المعالم الدينية في وادي الخابور

[جلال السفان الطائي]

المعالم الدينية في وادي الخابور


حضارة وادي الخابور :
حضارة وادي الخابور الكبير، الذي يرجح أنه يقع ضمن مملكة (سوبارتو) الواسعة، التي كانت تمتد من (انزان) في (عيلام) حتى جبال طوروس، شاملة منطقتي الهلال الخصيب العليا والوسطى، والقوس الجبلي الواسع من (كرمنشاه) و(كروشتان) فسوريا وفلسطين وقد تعاقبت على هذا الوادي حضارات عريقة يرتقي بعضها إلى الألف الثامن قبل الميلاد وتذكر كتب التاريخ أن من بين الحضارات القديمة التي عرفتها الجزيرة السورية حضارة السوبارتيون وهم الشعوب التي عاشت في الألف الثالث قبل الميلاد وما بعده حين اتسعت هذه المملكة وازدهرت وسادها الرخاء حتى الألف الثاني قبل الميلاد .
وفي ظل (الميتانيين) تشكلت أول دولة كبيرة موحدة في سوبارتو، إلا أن هذه الدولة لم تستطع الثبات أمام النزاع الآشوري – الحثي المصري فانهارت، وجاءت معركة (قادش) فأوقفت تقدم المصريين من جهة، وأضعفت الحثيين من جهة أخرى بشكل مهد لانهيارهم عندما ظهرت قوة (الآراميين) الذين أسسوا دولتهم في سهول الفرات، واتجهوا إلى الشمال، حيث استطاع (كابارا) أحد ملوكهم تأسيس دولة قوية على أنقاض دولة الميتانيين، واتخذ مدينة (غوزانا – تل حلف) عاصمة له. وما لبث حتى اشتبك هو وسلالته من بعده في صراع طويل مع الآشوريين انتهى بخضوع وادي الخابور نهائيا للدولة الآشورية . ثم دخلت المنطقة تحت سيطرة الإمبراطورية الفارسية، وجاء بعد ذلك الاسكندر فضمها إلى فتوحاته، إلى أن جاء الرومان واحتلوها، وصارت (رأس العين) تحتل مكانا مرموقا على الحدود البيزنطية، وجعلها الإمبراطور (تيودوز) في مصاف المدن، وحصنها تحصينا منيعا، ووضع فيها حامية قوية حملت اسم (تيودوز بوليس) نسبة له. وعلا شأنها، إذ أصبحت مركزا لتلاقي المدرستين اليعقوبية والنسطورية السوريتين، اللتين كان لكل منهما أسقف في رأس العين وفي القرن السابع الميلادي، خضعت الجزيرة للفتوحات الإسلامية دون مقاومة وأقام المسلمون فيها مدينة عربية بدلا من الرومانية حافظت على اسمها الآشوري القديم (رش عينا: رأس العين). وقد أطلق العرب على المنطقة اسم الجزيرة وهو ما يسمى ببلاد (ما بين النهرين) أو (ميزو بوتاميا) أو (وادي الرافدين) . يضم وادي الخابور في سوريا العديد من المواقع والتلال الأثرية التي تعود للعصور والحضارات التي قامت في هذه المنطقة التي شهدت حضارات الآراميين والميتانيين والحيثين والآشوريين والاموريين وغيرهم ويوجد اكبر عدد من المناطق والتلال الأثرية على الإطلاق مثل: تل حلف وتل براك و شغربازار و أوركش وتل مشنقة و تل تنينير و تل الدغيرات و تل النهاب و تل المصباح و تل قطار و تل جنيدي و تل التليلات و تل الذهب و تل طابان و تل المطارية و تل الفليتي و تل شيخ عثمان و تل االبديرى و تل ام قصير و تل الصور و تل رد شقرا و تل تنينير . حيث ارتبط اسم الوادي بالمملكة الميتانية التي ازدهرت في القرن ال14 ق.م.
من المدن الأثرية الهامة في وادي الخابور مدينة غوزاتا( تل حلف) , كحت (تل بري) , اورو/ اوريما (تل محباقة) دور كات ليمو , رش عينا ( رأس العين ) , عرابان وغيرها , وتعتبر هذه المنطقة مع منطقة الجزيرة السورية من أهم مواطن الحضارات في تاريخ الإنسانية والتي قامت وازدهرت على ضفاف نهر الخابور في سورية .
وقد حوت تلك البقعة من العالم الكثير من المعالم الدينية والأثرية شكلت عبر تاريخ هذه المنطقة محطات هامة في سفر الحضارة الإنسانية جمعاء وليسى في حضارة وادي الخابور فقط لقد كان لتلك المعالم الدينية الدور الأبرز عبر التاريخ الطويل في عمر الحضارة الإنسانية في تعلم العلوم والآداب الإنسانية إضافة على أنها مدارس حقيقية في علوم الدين الإسلامية واللاهوتية وتخرج منها الكثير من العلماء في هذا المجال وبنفس الوقت شكلت تلك المعالم نوع من أنواع السياحة الدينية في منطقة وادي الخابور لم تستثمر بعد بالشكل الأمثل كما في باقي المناطق من العالم وسنحاول أن نلقي الضوء على قسم هام من تلك المعالم في الجزيرة السورية وهي الجزء الأهم في وادي الخابور وسنبدأ أولاً بالمساجد والمقامات والمزارات الإسلامية والتي هي في الأساس مواقع عبادة تؤدى بها الفروض الدينية من صلوات ودعاء :





1- تل الشيخ حمد ( مسجد و مقام :
يقع على نهر الخابور وأظهرت التنقيبات الحديثة أطلال المدينة القديمة ( دور كتليمو) التي ازدهرت في الألف الثاني ق.م فعثر فيها على العديد من الأختام الاسطوانية والمنحوتات والرقم الطينية التي أسهمت في إغناء معلوماتنا عن تاريخ الشرق القديم.
2- مسجد ومقام ومزار ضريح الشيخ عبد العزيز بن عبد القادر الجيلاني :
أنشئ في القرن السادس الهجري يقع في السفح الشمالي لجبل عبد العزيز بقرية الغرة التي تبعد عن مدينة الحسكة خمسين كيلومتراً أصبح الموقع الآن ضمن المحمية البيئية الحراجية لجبل عبد العزيز والى جانبه مرقب الإمام علي ويقع على جانب الطريق الواصلة إليها مزرعة الغزلان في موقع مغلوجة وكذلك قلعة سكرة وبعض الآثار الرومانية وتل المبطوح الأثري .
3- مقام الأمام علي ن أبي طالب كرم الله وجهه :
يقع شمال شرقي مدينة المالكية مقام ديني إسلامي قديماً يسمى (باعوث) يزوره المؤمنون للتبرك ويعتقد أن أحد أحفاد سيدنا علي قد مر على هذه المنطقة واستراح فيها خلال مروره .
يوجد بالقرب منه نبع للمياه العذبة وتل أثري من الجهة الشمالية وتحيط بالمقام مقبرة قديمة وهي واقعة على جانب الطريق الواصلة بين مدينة المالكية وعين ديوار المعروفة حيث الجسر الروماني الأثري الشهير وموقع عين غيدا التي تضم بعض الأضرحة العربية القديمة .
4- مزار ومرقد آل الخزنوي :
يقع المزار في قرية تل معروف الواقعة جنوب مدينة القامشلي وهو ذو أهمية للسياحة الدينية حيث يضم بعض الأضرحة العائدة لآل الخزنوي المعروفين في المنطقة يتوافد الناس للمزار بقصد التبرك وتعلم الفقه الإسلامي .
ويوجد بالقرب من المزار بعض التلال الأثرية .
5- مقام ومزار الشيخ نامس :
يقع هذا المقام في منتصف الطريق الواصلة مابين مدينة الحسكة ومنطقة القامشلي بمسافة تقدر بخمسين كيلو متراً عن مدينة الحسكة في قرية تل صاهود حيث يوجد مقام وضريح الشيخ نامس وهو من الأولياء المشهورين في منطقة وادي الخابور يزوره الناس للتبرك والدعاء وعلى مسافة تقدر بخمس وعشرون كيلومتر عن المقام المذكور باتجاه مدينة الحسكة توجد قبة وضريح ابنه الشيخ أحمد النامس و يزوره الناس أيضاً للدعاء والتبرك .
6-مسجد ومقام الشيخ الأطفيحي :
يقع هذا المقام في قرية دمدم تل أبوجهفة أعمال ناحية تل حميس يوجد فيه ضريح الشيخ هلوش الأطفيحي وأضرحة أخرى من أقاربه الأطفحيون يقع شرق مدينة الحسكة بقرابة سبعون كيلومتر يزورالناس للتبرك والاستشفاء من بعض الأمراض كما يعتقدون .
7-مزار وقبة الشيخ سليم :
يقولون إنه ولي مشهور قدم من أنحاء حلب فمات ودفن بالقرب من قرية طابان اعمال مدينة الحسكة والتي تبعد عن المدينة بحوالي عشرين كيلومتراً يزوره الناس للتبرك .
و يوجد في محافظة الحسكة قرابة ثمان مائة مسجد موزعة في المدن والبلدات علاوة على أن هناك قرابة عشرة مزارات ومقامات بين صغير وكبير في أنحاء المحافظة ذكرنا أهمها .











-الكنائس والأديرة والمزارات المسيحية :
حيث شكلت تلك الأماكن مراكز لتلقي علوم اللاهوت وكانت بمثابة كليات لتدريس علو الدين المسيحي علاوة على أنها أماكن عبادة ونذكر منها :
* كنيسة السيدة العذراء (بره بيطا) :
تقع في خان يونس بمنطقة المالكية ويعود تاريخها إلى بداية القرن الخامس الميلادي وهي مصممة لحماية النساك والعباد ولها عيد يحتفل به في 15أيار من كل عام جدد بناء الكنيسة في عام 1800م .
* كنيسة مار آسيا :
تقع في مدينة الدرباسية في محافظة الحسكة أسست في عام 1932م يقصدها السكان المحليون والمغتربون في ذكرى وفاة القديس مار آسيا .
* كنيسة مار شليطا:
تقع في قرية تل هرمز أعمال ناحية تل تمر شيدت عام 1946م وهي (كنيسة للآشوريين ) .
* كنيسة القديسة فبرونيا :
تقع في مدينة القامشلي فيها مزار قبر القديسة فبرونيا .
* كنيسة ربان بيثون :
تقع في قرية تل هرمز أعمال ناحية تل تمر شيدت عام 1946 م .
*دير السيدة مريم العذراء :
يقع هذا الدير في قرية تل الورديات على طريق الحسكة –رأس العين بني حديثا تحيط به السهول والوديان والطبيعة الخلابة
* دير مقبرة شهداء الأرمن :
يقع هذا الدير في مركدة التابعة لناحية الشدادي في محافظة الحسكة على طريق الحسكة –دير الزور و هوعبارة عن مقبرة تحتوي على أشلاء شهداء الأرمن الأرثو ذكس اللذين قتلوا في سفر برلك يقصدها الزوار في 24نيسان من كل عام للذكرى .
* دير مرت سارة :
كان بالقرب من نهر الخابور خاص بالرهبان بني عام 1229م.
* دير قرقفتا:
ومعناه الجمجمة أو قمة الجبل كان موقعه في بلدة مجدل على ضفة الخابور الغربية بين رأس العين والحسكة اشتهر امره في غرة القرن الثامن الميلادي وكان مركزا هاما لعلم الكتاب المقدس و اللغة السريانية والى رهبانه تنسب القرقفية وقد تخرج منه عدة علماء .
* ديراسفلولس:
من أشهر أديرة رأس العين وأقدمها انشئ في القرن الخامس خرب سنة 1203م .
* ديرتيراوتيز :
بقرب رأس العين اضطهد رهبانه سنة 519م في جملة من اضطهد من رهبان المشرق .
* دير المبيض:
دير كبير مشهور بمنطقة رأس العين كان يرأسه ( ريشير ) في سنة 635م قبل هجرته إلى الجهة الغربية من البليخ وإشادة دير بيت ريشير.
* ديرمارزاعورة:
يقع بقرب قرية طابان على الخابور يرقى عهده إلى أواخر القرن الرابع أو غرة الخامس وكان عامرا في القرن الثالث عشر .




المراجع :
- الأعلاق الخطيرة – ابن شداد – منشورات وزارة الثقافة عام 1978م .
- الديارات –الشابستي تحقيق كوركيس عواد –دار الرائد العربي بيروت 1983 .
- حضارة وادي الفرات –عبد القادر عياش تحقيق د. وليد مشوح –دار الأهالي 1989م
- وادي الخابور –جلال السفان مطبعة النبيل عام 2000م .
- معالم وأعلام ونضالات في الجزيرة ووادي الفرات – عمر صليبي مطبعة دار العلم دمشق .
- منشورات مديرية السياحة بالحسكة .
- دراسات شخصية لمعد البحث .

جلال السفان الطائي

[نيقولا_ديب]

أعتقد في أهمية كشف التراث والتاريخ القومي من الناحية الروحية , ولا أعتقد في شق هذا التاريخ الروحي إلى شقوق , وبالتالي يتمم ذلك ما بدأه سايكس - بيكو وبلفور , فإذا بدأووا بالتشقق السياسي , فمن غير الثقافي الاستمرار في المساهمة في التشقق التاريخي والروحي , فقد قدمت سورية الطبيعية إلى العالم ما ساعده على الارتقاء النفسي والتطور الاجتماعي , والأساس الروحي لهذا الوطن واحد , فكل الصراعات التي تذكر بين جماعات المنطقة هي صراعات داخلية , ولا يمكن النظر إليها وكأنها صراعات خارجية بين جماعات متباعدة أو متناقضة , وهذه الصراعات الداخلية قامت بسبب وحدة الحياة التي فرضتها وحدة الأرض وأدت فيما بعد إلى وحدة المصير فنحن محكومون بوحدة الحياة والمصير إلى اليوم , وما اللعب على المذاهب والأديان اليوم من قبل أعدائنا إلا بهدف الوصول إلى فتفتة التاريخ وبالتالي فتفتة الأرض إلى أجزاء - دول صغيرة , على أساس دولة لكل مذهب أو دين , وحتى إنشاء دولة على كل بئر نفط لو استطاعوا وفي كل وادي وعلى رأس كل جبل .


مقالة مهمة تؤسس لوعي روحي كوني شامل و مستقبلي



شكرا"

[طلال حمود الشيخ نامس]

مشكووووووووووووووووووووووووووووووور
ما دكصر
جزاك الله كل الخير
أخوي

[أسامه الحموي]

شكرا أستاذ طلال على مواضيعك الهامة وزدنا منها دوما مع الصور لو استطعت
الف تحية