منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 6 من 6
  1. #1

    Lightbulb الحرف اليدوية.. العملاق المقيد

    الحرف اليدوية.. العملاق المقيد
    2006/04/16
    أمير إبراهيم
    "ذوات".. فتاة من صعيد مصر تعلمت صناعة "التللي"* بدورة تدريبية على تلك الصناعة، وبعد انتهاء الدورة التي استمرت ما يقرب من 6 أشهر تم اختيار 3 فتيات- كانت ذوات من بينهن - من المتدربات؛ ليقمن بتعليم مجموعة أخرى.
    ولقد أتقنت ذوات صناعة "التللي" وعشقتها وكان إنتاجها هي وزميلاتها مميزا ورخيصا مقارنة بأسعار "التللي" في القاهرة، فالجلابية تباع ببلدتهم بأسيوط (مدينة تقع جنوب القاهرة) بحوالي 150 جنيها(الدولار=5.74 جنيه مصري)، بينما تباع في القاهرة بمئات الجنيهات ويستغرق العمل في الجلابية ما بين 10 إلى 15 يوما.
    وعندما عرفت الفتاة الصعيدية أن هناك معرضا تم افتتاحه في بيت السحيمي ** "للتللي" أحضرت إنتاجها وجاءت لبيعه في القاهرة. وهناك التقت بأعضاء جمعية أصالة وبدأت في الاتفاق معهم على تسويق منتجاتها وبيعها.
    أصالة تحافظ على الأصالة
    قصة "ذوات" ألقت الضوء على أحد أدوار جمعية أصالة على مدى اثنتي عشرة سنة هو عمرها الآن، والتي سعت خلالها للحفاظ على التراث الفني وطابع الأصالة في مجالات العمل الحرفي والفني المختلفة، وتحقيق التواصل والتلاقي يبين الحرفيين العاملين على أرض الواقع والأكاديميين الدارسين للأصول النظرية لهذه الحرف، واستفاد كل طرف منهما من الآخر، وعاد ذلك بشكل أوسع على الشباب الذين تم تدريبهم.
    وهو ما يذكره عز الدين نجيب رئيس الجمعية الذي أضاف أن هناك طرفين آخرين من المهم خلق التواصل بينهما، وهما الجمهور والمنتج الذي يخرج من الجمعية؛ لذلك حاولنا أن نعيد الجسور بيننا وبين الجماهير التي انقطعت صلاتها بالمنتج الحرفي ذي الطابع الثقافي لأنه يتحدث لغة غير لغتهم في بعض الأحيان؛ لذا فقد حرصت الجمعية على أن يحمل المنتج رؤية جمالية نفعية بلغة يفهما الناس وتحترم عقولهم وأذواقهم دون استعلاء أو تقعر حتى يبدأ المستهلك باستيعاب المنتج الفني لأنه أحد مخرجات الجمعية.
    ولأن الحفاظ على الحرف والفنون التراثية وتنميتها يتطلب معرفة كاملة بما توورث منها عبر العصور، عكف باحثو موسوعة الحرف التقليدية في الجمعية على اكتشاف وتوثيق وتحليل الحرف المصرية، وبدأنا -كما يقول رئيس جمعية أصالة- في التقصي عن أسباب تدهور بعض الحرف واندثار البعض الآخر، والبحث في كيفية علاج ذلك وعرض الوجه المشرف لتراثنا الحرفي والفني الأصيل.
    مزايا الحـرف
    الحرف اليدوية تخلق فرص عمل أمام آلاف الشباب
    وخلال السنوات الماضية، قامت الجمعية بتدريب مئات الشباب على الحرف اليدوية المختلفة مثل الحفر على الخشب، والنحت والمنتجات الخزفية والزجاجية والمصنوعات النسيجية اليدوية والحلي، كما أقامت عدة قاعات ومنافذ للعرض الدائم لمنتجات الحرف التقليدية والفنون التشكيلية، فضلا عن إنشاء ورش عمل دائمة ومتنقلة لتعليم تقنيات ومهارات تلك المهن.
    وكان من بين المستهدفين من الشباب طلاب الجامعات وبدأت الجمعية بتدريب طلاب جامعة القاهرة ،ووجدت إقبالا كبيرا على التدريب والتعليم من الطلاب. ويضيف رئيس جمعية أصالة أن الحرف التقليدية فرصة حقيقية لرفع الدخل لأبناء المجتمعات المختلفة، وتدعيم سياسة الاعتماد على الذات على المستوى المحلي، فعدد منشآت الحرف التقليدية المقيدة بالسجل الصناعي بالهيئة المصرية العامة للتصنيع حوالي 2036 منشأة، توفر 32 ألف فرصة عمل، وتحتل القاهرة المركز الأول من حيث تواجد هذه المنشآت؛ ففيها حوالي 770 منشأة.
    و تعتمد الحرف التقليدية على حشد الموارد والإمكانيات المحلية من خامات وشبكات اجتماعية. كما أنها تتم بأيد عاملة ماهرة، وتستطيع أن تستوعب عمالة كثيفة ومن السهل تأهيل من يرغب من العاطلين واستيعابهم بقدر يسير من الجهد فهي تتميز بعدد من السمات تؤهلها لأن تكون ملاذا للعديد من الباحثين عن مصدر دخل مميز؛ حيث تمتاز الحرف التقليدية بأنها ذاتية النشأة فغالبا ما يتوارثها الأبناء، ويضمن هذا توافر عدد معقول من الحرفيين المهرة الذين يمكنهم تدريب الشباب، واحتياجاتها من المعدات والآلات ومستلزمات الإنتاج بسيطة، وغير مرتبطة بمكان عمل خاص، هذا بالإضافة إلى أن أغلبها يتبناها المجتمع المدني بشكل عام أو القطاع الخاص.
    الابتكار في التسويق
    صناعة الزجاج من أقدم الحرف اليدوية
    تسويق المنتج يمثل العقبة الأشد صعوبة أمام الجمعية، وخشية من تحول الجمعية عن أهدافها الاقتصادية الثقافية الاجتماعية إلى جمعية ثقافية فقط قد تندثر ملامحها بعد فترة؛ قرر القائمون عليها أن يخوضوا تجربة التسويق بفكر جديد يساعد على عدم هجر الحرفيين لمهنتهم، واستقدام المزيد من العمال والمتدربين المهرة.
    اخترقت "أصالة" الأسواق المصرية بمنتجاتها بأسعار بسيطة، وراعت أن هناك منافسة قوية من المنتجات الصينية المقلدة الموجودة في الأسواق، ونجحت في تسويق منتجاتها في الأسواق السياحية والعامة، والأكثر من ذلك أنها نجحت في تسويق منتجات مراكز وزارة الثقافة التي بقيت في المخازن لأكثر من 25 عاما دون تسويق، حيث كانت اللوائح الحكومية تفرض توريد قيمة البضائع التي تباع من إنتاج الوزارة إلى خزينة الدولة، ولم يكن الصانع يحصل على أي شيء منها إلا بعد التسويق بفترة.
    لكن الجمعية دعمت الحرفي ماديا واعتبرته شريكا في النجاح، واحتضنته ولم يكن ذلك على مستوى الحرفيين الموجودين في الجمعية أو الوزارة فقط، لكنه تعدى هذا النطاق وشمل مناطق ومراكز كثيرة في مصر.
    وقد شاركت الجمعية في العديد من المعارض الداخلية والخارجية والورش بألمانيا وكندا ولندن وبروكسيل فضلا عن المعارض التي اشتركنا فيها بمصر. وشجع هذا النجاح جمعية أصالة على الدعوة لإقامة مدينة الحرف التقليدية بالفسطاط وهو ما حدث بالفعل.
    تصدير المنتجات
    انطلاقا من أهمية تصدير منتجات الحرف اليدوية قامت "الجمعية المصرية للحفاظ على الموروثات الشعبية" بتوقيع اتفاق مع جمعية المصدرين المصريين، بهدف تنمية الصادرات من "التللي"، وبموجب هذا الاتفاق تقوم جمعية المصدرين بإدراج منتجات "التللي"النسيجية ضمن قائمة "القاطعات" التسويقية بغرض التصدير للخارج والترويج لهذا المنتج.
    كما تقوم جمعية المصدرين بموجب الاتفاق بتقديم جميع الاستشارات الفنية والتسويقية لأعضاء "الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية"، وتحدد أهم الأسواق الخارجية المستخدمة، وحجم الفرص المتاحة، وتحديد الخطط الإعلامية والتسويقية التي تساهم في زيادة الصادرات من "التللي"، وفي إطار هذا الاتفاق قامت الجمعية الشعبية للمأثورات بالاشتراك في معرض فرنكس للأثاث والذي تنظمه جمعية المصدرين بالقاهرة.
    ويضيف أحمد محسن أحد أعضاء "الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية" أن أهداف الجمعية ترتكز على شقين أساسيين: أحدهما الشق الخدمي والذي تحاول من خلاله الجمعية تدريب الشباب على ممارسة المهن التقليدية، أما الشق الثاني فيتعلق بتجميع مادة علمية حول تلك الحرف من المحافظات المختلفة وتشكيل فرق للقيام بهذه المهمة.
    فرصة عمل وحياة كريمة
    استطاعت تلك الجمعيات وغيرها من مؤسسات التدريب على الحرف اليدوية بناء أشخاص نافعين مميزين وخلقت لهم فرصة عمل توفر حياة كريمة.
    فمحمود عيد شاب حاصل على بكالوريوس التجارة، فشل في العثور على عمل، فجاء لجمعية أصالة ليتعلم النقش على النحاس، وقرر أن تكون يده هي مصدر دخله، وشعر أنه من الممكن أن يصبح أفضل حالا لو بحث على طرق للتسويق والترويج.
    ويرى محمود أن منتجات الحرف مميزة وتبهر السياح لكن ربما تكون حالة الركود وضعف القطاع السياحي خلال الفترة الماضية سببا لحالة الركود في سوق المشغولات اليدوية. ويتساءل محمود: لماذا لا نصدر للعالم إنتاجنا الأصلي الذي يفوق أي منتج يدوي يصنع في العالم كله؟ فنحن لا نستخدم الآلات الحديثة كما يفعلون لكننا نعتمد على النقش باليد لأننا نريد أن تظل تلك المشغولات "أصلية".
    أما الأسطى حسن -صاحب إحدى ورش تشكيل الزجاج- فحرص على تعليم أبنائه حرفة تشكيل الزجاج وفي نفس الوقت لم يحرمهم من حقهم في التعليم، فالحرفة اليدوية كما يقول الأسطى حسن ضمان للإنسان من الحاجة والفقر، وبديل عن انتظار وظيفة حكومية لا تأتي في الغالب، كما أنها مصدر للدخل من الممكن أن يجلب رزقا يجعل صاحبه ثريا للغاية وبسرعة.
    رؤية للنهوض
    هناك العديد من العقبات والمشكلات تواجه ازدهار هذا القطاع، ويراها الدكتور حسام البرميلي -الأستاذ بكلية الهندسة جامعة عين شمس- متمثلة في:
    - نقص المعلومات لدى الجهات القائمة على تنمية تلك الحرف.
    - غياب إستراتيجية قومية شاملة لتطوير تلك الحرف.
    - عدم وجود برامج تستوعب طاقات الشباب المهيأ للعمل في قطاع الحرف اليدوية.
    - عجز الكيانات العملاقة الحكومية عن مساندة ذلك القطاع.
    - ضعف البنية التنظيمية لقطاع الصناعات التقليدية.
    - غياب البرامج التي تخدم تنمية الصناعات التقليدية من التعليم الفني.
    - ويأتي أخيرا تأثير المناخ الثقافي السائد من عدم احترام كل ما هو موروث أو محلي بما في ذلك الحرف التقليدية، والذي تغذيه أجهزة الإعلام ليكون العقبة الثقافية والمجتمعية أمام صناعة الحرف اليدوية.
    ويطرح الدكتور البرميلي رؤيته للنهوض بالحرف اليدوية كي تصبح أداة فعالة في مواجهة البطالة فيقول: إن النهوض بذلك القطاع يحتاج إلى رؤية شاملة تقوم على توحيد الجهود وإنشاء هيئة قومية لمساندة هذه الصناعات ودعمها وتكوين قواعد بيانات عنها والتواصل مع الهيئات الدولية المعنية، وتوفير الخدمة الاستشارية المجانية للصناع الحرفيين.
    ويؤكد الدكتور البرميلي على أهمية القيام بدراسات مستقبلية للتنبؤ بالأبعاد الاقتصادية لتلك الحرف والبحث عن طرق لتنميتها، وإعداد دراسات جدوى للمشروعات الصغيرة في المحافظات، ودعم الخامات المستوردة التي تدخل في بعض الصناعات التقليدية كالفضة والنحاس والصدف والعاج والأخشاب، وكذلك دعم المنتجات الموجهة للاستثمار والعمل على ربط التعليم الفني بالحرف التقليدية.
    ولأن التسويق هو المشكلة الأساسية التي تواجه أي منتج فعلينا أن نواجه تلك المشكلة بضرورة دعم الطلب المحلي على المنتجات التقليدية وإعطاء منشآتها ميزة اقتصادية تساعدها على الاستمرار في حالة وجود أزمات والسعي لنتبنى نمطا غير تقليدي لتنمية السياحة من خلال التركيز على تشجيع الطابع المحلي وإبرازه أمام السائح فضلا عن إقامة المعارض بالداخل والخارج وإصدار كتيبات توزع على السياح بالأسواق التي يوجد بها المنتج الحرفي الموجود في مصر.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    اضافة

    سوق المهن اليدوية في دمشق:أنامل ماهرة تعمل بخفة وأناة، لتستعيد تراث الأجداد

    دمشق - إبراهيم حاج عبدي:

    تكثر في مدينة دمشق الأسواق، ولكل سوق خصوصيته المختلفة عن الأخرى، ولعل السوق الذي حاز شهرة أكثر من غيره، هو سوق الحميدية الذي يشمخ في نهايته الجامع الأموي الكبير، والذي تكثر فيه محال الألبسة، والأحذية، والأزياء التراثية الفلكلورية، فضلاً عن طقوس البيع والشراء الشامية العريقة التي يتمتع بها هذا السوق، وهو مقصد للسائح العربي والأجنبي، وهناك أيضاً أسواق أخرى قديمة مثل سوق ساروجة، وسوق العتيق، وسوق الخجا وغيرها من الأسواق التي لم تستطع الأسواق الحديثة الراقية التقليل من شأنها مثل سوق الحمراء، والصالحية، وأبو رمانة... فلكل سوق رواده ومعجبوه.
    بيد أن السوق الذي يلفت النظر، ويثير الانتباه هو سوق المهن اليدوية الذي يدخله الزائر من خلال بوابة واسعة يعلوها قوس حجري، وما ان ينزل درجات قليلة، بعد عبوره البوابة الرئيسة، حتى يجد نفسه بين صفين من المحلات المتقابلة والمتوازية بينهما شارع ضيق بعرض حوالي خمسة أمتار وطول حوالي 200متر يتجه من الشرق إلى الغرب، وثمة باب صغير يقع في منتصف الصف الجنوبي يقود الزائر إلى فناء مربع واسع تحيط به من الجهات الأربع محال أخرى تشكل مع سابقاتها سوق المهن اليدوية الذي لا يخلو من الزوار لا سيما في فصل الصيف حيث تزداد حركة السياحة.
    هذا السوق مع المتحف الحربي الذي يقع بقربه، يشغلان معاً البناء الذي هو في الأساس المدرسة السليمانية ذات الطابع المعماري الجميل، التي يعود بناؤها إلى المرحلة العثمانية حيث بناها السلطان العثماني سليمان القانوني سنة 1566م كما تشير اللوحة المعلقة أمام البوابة الرئيسة للسوق، وقال بعض الحرفيين في السوق إن المكان الذي تشغله هذه المحال كان في الماضي عبارة عن غرف لسكنى طالبي علوم الدين والفقه الذين كانوا يتوافدون من جميع الأمصار والأصقاع إلى مدينة دمشق لتلقي العلم والمعرفة في هذه المدرسة، أي أن هذه المحال كانت في الماضي سكنا للطلاب شبيها بالمدن الجامعية بلغة العصر الحديث.
    والمعروف أن مدينة دمشق ونظراً لعراقتها تشتهر بكثرة المبدعين من الصناع والمهرة الذين يبرعون في الصناعات اليدوية المختلفة، وهكذا تتوافر في هذا السوق مجموعة من هذه الحرف النادرة: صناعة السيوف الدمشقية، صناعة القش، الحفر على الخشب، المطروقات النحاسية، الصناعات الجلدية بمختلف أنواعها، الموزاييك الدمشقي والصدفيات، الشال والبروكار الدمشقي، صناعة الزجاج.. وسواها.
    ورغم الإمكانيات القليلة والأدوات اليدوية البسيطة التي يستخدمها هؤلاء المهرة غير أنهم كثيراً ما يرسمون - بخفة حركاتهم، ودقة صنيعهم - الدهشة على محيا السائح الأجنبي الذي لا بد وأن يقوم بجولة في هذا السوق للتعرف على آلية هذه الصناعات، وللوقوف أمام مهارة الإنسان في صوغ الجمال بعدة بسيطة، فيقتني من الأدوات ما يناسب ذوقه وميوله مشفوعاً بكلمة شكر ويوجهها لتلك الأنامل التي صنعت هذا الجمال، وهي قطع وسلع صغيرة تخبئ في أشكالها، ونقوشها، ورسومها عبق التاريخ الغابر، وتروي للمهتمين بعوالم الشرق وسحره حكايات الزمن الآفل، ففي ردهات هذا السوق تعمل الأنامل بمهارة وأناة لا تستطيع الآلة العصرية، مهما تطورت، أن تضاهيها.
    في عمليات البيع والشراء التي تتم في هذا السوق يسمع المراقب لغة ثالثة مختلفة، فالسائح الذي يود الشراء لا يتقن العربية كما أن الحرفي لا يتقن لغة الوافد تماماً (الإنكليزية، الفرنسية الألمانية، الأسبانية، الروسية..) الأمر الذي يدفع الطرفين إلى التفاهم بلغة ركيكة تحمل مفردات من هذه اللغة وتلك غير أن القطعة، المتقنة الصنع، تنقذ الموقف بجمالها الصامت وتخرج البائع والشاري من المأزق، إذ تفصح عن نفسها بسلاسة ومن دون لغة، فمعايير الجمال مهما تباينت بين الشعوب تبقى متقاربة وواحدة.
    لعل الوجه الأبرز في هذا السوق هو الحرفي حسام الدين ترجمان الذي يعمل منذ أكثر من نصف قرن في مهنة الحفر على الخشب ونحت المجسمات الخشبية يقول عن مهنته "يعود تاريخ هذه المهنة إلى مئات السنين، فهي من أقدم المهن التي عرفها الإنسان إلى جانب صناعة الفخار والزجاج". يقوم ترجمان بصناعة أشكال مختلفة وكثيرة امتلأ بها محله الصغير فهو يصنع كراسي صغيرة لقراءة القرآن الكريم، ومهابيج للقهوة العربية، ومناقل، وأجرانا للثوم، وينحت من الخشب الغزلان، والنسور، والأفاعي، والجمال، واللقالق، وكذلك ميداليات ودمى متنوعة، ويزين صناعته بأشكال ورسومات تعبر عن التراث العربي والإسلامي. يأتي ترجمان - كما يروي - بالمادة الأولية لمهنته، أي الخشب، من جذوع الأشجار وأغصانها مراعياً في ذلك الفروق بين الحفر، والنحت فهو يستخدم للأول خشب الجوز، والزان، فيما يستخدم للثاني خشب الزيتون معللا ذلك "أن لخشب الزيتون تموجات تناسب عمل النحت".
    وبرع ترجمان في صناعة المسابح وقد سجلت مسبحته الضخمة، المؤلفة من 33قطعة خشبية والتي تزن 50كيلوغراماً، في موسوعة (غينيس) للأرقام القياسية، حسب قوله.
    ومن الصناعات التي تشتهر بها مدينة دمشق صناعة البروكار الدمشقي، و"البروكار" كلمة كردية تعني "صناعة إبراهيم" لكن تعريف البروكار عالمياً هو "قماش مصنوع من الخيوط الحريرية الطبيعية تدخل فيه المادة الذهبية والفضية لتزيد من جماله وبهائه"، ويقول أحمد شكاكي، أحمد معلمي هذه الصناعة، بأنها "صناعة متوارثة، مأخوذة عن الأجداد، تناقلها الأجيال حتى وقتنا الحالي"، وتعتمد هذه الصناعة على النول الخشبي القديم الذي لم يبق منه سوى ثلاثة في دمشق، بحسب ما يروي شكاكي الذي يضيف بان البروكار هو علم بحد ذاته "يعتمد على الرياضيات في حسابات الخيوط في التصميم المعطى، وعلى الميكانيك في صيانة وضبط النول اليدوي المستخدم".
    ويوضح شكاكي، الذي شارك في معارض دولية كثيرة، بان "البروكار الخفيف يستخدم للألبسة، في حين يستخدم الوسط لعمل جاكيت أو "لامبادير" أو أعمال الديكور، بينما يستخدم الثقيل منه للمفروشات وورق الجدران"، وهو يفتخر بانه قام بتصنيع قماش أرائك مجلس الشعب بدمشق، وكذلك أرائك غرفة استقبال الرئيس بشار الأسد في كل من الجامع الأموي، وفي مطار دمشق الدولي.
    ويعد أبناء القزاز من الحرفيين القدامى في هذا السوق والذين اشتهروا بصناعة الزجاج اليدوي فهم يعملون أيضاً منذ أكثر من نصف قرن في هذه المهنة، ويقول أحدهم "إن هذه الصناعة قديمة جداً ومرت في مراحل كثيرة حتى وصلت إلى رحلة الآلة، غير أن بصمة الإنسان الماهرة ظلت السمة الأساسية في هذه الصناعة"، وتشمل صناعة الزجاج أدوات الزينة المختلفة، والأدوات المنزلية كالثريات، والمزهريات، والشمعدانات، والكؤوس، إضافة إلى أدوات لتجهيز بعض الديكورات للفنادق والسفارات والمكاتب والمنازل.
    ومن المهن الأخرى التي حازت الشهرة في هذا السوق مهنة الموزاييك والصدفيات، ويقول يحيى ناعمة عن صناعة الموزاييك "انها تمر في مراحل عدة وتبدأ بعملية قطع الأخشاب: الجوز، الحوار، الكينا، الورد.. ثم تنظف من الشوائب بآلة تسمى "الرابوت" فتصبح القطعة الخشبية ذات ملمس ناعم ثم تجمع هذه القطع وفق شكل معين: علبة، طاولة، إطار صورة..
    وثمة مهنة مكملة للموزاييك هي مهنة "تنزيل الصدف على الموزاييك" ويتم ذلك - كما يقول ناعمة - بحفر بعض الأماكن في القطعة المصنوعة، وتفريغه بواسطة الأزاميل ثم يوضع الصدف في ذلك الفراغ، وتلي ذلك عملية وضع المعجون على القطعة المصنوعة لسد الفراغ، ثم تبدأ عملية التنعيم والتزيين لنحصل أخيراً على القطعة المطلوبة المزينة بصدف من مختلف الألوان كالأصفر، الزهري، الأسود. ويضيف ناعمة "يحصل الحرفي على الصدف من أماكن مختلفة بعضها من سورية، وخصوصاً من نهر الفرات، وبعضها الآخر يستورد من اليابان أو أمريكا إذ لا يوجد هذا النوع الأخير إلا في المحيطات، وهو باهظ الثمن، فسعر الكيلوغرام الواحد منه يصل أحياناً إلى 5000ليرة سورية (ما يعادل 100دولار أمريكي).
    تلك هي الصورة المقروءة المصغرة التي يمكن التقاطها للسوق الذي تكثر في جنباته مهن كثيرة لا يمكن الإحاطة بها في تحقيق صحافي واحد، وتبقى الملاحظة الجلية والمهمة هي أن أطياف الماضي تتراقص في عيني السائح، وهو يتحسس بلطف ودهشة الأشكال المصنوعة فكأنما بذلك يقدم الشكر لحرفيي دمشق على منحهم إياه لحظات جميلة سوف يذكرها طويلاً هناك في منزله البعيد، وهو يراقب باعجاب القطع الجميلة التي جلبها معه من سوق يتوسط مدينة دمشق يسمى سوق المهن اليدوية.. يستعيد بأشكاله وزخارفه جانباً منسياً من تاريخ الأجداد في هذه المدينة التي تغنى بجمالها الشعراء والرحالة.أ


    جريدة الرياض-الخميس 06 جمادى الأولى 1425العدد 13152 السنة 40

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    مركز الجسرة في البحرين للحرفيين هذه الصور للمركز ...
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    هذا مركز الجسرة ..


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4
    صناعة النسيج التي تشتهر فيها قرية بني جمرة في المركز ركن لرعاية هذه الحرفة الرائعة ..


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    صناعة السلال والسفر وغيرها ...



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5
    صناعة الفخار التي تشتهر بها البحرين



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    صناعة بعض الاطعمة الشعبية مثل الخنفروش والرقاق وغيرها
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  6. #6
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    تطريز الثياب ( كما نسميه النغذة وغيرها ) واثواب النشل
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. الجرف الصامد
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-30-2014, 08:29 AM
  2. الحرف القرمزي
    بواسطة ريم بدر الدين في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-06-2013, 10:49 PM
  3. عواذل الحرف
    بواسطة إبراهيم عبد الله في المنتدى فرسان النثر
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 10-21-2012, 10:28 PM
  4. رسالة إلى العملاق
    بواسطة رضا خامة في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-03-2008, 09:47 PM
  5. الحبار العملاق!
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان البحار.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-09-2007, 08:13 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •