في رثاء الشاعر الفلسطيني محمود درويشرحيل العاشق الأخير
عبد الرسول معله
لَقَدْ غابَ مَنْ يُرْجَى شَذاهُ ونائِلُهْذابله = سيفه
َوَظلّتْ تُعَفّى بالبُكاءِ مَعاقِلُهْ
أَبَعْدَ ابْنِ دَرْويشٍ يُغرِّدُ بُلْبُلٌ
وَقَدْ ذُبـِحَتْ في كُلِّ بَيْتٍ بَلابـِلُه
لَقَدْ كانَ في كُلِّ البـِلادِ مُحارِباً
وَليسَ لَهُ إلا اللِسانَ وَسائِلُه
وإنْ منزلٌ جافاهُ من بعدِ نِكْبةٍ
فقدْ بُنيتْ وَسْطَ القلوبِ منازِلُه
وَسافَـرَ مِنْ دُنْياهُ ظَمْآنِ صادِياً
وَخَلّفَ شَعْباً قَدْ تَنَمّرَ باطِلُه
يَرى أُمّة ًبَلْهاءَ قائِدُها العَمَى
أَبَى جَهْلُها إلا الشقيقَ تُقاتِلُه
كأنَّ الُهدى قَتْلُ البَريءِ وَحَرْقُهُ
وَهذا جِهادٌ لا يُناقَشُ قائِلُه
فَسَلْ غَزَّةَ الثكْـلى وماذا جرى بها
سَيُنْبيكَ جُرْحٌ مِنْ دِمانا جَداوِلُه
وَسَلْ بَيْتَ لَحْمٍ عَنْ دِماءٍ زَكيّةٍ
سَتُخْبرُكَ الأحْجارُ ما أنت سائِلُه
يُحَدِّثـُني قَلْبي بِـِأنَّ قِيامَةً
على وَشْكِ أَنْ تأتي فماذا نحاوله
لنا في بُيوتِ العُرْبِ مليونُ ثاكِلٍ
فتاها بسيفِ العُرْبِ أرْداهُ قاتِلُه
أمَحْمودُ إنَّ الجُْرْحَ ما زالَ نازِفا
وَمِنْ دَمِنا ابْنُ العَمِّ يَقْطُرُ ذابـِلُه
أمَحْمودُ إنَّ الدِينَ صارَ سِياسَةً
فَرائِضُهُ ماتَتْ وحالَتْ نَوافِلُه
أمَحْمودُ إنَّ الناسَ أعْماهُمُ الغِنى
وإنْ نابَتِْ الجُلّى أخو الَمرْءِ خاذِلُه
وصِرْنا إلى الدولارِ نَلْهَثُ يومَنا
وليسَ لنا رَبٌّ سِواهُ يُعادِلُه
****
أيا زَمَناً فيهِ الدَعِيُّ وجاهِلُهْ
تَصَدّى يَقودُ الناسَ والظُّلْمُ ساحِلُه
لنا كُلَّ يَوْمٍ في البلادِ مُصيبةٌ
رَحيلُ أديبٍ أوْ حبيبٍ يُماثِلُه
حنانيْكَ رَبِّي فالحَياةُ مَليئةٌ
بـِكُلِّ دَعِيٍّ لا تَرِثُّ حَبائِلُه
تَلَبَّسَ بالتَقْوى وزَيَّنَ نَفْسَهُ
وَمُرِّغَ في حِضْنِ الرَذيلةِ داخِلُه
تَرِنُّ بأمْوالِ اليَتامى جُيوبُهُ
وَتُنْفَخُ مِنْ أكْلِ الحَرامِ مَفاصِلُه
يُحَدَّثُ عَنْ عَدْلٍ وَيُخْفي شُرورَهُ
وَعَنْ كُلِّ سُوءٍ حَدّثـَتْنا شمائِلُه
إذا اشْتَدّتِْ الأيّام لاذَ بجُحْرِهِ
وإنْ فُرِجَتْ يوْماً تَكلَّمَ باقِلُه
حالت نوافله= تغيرت مستحباته
الجُلّى = الأمر العظيم
يماثله = يشابهه
ترث = تبلى،تضعف
شمائله = صفاته، أخلاقه، أعماله
باقِلُه= إشارة إلى المثل العربي المشهور ( أعيا من باقل ) : بلغ من عِيِّ باقل أَنه كان اشترى ظَبْياً بأَحد عشر دِرْهماً، فقيل له: بِكَم اشتريت الظبي؟ ففتح كفيه وفرَّق أَصابعه وأَخرج لسانه يشير بذلك إِلى أَحد عشر فانفلت الظبي وذهب فضربوا به المثل في العِيّ.