة جرس إنذار، عجل من التفاف عموم الشعب مع تشكيلات واسعة من (الساموراي)، وفي الوقت الذي كانت أصابع الاتهام في تردي الأوضاع تتجه الى الحكومة، فقد برزت قيادات محنكة من مجموعة من المقاطعات، استطاعت خداع الحكومة، بالتظاهر أنها تسير وِفق رغباتها، فقد قدمت الحكومة استقالتها، بناء على اتفاق تم مع القوات الزاحفة من الثوار، يقضي بإعادة تشكيل الحكومة بشكل ائتلافي، لكن القوات الزاحفة، كانت قد عملت بالسر مع الإمبراطور للتخلص من نفوذ الحكومة، وما أن استقالت الحكومة، حتى استصدر الثوار أمراً إمبراطورياً فزحفوا بقواتهم على المقاطعات كافة، ولم يلقوا مقاومة تُذكر. وقد أخذ هذا الزحف اسم (الجيش الإمبراطوري)، في حين من كان ضده هم الإقطاعيون ومجلس البرلمان (الدايميو). وكان انتصارهم في حزيران/يونيو 1869.

    من الإعادة الى الثورة

    في أثناء الزحف، أصدرت الحكومة المفوضة في 6/4/1869، ميثاقاً إمبراطوريا من خمسة بنود، هدفه تطمين (الدايميو) باستمرار دورهم في النظام. وقد صيغ الميثاق بذكاء بالعموميات. فوعد بالتئام المجالس لتسيير عجلة الدولة، وتحدث عن فرص كاملة لجميع أفراد الشعب والرسميين على السواء، وشدد على إلغاء (عادات الماضي الشريرة) وبناء كل شيء على (قوانين الطبيعة العادلة) وعلى السعي وراء المعرفة (في كافة أنحاء العالم) من أجل (تقوية أسس الحكم الإمبراطوري). هذا (الميثاق العهد) أظهر كيف يمكن لوثيقة واحدة أن تضطلع بأدوار متعددة.

    اكتشف النظام أنه من اللازم أن يكون ميالاً الى إبعاد نفسه عن الممارسات الأنانية التي وصمت النظام السابق، وبنفس الوقت تفادى الإيحاء بأية تغييرات جذرية، فكان يطلب من الناس أن يمارسوا أعمالهم كالمعتاد، ويوجه الشكر الى المجاهدين (كما كان تسميتهم شائعة).

    يقول كاتب هذا البحث (ماريوس. ب. جانسن): أن تسلسل الإصلاحات بهذه الطريقة يوحي بأنه جرى تطبيق ذكي لخطة شاملة موضوعة قَبلاً. ثم يستدرك قائلاً: ليس هناك أي دليلة تبين أنه توجد جهة تنسق تلك الخطط الذكية، وإنما كانت الأحداث والتغييرات المتتالية تدفع بظهور حلول لها بالضرورة.

    وسنحاول تلخيص ما حدث بعيداً عن تدوين الأسماء للأشخاص والمناطق لصعوبة تذكرها أو الاستفادة من ذِكرها:

    ـ وجدت حكومة جديدة، أكثر موظفيها من الشباب، لم يكن لهم مكانة اجتماعية ذات نفوذ في مقاطعاتهم. لكن القوة الفعلية المحركة استمدت بالفعل من وجود أشخاص منتقيين بعناية من المقاطعات يتمتعون بنفوذ اجتماعي ولهم القدرة على التوجيه والتأثير بمجريات الأمور.

    ـ في عام 1871، استقر الرأي أن يتجول عددٌ من الأشخاص ذوو النفوذ، في عدد من بلدان العالم المتقدم، بهدف دراسة إنشاء المؤسسات وهياكل تنظيمات الدولة، وعادوا بعد سنتين في عام 1873.

    ـ بعد الاكتمال السيطرة على المقاطعات، تم تبسيط نظام الرتب العسكرية، بعد أن كان نظاماً معقداً ينضوي تحته نصف مليون من الساموراي، فأصبح يشمل ثلاث فئات، بأسماء مختلفة. [ وهذا الوضع سيجعل الرتب العليا من الساموراي فيما بعد بالتحرك للثورة].

    ـ تم تقليص عدد المقاطعات من 250 مقاطعة الى 50 محافظة.

    ـ تم حل تنظيم الساموراي ودمجهم بالجيش، وتخفيض رواتب الفئة العليا منهم. فثار السموراي في عام 1877 ثورة كبرى تم تصفيتها وهزيمتها.

    ـ تم تشريع القوانين ودخول اليابان طريقها لأن تصبح دولة حديثة، على غرار توصيات الصفوة التي تجولت بالعالم.

    ـ كان الإمبراطور بحاجة لتكوين طبقة جديدة من النبلاء تحيط به، وما أن جاء عام 1884، حتى أصبح في اليابان 913 بيتاً قد منح لقب الأرستقراطية، خلفاً لطبقات النبلاء القديمين.

    ـ توقف الملك وأسرته عن تملك الأراضي وترك لمجلس الحكومة باقتطاع الإقطاعيات لرجال الدولة بعد أن يأخذ منهم تعهداً على أن يكونوا (مضيفين للفلاحين) وليس مالكين لهم.

    ـ أحس اليابانيون العاديون بأنهم هم الكاسبون من ثورة (المايجي)، فلقد أدت المساواة في التعليم وحرية التنقل ودفع الضرائب الى الإحساس بالعدل.

    ـ لم تكن المبالغ المعطاة للنبلاء وللأرستقراطيين الجدد، تميزهم كثيراً عن باقي الشعب ـ رغم قلتهم ـ فقد كان من المألوف أن يُرى نبيلٌ يعيش حياة الفقراء، أو يعيش في أحيائهم.

    هذه الصورة الخاطفة والسريعة تبرز بوضوح غرابة وصعوبة وصف وتصنيف فترة الإعادة في التاريخ الياباني.

    انتهى الفصل الأول

    يتبع

  6. #6

    رد: نهضة اليابان

    الفصل الثاني: ثورة المايجي وتحديث اليابان

    تقديم: كووابارا تاكيو/ جامعة كيوتو/ اليابان


    تقديم:

    الباحث الياباني هنا، لا يقدم مساهمته كمختص في التاريخ، إذ هو مختص في الأدب الفرنسي، لكن ساءه ما سمع من غمز وسوء إنصاف لثورة المايجي، فهو إذ وجد أن كثيراً من المراقبين في فرنسا والاتحاد السوفييتي السابق والصين يعطون ثورة المايجي حقها بشكل طبيعي، لكن وصف تلك الثورة بأنها ثورة بورجوازية، وإن كان لا يضيرها، فإنه ناجم عن عدم فهم دقيق لما حدث في اليابان، وهو هنا يريد أن يضع بعض النقاط المضيئة للراغبين في الاطلاع على تلك التجربة.

    لقد وصل الباحث الى أن وصف ما حدث، هو أنها ثورة ثقافية وليدة القومية. والتشديد على الجانب السياسي وحده. وكان الهدف النهائي للقائمين عليها هو: تحويل اليابان الى (دولة مهيبة ذات طابع أوروبي في جزيرة في الشرق الأقصى). وكان هناك من يقول (الانفصال عن آسيا، سيروا مع القوى الأوروبية).

    ماذا تأتى عن إعادة المايجي؟

    قيل عن الدولة التي نشأت من المايجي، أنها دولة عسكرية منذ البداية، وقد يكون هذا الكلام صحيحاً، ولكنه لا يشبه ما هو عليه في دول العالم الثالث للأسباب التالية:

    1ـ التقليد الياباني الموغل في القدم الذي حصر السلطة بيد الطبقة المحاربة.

    2ـ تأثير أفكار أشخاص أمثال (يوشيدا شويين وهوندا توشياكي وتاكانو تشووي) الذين كانوا مقتنعين بأن اليابان تحتاج الى بعض المراكز عبر البحار للدفاع عن نفسها في وجه الدول الغربية.

    3ـ الخوف من الدول الغربية الذي استحوذ على اليابانيين منذ نهاية عهد (توكوغاوا) وبلغ حداً من الصعب تفهمه اليوم.

    وقد نجحت اليابان (كما يقول الباحث) في التحديث وحققت ذلك بسرعة لا مثيل لها في تاريخ العالم. وتمثل هذا التحديث في ( ديمقراطية الحكم، ورأسمالية الاقتصاد، وإنتاج المصانع، ونظام تعليم إلزامي على الصعيد القومي، وإنشاء قوة عسكرية قومية، وتحرير الوعي الشعبي من القيود التقليدية).

    أهمية العناصر السابقة في التحديث (حسب رأي الباحث)

    1ـ الديمقراطية: يفاجئنا الباحث أنه لم يعتبر اليابان دولة ديمقراطية، ولم تصبح كذلك إلا بعد الحرب العالمية الثانية. ثم ذهب أكثر من ذلك عندما قال أنها ليست ديمقراطية تلك التي تأتي بأوتوقراط وأرستقراطيين للحكم، بل الديمقراطية هي تلك التي كانت موجودة بالاتحاد السوفييتي والصين!

    2ـ رأسمالية الاقتصاد: لم تنبثق الرأسمالية في اليابان كما هي في بريطانيا، من الطبقات الشعبية، بل جاءت رأسمالية الدولة من حكومة (المايجي) نفسها، ورأسمالية الدولة في اليابان هي شبيهة لرأسمالية الدولة في الاتحاد السوفييتي.

    3ـ لقد تم فرض التعليم الإلزامي في بريطانيا عام 1870 وفي اليابان عام 1872 وفي فرنسا عام 1882 وفي الولايات المتحدة عام 1918 وفي ألمانيا عام 1919. وتميز التعليم الإلزامي في اليابان بأنه كان عادلاً لكل عموم الشعب بعكس بريطانيا حيث كان هناك مدارس للأغنياء ومدارس للفقراء.

    4ـ إنشاء قوة عسكرية قومية: كانت المساواة في صفوف العسكريين وتبوئهم الرتب المختلفة متقدمة على نظيراتها في الدول الغربية.

    5ـ في تحرير الوعي من القيود القديمة: لا يمكن القول أن يابان (المايجي) كانت ناجحة جداً، فقد سبقهم الغرب في مفهوم الفرد ومفهوم المواطن.

    خصوصية وضع اليابان في نجاح خطط المايجي:

    1ـ الظروف الجغرافية: كانت اليابان الدولة الأبعد عن أطماع القوى الغربية عندما كانت تُعد العدة للسيطرة على العالم، فاليابان جزيرة بعيدة. وهذه تعتبر ميزة لعزلة اليابان وتفكير أبنائه دون تأثيرات خارجية.

    2ـ الاستقلال الوطني: تعتبر اليابان من الدول القليلة جداً في العالم التي لم تتعرض للاحتلال من قبل الغير. وكان لهذا أثر على أن ثورة المايجي كانت ثورة داخلية تميل للمحافظة على تقاليد وهوية البلاد.

    3ـ لم يحظَ أي بلد في العالم بفترة سلام امتدت 250 سنة كما في اليابان، وقد أتاح حسن الطالع هذا، إنضاج الثقافة بدرجة عالية من التطور.

    4ـ خلال الفترة الطويلة من السلام، كانت هناك مبادرات شعبية للتربية والتعليم، فتشير بعض الدراسات الغربية (البروفيسور رونالد دور) أنه عند بداية ثورة المايجي كانت نسبة المتعلمين في اليابان 43% للذكور و 15% للإناث، في حين أن تلك النسبة في روسيا والصين عند قيام ثورتيهما المتأخرتين عن ثورة المايجي لم تكن النسبة أكثر من 15%، وفي الهند 10%.

    5ـ تجانس الظروف والأوضاع في عموم اليابان، فبالمقارنة بفرنسا مثلاً، والتي تعتبر نموذجا لتجانس الشعب داخلها، كان في فرنسا فروق في نظم القضاء والزراعة بين شمالها وجنوبها، في حين أن تلك الاختلافات لم تكن في اليابان.

    6ـ ابتعاد اليابانيين عن الاهتمام بالفلسفة والمنطق والمناقشات النظرية، لغياب النزاعات الأهلية التي تمد المفكرين بالتأمل والتنظير، كما أنه ليس هناك خلافات مذهبية أو دينية. ويضرب الباحث مثلاً أن 300 إقطاعي سلموا أراضيهم وممتلكاتهم للإمبراطور طوعاً ودون تذمر عند قيام المايجي.

    7ـ التسليم بالأقدار: يؤكد عالم الاجتماع البرفيسور (ساكوتا كييشي) أن (هناك تقليداً قديما في المجتمع الياباني يقضي بقبول الظروف على أنها قدر مكتوب وما عليه إلا التكيف مع الأوضاع السائدة).

    8ـ إلغاء الطبقية في اليابان على يد المايجي. وعزل العامل الديني الذي كان أصلاً قليل الأثر، فمنعت حكومة المايجي التبشير بالمسيحية كما أجبرت الشيع البوذية على الإذعان لسلطتها.

  7. #7

    رد: نهضة اليابان

    شكراً أستاذتنا الفاضلة على اهتمامكم

  8. #8

    رد: نهضة اليابان

    السلام عليكم
    من اللافت أستاذ عبد الغفور ان تلك الشعوب القوية تعلمت من دروسها ومطباتها, كي تخرج منها أكثر قوة فمل يعاد عندنا التاريخ ويكرر نفسه والشعوب تتفرج؟ ألا ترى معي ان ارتباك الشعور الوطني الشعبي له أسبابه الوجيهة؟
    هل تنقل لنا كتابا هاما إذا؟ جهد قيم نعجز فيه عن الشكر ..
    لك كل التقدير

  9. #9

    رد: نهضة اليابان

    وعليكم السلام أخي الفاضل فراس

    لقد قرأت الكتاب ومثله عن اليابان منذ عدة سنوات، عدة مرات، وكل مرة أقرأ بها مثل تلك الكُتب، أكتشف أشياء جديدة، ولما كانت عملية التلخيص وإهمال ما يجعل الملل يدب بالقارئ، كانت تلك المعلومات تترك أثراً أكبر في نفسي كقارئ..

    قد تكون مثل القراءات تفيد في مسألة المواضعة بين حالنا وأحوال الشعوب التي لها تجارب تفيد البشرية، وقد يكون لتطرف اليابان الجغرافي ميزة لا نستطيع جعلها ترافق واقعنا، حيث لم تُترك منطقتنا وشأنها منذ آلاف السنين..

    ولكن وجه الشبه الذي يمكن أن يُكيفه رُوَّاد الثقافة، هو أن الجهود التي بُذلت في اليابان، كانت ـ على اختلافها ـ تصب فيما آل إليه الوضع النهائي. في حين أن حالنا ـ وإن كُنا لا نغفل المحاولات الكثيرة والجادة ـ من أبناء أمتنا، لكنها مع الأسف لم تفلح لغاية الآن في التنسيق بين تلك الجهود ليكون فعلها ظاهر، ولكن لا بُد أخيراً من أن تهتدي النُخب والطلائع الثقافية والسياسية الى الوصول الى فك شيفرة الأسلوب الذي يوصلها لمبتغاها...

    أشكركم جزيل الشكر على مروركم الكريم وتساؤلكم القيم

  10. #10

    رد: نهضة اليابان

    الفصل الحادي عشر: دور الأدب في إنماء الثقافة

    تقديم: لاريسا ج. فيدوسييفا/ أكاديمية العلوم في موسكو

    (1)

    إن الأدب القصصي عنصرٌ هام من مكونات الثقافة، لأنه يشكل نظرة خاصة الى الحقيقة الموضوعية، كما أن مسألة الاتجاهات المستقبلية في إنماء المجتمع البشري تكتسب أهمية خاصة اليوم. فأية قيمة أخلاقية سوف ينميها المربون الثقافيون بين أبناء جيل الشباب في العالم؟ أي نوع من الوعي الاجتماعي سوف يتصف به هذا الجيل؟ ما هي الدروب التي سوف يسلكها المثقفون الشباب في مختلف بلدان العالم؟ هذه الأسئلة جميعها هامة بالنسبة للإنسانية جمعاء.

    إن الدور الهام الذي تلعبه القصة في قولبة نظرة العالم والقناعات الفلسفية للشباب معروفٌ جداً. فبالتأثير على الأحاسيس وليس فقط على العقل البشري يمكن للقصة أن تكون أحياناً فعالة في زرع أفكار معينة في الوعي الإنساني. فهي تؤثر على عملية التفكير دون إكراه ظاهر، جالبة الى الفرد شعوراً بالرضى بل والمتعة. إن الرسالة التي يحملها عملٌ فني غالباً ما تصبح شخصية فيدركها المرء على أنها رسالته الشخصية، الأمر الذي يساعد على صياغة صورة للعالم أكثر تماسكاً.

    إلا أن تأثير الأعمال الأدبية كمصدر للتنوير المعنوي للإنسانية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى إدراك القارئ لها. فإن جوهر الإدراك شيء يتقرر على ضوء المنظومة: الحقيقة والمؤلف والعمل الأدبي والنقد والقارئ. فكلما ازدادت الارتباطات التاريخية والاجتماعية والأخلاقية والعقلية والعاطفية التي يستثيرها المؤلف في قارئه، ازدادت درجة فهم الإنسان للإنسانية ولكفاحها وانجازاتها وسعادتها.

    (2)

    لقد تمكن العالم الياباني (ناغاشيما نوبويشيرو) عن طريق مقارنة الحضارتين الغربية واليابانية، من تحديد 30 صفة نموذجية للقيم السائدة في الشرق والغرب. وأهمها هي (ثقافة متجاوبة مع الآخرين).

    ليس من قبيل المبالغة القول بأن (تجاوب) الثقافة اليابانية مع حضارات الأقسام الأخرى من العالم بدأت بالظهور بعد ثورة 1868، التي كان لها أثرٌ بالغ جداً على تطوير الثقافة اليابانية بشكلٍ عام. فقد وضعت اليابان بعد عام 1868 حداً لعزلة دامت قروناً عديدة وفتحت أبوابها للثقافات الأخرى.

    وحسب الباحث الياباني (أوتا سابورو) فإن تولستوي وتورجينيف ورولان وموباسان [ الاثنان الأولان روسيان، والاثنان الآخران فرنسيان] هم من المؤلفين الأجانب الذين يقرأ اليابانيون مؤلفاتهم بانتظام. ويقول (أوتا) عنهم: إنهم يابانيون، وظلت مؤلفاتهم لأكثر من نصف قرن وخلال تبدل الأجيال تجد قراءً لها في اليابان. لقد وفروا دوماً لليابانيين غذاءً روحياً لا بديل عنه.

    لا يخفي الكاتب الروسي لهذه المقالة، تضخيمه للدور الروسي أو السوفييتي في تحرير الإنسان الياباني، فيستشهد بأعدادٍ من الروس مثل (مكسيم غوركي) و (ماياكوفسكي) و (فورمانوف) و (فادييف) وكثيرين غيرهم، وكيفية إقبال المثقفين اليابانيين على دراسة هؤلاء والاستزادة من مؤلفاتهم.

    (3)

    وبعد انكسار اليابان في الحرب العالمية الثانية، انتشر الفن الانحطاطي المتولد من تدني القيم الإنسانية، وتاليا من خيبة الأمل على نطاق واسع في يابان ما بعد الحرب. ففي مقالة نموذجية (حول التدهور المعنوي) كتب (ساكاغوشي انغو) عام 1946 يقول: (يسقط الإنسان بسهولة، ويسقط كذلك الأبطال والقديسون دون أن يستطيع أحدٌ الإمساك بهم. ولا يستطيع أحدٌ أن يُنجي الآخرين بالإمساك بهم. فالإنسان يحيا والإنسان يسقط. وحده طريق السقوط المستمر الى الهاوية يدفع بالإنسان الى اكتشاف ذاته وبالتالي مساعدة نفسه والآخرين).

    وبلغ ما يُعرف ب (الأدب الفيزيولوجي) الياباني مرحلة غليان في هذه الفترة، و(قصة العقرب) ل (كورهاشي يوميكو) مثال عليه. وقد تأثر يابانيون بسارتر كما تأثروا بالماركسية، ولكنهم في بحثهم عن الصراع بين الخير والشر، لم يستطيعوا التوفيق بين الوجودية والماركسية.

    في عام 1965 حدد (نوما) مؤلف رواية (شبان معاً) عدداً من الاتجاهات في الأدب الياباني: 1ـ ما يُسمى بالفن الخالص. 2ـ المؤثرات العسكريتارية. 3ـ الواقعية التي تلفت النظر، إنما ليس بالضرورة من موقع ماركسي، الى مشاكل المجتمع الحديث. 4ـ الأدب الكاشف لتناقضات حقائق اليوم من وجهة نظر ماركسية. والجدير ذكره أن تأثير مأساة (هيروشيما ونجازاكي) [ المدينتان اللتان ضُربتا بقنبلتين نوويتين] تقع ضمن نطاق الاتجاهين الأخيرين.

    (4)

    منذ أواسط السبعينات من القرن العشرين، انخفض انتشار الكتب الأدبية السوفييتية، وتوقفت حالة الإعجاب بالأدب السوفييتي.

    ولكن الكاتب للمقالة، لا ينسى ذكر أن القراء السوفييت كانوا لا يتركون عملاً أدبياً للكاتب الياباني الشهير (اكوتاغاوا ريونوسوكي) منذ عام 1924، إلا ويقومون بترجمته وقراءته. ويقر اليابانيون بأن هذا الكاتب لم تُترجم أعماله في أي بلد بالعالم بهذا القدر الذي حدث في الاتحاد السوفييتي.

    كما أعجب السوفييت بأعمال أدباء وفلاسفة يابانيين أمثال: آبي كوبو صاحب رواية (امرأة في الكثبان الرملية 1966) و أوي صاحب (يوميات بينشيزان) كينزابورو الذي يتحدث افتراضاً، عن رجل يختار طريقه الخاص في الحياة. وأندو شوساكو وكايكو تاكيشي وغيرهم.

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. حكي في المحكي (1) المقاومة لخدمة مشروع نهضة الأمة
    بواسطة مصطفى إنشاصي في المنتدى فرسان الأبحاث الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-11-2018, 07:18 AM
  2. نهضة الشعر!!!
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى العرُوضِ الرَّقمِيِّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-03-2016, 09:50 AM
  3. في اليابان ...
    بواسطة رياض محمد سليم حلايقه في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 09-14-2013, 02:42 PM
  4. نهضة مصر :: شعر :: صبري الصبري
    بواسطة صبري الصبري في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 02-02-2012, 07:58 PM
  5. نهضة أم طفرة - عبدالصمد زيبار
    بواسطة عبدالصمد زيبار في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-25-2011, 03:07 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •