قانون الأحوال الشخصية .. علامات استفهام !!
هذه التدوينة أصلها تعليق على تدوينة الصديق عبد السلام حول مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي أثيرت حوله الضجة في الآونة الأخيرة . وأحببت أن أضعها بتدوينة مفردة ، وأنا هنا لست أناقش القانون فلست خبيرا قانونيا ولست متعمقا في الفقه الإسلامي ، لكني أناقش الظروف التي أحاطت بهذا المشروع .
حقيقة نأيت بنفسي عن التعليق في هذا الموضوع ولم أكتب حتى تدوينة واحدة فيه رغم أهميتة .. ولذلك لعدة أسباب أهمها :
أنني حقيقة أشك في هذا التسريب وهذا التوقيت وهذه الصيغة التي كتب بها المشروع ! هناك وراء الأكمة شيء ما !
لم تتعود سورية أن تكتب قوانينها بهذه اللغة (خاصة في ظل سيطرة طرف واحد على مقاليد الأمور منذ عقود) .. ولم نتعود تسريبا لمثل هذه المشاريع في ظل قبضة الحديد التي تحكم الوطن ..!
ولذلك أتحفظ على المشروع كله .. ليس تحفظ رفض وإنما تحفظ ملاحظات وشك !
لكن لنفترض أن المشروع فعلا تمت كتابته بهذه الصيغة ولم يكن في الأمر لعب أو تدليس .. عندئذ هنالك ملاحظتين مهمتين في الأمر :
أولا .. هناك نقطة مهمة غابت عن جميع من انتقد المشروع .. أن المشروع مستمد من الدين الإسلامي وهو منصوص في الدستور السوري .. حيث أن الفقرة الثانية من المادة الثالثة تقول : الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع .
لذلك كثير من النقاط موجودة في الفقه الإسلامي ولم تأت اللجنة بشيء غريب أو مجهول المصدر ! ومن يرفض بعض مواد القانون فهو يرفض بعض ما جاء به الفقه الإسلامي أو الإسلام بشكل عام .
ثانيا .. لكن الملاحظة الأهم هو طريقة الصياغة والألفاظ التي تجاوزها الزمن ويمكن استبادلها بكلمات وألفاظ تتناسق مع المجتمع السوري ! وهي التي أتفق معها مع بعض الذين انتقدوا القانون ، كان يمكن صياغة القانون بروح عصرية وألفاظ تتناسب مع روح العصر وفقه الواقع بحيث تحفظ كرامة الجميع ولا يشعر طرف أنه أقل أو أدنى من الطرف الآخر .
ولذلك هذا مكمن الشك عندي .. هذه الطريق في الصياغة لا تتناسب مع المجتمع السوري ومع طوائف أقلية مهمة فيه !!
فلماذا هذه الصياغة ؟ ولماذا هذا التسريب ؟ ولماذا هذه الضجة ؟ وهذه الطريقة في الإلغاء !!
على كل حال .. الضجة من بعض شرائح المجتمع وفعاليات المجتمع المدني كانت أكبر من اللازم والانتقاد كان يخرج ممن يفهم في القانون والشريعة وممن لا يفهم ! فاختلط الحابل بالنابل ! مع أنني متأكد أنه لو تم تعديل كثير من الألفاظ وطريقة صياغتها لخف الانتقاد كثيرا .
لكني أعتقد أن هذه الطريقة في الصياغة والتسريب متعمدة من الجهات المسئولة بأن تحدث هذه الضجة !
جميع بنود ونقاط المشروع مستمدة من الدين الإسلامي .. ولكن طريقة صياغتها أشك أنها متعمدة لعدة أسباب برأيي :
تكريه الناس في بعض قوانين الدين والفقه الإسلامي !! وكثير من الكتابات عبرت عن هذا الشيء ! فقد عدنا إلى عصور الظلام وأصبحنا ولاية طالبانية كما يقول البعض ! وهو أسلوب تهئية نفسية لشيء ما مستقبلي !
اختبار مدى ردة فعل الشارع من هذه القوانين وقياس مدى حيوية الشعب وتمرير القوانين عليه
أيضا أشعر أن هناك هدف مستقبلي وهو الترويج مستقبلا أننا استجبنا لمطالب الشارع في اعتراضه ولذلك نحن مجتمع مدني ومتحضر وديموقراطي وحر !
اشغال الشارع السوري بهذا الأمر لتمرير أمور معينة أو أحداث معينة لم ينتبه لها الشارع .. مثل بعض التحركات العربية الكبيرة التي تحدث الآن .. التعيينات العسكرية الأخيرة في الدولة .. وأمور الله يعلمها !
على كل حال .. نتمنى أن يكون هناك مشروع أحوال شخصية يحفظ حقوق الجميع ويكتب بلغة عصرية ويحفظ بناء المجتمع وهيكله وإرثه الثقافي والتاريخي الإسلامي .
من ايميلي