من موسوعة الفلاسفة المسلمين
ابن باجة
أ ـ حياته:
أبو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ، المعروف بابن باجة، ولد في سرقسطة قرب نهاية القرن الخامس الهجري. وعاش في تلك المدينة إبان حكم المستعين الثاني (478ـ 503هـ/1085ـ 1109م) آخر أمراء بني (هود) حكام سرقسطة ولارده وتطيله.
ويبدو أن أسرته كانت تشتغل بالصياغة، كون (باجة) تعني الفضة باللهجة العربية الأندلسية في ذلك العصر. وبرز في الكثير من العلوم، فكان لغويا وشاعرا وموسيقيا، وفيلسوفا.
ولما غزا المرابطون سرقسطة في سنة 503هـ/1110م. كانت شهرته قد استقرت، فقربه (ابن تفلويت) عامل (علي بن يوسف ابن تاشفين) على سرقسطة إليه، وقيل أنه صار وزيرا له في سرقسطة. وعندما سقطت سرقسطة عام 511هـ/1118م. رحل ابن باجة الى الجنوب فأقام ب (المرية، وغرناطة، وإشبيلية ) وقد عمل بالأخيرة في التدريس. ثم ارتحل الى (فاس) وأصبح وزيرا لأبي بكر يحيى بن يوسف بن تاشفين، وقد مات مسموما عام 533هـ/1138م وقد اتهم الناس خصمه الطبيب المشهور (أبا العلاء ابن زهر) في قتله.
ب ـ مؤلفاته:
أورد لنا تلميذه وصاحبه المخلص الوزير أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن الإمام، والذي توفي ب (قوص) في صعيد مصر (105) من كتبه ورسائله. وقد وصل إلينا ثلاث مجموعات من رسائله سنذكر أهمها:
أ ـ مجموعة في مكتبة بودلي بأكسفورد تحت رقم 206 بوكوك . وتشمل:
1ـ من قوله على مقالات السماع الطبيعي لأرسطو الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة.
2ـ قوله في شرح الآثار العلوية.
3ـ قوله في الكون والفساد.
4ـ من قوله في كتاب الحيوان (للجاحظ).
5ـ من كلامه في ماهية الشوق الطبيعي.
6ـ من الأمور التي يمكن بها الوقوف على العقل الفعال.
7ـ من كلامه في البحث عن النفس النزوعية.
8ـ من كلامه في تدبير المتوحد.
9ـ القول في الصور الروحانية
10ـ كلامه في اتصال العقل بالإنسان
ب ـ مجموعة الأسكوريال برقم 612 وتاريخ نسخها 667هـ وتشمل:
1ـ تعاليق على كتاب أبي نصر في المدخل والفصول من إيساغوجي.
2ـ تعاليق على كتاب بار أرمينياس للفارابي.
3ـ قوله في كتاب البرهان.
ج ـ مجموعة طشقند برقم 2385 وتشتمل على:
1ـ رسالة في المتحرك.
2ـ رسالة في الوحدة والواحد.
3ـ مقالة في الفحص عن القوة النزوعية.
د ـ مجموعة برلين برقم 5060 وتشتمل على 22 رسالة منها:
1ـ في النبات
2ـ رسالة الاتصال
3ـ رسالة الوداع
4ـ تدبير المتوحد
5ـ في الغاية الإنسانية
ج ـ فلسفته:
اهتم ابن باجة بعلمين من علوم الفلسفة هما علم النفس والعلم الطبيعي ولم يذكر صاحبه (الوزير ابن الحسن) أنه اهتم في العلم الإلهي.
1ـ الإنسان
كل حي يشارك الجمادات في أمور، وكل إنسان يشارك الحيوان غير الناطق في أمور. (فالحي والجماد يشتركان فيما يوجد (للأسطقس) الذي ركبا منه، مثل السقوط للأسفل والصعود الى الأعلى قهرا) و(يشارك الإنسان الحيوان غير الناطق في النفس الغاذية والمولدة والنامية، كما يشاركه في الإحساس والتخيل والتذكر وما يوجد عنها مما هو للنفس) .
2ـ غايات الإنسان
غايات الإنسان ثلاث: جسمانية، وروحانية خاصة وروحانية عامة. أما الجسمانية فإنها قد توجد بالحيوان أيضا كالحياء عند الأسد والعجب للطاووس والكرم للديك والمكر للثعلب.
أما الروحانية الخاصة فهي الرأي الخاص وقوى يختص بها شخص دون غيره كالخطابة وقيادة الجيش. ومن الناس من يراعي صورته الجسمانية فقط وهو الخسيس ومنهم من يعاني صورته الروحانية فقط وهو الرفيع الشريف.
3ـ الصور الروحانية
يتحدث ابن باجة عن الصور الروحانية كثيرا، وهي إما عامة وهي منسوبة للإنسان الذي يعقلها، أو خاصة ولها نسبتان: إحداهما خاصة نسبة الى المحسوس والأخرى عامة وهي نسبة الى الحاس المدرك. ويضرب مثلا، جبل (أُحُد) لمن رآه وشاهده ولمن أحسه وتخيله ..
4ـ القوة النزوعية
محرك النفس هو الانفعال الحاصل في الجزء النزوعي. وذلك يكون بالخيال وقد سماه ابن باجة بالإجماع وهو ما نسميه الآن العزم والتصميم .
5ـ اللذات
اللذات عند ابن باجة أنواع، فأولها لذات شهوات بدنية والثانية لذات تأتي عن الفضائل الشكلية. واللذة عنده تكون متصلة على ثلاثة أنحاء: 1ـ إذا كانت واحدة بالعدد 2ـ إذا كان موضوعها موجودا باستمرار 3ـ إذا كان فاعلها موجودا باستمرار.
6ـ منازل الناس من حيث المعرفة الفعلية
قسم ابن باجة الناس من حيث معرفتهم الفعلية الى ثلاث فصائل: 1ـ المرتبة الجمهورية (الطبيعية)، وهؤلاء يرون ونادرا ما يفسرون ما يرونه 2ـ المعرفة النظرية وهي ذروة الطبيعة. 3ـ مرتبة السعداء الذين برون الشيء بنفسه.
7ـ المدينة الكاملة
كما هي الحال عند أفلاطون في جمهوريته وكما هي عند الفارابي في المدينة الفاضلة، فقد وضع مشروعه الفلسفي بما يُسمى ب (المدينة الكاملة) وقد انتقد ابن باجة مشروعي الفارابي وأفلاطون كونهما لم يشملا الأطباء والقضاة وغيرهما ..
هامش
من موسوعة الفلسفة/ الجزء الأول/ عبد الرحمن بدوي/المؤسسة العربية للدراسات والنشر/بيروت/ط1 /1984. تم اختصار الموضوع وصياغته بالشكل الذي قدمناه.