مروان مسلماني... ملك الأبيض والأسود
سلام مراد
عنوان كتاب صادر عن المديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية عام 2013م، يرصد مسيرة المصور الضوئي مروان مسلماني الذي ولد في دمشق عام 1935م وأتم دراسته الابتدائية في مدارسها؛ اتجه إلى فن التصوير من بدايات شبابه، فأخذ يُصوّر كل ما تقع عليه عينه من أخوته وأهله إلى جيرانه؛ إلى غوطة دمشق ومروجها وبردى وقاسيون؛ وحارات دمشق القديمة ومآذنها ومعابدها وآثارها التي تمتد في عمق التاريخ الإنساني.
عمل في المديرية العامة للآثار والمتاحف رئيساً لقسم التصوير والأرشيف الأثري حتى عام 1996م تاريخ إحالته للتقاعد.
شارك مشاركة فاعلة في أعمال المديرية العامة للآثار والمتاحف من خلال صوره الأخاذة فكان نعم المصور والمبدع الذي لم يمل من هذا العمل الجميل طوال أربعين عاماً قضاها في هذه المهنة؛ التي تحمل الكثير من الفنية والإبداع والحرفية، أجاد فيها وتميز، أقام معارض عديدة منها:
معرضه الأول كان بعنوان: «مشاهداتي في باريس»، وهي صور التقطها في مدينة باريس عندما زار فرنسا، أقيم عام 1958 في المتحف الوطني.
ـ معرض الأختام الأثرية السورية في ألمانيا، وعلى إثره منحته جامعة توينجن درجة الدكتوراه تقديراً وتكريماً.
ـ معرض المرأة في الآثار السورية في كوبنهاجن بالدانمارك وقد عرض أثناء انعقاد مؤتمر المرأة العالمي.
ـ معرض مكتشفات إيبلا في دمشق وروما والأردن.
ـ معرض خمسة آلاف عام من فن التماثيل في سورية، عرض في دمشق وبرلين.
ـ معرض الحضارات السورية القديمة في جامعة(الوست هول) الأميركية، ثم عرض في دمشق وألمانيا.
ـ معرض سورية أرض الحضارات الإنسانية، أقيم في لندن في مركز باربيكان.
ـ معرض المرأة سحر وشعر تم فيه إبراز دور المرأة السورية التي صورتها التماثيل واللوحات الفنية والحجرية عبر لوحات رائعة التقنية في دمشق.
ـ معرض عين شرقية في لندن.
ـ معرض الآثار والتماثيل البرونزية في موسكو.
ـ معرض المخلوقات الأسطورية للنحات السوري العالمي سعيد مخلوف، وعرض في دمشق وباريس، وتميز هذا المعرض بالأفق الواسع لكل من الفنان سعيد مخلوف الذي قام بتصنيع مئة تمثال أسطوري تم تركيبها من العظام، وأبدعها الفنان مروان صوراً مجسمة أبهرت كل من شاهدها، فقد صورها معتمداً على إسقاط الظل وكثافة النور المسقط على اللوحات فبدت آية في الجمال.
الأستاذ مروان مسلماني من رواد التصوير الضوئي في سورية، وكان من المؤسسين الأوائل لنادي فن التصوير الضوئي الفوتوغرافي في سورية، وهو أول نقيب للمصورين ولثلاث دورات متتالية.
زينت صور مروان مسلماني إصدارات وزارة السياحة من أجل دعم التسويق والتشويق السياحي في سورية، لاسيما من خلال شركة الطيران العربية السورية.
عمل بتدريس مادة التصوير الضوئي في جامعة دمشق لأكثر من سنتين لطلاب كلية الفنون.
كرمته وزارة الثقافة السورية بتقليده وسام الاستحقاق السوري.
ساهم في حفظ التراث من خلال عدسته ومعارضه وحبه لتراث وتراب وطنه وطبيعته وإنسانه.
عمل مع كبار المنقبين في سورية: كلودشيفر، أندريه بارو، باولو ماتييه، ومورتغارت، وهورست كليغل، وكريترويل، وسليم عبد الحق، وعدنان البني، ونسيب صليبي، وخالد أسعد، وأبو الفرج العش وكثيرين غيرهم...
شارك في تدمر بأعمال التنقيب والترميم والأرشفة والتوثيق، في معابد بل ونبو وبعلشمين، واللات، والشارع الطويل، والمصطبة، وقوس النصر، والأغورا، والمسرح، والمدافن والأبراج، والمغائر، وقصري الحير الغربي والشرقي.
صور هذه الآثار بعدسته السحرية فظلت آثاره هو بأسلوبه وطريقته الفنية باقية، رحل تاركاً لنا إرثاً جميلاً نعتزُّ به، إذ ترك أكثر من مليوني صورة، الكثير منها مهم وتاريخي وأثري وتوثيقي؛ أحب مهنته وكان فناناً فيها فأبدع من خلال حبه للتصوير والصورة فكان ملك الصورة لاسيما الأبيض والأسود.
في مسيرة المصور مروان مسلماني أشخاص ساهموا إيجابياً في دعمه وفتحوا له الطريق يجب ذكرهم، منهم الأستاذ «سليم عادل عبد الحق». المدير العام للآثار والمتاحف في الخمسينيات من القرن الماضي وهو أول الداعمين له، لقد اتفق مع مروان مسلماني على إقامه معرض للصور الضوئية، فكان معرضه الأول عام 1958 في صالة المتحف الوطني في دمشق تحت عنوان «مشاهداتي في باريس» حضر المعرض وقتها عدد كبير من الرسامين والمصورين والفنانين وجمهور كبير من عشاق الصور والفن.
بعد هذا المعرض بدأ تاريخ عمل المصور مروان مسلماني في المديرية العامة للآثار والمتاحف مديراً لقسم التصوير والأرشيف الأثري، وامتد عمله في المديرية العامة ثمانية وثلاثين عاماً من 1958م إلى 1996م، تميز خلال مسيرته الحياتية والعملية بالخلق والجلد في العمل، والإخلاص لمهنته وعمله، والتعامل الجيد مع زملائه العاملين في المديرية، وكان شغوفاً بتعلم اللغات وقراءة الكتب ودراسة تفاصيل أعمال التنقيب الأثري والتوثيق. كانت الآثار والصور والوثائق شغله الشاغل.
كلفه الدكتور صباح قباني المدير العام للإذاعة والتلفزيون في الخمسينيات بتقديم برنامج أسبوعي تعليمي حول فن التصوير؛ استمر لسنوات، كما كلفه الأستاذ فؤاد الشايب مدير الدعاية والأنباء السورية عام 1960م بإجراء مسح اجتماعي ثقافي طبيعي أثري فني للجزيرة السورية عبر لقطاته المبدعة، وقد قام الأستاذ مروان مسلماني بتصوير كل ما وقعت عيناه عليه أثناء تلك الجولة، مما دفعه لإقامة معرضه الثاني حول مشاهداته في الجزيرة السورية، والذي حظي باهتمام واسع وقتذاك، نظراً لما قدمه من صور صادقة وجميلة عن مجتمع الجزيرة السورية.
ألف الأستاذ مروان مسلماني خمسة عشر كتاباً متخصصاً في الآثار والمواقع الأثرية من أبرزها:
كتاب «البيوت الدمشقية، وكتاب (تدمر فن وعمارة)، وكتاب (الجامع الأموي الكبير بدمشق)، وكتاب «الكنائس والأديرة التاريخية في سورية»، وكتاب (بصرى المدينة الكاملة).
كان متميزاً في جمال التصوير الضوئي، وساهم في فن الرسم والنحت وصب التماثيل التي يصنعها من مادة (الريزين) غير القابل للكسر، والتي كانت تثير اهتمام الزائرين لمعارضه ومشغله الفني الموجود بالقرب من حديقة السبكي في الشعلان. وذلك نتيجة تقنية نحتها بطريقة متميزة، فقد قام بنسخ الكثير من القطع الأثرية بطريقة فنية لا تسمح بالمقارنة فيما بين الأصلية منها والمنسوخة عنها، وهذه موهبة ثانية تميز بها الأستاذ الفنان مروان مسلماني.
ساهم بنقل صور الآثار السورية إلى العالم من خلال لوحاته التي شكلت أرشيفاً ضخماً تميز بإبراز الأثر، وخصائصه وزخارفه.
برع في عمله ومهنة التصوير الضوئي لذلك استحق الألقاب والشهادات التي نالها، فقد منحته الجمعية الوطنية الكيميائية بباريس شهادة الدكتوراه الفخرية في عالم التصوير الضوئي، لإسهاماته الفنية المبهرة والرائعة.
ونال وسام الاستحقاق السوري تقديراً لأعماله الإبداعية في مجال الآثار.
يبقى اسم مروان مسلماني علماً في مجال التصوير الضوئي بفضل عمله وصوره ولوحاته، ويبقى أيضاً مؤرشفاً عالي المستوى لتميزه وأرشيفه الضخم الذي تركه لنا، لاسيما أنه عمل في مجال تصوير الآثار، هذا التخصص المهم والحساس والذي يبقى اسمه ملتصقاً باللوحات التي صورها وأرشفها بطريقة عالية المستوى الفني والإبداعي، فكانت صوره شاهداً على جمال وعمق وأهمية الحضارة الإنسانية من خلال الآثار السورية، ومن خلال كامرته الغربية دمج حضارة الشرق وتقنية الغرب، فكان بذلك سفيراً للآثار والحضارة السورية من خلال عمله وصوره وتوثيقه للآثار السورية بالصورة والكلمة؛ التي ترجمت إلى كثير من اللغات، وبذلك ترك بصمة متميزة، وستبقى الأجيال تذكره بفضل عمله وإبداعاته وخدماته وتميزه في عمله وتخصصه الحساس والمهم.
لابد من الإشارة إلى أن الكتاب الصادر عن المرحوم مروان مسلماني تم إنجازه بإشراف الدكتور مأمون عبد الكريم المدير العام للآثار والمتاحف؛ واللجنة التنظيمية التي تألفت من الأساتذة:
1 ـ خالد حمودة، 2 ـ أ. خالد ماجد حياتلة 3 ـ فتاة جديد 4 ـ أ.كنانة صدقني.
شارك في هذا الكتاب مجموعة من الكتاب والأساتذة السوريين هم:
أ.مأمون عبد الكريم-أ.محمد خالد حمودة- أحمد فرزت طرقجي-ثناء أرناؤوط
جورج نحاس- حيدر يازجي- خالد أسعد- سعد القاسم- سعد فنصة- سهام ترجمان
شوقي المعري- طالب قاضي أمين- عدنان مسلماني- د.علي القيم وفاتن دعبول
محمد الخولي- محمد سالم قدور-محمود شاهين- ميسر فتال اليبرودي- نجم الدين بدر
هيام دركل.