الأخوات الأربع
(6)
حان وقت نشرة الأخبار في إحدى الفضائيات العربية، وكان ابني يلعب في الغرفة، فقلت له: اهدأ قليلاً لنسمع الأخبار.
وبينما هو يلعب بهدوء؛ لقطت أذنه عبارة قالها المذيع وهي: إن اقتصاد البلد وثرواته الباطنية بيد أمينة!.
وسرعان ما التفت إلي وسألني: بابا! من هي أمينة ؟
قلت: إنها المسؤولة عن ثروات البلد وتخزينها في الخارج!
وتابع لعبه، لا يدري ما قلت، ولكنه سرعان ما لقطت أذنه قول المذيع: إن سياسة البلد سياسة حكيمة!.
فقال: بابا! من هي حكيمة!؟
قلت: إنها أخت أمينة!.
وتابع لعبه سارداًً. وإن هي إلا هنيهة حتى لقطت أذنه قول المذيع: إن قيادة البلد قيادة رشيدة! فهرع إلي؛ وقال: بابا! من هي رشيدة!؟
قلت: يا بُني إنها الأخت الثالثة لأمينة!.
وتابع لعبه برهة من الزمن وهو يغني ببراءة: أمينة وحكيمة ورشيدة!،. وسكت ليسمع المذيع يقول: إنَّ توجيه الشعوب ينبغي أن يصدر من ثقافة فكرية!.
فقال: بابا! مَن فكرية هذه!؟
قلت: يا بُني إنها الأخت الصغرى لأمينة!.
فقال: ومن أبوهن!؟
قلت:أبوهم! فهم ذكور يا بني! و لا يوجد لهم أب ولا أم
قال: عجباً! ومن أين أتوا!
قلت: يا بُني لا يعرف أحد من أين أتوا!.
قال: وماذا يريدون!؟
قلت: يريدون كل شيء!
قال: وماذا يُعطون!؟
قلت: هؤلاء يأخذون و لا يُعطون!.
قال: ولكن أسماءهم لطيفة وجميلة!.
قلت: نعم! هذا أسلوب يضمن استمرار لعبتهم!.
قال: وهل يلعبون!؟
قلت: نعم يا بُني!.
قال: أريد ألعب معهم!.
قلت: يا بُني! إنهم يلعبون بالنار، والحديد، والدماء بصورة قاسية، وبشعة، لا يعرفون الرحمة، أو الضحك، ولا يسمحون لغيرهم باللعب معهم.
قال: ولكن هذا غير معقول، فحقي أنا والأطفال أن نلعب كما نشاء.
قلت: يا بُني، إنهم لا يعترفون بوجودكم وحقكم!.
قال: وأنا لا أعترف بوجودهم وحقهم!.
قلت: شتّان يا بُني بين عدم اعترافك بهم، وعدم اعترافهم بك!.
قال: وماذا يسمحون لنا أن نلعب!.
قلت: اللعب غير مسموح إطلاقاً!.
قال: وماذا يفعلون بنا!؟
قلت: إنهم يلعبون بك مثل الكرة!.