الغربة....!!

غصة وراء غصة وعبتكبر القصة

من كم سنة بس...مو أكتر...كانوا المغتربين يعبوا الطيارات وهنن راجعين ليقضوا الاجازة الصيفية...يقعدولن كم شهر يشموا فين هوا بلادن..ويشبعوا فيها من شوفة الأهل والأحباب..ويشحنوا طاقة ايجابية كبيرة تعينن على تحمل أعباء الغربة التقلية..لحين موعد الاجازة المقبلة...

كنا نقضي الاسبوع الاول من الصيف ونحنا رايحين وجايين عطريق المطار نستقبل وفود الغربتلية..ونطلع اكتر من سيارة..لدرجة اننا نعبي المطار بكترة عددنا..

و نتم معلقين عيوننا على لوحة القادمين..ونسأل ونستفسر ألف مرة اذا الطيارة اتأخرت..ونفرح ونصرخ..ونضحك ونبكي بذات الوقت لما نشوفن من بعيد وهنن جايين و جارين قدامن عربة الحقائب ...
نعانقن بقوة ونشمن و نتلهف لكل كلمة بيقولوا..او كل قصة بيحكوها..والي غالباً بتكون عن تيسير او تعسير الرحلة..عن التفتيش..عن وزن الشناتي..هبوط الطيارة ..وعن كل المواقف الي بيمروا فيها....وطبعاً نحنا منكون عم نتسابق بالشيل ..وبتشتغل الايمان والعزايم حتى حدا منا ينال شرف طلعة المغترب عسيارتو...

بطريق الرجعة الكل مبسوط وسعيد..بتشتغل زمامير السيارات متل فتلة العروس...فعلاً المغترب لازم يعامل معاملة العروس..
منصل عالبيت وهالمغترب بقى بيبلش يبكي وهو عم يشم باب بيتو ..كنت صغيرة..وماكنت افهم ليش كل هالبكي..والله الباب مو حرزان!! ...
يدخل ونقعد عالسفرة الي الها اول ومالها آخر...كل الطبخات ..وكل المأكولات الي انوجدت عمدار السنة موجودة عالطاولة...حتى المغترب ما يفوتو شي..كنت اقعد واكل بشكل طبيعي..بس استغرب بكاء المغترب وغصتو بكل لقمة..كأني كلما كانت الاكلة أطيب كلما بكي اكتر...
نلتف بعدا حوليه ونستمع لاخبارو الكتيرة..وحكاياه الغريبة...ماكان في بهديك الفترة انترنت وكل هالوسائل التواصل الاجتماعي الي موجودة هلق ....فالمغترب هداك الوقت كانت تنقطع اخبارو تماماً لحظة طلعتو من البلد...وينفصل عن اخبار المجتمع طول فصل الشتا..

كم ساعة بس وبيختفي التشنج ويبلش هالمغترب يفرح ويضحك..ويفتح هالشناتي ويوزع الهدايا..كان شعوري بهديك اللحظة متل اذا انفتحت مغارة علي بابا....وكنت قول بقلبي ..والله هالمغترب بطران..كل هالشغلات الحلوة والمحرومين منها موجودة عندن..وهو متدايق ومو عاجبو..شو بدو أحلى من هيك؟؟!

وبعدا بتبلش سلسلة العزايم الغير منتهيه..كل يوم بمحل..وكل يوم طلعة جديدة..طبعاً لانو لازم الكل يتوجب ويعملو برنامج سياحي مكثف..
كنت راقب عيونون ..وحسها كأنها عم تاكل الشوارع والمحلات أكل..عقد ما كانت نظراتن شاملة..مابيهملوا ولا تفصيلة..كلشي بدن يحفظوه منيح من شان يتذكروه ويتغنوا فيه ويجمعوا اكبر قدر من الذكريات لحين رجعتن عالغربة...
بيستغلو كل لحظة..ومابيفوتوا مناسبة..فبيحضروا اكبر كمية عراس ومناسبات..وبيستمتعوا بكل عزيمة وكل مشوار...

كلشي بنظرون حلو مهما كان سلبي..الشوب ..البق..قطع الكهربا..الشوارع الغير نظيفة...المناطق السياحية الغير مخدمة..كل هاد كان مايزعجن أبداً..رغم انن كانوا ما يوفروا مناسبة الا ويحكولنا عن تتطور البلاد العايشين فيا..

كانت أيام حلوة كتير..وكانت الناس بوقتها مستقرة..بس الدنيا اتغيرت..وفجأةً صار اغلبنا مغترب...غربة مريرة وقاسية ..مافيها اجازة صيفية ..ولا عزايم وجمعات كبيرة..ولا طلعة مصيف بسيطة..ولا حتى إستقبال بمطار..عم ندوق مرارة الغربة كاملةً بدون اي أمل...ولا حتى مجرد حلم بالعودة...
لذلك نحنا ماعدنا مغتربين عاديين..نحنا محرومين ومجردين من كافة حقوق المغترب الطبيعية ...أو بمعنى آخر.. ووصف أصح...نحنا منفيين..

ودمتم برعاية الله ...
منقول....واشترك معهم بكل كلمة وكل احساس..
.