حين نبذتْ إليه، فقد عقله القدرة على تحمل تلك الفكرة بعدما وهبها من نفسه كثيراً كثيرا . أظلمت الدنيا في وجهه ، وارتجّت أبوابها جميعا ، لكنه كان على موعد لا مفر منه في مكان بعينه. اتجه إلى المكان ذاك وهو ذاهل عما حوله، نظره زائغ، ولبه شارد، وأطرافه ترتعد، حتى لايكاد يتبين طريقه. حين وصل وجد أن بينه و بين الموعد قريباً من ربع ساعة، فاتجه إلى الغرفة التي سينتظر فيها و نفسه ممزقة، وهناك وجد على المنضدة التي تتوسط الغرفة مصحفاً منفرداً في وضع غريب، أحسه يقول: هلم إلي واقرأ، ففي الذكرالحكيم تكون النجاة . أمسك به واحتضنه بلهفة، كان كتائه في صحراء لا منافذ بها ثمّ وجد راحلة، وفتحه على غير تعيين فوجد نفسه أمام الصفحتين الأخيرتين من سورة الشورى. بدأ يقرأ بتمعن لم يعتده، فتراءت له الآيات حاملة معاني لم يحسها من قبل. كان كل حرف يُنزل عليه سكينة غريبة، حتى أحس أنواراً تتلألأ من حوله، و إشراقاً يهلّ عليه من السماء. وصل إلى آية ( و إنك لتهدي إلى صراط مستقيم )، فأحس عوالم تنفتح في صدره، و سموات تنبجس في داخله، كأن الله ما أراد منه فتح المصحف إلا ليقرأ هذه الآية بقلب واعٍ ، ثم تكون شعاراً له . أحس دماغه ينفتح ، و روحه تصَّعَّد في آفاق السماء، فأغلق المصحف وهو عازم على أن يبدأ حياة جديدة من هذه اللحظة. وغادر الغرفة بخطوة كانت هي الأولى في طريقه ليغدو أحد أعلام الدعوة إلى الله في العالم الإسلامي أجمعه.
أبدعت، يابنيّ،
قصّة رائعة، ولكنها مازالت تتطلّع إلى إثراء!
ولكن هل يمكن أن تبوح بالسرّ، باسم من أردت وصفه، فأتحفتنا بهذه الروائع ؟