جوامع الكلم و خواتيمه . المقالة التاسعة . إن مكاشفة النص هذا من جميع جوانبه وتقليبه على جميع أوجهه, ظهرا عن بطن وبطنا عن ظهر, يضع الأمور في نصابها ويرد النزعة إلى أهلها . فمن عجائب الصدف أن يكون عمر بن الخطاب رض النازع الى أهواء أهل البدع والمبتدر إلى أهل الكتاب توخيا لإجابة عن سؤال في خاطره . عجيب أن يكون عمر رض الصحابي الأكثر بصيرة ببواطن عقل العرب يلوذ بأهل التوراة تنقيعا لغليل الفضول وحب الرغبة لديه . إلا أن حب الفضول عند عمر رحمة بالأمة . ألا ترى أن عمر لم يحاجج نبي الرحمة بحجة ولم يرد عليه في لجة بل قبل عن طيب خاطر بما أدلى به النبي العربي . فلم يرد عمر وما أراد بالنبي والإسلام إلا خيرا . وكان كل ما يثيره من تساءل ومساءلة انما يؤدي بالمحصلة الأخيرة إلى دفع الرسالة المحمدية إلى الأمام وتسهم في إكتمالها وبلوغها غاياتها. إنه من جمال حكم القدر أن عمرالذي ينزع إلى إلى أثارة الشكوك حول رسالة النبي العربي هو أكثر الصحابة يقينا واستيقانا بصدق رسالة نبي الرحمة . وإلا هل جرب العرب على عمر بدعة وميلا إلى هوى بعد رحيل النبي الأمي محمد عليه رحمة السماء . هل عرف العرب منه بدعة بعد خلافة راشدة طويلة ومديدة . بل لقد كان عمر أرحم بالعرب من نبي العرب . وجهد بإلهام مستقاة من وادي عبقر على تنفيذ سنة الرسول ص قذا بقذ والسير عليه حافرا بحافر . أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي.